الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ينقذنا الإسلام من مسلميه؟

سعيد لحدو

2010 / 11 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كان لصرخة تلك المرأة (وامعتصماه) أثرٌ بالغٌ في تاريخ الإسلام وصراعه مع محيطه، حيث مازال يتردد صداها إلى يومنا هذا رغم مرور قرابة إثني عشر قرناً على تلك الحادثة الشهيرة. وبغض النظر فيما لو أن هذه الحادثة قد وقعت فعلاً أم إنها مجرد حكاية ألفها الرواة للتدليل على أهمية الاستغاثة في التراث الإسلامي، وبخاصة إذا جاءت تلك الاستغاثة من امرأة، فإن هذا يدفعنا اليوم للصراخ والمناشدة (واإسلاماه) باسم مئات الألوف بل الملايين من النساء والأطفال المسيحيين وغير المسيحيين في العراق وفي كل مكان لتخليصنا من هذا الداء الخبيث الذي انتشر بصورة وبائية حاملاً اسم الإسلام رافعاً راية جهاده ومتخذاً من تعاليمه منطلقاً لذبح أطفال بعمر الورود على مذابح يقدس فيها اسم الله ليل نهار.
صرخة (واإسلاماه) هذه يجب أن تصل إلى مسامع كل مسلم محب وغيور على دينه وقيمه الإنسانية، ويحرص على أن تبرز صورة (الإسلام دين المحبة والتسامح والعدل والإخاء) التي نسمعها من أفواه الخطباء والمشايخ على مدار الساعة وبمناسبة وبغير مناسبة، للعمل وفق هذه المقولة ذاتها ووضع حد لأولئك الذين يشرعون لأنفسهم ولغيرهم باسم الإسلام جرائم التفجير والتفخيخ الأعمى وقتل المدنيين العزل أياً كان دينهم أو عقيدتهم أو توجهاتهم السياسية وغير السياسية. وليست جريمة كنيسة سيدة النجاة المروعة وما تلاها في بغداد إلا مثل واحد على مئات وآلاف الجرائم الأخرى التي ارتكبتها تلك الزمرة بهيئتها الآدمية وأفعالها المتوحشة ضد أصحاب المذاهب والأديان والعقائد المخالفة. وليس من الغريب أن يكون العدد الأكبر من ضحاياها، هم من أنصار الدين ذاته الذي مازالت رايته بأيديهم مرفوعة للجهاد ضد الكفر والإلحاد. وسواء كان شعار الجهاد المرفوع هذا وبهذه الصورة المجردة من كل حس إنساني والقائمة على طقوس الدم والكراهية والعنف الأعمى. سواء كان هذا الجهاد في سبيل الله أو في سبيل الشيطان. وسواء كان تديناً أم سياسة أم إجراماً محضاً أو تعطشاً مرضياً لمشاهد قطع الرؤوس وسفك الدماء، فقد آن له أن يتوقف. وعلى المسلمين أنفسهم، ممن يعتقدون جازمين بسماحة الإسلام ونبالة قيمه، أن يجاهدوا بكل مافي وسعهم لأن يوقفوا هذا (الجهاد) المتوحش المصبوغ بدماء مئات آلاف الأبرياء حتى الآن. إنها ليست مهمة أمريكا ولا أوروبا ولا بلاد الواق واق. إنها مهمة المسلمين أنفسهم الذين يهمهم أن يُنظَر إلى الإسلام كدين مثل أي دين آخر، يحرص على المحبة والسلام والتآخي بين الناس على اختلاف مشاربهم. ولا ينقصهم هنا النهل من الآيات الكثيرة التي تدفع بهذا الاتجاه عوضاً عن آيات القتل وقطع الأطراف التي يستخدمها أولئك المتطرفون إلى حد التوحش في السياقات التي يريدونها وتتوافق مع ميولهم الدموية. هؤلاء هم الذين أخذوا الإسلام رهينة اليوم بأخذهم المصلين في كنيسة سيدة النجاة أوغيرها من بيوت العبادة المختلفة، رهائن للمقايضة بأرواحهم. وبصمت المسلمين المشين أو بردود فعلهم الخافتة مقارنة مع الهيجان الهستييري الذي يبدونه لمجرد نشر صورة كرتونية لا تقدم ولا تؤخر، يشجعون بصمتهم هذا المتطرفين والغوغاء على الغلو في تطرفهم وغوغائهم والمضي بعيداً في إبراز صورة قطع الرؤوس وتفخيخ الأجساد زتفجير الأسواق الشعبية والحافلات المدنية على أن هذه هي الصورة الحقيقية عن إسلام لم يتنطح أحد من بين مليار مسلم بموقف جدي وفاعل لرفضه وتقديم الصورة البديلة حتى كادت هذه الصورة تشمل كل مسلم على وجه البسيطة.
