الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعصُّب من سمات التخلف

إبراهيم عبدالمعطي متولي

2010 / 10 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من حق أي إنسان اختيار الدين الذي يؤمن به، سواء كان سماويا أو وضعيا، وهذا الاختيار نابع من اعتقاد القلب والعقل، وليس من السهل تغيير المعتقدات، لأنها تكون راسخة في النفس، وليس من المتقبل إجبار الآخرين على الإيمان بعقيدة معينة. يستطيع الإنسان أن يتظاهر بإيمانه بإحدى العقائد، لكنه في قرارة نفسه يؤمن بأخرى.
لكل إنسان حق اختيار العقيدة التي يراها موافقة لنفسه، لكن ليس من حقه إكراه الآخرين على الإيمان بهذه العقيدة، فلو حاول أتباع دين سماوي دفع أتباع دين آخر إلى الدخول في الدين الأول، فإن هذا يعد نوعا من محاولة امتلاك الوكالة عن الله، رغم أنه سبحانه وتعالى ترك للناس حرية اختيار ما يشاءون، على أن يكون حسابهم يوم القيامة.
والمشكلة أن يعتقد قوم أنهم على حق وأن الآخرين على باطل، وأنهم يجب أن يكونوا على دينهم الذي يؤمنون به، فيناصبونهم العداء. وتخسر البشرية بهذا الصنيع كثيرا، لأن هذا السلوك يؤدي إلى تمزيق الأمم وخسارة الطرفين؛ المعتدي والمعتدى عليه.
لا يقتصر التعصب على الدين فقط، وإنما هناك –أيضا- التعصب الكروي والتعصب العرقي والتعصب الطائفي والتعصب القومي، وغير ذلك من أنواع التعصب الناشئة عن أن كل فريق يعتقد أنه على صواب وأن الآخرين على خطأ، أو أنهم أفضل من الآخرين، وتنشأ الحروب والمعارك نتيجة العداء بين المتخاصمين بسبب التعصب، ولو رجع الناس إلى عقولهم لوجدوا أنه لا فائدة من التعصب وأن خسائره أكثر من مكاسبه، بل أين المكسب الناتج عن الانتصار لفكرة مسيطرة على العقل؟ مثلا، ما الذي يعود على أي دين من انضمام شخص أو أشخاص له بالإكراه، إنه لا يكسب شيئا، لأن المُكرَهين آمنوا بأفواههم، لكن قلوبهم تشتعل كراهية بسبب القسوة في ضمهم لهذا الدين، وربما كانوا من قبل لا يحملون له مشاعر الكراهية.
ليس التعصب ناشئا –فقط- عن محاولات ضم أتباع دين إلى دين آخر، وإنما هناك –أيضا- التصريحات المستفزة من أتباع دين ضد أتباع دين آخر، كأن يحاول طرف أن يسوق الحجج على بطلان عقيدة الآخرين. وهذا شيء طبيعي؛ أن تكون لدى كل طرف حجج على الآخرين، لكن هذه الحجج يجب أن تكون في أروقة الدرس العلمي بين المتخصصين، وألا تخرج إلى غيرهم فتثير الفتن الطائفية، لأن نقصان العلم لدى غير المتخصصين يدفعهم إلى العدوان على الآخرين، ظنا منهم بأنهم يدافعون عن دينهم.
التعصب يقود إلى تخلف الأمم، لأنهم يبددون طاقاتهم في البحث عن وسائل الرد على الآخرين، ويضيعون الأوقات في محاربة المخالفين، وبذلك ينصرفون عن البحث العلمي الذي يدفع إلى التقدم والرقي. يقول إميل شكرالله في مقال بعنوان "التعصب الديني في معادلة جبرية" على موقع إيلاف: "المتابع لحركة التطور الحضاري العالمي يستطيع أن يلاحظ أن الدول التي نبذت كل أشكال التعصب والتمييز الديني والعرقي والمهني والنوعي وغيره قد استطاعت أن تنمو اقتصاديا وتعليمياً وتحقق أعلى معايير الصحة النفسية والجسدية لمواطنيها، وعلى العكس نجد أن الدول التي مازال التعصب متفشياً في مجتمعاتها تحولت إلى دول متخلفة في شتى المجالات تتجه بسرعة نحو الانحدار في هاوية الفقر والبؤس وتحقق أعلى معدلات جرائم الأخلاق والفساد حتى أصبحت عالة على المجتمعات المتحضرة".
الحال يتطلب من العقلاء أن يواجهوا التعصب ويجتثوه من جذوره حتى يتفرغ أبناء الأمة لبناء المجتمع والمشاركة فيما يدفع إلى التقدم ويخرجنا من التخلف الذي يعوق التنمية والتطور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كل تعصب وليد التعصب الوطنى
عبد السلام على ( 2010 / 10 / 31 - 11:09 )
التعصب الوطنى وللدولة الوطنية والذى تطلقون عليه مصطلح الانتماء والذى تغذونه بمقالاتكم التقديسية له هو الاساس لكل تعصب عنصرى طائفى -دينى -قبلى ..الخ من هذه العصبيات المقيته التى حولت البشر الى كائنات غير بشرية يحكمها قانون الغاب -البقاء للاقوى- فنسينا اننا بشرا انسانيين واصبح صراعنا على الثروات الطبيعية التى جعلها الله فى الارض سواء للسائلين من البشر جميعا اكثر ضراوة وعنفا من الحيوانات والدليل الفقر الذى يعيش فيه اكثر من اربعة اخماس البشرية منهم اكثر من مليار جائع
لا تهتمون الا بما يسمى الوطن وشعب الوطن وتطلقون على احتكاره للثروات الطبيعية حرية واستقلالا فى حين ان الحرية يجب ان تكون لكل انسان يعيش على هذا الكوكب فى اختيار مكان معيشته وعمله وحرية الانتقال بكل حرية فى اى مكان بالارض دون عوائق التأشيرات والاقامات والكفيل ..الخ
باختصار لا حل لقضية التعصب الا بتحويل الدولة الى اقليم ادارى فقط تحت حكومة عالمية تحقق العدل والمساواة والحرية للبشر جميعا كما نطالب بالغاء التعصب الطائفى والاقليمى داخل اقاليم الدولة بالضبط
للتفاصيل http://tawheedmessage.blogspot.com/


