الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحياة الخاصة والعامة

صاحب الربيعي

2010 / 10 / 30
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تعدّ الحياة فضاءاً اجتماعياً يعيشه الفرد مع أقرنه البشر يؤثر فيه ويتأثر به خاصة إن كائنات المجتمع لا تحمل نفس حجم القيم الأخلاقية والدينية والاجتماعية في ذواتها فتتضارب المصالح بينها ويؤدي إلى صراع ينتصر خلاله الأقوى وقد يلجأ الطرف الأضعف إلى القانون لانصافه. لكن ليس كل التجاوزات غير الشرعية للكائنات الشريرة يمكن حسمها بالقانون فهناك انتهاكات صارخة لحقوق الأفراد والجماعات الضعيفة يمارسها المتنفذون داخل المجتمع لا يلحظها القانون أو لربما الجهل بالقانون أو عدم الثقة بعدالته تجعل الضعفاء أكثر يأساً، فيترك أثره السلبي في وجدانهم لشعورهم بالظلم واللاعدالة والتعاسة والخيبة وفقدان القدرة على مواجهة مشاكل الحياة.
يقول (( شوبنهور )) : " إنه دائماً نشعر بالكآبة والتعاسة بسبب منغصات الحياة، وهذا الشعور ليس مردّه المعاناة في حياتنا اليومية وحسب، بل نظرتنا إلى الحياة العامة الخالية من المتعة والغارقة بأحزان البشرية وتعاستها ".
أصبح الشعور بالتعاسة والخيبة ظاهرة عالمية تصيب معظم المجتمعات الفقيرة لمحدودية الخيارات المتاحة لتغيير واقعها البائس إلى واقع أكثر عدالة لتحقيق المستلزمات الأساس لاستمرارها في الحياة، لذلك تفقد الحياة معناها لشعور الفرد بالخوف الدائم وعدم الآمان والبحث المتواصل عن الحد الأدنى من المستلزمات الأساس للبقاء على قيد الحياة. إن الواقع التعس لملايين البشر لا يمكن تجاهله، ولتصبح الحياة أقل تعاسة وأكثر أمل يجب القبول به وصناعة النصر من الهزائم ومواجهة الخوف لتحديد سبل النجاة.
يعتقد (( جوزايا رويس )) " أن الحياة ليست خاوية ولا ضبابية على نحو كبير، إنها مغامرة تستحق أن نخوضها فالهزائم وحدها تعلمنا كيف نحقق النصر ؟. والخوف وحده يعلمنا شجاعة التعالي على الآلام والمعاناة التي نعيشها لننعم بمباهج الحياة ".
لكل فرد عالمه الخاص، حياته الخاصة، المرتبط بالعالم العام ، الحياة العامة، لأنه غير قادر العيش بعزلة عن المجتمع بعدّه كائناً اجتماعياً لذلك يصبح عالمه، حياته الخاصة، ليست خاصة تماماً وإنما متداخلة مع الحياة العامة. لأن حراكه اليومي في المحيط يتطلب تواصله مع أقرانه البشر فتتداخل معه عن طريق شبكة علاقات مشتركة تحقق لكل طرف مصلحة ما أو تتقاطع معه بمصلحة ما.
يولد التداخل بين العوالم الخاصة للأفراد والعالم العام في المجتمع تقاطعاً أو تنافساً لتحقيق الرغبات المشروعة أو غير المشروعة ما يتطلب التفكير المتواصل لتحقيق مصلحة ما، إنها وقائع اجتماعية يومية لا يجوز القفز عليها فمن دون اخضاعها للتفكير العقلاني لا يمكن إيجاد الحلول للتواصل مع الآخرين.
تخضع حياة الفرد الخاصة إلى التحكم والسيطرة العقلية لايجاد ترتيبات معينة تحقق رغباته في المجتمع، وفي المقابل تتطلب ترتيبات نوعية لترشيد العلاقة بينه وبين عالم المحيط، الحياة العامة، ذي الآليات المختلفة للتحكم بالأفراد والجماعات لاخضاعهم إلى النظام الاجتماعي. وبذلك يصبح العالم الخاص منتهك الخصوصية من العالم العام الذي يفرض أحكامه على العقول الخاصة بعدّه عقلاً جمعياً يحكم الأفراد والجماعات لتعزيز النظام الاجتماعي.
يعتقد (( جوزايا رويس )) " أنه لا يمكن إدراك جمال الحياة، وقيمتها من دون التفكير بحقائقها في العقل الذي يعدّ جزءاً من عقل العالم ".
إن الحياة ليست فضاء تعاسة لتصبح تافهة كلياً، كما أنها ليست فضاء سعادة على نحو مستمر تجعلها سعيدة أبداً. إنها تشغل كلا الفضائين من التعاسة والسعادة بعدّها تضم عوالم خاصة لكائناتها الاجتماعية تؤثر بهم ويتاثرون بها فتارة يحتويهم فضاء التعاسة وتارة أخرى يحتويهم فضاء السعادة ويبقى عقل الفرد الأداة الملائمة للتواصل مع العالم العام.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل قانون الجنسية الجديد في ألمانيا| الأخبار


.. صحيفة العرب: -المغرب، المسعف الصامت الذي يتحرك لمساعدة غزة ب




.. المغرب.. هل يمكن التنزه دون إشعال النار لطهو الطعام؟ • فرانس


.. ما طبيعة الأجسام الطائرة المجهولة التي تم رصدها في أجواء الي




.. فرنسا: مزدوجو جنسية يشغلون مناصب عليا في الدولة يردون على با