الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضرورة القانون المدني وظاهرة الدعارة في سورية.

غسان المفلح

2010 / 11 / 2
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات



القانون المدني : مجموعة القواعد القانونية التي تنظم علاقات الأفراد الأساسية (اسم، عنوان، أهلية، جنسية) والمدنية (إلتزامات، عقود، مسؤولية مدنية) هذا القانون يتضمن أيضا الحقوق العائلية للفرد من زواج وطلاق ونسب وتبني ونظام الزوجية المالي، ويتبع هذا القانون حقوق فرعية كثيرة منها : الحقوق العائلية، قانون الجنسية، قانون حماية الملكية الأدبية والفنية، قانون التأمين، قانون الاستهلاك وحماية المستهلك..الخ" الموسوعة".
في الدول العربية هذا القانون المدني يقع ضمن اختصاص ما يسمى بقانون الأحوال الشخصية المستمد من الشرائع الدينية، ما عدا تونس وبعض الدول التي تجمع بين القانونين في بعض المجالات. هل يمكن لنظام سياسي شمولي أو استبدادي أو شخصاني معتق كحالة مزمنة أو محدث أن يسن قانونا مدنيا؟ من الزاوية النظرية نعم، يمكن لأي نظام سياسي عربي أن يسن مثل هذا القانون المدني، ولنا في التجربة التونسية وبعضا من المصرية مثالا. إذا كان نظريا نعم، فإن الواقع العملي يختلف من دولة عربية لأخرى، واقع سلطتها ومجتمعها.
في سورية موضوع مقالنا هذا، نعتقد أن النظام السياسي قادر على سن قانون مدني معاصر، وهذا لن يؤثر على درجة سيطرته الواضحة على البلد والمجتمع ولا على نوعيتها وشدة حضورها، وهذه مدعاة لأن تكون حافزا، ربما هو لا يرى ذلك، وليس في برنامجه كما قلنا في أكثر من مقال وآخرها كان عن جرائم الشرف، ليس في برنامجه مشروعا مدنيا لسورية. أو أنه لا يريد ازعاج انصاره من الدين المتاح، ولدى كل الطوائف والأديان السورية. هذا إذا سلمنا أن هنالك نوايا طيبة لدى النخب الحاكمة في تقدم سورية على الأقل في هذا الصعيد المدني. ومع ذلك نجد أنه لابد من الاستمرار في مطالبة النظام بسن قانون مدني، وهذا من اختصاصه وفق الدستور السوري! خاصة أن هذا الدستور في النهاية يعطي الحق التشريعي لطرف وحيد هو السيد رئيس الجمهورية.
رغم ما يقال عن مظاهر المد الديني ومظاهر الانغلاقات الطائفية المتزايدة، وتمسك النظام بصيغته القديمة المتجددة" الوحدة الوطنية" كما يراها، فإن سن قانون مدني إلى جانب قانون الأحوال الشخصية المعمول به لدى كل الطوائف والأديان، أي يصبح لدينا قانونا مدنيا يشمل جميع أبناء الوطن لمن يريد التعاطي وفقه، وتبقى قوانين الأحوال الشخصية المستمدة من الأديان والتعاليم الطائفية، لمن يريد الاستمرار بالتعامل القانوني وفقها، وكمثال على ذلك" قيام مؤسسة عقود للزواج المدني لدى القضاء السوري، لا يمنع استمرار مؤسسات الزواج على أساس ديني، أو الحق في الجمع بينهما كما يحدث غالبا في دول الغرب" لهذا المطالبة بقانون مدني لا أثر الغائي له للقوانين الأخرى.