2 - لاتجنحوا للسلم وانتم الاعلون
حكيم العارف ( 2010 / 11 / 1 - 00:51 )
الاسلام فى حالات ضعفه فقط يقبل السلم والسلام اما فى حالة القوه فالقران يعلنها بصراحه -لاتجنحوا للسلم وانتم الاعلون-..

اليس هذا هو التجبر واكراه المستضعفين على شئ ضد ارادتهم الحره..


اليس هذا التعصب هواساس فى الاسلام ... اليس اكراه المسلمين على كراهية من لايؤمن بالاسلام هو تعصب ...

متى يخلع الاسلام النظاره السوداء لينظر النور ويستطيع ان يخطى نحو الامل فى الخروج من دروب الظلمات ...


3 - الاخ حكيم العارف
عبد السلام على ( 2010 / 11 / 2 - 14:08 )
اخى الكريم كل ما ذكرته فى تعليقك ليس الاسلام ولكنه ينطبق على المتمسلمين
استبدل كلمة الاسلام فى تعليقك بكلمة المتمسلمين يكون تعليقك سليم
هل سألت نفسك يوما لماذا يكون دخل الفرد فى منطقة من الارض 45000دولار فى السنةفى حين يكون دخل آخر فى منطقة فقيرة الثروات لا يتعدى 500 دولار الا بسبب التعصب لما يسمى الدولة الوطنية واحتكارها لثروات الارض الطبيعية لصالح شعوبها فقط ولتذهب باقى البشرية للجحيم وللاسف اول من يطبق ذلك هم من يطلقون على انفسهم مسلمون
الاسلام اخى الكريم اساسه الحرية الاقتصادية والسياسية للفرد والمساواة والعدل التام بين البشر جميعا وليس فى دولة اومنطقة معينة من العالم
الاسلام يحرم الاحتكار والجمارك والتاشيرات والاقامات والكفيل ..الخ من هذه الخزعبلات ومن ينكر ذلك فليطالب بتطبيقها بين اقاليم وولايات مايسمى الدولة الوطنية مصدر كل تعصب عنصرى طائفى قبلى وطنى قومى ..الخ من هذه العصبيات الجاهلية التى حاربها الاسلام -دين الوحدة الانسانية- الذى ليس هو دين محمد فقط ولكنه دين الانبياء جميعا
وشكرا


4 - عظمة اللة فى تنوع اعمالة...
مـينا الطـيبى ( 2010 / 11 / 2 - 22:08 )
كلنا نرى كل شىء فى الحياة خلقها اللة مختلفة الأشكال والألون والطعم والأحجام لو نظرنا للطبيعة ياما فيها من ابداع واشكال كثيرة واذا نظرنا الى طعامنا ياما من الون ومذاق واشكال والطقس حولنا برد صيف ربيع خريف وايضآ ليل ونهار شروق وغروب واشياء كثيرة وكثيرة لايستطيع احد احصائها الا اللة نفسة .
لماذا لم تكن الأديان هى ايضآ حكمة من اللة فى تعددها واختلافاتها فهناك اكثر من 4 مليون عقيدة على الكرة الأرضية واعتقد ان اللة هنا يريد شىء ولة حكمة ايضآ فى ذلك ....واعتقد انا الأنسان القليل القليل من اعمالة ...الحكمة من ذلك ان يعطينا المجال من اجل البحث عنة من بين هذه الأديان لنعرف بأنفسنا اين النور اين الحق لأنفسنا وارواحنا التى هى من اللة تعرف الحقيقة اذا كنت بالفعل تبحث عنة هو موجود موجود موجود بكل تأكيد وما عليك الا ان تطلب منة ان يعرفك طريقة اذا كنت لا تعرفة اين ولكن الذين يعرفونة يعرفون اين موجود وفى اى عقيدة او دين احب ان اقول لكم كلمة سر ( اللة احب كل البشر ويدعو الى المحبة لذلك جعلنا من أب واحد وام واحدة حتى يعلمنا اننا كلنا اخوة واخوات وعلينا ان نحب بعضنا البعض ) هذا هو السر وعليك انت البحث .

اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تمنع مقدسيين مسيحيين من الوصول ا?لى كنيسة القي


.. وزيرة الهجرة السابقة نبيلة مكرم تصل لقداس عيد القيامة بكاتدر




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بمراسم -النار المقدسة- في كنيسة


.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟




.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا