الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع بين الراعى والمزارع : قابيل وهابيل نموذجا 2/2

هشام حتاته

2010 / 11 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


توفرت للمصرى القديم عناصر الحضارة متمثلة فى فائض الانتاج بفضل الزراعة والنيل ، ثم الاستقرار( السياسى ضمن الدولة المركزية ، والنفسى بالخلود فى العالم الاخروالاخلاقى فى مجموعة قيم الضمير والدينى فى الليبرالية الدينية ) ، ومن خلال الخبرة الحياتية تعرف على نقيضه البدوى ابن الصحراء فى السلب والنهب والترحال والتقاتل فاستقر لديـــــــــــــه الفارق الحضارى بينهم ولهذا كان " ست " – اله الشر فى اسطورة اوزيريس المعروفه ، ومن ست جاء سيت او شيت ثم تطورت فيما بعد الى الشيطان – كان الها للصحارىوالبوادى، ولهذا اطلق على صحراء سيناء " سيترويت " اى مساكن اله الشر ست
ومنها جاء فيما بعد الاسم " سيناء " . واعتبر ان البدو قوم انجاس وابناء اله الشر ست . وتظهر لنا هذه الحقيقة من خلال التوراة عندما جاء اخوة النبى يوسف للاقامة معه فى مصر فنصحهم بالاقامة بعيدا عن المصريين : «لأن المصريين لا يقدرون أن يأكلوا طعاما مع العبرانيين، لأنه رجس عند المصريين». (سفر التكوين، الإصحاح الثالث والأربعون، الآية 32) «فيكون إذا دعاكم فرعون وقال: ما صناعتكم؟ أنْ تقولوا عبيدكم أهل مواشٍ منذ صبانا إلى الآن نحن وآباؤنا جميعا، لكي تسكنوا في أرض جاسان. لأن كل راعي غنم رجس للمصريين». (سفر التكوين، الإصحاح السادس والأربعون، الآيات 31-34) . وتأكدت لدية هذه الحقيقة عندما احتل الهكسوس الرعاة ارض الفراعنة فهدموا المعابد ومنعوا التدوين واصيبت مسيرة الحضارة المصرية القديمة بالشلل التام ( ومن المعروف ان دخول البدو الهكسوس مصر كان اثر صعف وتفكك ثم انهيارالاسرة الثانية عشرنتيجة تمرد حكام الاقاليم على الدولة المركزية وقيام الحروب بينهم ، فانتهز البدو الفرصة واحتلوا شمال الدلتا ، والى الآن لم يتأكد يقينا الموطن الاصلى للهكسوس ، ولكن يقينا كانوا من البدو الرعاة ، حتى ان كلمة الهكسوس تعنى بالمصرية القديمة – الملوك الرعاة - ). وضمن هذا السياق التاريخى تأتى قصة ( اسطورة ) قابيل وهابيل التوراتية – والمدعومة اسلاميا - تأكيدا لاحقاد البدوى على حضارة المزارع .