بالطبع، ليس كل مسلم إرهابي دموي أو حتى مشروع إرهابي دموي. ولكن أين هو المسلم المعتدل المؤمن بالتسامح والتعايش والمحبة والسلام؟ لماذا لا يتخذ موقفاً حاسماً في ضوضاء العنف الأعمى هذا؟ ولماذا يترك الساحة مستباحة لكل مغامر هاوٍ أو مجاهد منتشٍ متوهماً بإمارته الإسلامية التي شيدها على الجماجم والدم الإنساني البريء ولا نرى لها وجوداً إلا في بيانات الإنترنت وفي فرقعة السيارات المفخخة؟ ومن الذي سيفصل بين إسلام المسلم وإسلام الإرهابي حين يخلد مليار مسلم إلى السكون والصمت بكل مؤسساتهم الدينية والسياسية والاجتماعية وغيرها، وكأن الأمر لايعنيهم، مكتفين ببعض بيانات الشجب اللفظي على مبدأ (اللهم اشهد فقد بلغت).
هناك إسلام واحد بنوعين من المسلمين. أحدهما متطرف وعنيف وخطر ونشط وفاعل على الأرض مهدداً الجميع بما فيهم النوع الثاني باعتبارهم أعداء في دار الحرب أو مهادنين أو متعانين مع الأعداء. ولهذا فهم أهداف دائمة لـ (جهاد) هذا النوع لرفع راية الإسلام بالطريقة والصورة التي يرون. أما النوع الثاني من المسلمين، بغض النظر عن نسبتهم، فقد خلدوا إلى السكينة والسلبية، ومازالوا محجمين عن اتخاذ أي موقف فاعل وذي تأثير على أرض الواقع، تاركين لبعض الحكومات المستهدفة أمر مواجهة التطرف العنفي باعتبار خطره يستهدف الأنظمة وحدها دون الآ خرين. وفي الوقت ذاته تثور ثائرة تلك الملايين ويساقون إلى الشوارع في هيجان هستيري لأتفه الأسباب، مؤكدين بذلك على كونهم ظاهرة غريزية لا تمت إلى العقل والمنطق بصلة.
(واإسلاماه) صرخة نطلقها علها تصل إلى أسماع أولئك المسلمين الذين يرون الإسلام ديناً للسلام والتعايش والمحبة، آملاً أن يكونوا الأغلبية الساحقة، علهم يتحركون لتحرير إسلامهم من يد مغتصبيه. فطالما بقيت تلك الوحوش المتلبسة بأشكال بشرية حرة في ممارسة وحشيتها بالشكل الذي شهدناه في كنيسة سيدة النجاة وقبله في جوامع ومراكز شعبية مختلفة، سيظل الإسلام دين إرهاب وقتل في نظر العالم. ويظل العالم أجمع هدفاً شرعياً لمجاهديه ومشايخ فتاوى الدم. ويظل أولئك هم وإفعالهم الصورة المجسدة للإسلام وللمسلمين إلى أن يتم ذلك التحرير.
فهل ينقذنا الإسلام من مسلميه؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاسلام مسيس
علي الشمري ( 2010 / 11 / 12 - 20:01 )
الاخ لكاتب المحترم
أن الاديان السماوية الثلاث كانت ايام زمان لله وحده ,ولكن عندما دخلت الساسة على الخط جيرتها لصالحهاواتخذتها وسيلة لتحقيق مأربها الشخصية واطماعها التوسعية,وأن جميع الاديان قد ابتليت بمتطرفين وأرهابيين وقتلة,أما الدين الاسلامي على وجه الخصوص فسبب بلاءه هو الفكر الوهابي الشاذ المدعوم باموال البترودولارمن قبل حكام أل سعود.
أن موسم الحج وما ياتي للسعودية من كل انحاء العالم الاسمي ومن مختلف المذاهب والعقائد كلهم يطوفون حول البيت الحرام ويوحدون الخالق,ويشهدون بالشهادتين والفكر الوهابي يكفر هؤلاء جميعا ويصدر الفتاوي بقتلهم,كونهم غير معتنقي فكرهم الضال,فكيف تريده لا يكفر أخوتنا المسيحين ويصدر الفتاوي بقتلهم وتهجيرهم؟؟؟؟؟أن الحل في التخلص منهم يبدا بالتخلص من الانظمة السائرة بركابهم والداعمة لهم,وبالتالي التوحد بين كل المذاهب والاديان لمحاربتهم بكل الوسائل المتاحة من اجل القضاء على شرور فكرهم التكفيري المجرم الملطخ بدماء الابرياء....
تقبل تحياتي


