الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الذكرى السادسة لرحيل وضاح

كفاح حسن

2010 / 11 / 13
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


في الذكرى السادسة لرحيل وضاح
"يا كاع ترابج كافور!"

تمر السنين و الجرح لا يندمل. فلقد إمتزج جرح وضاح بجرح الوطن، بجروح كوكبة الشهداء المختلطة دمائها بتراب الأرض. فإمتزج الكافور برائحة التربة، حتى بات عصيا على المرء أن يعزل رائحة التربة عن رائحة الدم عن رائحة الكافور.

إن الجراح و الدماء التي سطرت تأريخ أرض الرافدين، تثخنت في السنين السبع الأخيرة. عندما أطلق المحتل العنان للعداوات الطائفية و العرقية لتدير دفة الأحداث في البلد. و كأن أرض الفراتين لم ترتوي بعد من دماء أبناءها. فبدلا عن أن تكون أرض الرافدين مقبرة للغزاة، تحولت إلى مقبرة لأبناء هذه الأرض المغلوبين على أمرهم.

وضاح كان واحد من هؤلاء العراقيين الذين حداهم الأمل كغيره في بناء عراق حر يهنأ شعبه بالسعادة. و هو حلم بسيط و مشروع و لكنه عصي عن التحقيق. فمعضلة أهل الرافدين تأريخية, منذ مطلع الحضارات التي مرت عليها. لقد حكم البلاد الغزاة تلو الغزاة، من كل أطراف المعمورة، و كان همهم الوحيد هو إغتصاب أرض الرافدين و تذبيح أبنائها. و هذا أدى إلى زرع القسوة و العنف في أخلاق أهل البلد. فلم ينجح في حكم العراق سوى الجلاوزة و الغاصبين، و بات عصيا على القادة المتياسرين من حكم البلد. فتأريخ ولايتي الكوفة و البصرة غني بالأمثلة، منذ أيام الإمام علي و مرورا بنجله الحسين و ثورة مصعب زوج بنت الحسين و إستمرارا إلى يومنا هذا.

لم يعتاد العراقيون على أن يحكموا أمرهم بأنفسهم، فكان عليهم دوما الإنصياع للإرادة الخارجية منذ أيام البابليون و خلال الإمارات المتعاقبة على البلاد و إنتهاءا بالعصر الحديث، بعد أن حطم الجيش الدولة الملكية ليرمي البلاد في مذابح لا تنتهي.

أما وضاح و رفاقه فكانوا يحلمون بالدولة الفاضلة التي تمنح الإنسان قيمته و تعيد للوطن عافيته. والأحلام هي ثروة لمن لا ثروة له.

فمن قتل وضاح؟ و من نشر القتل في العراق اليوم؟

إنهم نفسهم من ضحى وضاح بحياته في سبيلهم. و هنا الحال يذكرني بمقام الحمزة في الديوانية. فالحمزة المدفون هناك، رجل دين ورع قصد من البحرين كربلاء لزيارة قبر الحسين. و عند عودته حمل ماقدر عليه من "ترب الصلاة" ليوزعها على أهالي البحرين. و عند مروره في المنطقة الذي دفن بها، تصور أهاليها بأنه يحمل قطع من الذهب و هم يسمعون رنين "الترب" فقتلوه طمعا في الذهب. و لكنهم عندما إكتشفوا ماكان يحمله دفنوه في موضع قتله، و جعلوه إماما يزورونه طالبين المغفرة و الثواب.

و في سنين طفولتة في كربلاء، إمتزجت أحلام وضاح بالتحدي الذي أفضته ثورة الحسين و تفانيه، لتدفعه مضيا إلى سفوح جبال العراق، ليقضي فيها سنوات شبابه مقاتلا عنيدا. فقد هناك العديد من أصدقاء طفولته كالشهيدين صفاء أبو طحين و علي جبر. و تعرف على الكثير من المقاتلين الشجعان الذين شاركوه أحلامه. في تجمع ضم أهل الرافدين من مختلف المشارب و الأعراق. لقد بنوا في الجبال جمهوريتهم الفاضلة.

و لم تكن هذه الجمهورية معزولة عن أبناء المنطقة. بالعكس لقد نظر إليها الناس بإفتخار، رغم إنهم حملوا سلاح السلطة في الأفواج الخقيفة (الجحوش) التي شكلت لمحاربة الجمهورية الفاضلة. و لسان حالهم يقول.."قلوبنا معكم .. و سيوفنا عليكم". و هذا الأمر إستدعى الطرفين إلى هدنة و تعاون.