قابيل وهابيل:
إن قصة هابيل راعي الغني ، وقايين ( قابيل إسلاميا ) زارع الأرض ، هي استلهام لحضارتين عرفهم العالم القديم ، ومازالت حتى اليوم . فقد عاشت القبائل الإسرائيلة البدوية بين حضارتين زراعيتين عظيمتين (وادي النيل ووادي الفرات) فكان طبيعيا أن يصب الراعي جام غضبه علي المزارع الذي تفوق بفائض الإنتاج ، ولهذا قتل المزارع الراعي في القصة التورانية ترميزا لتفوق الزراعي ولكن الراعي وإن كان مقتولا فإنه المفضل عند الله.0000 !!
" فنظر الرب هابيل وتقدمته وإلي قايين وتقدمته لم ينظر " العهد القديم – سفر التكوين 4 –5
هذا الصراع بين الراعي والمزارع موجود فى الأساطير السومرية والبابلية القديمة التي كانت تعبيرا عن واقع معاش انتصر فيه المزارع علي الراعي عندما أختارت بعض القبائل البدوية الاستقرارعلى شطآن الأنهار لتزرع الأرض وتبني المراكز الحضارية ، وتوسع مساحات ا لأراضي المزروعة علي حساب برارى الرعاة ، ولقد ساعد تراكم الثروة الذى اشرنا اليه من قبل كنتيجة للعمل المثمر في الأرض علي زيادة قوتها ، وسيرها قدما أ شوطا بعيدة في طريق التقدم الحضارى ،مخلفة ورائها المجتمع البدوي يدور فى حلقته المفرغة ، مع دورات الفصول الى يومنا هذا
ولكن التوراة وهي تسجل تاريخ المنطقة نقلت الواقع المعش فى انتصار المزارع وقتله للراعى ، ولكن مع اختلاف النتيجة . هنا في الرواية التوراتية ، الرب يتقل من هابيل الراعي ولا يقبل من قابيل المزارع .. لماذا ؟
لأن الرب التوراتي في كثير من نصوص التوراة يفضل رائحة اللحم "محروقات اللحم" لأن شعب إسرائيل الذي اختاره الله وفضله علي العالمين ( ... ؟؟ ) هو شعب بدوي يعيش علي الرعي ونتاجها من اللحم00 طبيعي أن ينحاز لهم الههم الذي اختارهم . وحتى يتم تبخيس المزارع لصالح الراعي تقول القصة أن قايين المزارع يغار من منزله أخيه هابيل الراعي أمام الرب ، فيقتله ويكون بهذا ملعونا .
ولأن القرآن وافق علي الكثير من مرويات التوراة، فقد جاءت القصة القرآنية موجزة في الآية 26 من سورة المائدة : (وأتل عليهم نبأ ابنى آدم بالحق أذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر ، قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين ) .
فالرعاة هم المتقين .. ؟؟ فالله ( على المستوى الاسلامى ايضا ) يتقبل من الراعي ، لأن القبائل العربية أيضا قبائل بدوية.. ولاعزاء للفلاحين 0000 !!!!
انتهت الاسطورة وتم تبخيس المزارع لحساب الراعى – ولكن للتاريخ دورات متشابهة ، فالقبائل اليهودية البدوية – احفاد هابيل - التى عاشت بين حضارتى وادى النيل ووادى الفرات انتهى بها الامر الى التقزم والتشتت بين ارجاء الارض بعد العام 70 م ثم 137 م بعد ان طردهم الرومان نهائيا من ارض الميعاد ، ورغم ان الههم يهوه الذى اختارهم وفضلهم على العالمين لم يشفع لهم ولم ينصرهم على القوم الكافرين ...!! الا انهم عاشوا الوهم – الحلم - فى المنافى داخل الحارات المغلقة عليهم - الجيتو – بصفتهم شعب الله المختار ويترفعون على مخالطه- الاغيار- وينتظرون مسيحهم القادم فى آخر الزمان ليقيم لهم دولتهم العظمى ويمنحهم ملك العالم ، يحتقرون العالم ويترفعون عليه مما جلب عليهم نقمة معظم البلاد التى عاشوا فيها .
بعد حوالى الفى عام من التقوقع والتعالى اليهودى ، ومع بدايات عصر التنوير فى اوروبا والارهاصات الاولى لبداية الفكر العلمانى الذى اعلى من قيمة الانسان وقيمة العمل والجهد البشرى فى صناعة الحضارة ونحى جانبا المعتقدات التيولوجية ، كان من الطبيعى ان يتأثر بذلك بعض مثقفى اليهود ، فجاء ثيودور هرتزل الصحفى اليهودى النمساوى (1860-1904 ) ودعا الى قيام دولة اليهود دون انتظار الوعد التوراتى حسب الديانة اليهودية الاورثوذكسية التى لم تتحقق طوال الفى عام ، وتأسست الحركة السياسية اليهودية ( الصهيونية ) فى مدينة بازل السويسرية 29-31 اغسطس1897 وبدأت بدعم الهجرات الفردية ثم الجماعية الى ارض فلسطين ثم حصلت على وعد بلفور 1917 باقامة وطن قومى لليهود . وفى 1948 تأسست دولة اسرائيل ، وفى عام 1956 قالت للعرب : نحن هنا . وفى العام 1967 أكدت وجودها كلاعب رئيسى فى المنطقة ، وبعد حرب 1973 وتوقيع كامب ديفيد وماتلاها وحتى اليوم اصبحت اقوى دول المنطقة . ومازال السلفيين والاصوليين اليهود - حتى الذين يعيشون فيها –لايعترفون بالدولة التى قامت بفضل وعلى اكتاف العلمانيين انتظارا منهم بالوعد الالهى والمسيح المنتظر .

