الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألفة يوسف .... وحيرة مسلمة .

الطيب آيت حمودة

2010 / 11 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


*ألفة يوسف من الجيل الجديد المثقف ، أكاديميية وأستاذة الحضارة في جامعة تونس ، جريئة في طروحاتها الدينية ، فهي قد غاصت في أعماق الموروث الديني وتناولته بالتحليل والمقارنة متسائلة ومستنكرة لموقع المرأة الضليل والذليل، والحيف الذي لحقها تاريخيا و غيبها عن الكلام ، فسكتت ردحا من اللأزمان ، فاسحة المجال لصنوها الذكر في تبني همومها وشؤؤونها ، وما كتبته وتكتبه ألفة يوسف في تآليفها ( الإخبار عن المرأة في القرآن والسنة، ناقصات عقل ودين ، وحيرة إمرأة مسلمة ،) حركت بها المواجع والسواكن ، وأشعلت حرائق في غابات محرم دخولها على الأنثى ، وهي بذلك فتحت على نفسها جبهة عريضة من الناقمين الذين يستهويهم النكوص والعيش رغدا وفق تأويلات وتفسيرات صاغها مسلم القرن الأول الهجري .
* لم أتوقع أن تعالج امرأة مسلمة ما عالجته ( ألفة يوسف )في كتابها ( حيرة مسلمة ، في الميراث والزواج والجنسية المثلية ) بكل شجاعة وروية مستفسرة ومحللة ، ولعلها في ذالك مسايرة لمواطنتها ( آمال قرامي ) في تأليفها القيم (الإختلاف في الثقافة العربية الإسلامية )، فكلاهما نهج نهج ( لا حياء في الدين ) في ولوج ما كان صعبا حتى على أكبر فقهاء الزمن الغابر .
ولعل في ثقافتهما الأكاديمية الواسعة وانفتاحهما على ثقافة الغرب ما يبرر ذلك ، ولو أن المفكر الديني عزف كليا أو جزئيا السماح لنفسه بمعالجة أمور الجنس وتشعباتها بدعوى مختلفة .
**ألفة يوسف من أهل النقل ، إلى أهل العقل :
المتتبع لما يكتب عن ألفة يوسف يصاب بنكسة لما آل إليه العقل من تحجر ،وما بلغه التزمت والإيمان الفطري من درجات علية يصعب معها ممارسة الحوار البناء ، وهو أمر لا تحسد عليه الدكتورة ، التي تتعرض يوميا عبر المواقع الإلكترونية وموقع الفايسبوك والرسائل المجهولة التي تأتيها تباعا عبر الإيميل منها المهددة والمستقبحة ، وجلها ينتقد ويسب، ولا يتعرض أو يلتفت لمضمون المكتوب مما أودعته في تأليفها ، وهو ما يشير أن الأمة في حرب مع ذاتها المفكرة المؤولة ، فهذه الأمة التي نعيش على هامش الحداثة والتطور ، هي أمة مستهجنة ترسخت في أمخاخها قيم البلادة والإمعية والإيمان الغيبي الفطري كنتيجة لغروس ما ضية مستقاة في الغالب من كتب التراث الصفراء التي تم استنساخها وإعادة بعثها طباعة وتوزيعها على مكتبات الأمة لقتلها فكريا وجعلها تابعة لمدرسة قبيلة حدثنا بتعبير جمال البنا ، ومدرسة آل حامد الغزالي بدلا من الإقتداء بالفكر التنويري المتحرر الرشدي ( نسبة إلى ابن رشد ).
جراءة الكاتبة وسلاسة أسلوبها في معالجة قضايا مفصلية في ديننا عبر المكتوب والمسموع والمرئي ( اليوتوب)، أحدث هزة عنيفة في المجتمع التونسي والمغاربي ، قليله مديح وكثيره استنكار وردود غالبها لا حضاري ، وشحذ المتأسلمون سيوفهم عبر مواقعهم للرد على ( شبهات ألفة يوسف ) ، في حين سكت العقلانيون المؤيدون لطروحاتها ، وخوفي أن يتحول مصيرها لما آل إليه مصير (طه حسين ) الذي أ ُلجم وأعيد في آخر أيامه إلى صف القطيع ، أوليصبح مصيرها شبيها لما تعرض إليه السيد القمني بعد نشره الحزب الهاشمي ، أو تُجبر على هجرة الأوطان مثلما وقع ل ( وفاء سلطان ) وخوفي أشد أن يقع لها مكروها كالذي وقع ( نصر حامد أبو زيد في محنة التفكير والتكفير) ، على أيادي غادرة آثمة لا تقدر قيمة الفكر والرأي في مجتمع يعج بالمتناقضات والفعل اللاّواعي . وإدراكها لمخاطر الفعل الذي أقدمت عليه ينم عن شجاعة قلما وجدت في الذكور قبل الإناث فهي تقول ( إننا واعون بركوبنا مركب الخطر في مساءلة المستقر ، وتحريك الراكد وتهديد إجماع الأمة ، يحفزنا على ذلك ايمان عميق بأننا إذ نسائل الكلام الإلهي لا نقر حقيقة نهائية ولا نثبت تأويلا قاطعا.... ونحن مؤمنون بأننا ما أوتينا من العلم إلا قليلا ، ومعتقدون أن تأويله لا يعلمه إلا الله ....)[1]