و مما أثار إستغرابي، مقال نشره أحد ضيوف مقرات الأنصار في تهجمه على أحد قادة هذه الأفواج، و يضعه في نفس قفص الإتهام الذي جلس فيه المقبور علي حسن المجيد. رغم إن هذا الشخص - و الحق يقال - لم يعادينا، بل ساعدنا و حمى رفاق لنا عملوا في التنظيمات الحزبية السرية. وحين هجم على أحد مفارزنا في جبل كوسره ت، أرسل تحذيرا لنا بترك المنطقة. إلا إن عميل مزدوج كلف بإيصال التحذير لمفرزة كوسره ت، لم يوصل التحذير. إن المقال المنشور يعتبر نكرانا للجميل و ليس كشفا للحقيقة.

و لقد نجح وضاح في عمله كقائد أنصاري من خلال فهمه للعلاقة مع أبناء المنطقة الذي إنضم أغلبهم إلى الأفواج الخفيفة. فلم يستعديهم، بل حافظ على علاقة طيبة معهم. فلم يكن من الممكن إستعدائهم، فهم أبناء المنطقة. وكان من ضمن مهمتنا كسبهم. كما كنا في إعلامنا نناشد الجنود و ضباط الصف و الضباط لترك جبهة صدام و الإلتحاق بجبهتنا. و سعينا على أن نحتفظ بعلاقة طيبة معهم، رغم إننا كنا نحمل السلاح ضدهم. و لكن هذا السلاح لم يكن ضدهم كأشخاص بل كان ضد النظام الدموي الغاشم. و من غريب الصدف، إنه في معركة كوسره ت التي أشرت إليها، كان ضمن المقاتلين الأنصار رفيق إستشهد فيما بعد عند معارك تحرير كركوك عام ٩١ ، وكان ضمن القوة المهاجمة علينا أخوه الشقيق. فحالهما كحال والد الحجاج الذي قاتل مدافعا عن مكة حتى إستشهاده في وجه الجيش الأموي بقيادة إبنه الحجاج.

لقد عانى وضاح و رفاقه في جمهوريتهم الفاضلة من الغدر و نكران الجميل. فلم يكن الخطر يأتي مباشرة من العدو، بل من أطراف وقفت إلى صفنا في وجه العدو، لتنقلب علينا بغدرها. ونفس هذا الغدر هو الذي أنهى حياة وضاح و أحلامه. فالغدر لم يكن من قبل من نفذ جريمة تصفيته، بل الغدر كان في من أوصل إليهم سر مروره بمكان إستشهاده. لقد كنا نخاف من الغدر أكثر من خوفنا من العدو. ولا زال خطر الغدر محدقا برقاب شعبنا، غدر من يدعي ود الشعب، و يحمل السكينة ليتحين فرصة طعن هذا الشعب المغلوب على أمره.

و أنا الذي رافقت وضاح في مختلف مراحل حياته منذ الطفولة و في جبال العراق و حتى إستشهاده، تأخذني الغصة و أنا أستذكر إستشهاده. نعم.. بقى وضاح محافظا على نقاوته و مثاليته حتى الرمق الأخير مضحيا بالعائلة و الروح من أجل القيم السامية. و تزداد الغصة، و أنا أعايش في أربيل و بغداد و كربلاء و سائر المدن العراقية الدمار الذي حل بالبلاد، فأيه جريمة ترتكب بحق الرافدين و أهله..و أية مسؤولية نتحملها نحن جميعا في السكوت..وليس لدينا سوى ترديد إهزوجة قديمة
"يا كاع ترابج كافور!"

كفاح حسن
ليلة الثالث عشر من تشرين الثاني 2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - طلب ايضاح
سمير طبلة ( 2010 / 11 / 12 - 23:05 )
الرفيق العزيز كفاح
إذ أمجد الرفيق سعدون، مثالنا البطولي الرائع جميعاً. أتمنى اجابتك الواضحة والصريحة. هل المقصود بتلميحك هو قاسم أغا؟ إن كانت الاجابة بنعم، فعليّ تقديم اعتذاري الشخصي له، قبل الآخرين، لتوقيعي على طلب تقديمه للقضاء.
فلا بد من إحقاق الحق. مع التقدير الدائم