وهذا من شأنه أن يفسح المجال لأبناء سورية، من أن يحتكوا ويتعاملوا وفق الروح المدنية لهذا القانون، ويصبح من حق مسلمة أن تتزوج مسيحي دون أن يغير أحد منهما دينه، والدولة تتكفل بحماية هذه المؤسسة الزواجية الجديدة. أو يصبح من حق المواطن أن يغير دينه دون أن يتعرض لحد المرتد. وترك حساب هذا المرتد لله. فلا الإسلام بحاجة لفرد مجبور أن يبقى مسلما لخوفه من القتل، ولا المسيحية أيضا بحاجة لمواطن لا يريد أن يبقى مسيحيا. وكذلك الأمر بالنسبة للطوائف الأخرى داخل الإسلام أو داخل المسيحية. من فضائل القانون المدني على هذا المستوى أنه يتيح للفرد أن يتعامل مع مسألة ارتباطه بشريك في الزواج دون أن يسأل ما هو دينه أو طائفته. وهذه قضية سيكون لها مفعول تربوي على الأجيال الجديدة.
كذلك الحال يحول المواطن والمواطنة إلى متساوين أمام هذا القانون، ويحق للمرأة مثلا أن تعطي أبناءها الجنسية السورية إذا كان زوجها غير سوري. وهو يخلق أيضا الأرضية الاجتماعية للمساواة بين الجنسين، ومع ذلك يترك الخيار لكل فرد في التعامل إما على أساس مدني أو على أساس ديني كما قلنا. ربما هذا الأمر يبدو إشكاليا من الوجهة القانونية، العمل وفق قانونين في بلد واحد، لماذا لا تكون محاولة حقيقية لأن
القانون المدني في سورية أمر ملح جدا، لأن المجتمع السوري مجتمعا فسيفسائيا أصلا، ولا نريد الحديث عما تم من ممارسات سياسية أدت إلى تطييف هذه الفسيفساء السورية أو تديينها أو قومنتها. المطلوب الآن أن ينفتح المواطن السوري على عوالم قانونية من شأنها أن تعزز سوريته أولا. نلاحظ مثلا في المغرب، رغم الانفتاح السياسي الذي تم وعملية الدمقرطة الجارية وتفتح المجتمع المدني المغربي، إلا أن قضية القانون المدني لم تشكل أولوية بالنسبة للمدافعين عن الحقوق المدنية، لأن المجتمع المغربي لايوجد فيه أقليات وطوائف كالمجتمع السوري أو اللبناني.
في سورية أيضا تقوم حملة سنوية منذ فترة قليلة ضد جرائم الشرف، من شأن القانون المدني أن يحمي ضحايا هذه الجرائم.
حتى قضية التوريث، فيصبح هنالك قانونا يورث المرأة كما الرجل، لمن يريد اتباع القانون المدني في عملية التوريث.
القانون المدني لا تحتاج فيه المرأة إلى محرم لأي سبب كان.
ولا أظن أن المشرع السوري عاجز عن إيجاد الصيغ القانونية التي تحدد التعامل مع أي خيار، أو الجمع بينهما في بعض الحالات..بين القانون المدني وبين قانون الأحوال الشخصية.
والأهم من كل هذا وذاك، هو الشعور المدني الذي سيعممه وجود مثل هذا القانون، وهذا الشعور من الركائز المهمة في تنمية مفهوم المواطنة لدى الفرد السوري. لأنه بدون قانون مدني في سورية لا يمكن إنتاج مواطن سوري.
***
هنالك ظواهر أخرى بحاجة إلى قوننة ومتابعة جدية، حيث يكثر الحديث في سورية منذ مدة ليست قليلة على ظاهرة الدعارة وانتشارها بطريقة ملفتة للانتباه، لدرجة أن عدة مسلسلات درامية سورية هذا العام خاصة تطرقت لهذه الظاهرة بأكثر من طريقة وأكثر من شكل، واجمعت هذه المسلسلات عن أسبابها سواء عند السوريات أو عند الفتيات وعند الوافدات إلى سورية من جنسيات أخرى عربية وغير عربية هي أسباب اقتصادية بالدرجة الأولى. وهذه الظاهرة إن لم تعالج فهي الأخطر بما هي امتهانا للمرأة وسلعية قصوى ومفرطة لجسدها وروحها، فهي الآن على وضع المرأة والمجتمع، حيث تعتبر طريقة سهلة للكسب المادي أولا، وبابا للشهرة لدخول عوالم رجال المال والأعمال والسلطة لأنهم الوحيدون بالبلد من يملكون الجاه والمال، وأصبحت الدعارة كما تقول كل وسائل الإعلام المعارض منها والمحسوب على السلطة السياسية، والمستقل أيضا، مشروعا استثماريا مربحا لعديمي الذمة والضمير، ممن يملكون مالا أو نفوذا.
من زاوية القوانين الوضعية المعاصرة، والمتناسبة مع اقتصاديات السوق المنفلت، والوضع المعيشي الذي يزداد تدهورا للشرائح الفقيرة في المجتمع وغياب الطبقات الوسطى، لا يمكن منع هذه الظاهرة! ولكن يمكن قوننتها، لأنها ظاهرة عالمية لا يوجد بلد في هذا العالم لا توجد فيه هذه الظاهرة، حتى المجتمعات الأغنى ولكنها في هذه المجتمعات مقوننة، وتلاحق على المستوى الصحي خوفا من انتشار الأمراض التناسلية أو غيرها. القوانين المدنية هي التي تعالج هذه القضية المرافقة لمجتمعات الأعمال المنفلتة من أي قانون، كما هو الحال في سورية وغيرها من البلدان العربية، كان يمكن المطالبة بمنعها نهائيا، ولكن هذا من شأنه على أرض الواقع أن يجعل المرأة أكثر عرضة للابتزاز، بحجة أن القانون يمنعها، وتصبح مادة للرشاوي من جديد. لأن القوانين عندنا تستخدم بما تتيحه من ابتزاز من يخترقها، لا من أجل تطبيقها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وقفة
فلسطين الجنابي ( 2010 / 11 / 2 - 16:28 )
اود ان اقف الى ما اشرت اليه بخصوص طرح موضوع الدعارة وتناوله في اكثر من مادة درامية في الاعوام الاخيرة...من شانه ان يعزز التعاطي مع هذا الامر.. صحيح ان الاعمال تطرحها بشكل يوحي بأنه امر مشين ومرفوض ولكن نجد في نفس الوقت حرصها على ان توجد تبريريا وتبريرا كبيرا لتفشي هذه الظاهرة ...كايجاد ظروف صعبة او تعرض الضحية اي المتعاطية لهذه المهنة ..تعرضها لحالة من الضغظ والابتزاز او الغدر الى اخره من المسببات التي تحرص او بالاحرى يحرص القائمون على انتاج هذا النوع من الدراما الى طرحها باسلوب يجعل من المشاهد يتعاطف مع هذه الضحية والتي يفترض انها وعذرا -عاهرة-وبطبيعة الحال ان هذه الاعمال لا تعرض وفق سياق مبرمج مدعوم فانها بالتالي تطرح نفسها كنوع من التنفيس لممتهني هذه المهنة..والتعبير عن مظلوميتهم..مما يورث في نفس المشاهد-الاسرة طبعا- تقبل هذا الامر بل والتعاطف معه وبالتالي يورث قبولا للمسالة ولو تحت الظروف التي تصورها الدراما بغض النظر اذا كانت ستكون هي ذاتها في ارض الواقع ام هي شيء من هذا القبيل..


2 - 2
فلسطين الجنابي ( 2010 / 11 / 2 - 16:28 )
ومع غياب البرامج التوعوية للاجيال الطالعة فأننا بالتالي سننتظر جيلا لا يعتبر هذا الامر شائنا وربما لا يرفض التعاطي معه...وربما سننتظر من جديد الدراما العربية التعاطي مع موضوعات اكثر جرأة بعد استهلاكها لموضوع الدعارة ان تخرج لنا بمسلسات درامية تتحدث عن العلاقات المثلية..وربما ستجيد التبرير لهم ..وتوجد لنا اسبابا لقبولهم في مجتمعاتنا التي وان لم تخلو من هذه الظاهرة الا انها لحد الان على الاقل تعتبرها علاقات غير سوية ..حبذا لو انتبه بعض المروجين لهذه الظاهرة من الدراما نتائجها في المستقبل القريب..


3 - لا سبيل لتجاوز التفكّك إلاّ .......
السّموأل راجي ( 2010 / 11 / 2 - 19:51 )
سيدي الكريم,ممّا لا شكّ فيه أنّ أنّ هناك رسملة مستوحشة في سوريا آخذة طريقها أدّت ولا تزال تؤدّي إلى إنخفاض مستوى المعيشة وشيوع أنماط ثقافيّة منبتّة عن الواقع وسلوكيّات غريبة مستهجنة هي نتيجة البنية التّحتيّة الجديدة ومنها الدّعارة وتكثّف الإستهلاك وأنماط حتّى غذائيّة جديدة تراكم الدّين العائليّ وما إليه ولن تكون ترسانة القاونين الجديدة التي أشرت إليها بضامن للدّولة المدنيّة الحقيقيّة أو التّسيير المدنيّ:وحدها نزع الوجه الفاشيّ للسّلطة والعدالة الإجتماعيّة الفعليّة هي القادرة على ذلك


4 - ماهذاااا؟
سميرة محسن ( 2010 / 11 / 3 - 06:57 )
عن جد ما فهمت شو بدك وشو القصة. بعدين ليش ما بتطور لغتك العربية؟ أنت تكتب مع كم هائل من الأخطاء القواعدية
لأن المجتمع السوري مجتمعا فسيفسائيا
هذا خطأ فادح ومضحك والاصح ان تقول لان المجتمع السوري مجتمع فسيفسائي
يعني لا اادري هذه من ابسط قواعد اللغة لاسيما انك تطرح نفسك كمنظر
فيصبح هنالك قانونا يورث المرأة كما الرجل
والاصح يا عم غسان ان تقول صار هناك قانون: ابنتي الصغيرة في الصف الخامس لا تخطئ هذع الاخطاء المتكررة لديك.
والى إدارة الحوار ما العظيم أو الجديد في هذا المقال حتى يكون في الوجهة هذاا الكلام لا يصلح كتعليق، أم هل لأن فيه مسبات وانتقاد لسوريا مثل مقالات ام رشا يؤهله كي يصبح مقال عظيم؟ ألا تنظروا إلى حجم التعليقات والتصويتات والتفاعل مع المقال؟ أليس هذا مؤشر بالنسبة لكم. للأسف هناك محاباة ولا مهنية وانحياز


5 - سلامات
غسان المفلح ( 2010 / 11 / 3 - 08:37 )
معك كل الحق ست سميرة على الأخطاء وكان يجب تصحيحها..وهذه عادة سيئة عندي..
وأعدك بذلك ولكن هل تعتقدين أن المقال فيه مسبات لسورية فقط؟وشو دخل أم رشا بالموضوع يبدو أن لك عداء خاصا معها لاأعرف.. المهم بالنسبة لي نقدي للغتي تشكرين عليه ولكنك لم تدخلي إلى المقال لكي تقولي ما هو غير الصحيح أو غير الصادق فيه؟
ولي ملاحظة : لكونك قلت أم رشا فكان الأجدى بك أن تكتبي أو تكتب بأسمك الحقيقي...إذا كنت حريصا فعلا..ولك أو لك الشكر


6 - تردد
غسان المفلح ( 2010 / 11 / 3 - 09:22 )
ترددت في أن أشكر إدارة تحرير الحوار المتمدن لأنها تتحملنا وتتحمل غلطنا اللغوي وكل أمراضنا فشكرا لهم ، لكنني قلت يجب إعطاء كل ذي حق حقه..وشكرا للسيد/ة سميرة محسن

اخر الافلام

.. الناشطة الاجتماعية فاطمة حكيم


.. رئيسة جمعية الاتحاد لحماية الأحداث في لبنان أميرة سكر




.. المحامية فداء عبد الفتاح


.. أمينة سر الهيئة الوطنية لحقوق الانسان المتضمنة لجنة الوقاية




.. عضو الهيئة واللجنة وممثلة نقابة الأطباء في بيروت جوزيان ماضي