الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخطأ ممنوع، لكنه شائع

سعد تركي

2010 / 10 / 31
المجتمع المدني


تستوقفني دوماً عبارة بديهية نستعملها دوماً حين نفسر لأنفسنا وللآخرين أخطاءنا وذنوبنا، وأحياناً جرائمنا.. تستوقفني عبارة صارت شماعة يعلق بعضهم عليها ـ أحياناً ـ جرائم ارتكبها سفّاحون وقتلة وجزّارون.. عبارة، على الرغم من صحتها وبداهتها، كان يجب ألا تعمم هذا التعميم الذي يجعل من السفّاح والقاتل والجزّار ينجو من العقاب بحيث إن ضميره يكون مرتاحاً وهو يُعمل سيفه في رقاب وبطون الأبرياء.
نؤمن، سواء أكنا متدينين أم علمانيين، إن البشر خطاؤون.. فهذه بديهة لا يمكن لأحد تجاهلها أو القفز فوقها.. لكن هذا لا يعني أن الأخطاء والخطايا تمر من دون عقاب أو تقريع وتنبيه في الأقل بحسب درجة الخطأ والزلل ومدى تسببه بخسائر وآثار..
يخطئ التلميذ في إجابة سؤال فيخسر درجات من مجموعه وقد يرسب، ويخطئ الميكانيكي فتبقى السيارة متوقفة لا تسير، وحين يخطئ طبيب في تشخيص علة مريض فإنه قد يتسبب بموته أو إعاقته عوقاً دائماً.. الخطأ في الحالين الأولين يتحملهما من تسبب بهما، في حين إن خطأ الأخير يتحمله إنسان آخر كل خطأه وذنبه أنه وضع ثقته في شخص لم يكن مهتماً بحياته وصحته.
تسبب الاحتلال الأميركي، من بين ما تسبب فيه، بانهيار كبير في عمل مؤسساتنا الصحية وتقاليد وأخلاق ومبادئ الطب التي كانت تسيّر هذا المفصل الحيوي المهم، فقد خُربت المؤسسات والمستشفيات وهاجرت وهربت ـ بسبب الانفلات الأمني ـ خيرة الكوادر الطبية، وتفشى في بعض من بقي منهم أخلاق تاجر لا يهتم بشيء قدر اهتمامه بالربح السريع.. فشاعت أخطاء الأطباء شيوعاً خطيراً، فبعضهم لا يمتلك الخبرة الكافية التي تؤهله لخوض مجال أقحم نفسه فيه لغياب أصحاب الاختصاص المؤهلين أو ندرتهم، وبعضهم يواصل الليل بالنهار في فحص مئات المرضى يومياً وإجراء عشرات العمليات الجراحية من دون أن يعطي لنفسه راحة ولعقله فسحة للتمعن والتفكير قبل تشخيص العلة ووصف العلاج، فالمهم ليس إنقاذ حياة المريض أو تخفيف آلامه إنما في التسابق على فحص وعلاج أكبر عدد من عباد الله لأنه يعني في النهاية أرقاماً فلكية من الأموال ستدخل الجيوب، ولا بأس ولا تثريب على الطبيب إن مات عدد من هؤلاء فالموت هو قدر الإنسان عاجلاً أو آجلاً، والأهم إن الطبيب شأنه شأن أي إنسان آخر خطّاء!!
أخطاء كثيرة نرتكبها في حياتنا كل يوم وهي في المجمل أخطاء يمكن احتمالها وغالباً لا تسبب ضرراً إلا على مرتكبها، غير أن أخطاء أخرى لا يمكن أن يُحتمل ضررها لأنها تقع على أشخاص وأناس آخرين لم يرتكبوها.. الحاكم إذا أخطأ فقد يتسبب بهدر حياة بعض أبناء شعبه أو تعويق فرصة للتقدم والرفاه، والطبيب إذا أخطأ فأنه قد يتسبب بقتل المريض أو إعاقته.. ولا عذر ـ إطلاقا ـ للتعكز أو الاتكاء على إن البشر خطاؤون.. فماذا يمكن لطبيب أن يقول لأهل مريض مات بين يديه نتيجة الإجهاد أو الإهمال أو انعدام الكفاءة؟ وهل ينفع الاعتذار؟ والاهم هل سيكون ضميره مرتاحاً لأنه ـ شأنه شأن كل البشر ـ خطّاء؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة اعتقال مسلحين اثنين ومقتل آخرين من منفذي هجوم داغستان


.. شبكات | اعتقال عارضة أزياء يمنية بعد جدل أثارته صور زفافها




.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: 69% من مدارس النازحين ف


.. الأونروا: 69% من المباني المدرسية التي كانت تؤوي نازحين في غ




.. مشاهد للحظات الأولى بعد قصف مقر تابع للأمم المتحدة في غزة