2 - اول اشارة خطيرة
مسعــــــــــود الفلاحــــــي ( 2010 / 11 / 13 - 04:48 )
ان ما طرح في هذا المقال اشارة خطيرة بخصوص من غدر بوضاح ومن اوصل خبر مروره بالمنطقة التي استشهد فيها. أنا اعتقد ان الامر في غاية الخطورة, اذا كان للسيد الكاتب كفاح حسن وهو اخ الشهيد وضاح أي علم بجهة الغدر فالسكوت عنها هو بحد ذاته خيانة للشهيد ولرفاقه..... لننه الهمس ولنكن اكثر شجاعة, ويجب ان لا نمر مرور الكرام امام هكذا حدث جلل. اطلب من السيد كفاح ايضاح ما بجعبته بخصوص استشهاد وضاح, فوضاح ابن بار للشعب العراقي , وجريمة اغتياله ليست نكبة لعائلة الشهيد فحسب, بل هي مصاب جلل يخص العراقيين ... فالابتعاد عن الشخصي في الموضوع ضروري جدا في ذلك , وعدم تركه لمقالات استذكارية مرة في السنة في ذكرى استشهاده.


3 - حق الضحايا والعدالة
حميد كشكولي ( 2010 / 11 / 13 - 09:51 )
المجد والخلود للرفيق القائد سعدون ورفاقه الأبطال.. رفيقي العزيز كفاح! لا ادري من المقصود بمستشار فوج الدفاع الوطني المذكور اذ اثيرت في الفترة الأخيرة مطالبات من جهات سياسيةعديدة بتقديم السيد قاسم آغا الى المحاكمة لارتكابه جرائم قتل بحق مقاتلي بعض الأحزاب ومنها الحزب الشيوعي العراقي. اعلم كثيرا من مستشاري أفواج الدفاع الوطني ومسؤولي العشائر الموالين للسلطة قدموا مساعدات مختلفة للأنصار من معلومات استخبارية واسلحة وكان اشهر تلك المساعدات هوالكشف عن كوادر متقدمة في الحزب مندسين من المخابرات البعثية ومثل هذه المساعدات لن تعفيهم من حق الضحايا
ومن حق الجماهير تقديم شكاوي ضد أي متنفذ من العهد السابق وتقديمهم إلى محاكمات عادلة ولكن لصعوبة وجود محاكم محايدة وعادلة في العراق فانني اقترح ان يحاكموا في تركيا.


4 - الوضوح في مقتل وضاح
قاسم عبود ( 2010 / 11 / 13 - 13:42 )
السيد كفاح
المجد لسعدون القائد الشيوعي والأنصاري البطل لقد تألمنا وبحرقة مازال المها يستعر لرحيله المبكر وخسارته الفادحة للحزب والوطن. وأنصافآ له علينا ان نضع النقاط على الحروف ونشير الى الأسماء باسمائها. من هو المخبر؟ ولم السكوت؟ ولم يقتل رفاقنا ونستكين بالصمت ؟ فمن قتل وضاح يترصدنا جميعآ وبانتظار فرصة سانحه


5 - هؤلاء من أشتركوا في تغييب الشهيد البطل وضاح
محسن الجيلاوي ( 2010 / 11 / 13 - 16:50 )
الأخ الغالي كفاح
أقدر المراة والالم بفقدان أخ ومناضل جسور مثل وضاح ، ولكن لي عتاب عليك وانت تعيش في السويد وترى ان رؤوس تطير وينتهي تاريخها وفعلها السياسي بسبب اخطاء مثل عدم دفع فاتورة ضريبة التلفزيون او التجاوز على اموال البلد ، لهذا نحن نريد وبوضوح ان تؤشر إلى الذين اشتركوا في عملية تدبيراغتيال الشهيد...وهنا اريد ان أقول لك ان من يكتب هذه الكلمات وهذا نصها ( لهو شرف عظيم وشهادة اعتزاز وضعت في مكانها المناسب من قبل ممثلي الشعب اعضاء مجلس النواب بانتخابكم ثانية رئيسا للجمهورية،لما عرف عنكم من حكمة وتأني وجدية وخبرة وكفاءة ومسؤولية ونزاهة وتاريخ مجيد وحيوية عالية في العمل والاداء...الخ موقعة بأسم الانصار في بغداد)
هؤلاء على استعداد لقتل كل الانبياء ، خيانتهم لا حدود لها طالما ان الدفع قائم وبالهبل...هؤلاء هم من أدلوا القتلة على طريق سعدون النبيل والشريف صدقني... أنتظر منك موقفا صلبا وقويا كما عهدناه فيكم ودمت أخا وصديقا ونصيرا صبورا...مع محبتي
أخوكم
محسن الجيلاوي


6 - الكريم كفاح حسن
عبد الرضا حمد جاسم ( 2010 / 11 / 13 - 18:31 )
تحيه وشيء آخر
أولاً احيي الشهم سمير طلبه على ما كتبه واثمن حرص والأخرين وحبهم لهذا الشهم اخوكم وأخينا ورفيقنا جميعاً ولو أنني لم أعرفه قبل هذه اللحظه
اتمنى عليكم اجابة الرفاق المتسائلين وبوضوح ودقه..لأنه أي البطل ليس ملككم أو يخصكم ولكنه مما أقراء يخص الشرفاء
تحية لك ولرفاقه وللعائله النجيبه التي انجبتكم ..والموت للغدر والغادرين