2 - السؤال مقلوب
عادل حزين ( 2010 / 11 / 13 - 08:16 )
كان ينبغى التساؤل هل ينقذنا المسلمون من الإسلام؟ لأن الجرائم التى ترتكب باسم الإسلام هى من صميم التطبيق الإسلامى والذى فاق تطبيق الرسول له عشرات المرات هؤلاء المسلمون الحقيقيون الذين لم يؤتوا واحدا على المائة مما أتاه رسولهم وقدوتهم الذى أمر بقتل ثمانمائة يهودى فى يوم واحد وأسر أطفالهم والنزو على نسائهم فى واقعة موثقة من صميم الإسلام وكتابه. ولا تنسى أن الرسول امر بقطع جميع أطراف بعض المجرمين وتركهم فى الصحراء يتشظون فى ممارسة سادية غير مسبوقة وغيره وغيره من مخازى الإسلام التى يعتبر معها سلفيو هذه الأيام رغم بشاعتهم وإجرامهم ملائكة ذوى قلوب رهيفة...


3 - الافعى ايران
حسن كوروي ( 2010 / 11 / 13 - 13:14 )
العميد الايراني مرتضى كشميري خطط وأشرف على تدمير كنيسة سيدة النجاة في بغداد
http://www.alshiraa.com/details.php?id=6010


4 - شيء لا يمكن فهمه
ابرام شاهين ( 2010 / 11 / 14 - 00:16 )
أخي سعيد
لن ينقذنا لا الإسلام ولا المسلمين, حتى يتم إختراع آلة الزمن ونذهب إلى عصر محمد ونصور مجريات أحداث ذلك العصر ونضعه امام اعينهم حتى يتثبت لهم بأنهم كانوا على هفوة خلال الأربعة عشر القرن المنصرمة وربما يعدلوا عن فكرهم الغريب العجيب


5 - هدفهم زيادة الظلام ضلام و اْلطام
محمود الفرج ( 2010 / 11 / 14 - 04:14 )
الاسلام يغتصب على يد علمائه فكل عالم اتخذ من نفسه انه هو ( الله ) على الارض متناسيا وضاربا عرض الحائط القراْن الكريم الذي تحدث في اياته عن عيسى ومريم ع والمشكلة ليست عند هذا الحد فقط بل ان هناك قوما من الرعاع لم يقراْوا القراْن ولم يستوعبوه ان البدوو على مر التاريخ عامل مؤلم في تاجيج الصراعات والغزوات واوصلوا غزواتهم الى بيوت الله وبدعم سعودي ايراني امريكي ولا اعرف ماذا سيفعل الله عزوجل للحفاظ على اديانه

اخر الافلام

.. د. حسن حماد: التدين إذا ارتبط بالتعصب يصبح كارثيا | #حديث_ال


.. فوق السلطة 395 - دولة إسلامية تمنع الحجاب؟




.. صلاة الغائب على أرواح الشهداء بغزة في المسجد الأقصى


.. -فرنسا، نحبها ولكننا نغادرها- - لماذا يترك فرنسيون مسلمون مت




.. 143-An-Nisa