هذا عن القبائل اليهودية التى عاشت قديما بين حضارتى النيل والفرات تصب عليهم جام غضبها وتبخسهم ، ولكن عندما تشتتوا فى الارض ثم وعاصروا بداية التنوير الاوروبى والارهاصات الاولى للفكر العلمانى وهضموه جيدا اصبحت لهم اليد الطولى فى المنطقة العربية . فماذا عن القبائل البدوية العربية جنوبا فى جزيرة العرب وحملتها على المزارع؟؟
- كل فضائل المزارع اصبحت نقيصة ... المسالمه والوداعة والانصياع للسلطة المركزية وسلطة قانون الدولة اصبحت فى نظرهم جبنا ولؤما وخسه ( راجع الجزء الثانى من مقالة الاحتلال العربى لمصر بين تدليس الشيوخ وحقائق التاريخ ) ونعت الفلاحين بـ " العلوج " وهى القلب اللغوى لكلمة العجول ، والاكارى ( الذى يكترى للعمل لدى الغير)
- كل نقائص المجتمع البدوى الذى افرزها الترحال من تقاتل بين القبائل للصراع على الماء والكلا ومارافقها من سلب ونهب وحملات التصبيح على الفلاحين اصبحت فروسية وشجاعة واقدام مع احتقار العمل اليدوى عموما والفلاحة خصوصا . مع تلبيث هذه المفاهيم غطاءا اسلاميا ، فالحض على الفروسية والخيل ( فهى ميراث ابيهم اسماعيل .. !!) والرسول بعث بالسيف ونهى امته عن الزراعة .
- ومع البترودولار السعودى عادت هذه المفاهيم وبقوه تجتاح حتى مواطنى دول الحضارات الزراعية ، ومازال بقايا القبائل العربية فى مصر يتفاخرون على الفلاحين بأصولهم العربية ، ونسمع عن المحكمين العرب وجلسات الصلح العربية وكرم الضبافة العربى لمدة ثلاثة ايام ( متناسين انها كانت اتاوه فرضها بن العاص على كل فلاح مصرى لأى عربى )

الخلاصــــــــة :
رأينا القبائل البدوية الاسرائيلية تبخس المزارع لصالح الراعى ، وكيف عاشوا الفى عام داخل الجيتو معتقدين انهم شعب الله المختار– الاخيار- ومتعالين على – الاغيار – ولم يأتى مسيحهم المنتظر ولم ينصرهم الههم ، ولم تقوم دولة اسرائيل الحالية الا على اكتاف العلمانيين . ورأينا نفس الخطاب يتردد الان فى الخطاب الاسلامى القادم مع بدو جزيرة العرب لتبخيس ابناء الحضارات ، وايضا فى انتظار نصر الله مع المهدى ( شيعيا ) اوعودة المسيح بدعوة الاسلام لابادة اليهود ( سنيا ) . فهل نتعلم شئ ... !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كفاية عنصرية وشيفونية مقيته
ناصر محمد ( 2010 / 11 / 6 - 11:42 )
كتابات عنصرية بامتياز بصراحة المصريون لولا الاسلام لضلوا للان اقنانا للارض وعبيدا للرومان


2 - العنصرية صناعة بدوية
هشام حتاته ( 2010 / 11 / 6 - 20:49 )
اعرف ان الحقيقة مؤلمة وقاسية وصادمة لمن عاش فى الوهم طوال عمره ، ولكن الحقيقة ان العنصرية هى صناعة بدوية حقدا على اهل الحضارة ، فهى تنفيس عن الدونية والقزمية والعدمية تجاه المتحضرين ... هل فهمنا


3 - البروفيسور / هشام حتاتة
رمضان محمد حافظ ( 2011 / 1 / 27 - 16:53 )
خير الكلام ما قل ودل


4 - الدكتور الجهبز / هشام حتاتة
رمضان محمد حافظ ( 2011 / 1 / 27 - 17:07 )
إنت يا دكتور فاتح علينا الكتب وبتنقل إللى فيها مباشرة على النت ؟؟؟ من فضلك خفف علينا شوى ..إرحمنا كفاية شيمفونية


5 - العنصرية صناعة أمريكية
رمضان محمد حافظ ( 2011 / 1 / 27 - 17:14 )
العنصرية صناعة أمريكية


6 - دكتور / هشام
رمضان محمد حافظ ( 2011 / 1 / 27 - 17:28 )
قال الفيلسوف برنار شو
(كنت أعرف أن الحضارة تحتاج إلى دين ، وأن حياتها أو موتها يتوقف على ذلك ، فالحضارة تسقط فى اللحظة التى تكون فيها قوة الإنسان أشد وأكبر من قوة الدين )

اخر الافلام

.. رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يزور كنيسا يهوديا في لندن


.. -الجنة المفقودة-.. مصري يستكشف دولة ربما تسمع عنها أول مرة




.. وجوه تقارب بين تنظيم الاخوان المسلمين والتنظيم الماسوني يطرح


.. الدوحة.. انعقاد الاجتماع الأممي الثالث للمبعوثين الخاصين الم




.. الهيئة القبطية الإنجيلية تنظم قافلة طبية لفحص واكتشاف أمراض