7 - الى العزيز كفاح
عبد الرضا حمد جاسم ( 2010 / 11 / 13 - 18:56 )
اجدد التحيه
بعد ان قرات لك هذا الموضوع عدت لرشيفكم لأراك تكتب عني انا في كلية الزراعه وتكتب عن العزيز ملك الهدوء والطيبه ستار غانم وانا من أواخ الذين اتقوا به في بيتي عام 1991 وجاء ليخبرني مخصوصاً عن قصة أخي والذي اوصله الى داري وانا مفارقه
منذ عام 1974وقد القي القبض عليه حسب ما علمت في شوق جميله حيث كان يعل ببيع المواد الغذائيه يعني بسطيه بسيطه وشك المخبرين باوراقه الثبوتيه وأختفى بعدها واليوم اقراء انه أستشهد تحت التعذيب
كان الشجاع الهاديء والكريم
تحيه لك ولأخوتنا ورفاقنا وليسمع بذلك صبحي الجميلي وحسين علي جبر والأخرين


8 - العزيز كفاح
عبد الرضا حمد جاسم ( 2010 / 11 / 13 - 19:06 )
المعذره على ما شاب ما كتبت من اخطاء
ارجوك اجيبني لنتواصل ...ستار كنت ابحث عنه ولم اصدق ما سمعت وقتها وكنت في وهم عندما قلت مع نفسي أنه عاد الى كردستان لأنه قال لي سأنقطع فتره وأعود وفسرنا أنقطاعه بأنه أختياره رغم ما سمعنا
ارجوك اجبني


9 - المجد للشهداء والعار للخونة
التيار اليساري الوطني العراقي ( 2010 / 11 / 13 - 22:22 )
ان استشهاد الرفيق وضاح بهذه الطريقة الغادرة ما هو الا استمرار لسلسلة الشهداء الذين غدروا وفي مقدمتهم الشهيد الخالد سلام عادل ورفيقه الشهيد الخالد جمال الحيدري ولاحقا الشهداء محمد الخضري وعبد الامير سعيد وشاكر محمود وستار خضير ... الذين غدورا جميعا على ايادي ( رفاقهم) رغم ان القاتل كان بعثيا فاشيا او مجرما احتلاليا ... لقد اصبت كبد الحقيقة حين اعلنت (لقد عانى وضاح و رفاقه في جمهوريتهم الفاضلة من الغدر و نكران الجميل. فلم يكن الخطر يأتي مباشرة من العدو، بل من أطراف وقفت إلى صفنا في وجه العدو، لتنقلب علينا بغدرها. ونفس هذا الغدر هو الذي أنهى حياة وضاح و أحلامه. فالغدر لم يكن من قبل من نفذ جريمة تصفيته، بل الغدر كان في من أوصل إليهم سر مروره بمكان إستشهاده. لقد كنا نخاف من الغدر أكثر من خوفنا من العدو. ولا زال خطر الغدر محدقا برقاب شعبنا، غدر من يدعي ود الشعب، و يحمل السكينة ليتحين فرصة طعن هذا الشعب المغلوب على أمره.) ونقول ان شعبا انجب هؤلاء الشهداء لقادر على تحقيق النصر ..نصر الجماهير الكادحة على القوى الاقطاعية الطائفية العنصرية الانتهازية الاحتلالية

لجنة المتابعة


10 - قاسم اغا
سربست عزيز ( 2010 / 11 / 17 - 18:46 )
قال القاضي (هيمداد مجيد ) في تصريح لموقع كورديو: منذ 2003 بعد سقوط النظام السابق رفعت على (قاسم آغا) 43 دعوى قاضية امام محكمة كويسنجق ، وبناء على ذلك اصدر المحكمة قرار يقضي باعتقال المتهم ومصادر امواله النقولة وغير المنقولة ودمجنا كافة القضايا في 19 ملفا . .

.

اخر الافلام

.. بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه..شرطة جورجيا تفرّق المتظ


.. الفيديو مجتزأ من سياقه الصحيح.. روبرت دي نيرو بريء من توبيخ




.. الشرطة الأميركية تشتبك مع المتظاهرين الداعمين لغزة في كلية -


.. حشود غفيرة من الطلبة المتظاهرين في حرم جماعة كاليفورنيا




.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس