الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجريد العقل (الفطري) الإسلامي

ثائر الناشف
كاتب وروائي

(Thaer Alsalmou Alnashef)

2010 / 11 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يغدو التجريد، الذي يعني هنا، الفصل بين ما هو فطري مكتسب وما هو غريزي، منقسماً بين نظرتين متضادتين، يكاد التضاد بينهما أن يصل إلى حدود التصادم.
نتحدث في هذا السياق، عن التجريد بمفهومه الإسلامي، كما يراه دعاة التيار الإسلامي بمذاهبه المتعددة وانتماءاته المتنوعة، والتجريد بمساره العقلي الذي ينتهجه دعاة التيار العقلاني المتعدد الاتجاهات .
كنا قد بدأنا الحديث، عن التجريد الذي يحمل عنوان هذا البحث، وقلنا إن التجريد، هو الفصل العملي بين ما هو فطري مكتسب وما هو غريزي، ولا تندرج خاصية الفصل مع خواص التفكيك، فالأخير قد يرتبط مع خاصية التحليل فيما يتعلق بالشخصية ككل، أما التجريد فهو يختص بالعقل أياً كانت سماته العامة أو الخاصة.
ولفهم عملية تجريد العقل الإسلامي بشكل أوسع، طالما أن التجريد للعقل وحده، لابد من التفريق بين نوعين من العقل هما :
1- العقل الغريزي ( المقدرات العقلية )
2- العقل المكتسب ( الفطري )
العقل الأول ( الغريزي ) بمثابة النهج الذي يقتدي عليه العقلانيون في شروحاتهم وتفسيرهم للظواهر، وسبب اقتدائهم عائد إلى ما يتيحه لهم من عمليات الإدراك والملاحظة والفهم، فهو القاعدة الصلبة التي يبنون عليها نتاجهم الفكري والعلمي .
العقل الثاني ( الفطري ) وهو الأساس الذي يرتكز عليه دعاة التيار الإسلامي، عملاً بالنص [وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْساً وَلَا رَهَقاً] [الجن : 13] .
وحول هذين النوعين من العقل، تظهر الحاجة الملحة إلى الفصل بينهما، كخطوة أولى على طريق التجريد، نظراً إلى التباين العميق بين سماتهما، والتي تدحض الدعاوى التي تؤكد على حتمية التوفيق بينهما، فما هي الأدوات اللازمة لعملية التجريد ؟.
ثمة أداتان في هذا المجال .
الأداة الأولى : الأخلاق الروحية
الأداة الثانية : المنطق بشقيه الرمزي والصوري
التوفيق بين هاتين الأداتين، كالتوفيق بين العقلين الغريزي والفطري، فكل أداة تختص بعقل معين والعكس صحيح كما في المثالين الآتيين .
تشكل الأخلاق الروحية التي تنطوي على مبادئ الطاعة والسلوك الحسن والخلق والقويم، أداة العقل الفطري في عملية التجريد، وليس الأخلاق الفلسفية بما تنطوي عليه من قيم الخير والشر، الفضيلة والرذيلة أو كل ما يتصل بالسلوك الإنساني .
بينما يشكل المنطق الأداة الكبرى في تجريد العقل الغريزي من ناحية، وإعادة بناءه وتشكيله من ناحية أخرى .
إن انعدام التوفيق بين الأداتين السابقتين، وعدم توفر أداة ثالثة كحل وسط بين خيارين متعسرين لا يلتقيان البتة، تعد من أهم المعوقات التي تواجه عملية التجريد، والمشكلة لا ترتبط في جذرها بالأدوات، بقدر ما لها علاقة أصيلة بالآليات المتبعة من قبل دعاة التيارين، فالأدوات التي يركنون إليها جزء من المشكلة وليست المشكلة برمتها .
والأمر اللافت للنظر، إصرار كل تيار على التجريد كأولوية مطلقة لا مجال للتراجع عنها أو استبدالها بأولوية أخرى، أقل إطلاقية وأكثر نسبية في ممارستها للتجريد .
إن الحاجة المتزايدة للتجريد لدى كل تيار على حدة، أصبحت بمثابة الفلتر الذي يقوم بمهمة التنقية والتصفية لكل الشوائب التي قد تجد طريقها إلى العقل في غفلة منه .
فالتجريد بالنسبة لدعاة التيار الإسلامي، يعني تخليصه من الهوى ( الضلال ) من خلال تغذيته بالنصوص أولاً وبالعلم الشرعي ثانياً وبالأخلاق الروحية ثالثاً، ولا يعني فصله عن العقل الغريزي، باعتبار أن الأخير، يؤدي دوره ووظيفته التكميلية لصالح خدمة الأول، الذي يقوم بعملية شاقة، هي تجريد العقل ( فلترته ) عما يلحق به من الأهواء والنزوات، وفي هذا جواب عن السؤال الذي يتبادر إلى أذهان الكثيرين، هل العقل الإسلامي قابل للتجريد بعيداً عن تأثير النصوص؟ .
الشق الآخر من الجواب، يقدمه لنا دعاة التيار العقلاني، الذين يبنون تجريدهم على أساس المنطق القائل: إن العقل لا يخضع لغير العقل، وإن التجريد بالنسبة لهم، يعني تحرير العقل من الموروثات ( الأساطير ) عن طريق الركون إلى العلوم الإنسانية، التي من شأنها الارتقاء بالعقل، وإعادة تخليقه في كل مرة تتقدم فيها تلك العلوم من خلال وصله بها .
على ضوء ما سبق طرحه، تبدو الحاجة إلى الفصل التعريفي بين العقل الفطري والغريزي، كرديف لعملية التجريد، وليس بديلاً عنها، الخيار الأمثل، فلا مجال لتجريد أحدهما دون الآخر، في ظل انعدام الخيارات الأخرى، وفي ظل التناقض الحاد في فهم التجريد والتمسك الشديد بممارسته .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما آخر الفلسفة
Syrian General ( 2010 / 11 / 17 - 10:09 )
كل ما يلاحظه القاريء لمقالك هو فهم قاصر عاجز لمقولات بعض الإسلاميين
أين فهمت أن

- العقل الثاني ( الفطري ) وهو الأساس الذي يرتكز عليه دعاة التيار الإسلام، -

في ماذا يرتكزون عليه أنت لم توضح ؟؟!!؟؟

الإسلام لا يرتكز على هذا فقط في مبدأ الاقناع أنت مخطيء تماما
و لا عجب في هذا الفهم من شخص - بقي مطمش - لأكثر من 25 في ظل سوريا الأسد
التي بقي المنظرون فيها ينظرون حتى للجرائم الكبرى من منطلقك العقاي الفلسفي الإسلام لا يخاطب عقول النخبة فقط
لأن المجتمع ليس نخبة
بل هو عامة
لقد وفر القناعات الأساسية للجميع ثم ارتقى تدريجيا ليغلب أعتى العقول ليس بمخاطبة الفطرة كما تدعي
ثم أنت كنت مناضلا كما قلت في وكالة الأنباء السورية أكيد كانت عندك واسطة نضالية
ثم وجدت أن هناك نضال بالعملة الصعبة
و النتيجة في النهاية أنك وجه أخر لن يدوم - بإذن الله

سلام

اخر الافلام

.. -السيد رئيسي قال أنه في حال استمرار الإبادة في غزة فإن على ا


.. 251-Al-Baqarah




.. 252-Al-Baqarah


.. 253-Al-Baqarah




.. 254-Al-Baqarah