**حيرة امرأة مسلمة ...غاضها حال مثيلاتها .
الكاتبة ترى في مؤلفها المومأ إليه ، بأنه عبارة عن قراءة متسائلة لآيات قرآنية اعتبرها المسلم من قبيل الآيات المحكمة ، إنها في معالجتها بعيدة عن الأصولية ، ( فهي لا تريد ان تقدم أجوبة جاهزة نهائية ، إنها تريد أن ترمي حجرا فكريا فيما ركد واستقر من قراءات بشرية غذت بفعل الزمان مسلمات مقدسة لا تقبل النقاش ولا تستدعي التحقيق ، ، ولا شك أن الفكر الراكد في حاجة إلى من يحاوره ويحركه ويناقشه حتى لا يتحول إلى آسن عفن يهدد الفكر الحر الحديث ومكتسبات حقوق الإنسان )[2].
حيرة المؤلفة ترجمتها بتساؤلات ثلاث تضمنها كتابها بالتحليل والمناقشة ، فهي انتقلت من الحيرة في الميراث ، إلى الحيرة في الزواج ، وحيرة أشد في الجنسية المثيلة ،وأنارت بمعالجتها الكثير من مواقع الظل المسكوت عنها ، وأبانت الثغرات الموجودة في تفاسير القدامى ، وهي ترى بأن نقد البشر للبشر لا مساس فيه لقدسية النص الرباني ، وفكرها الوقاد هو ما جعلها عرضة للنهش في عرضها وعلمها ، وجعل البعض يفسر تأويلها بتأويل مغرض منه أنها ، أساءت للرسول والدين ، فلوا قرأوا بحصافة وفكر نير لما قالوا ما قالوه .
**قيمة الكتاب أنه رسخ لدى قرائه قناعة مفادها أن ليس كل ما قيل على لسان الفقهاء والمفسرين صحيحا ، فما قالوه ما هو إلا محاولة أولى لفهم القرآن ، تبعت بمحاولات ، وستتبع بأخرى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ،وغرضها في ذلك نزع لبوس القداسة التي أحيط بها علماء الدين بالنظر إلى تفسيراتهم على أنها بديلة للقرآن ، فجل ما قيل هو باعث على إعمال الفكر والتساؤل شوقا إلى الحقيقة ،وإذ أنها ذكرت ما ذكرته عن شروحات الجنس وبيانه ، فهي خاجلة منه عندما تواجهه ذاته ، مصداقا لقول جلال الدين الرومي القائل ( كل ما أقوله عن شرح العشق وبيانه أخجل منه عندما أواجه العشق ذاته:). وكتابها هو ترجمان لحال لسانها الذي يصدح بالقول ( لا تحرمونا حق التأويل ولا تصادروا أفكارنا ، بدعوى أنكم وحدكم الراسخون في العلم ، فإننا ننتمي إلى أمة ( إقرأ ) لا أمة ( تباع الجهل .).
===========================================================
[1]و[2] مقتبس من كتاب حيرة مسلمة في الميراث والزواج والجنسية المثيلة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا خوف عليها من الاجلاف
Joseph Khayati ( 2010 / 11 / 7 - 17:20 )
الطيب آيت حمودة,
الفة يوسف, تونسية, حفيدة اجيال من عليسة الى بورقيبة مرورا بحنبعل, الكاهنة, ابن خلدون ,الطاهر الحداد, وهي مقيمة بالجمهورية التونسية-الناطقة بالعربية-, فلا خوف عليها من الاجلاف احفاد قطاع الطرق و زبانيتهم.


اخر الافلام

.. -روح الروح- يهتم بإطعام القطط رغم النزوح والجوع


.. بالأرقام: عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان بعد اغتيال الاح




.. عبد الجليل الشرنوبي: كلما ارتقيت درجة في سلم الإخوان، اكتشفت


.. 81-Ali-Imran




.. 82-Ali-Imran