الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حالة الخطأ والصواب في الحياة

صاحب الربيعي

2010 / 11 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لا توجد أحكاماً صائبة أو خاطئة كلياً في الحياة لاختلاف القيم العامة للمجتمعات المتباينة فما يعدّ صائباً في مجتمع قد يكون خطأً في مجتمع آخر وينطبق ذلك على أفراد المجتمع ذاتهم لتباين مستوى الوعي، لذلك لا يمكن عدّ معايير عقلانية المجتمع في الخطأ والصواب صحيحة تماماً لكنها قد تكون مرجعاً لتمييز الخطأ من الصواب في الحياة العامة، لكنها غير ملزمة للرافضين لعقلانية المجتمع الذي يفرض قيمه وأحكامه العامة على كل أفراد المجتمع من دون التمييز بين تباين مستويات وعيهم.
إن الجدل في الخطأ والصواب ليس نفياً لأحكامهما وإنما محاولة لإعادة تقييم معاييرهما في الحياة العامة بعدّهما مرتبطان بتغير القيم العامة للمجتمع مع الزمن شريطة التمسك بمعيار الضرر والفائدة، فالخطأ يعني كل ضرر يسببه الفرد لنفسه والمجتمع والصواب كل فائدة ينتفع الفرد والمجتمع منها وإستناداً لتلك القاعدة يمكن فحص حالات الخطأ والصواب في الحياة.
يقول (( توماس كوهين )) : " إن الحالات التي فحصناها حتى الآن كانت متميزة، لكنها لا تصلح اعتمادها قاعدة عامة ".
كما لا يمكن عدّ غالبية أفراد المجتمع تسلك سلوكاً خاطئاً بنصياعهم لقيم عقلانية المجتمع بعدّها قيماً نسبية متغيرة مع الزمن وتباين مستويات وعيهم، فالوعي الذاتي نسبي يكتسبه الفرد خلال الارتقاء بثقافته ومعرفته لكن القيم العامة يغرسها المجتمع في ذهن الفرد عبر التربية.
إن فحص حالات الخطأ والصواب في الحياة ليست دعوة لرفضها كلياً لعدم توافق بعضها مع الزمن، ولا يجوز الجزم أن وعي الفرد النسبي أكثر يقيناً من معايير الخطأ أو الصواب في المجتمع لأن ذلك يعدّ تعالياً غير مبرر على أكثرية تؤمن بالقيم العامة لمجتمع العقلانية.
يحذر (( ثربانتس )) الفرد من " التزمت بالرأي، لأنه من شأن الجهلة الذين يتصورن أنفسهم أذكياء من دون سائر البشر ".
قلما يحظى السلوك الصائب بمديح المجتمع بعدّه سلوكاً مفترضاً لأفراده على نحو عام لكن السلوك الخاطئ غالباً يحظى بذم المجتمع بعدّه سلوكاً مرفوضاً. لذلك السلوكيات الصائبة تحصن الفرد من ذم المجتمع، والسلوكيات الخاطئة للفرد يذمها المجتمع، وكلما تمادى الفرد بإرتكابه للسلوكيات الخاطئة وأخذته العزة بالنفس في عدم تصحيحها تصبح مع الزمن علة في ذاته لا يمكن علاجها.
إن حجم الخطأ يقاس بحجم الأذى الذي يصيب الفرد والمجتمع معاً ولا يوجد خطأً يمس الذات وحدها لأن الفرد كائن اجتماعي يؤثر في المحيط ويتأثر به. ويرتبط هذا القياس بحجم الخطأ الذي يجلب الأذى للذات والمجتمع، فإن كانت الذات تتحمل أعباء الخطأ سيدفع الفرد النصيب الأكبر ويدفع المجتمع النصيب الأقل من الأضرار الجانبية للخطأ، وإن كان حجم الخطأ يجلب الأذى الأكبر للمجتمع يعدّ عملاً مقصوداً ضد المجتمع فينال الفرد العقاب ويدفع ثمن أخطاؤه وحده ويدفع المجتمع الأضرار الجانبية الأخرى. لذلك لا يوجد سلوكاً خاطئاً أو صائباً معزولاً تماماً عن المجتمع طالما الفرد يعدّ كائناً اجتماعياً يؤثر بالمحيط ويتأثر به.
يعتقد (( ثربانتس )) " أن التمسك بالرأي الخاطئ، يجعل أخطاؤك من دون علاج أو يكون علاجها على حساب مالك وشرفك ".
إن حراك الفرد اليومي في المجتمع يوقعه في دائرة الخطأ والصواب، لتباين مستويات وعي أفراد المجتمع ومدى انصياعهم للقيم العامة. ولا يمكن الحكم على سلوكيات الفرد اليومية خطأ أو صواب على نحو كلي، لكن حجم الخطأ وضرره وحجم الصواب وفائدته للفرد والمجتمع معاً يمكن عدّها معياراً مقبولاً للاصدار الأحكام.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تسارع وتيرة الترشح للرئاسة في إيران، انتظار لترشح الرئيس الا


.. نبض أوروبا: ما أسباب صعود اليمين المتشدد وما حظوظه في الانتخ




.. سبعة عشر مرشحا لانتخابات الرئاسة في إيران والحسم لمجلس الصيا


.. المغرب.. مظاهرة في مدينة الدار البيضاء دعما لغزة




.. مظاهرات في تل أبيب ومدن أخرى تطالب بالإطاحة بنتنياهو