الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رادار غبي غباء المسؤولين في لبنان

عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)

2010 / 11 / 13
المجتمع المدني


أجمل ما يكون، أن يطلع عليك مسؤول ما ليفرض عليك كمواطن غباءه مقابل ذكائك أو سرعة بديهتك، أو لنقل مجرد قدرتك على اختراق قوانين مفروضة عليك عبر ثغرات موجودة فيها أساساً.

من الطبيعي أن ننتقل إلى القانون نفسه ومدى مطابقته للواقع وملاءمته للأوضاع السائدة التي قد تحتمل وقد لا تحتمل تطبيقه. لكن وقبل أي دراسة له وقراءة لشبهاته العديدة على صعيد مختلف عمّا قيل إنّه قد وجد لأجله، لا بدّ من السؤال عن مسؤولية أولئك الأغبياء الذين أوجدوا -أو استوردوا-القانون وهم يدركون ثغراته أو لا يدركون.

فلو كانوا يدركون ثغراته فعلاً فهم يستغفلون المواطن ويعتبرونه دونهم ذكاء، على أساس أنّهم من الطبقات الحاكمة التي ألبسها الله نفسه أثواب القيادة الحكيمة للأمة! وإن لم يكونوا يدركون ثغراته -وهو ما أرجحه عادة- فهم يثبتون يوماً بعد يوم غباءهم المعهود وقريحتهم الجافة في التعامل مع الأوضاع المهترئة التي لا يجدون علاجاً لها في غالب الأحيان -وبنسبة تكاد تكون مكتملة- سوى الضرب واللبط واستخدام أساليب الإرهاب، التي يتركونها على حالها، أو يجمّلونها من خلال ابتكار عقوبات تواجه الإختراق... وتواجه غباءهم في الوقت نفسه.

طيب.. قررت أجهزة السير اللبنانية تطبيق قانون يتعلق بمراقبة مخالفات السرعة من خلال كاميرات مراقبة ورادارات موزعة على الطرقات، دون الإعلان عن مواقعها. وصلت المخالفات في اليوم الأول إلى كومة كبيرة من المئات حتى أنّ بعض السيارات عوقبت لأكثر من مرة خلال النهار نفسه!

تفاخرت القوى الأمنية بـ"إنجازها" ولم تستمر نشوتها أكثر من يوم واحد حتى اكتشف المواطنون -أو سرّبت إليهم ربما- طريقة إلكترونية، ترتبط بموقع خرائط عالمي، تمكّنهم عبر هواتفهم النقالة المجهزة بنظام "جي بي اس" من اكتشاف مواقع الكاميرات وتفاديها قبل الوصول إليها.

جميل فعلاً.. تنفس الكثير من السائقين الصعداء وتساءل حتى شوفيرية التاكسي عن مثل هذا النظام، رغم أنّ بعضهم لم يصل في استخدام التقنيات أبعد من قيادة سيارته ليلاً ونهاراً والتعامل مع الحفرات والإشارات... وارتفاع أسعار المحروقات.

إذاً فالأمر متوازن، و"واحدة بواحدة"! لكنّ المسؤولين العظماء وفي محاولة لتغطية غبائهم لم يتوانوا بعد يوم واحد فحسب عن تذكير المواطنين –فجأة- بغرامة تبلغ ثلاثة ملايين ليرة 2000 دولار أميركي) لكلّ من يستخدم ذلك الموقع الإلكتروني!

لنتغاضَ قليلاً عن الأهداف المشبوهة للكاميرات والرادارات، والتي تصبّ كما كثير من الإجراءات في لبنان خدمة لاختراقات أمنية بحق المواطن وجمعاً للمعلومات عن تنقلاته بذريعة مراقبة مخالفات السير أو غيرها، فالأمر يتجاوز سنّ القوانين المشبوهة إلى استغفال المواطن أولاً وإلى معاقبته على غباء القوانين ثانياً، فكأنّ القانون لكي يطبّق لا مانع من أن يكون مليئاً بالثغرات كغربال!

الإحتفاء باختراق القوانين ليس هو الهدف. والحديث عن أناس يتجاوزون القانون من فوق، لا فائدة منه، فالجميع يعلم أنّ بإمكان سيارات مسؤولين معينين تجاوز كلّ الإشارات والكاميرات والرادارات إن عبر تقنيات في سياراتهم تشوش دون أن تلحقها عقوبة السنتين حبساً وغرامة العشرة ملايين ليرة، أو عبر عضلات تحمل السلاح من نوافذ السيارات ولا تجرؤ تقنية أو لجنة نيابية أو وزير على اللحاق بها. وما أكثر المسؤولين في لبنان!

المراجعة الشاملة مطلوبة في سنّ أيّ قانون جديد كي لا يتم اللجوء إلى استدراك الغباء بإرهاب، فالقوانين ستبقى... لكنّ محاولة المواطن لاختراقها ستبقى كذلك مهما كانت العقوبات، فحلم كلّ مواطن أن يكون مسؤولاً لا يعنيه النظام بشيء في جميع الأحوال سوى في تطبيقه على الضعفاء والإستقواء عليهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين


.. السودان.. طوابير من النازحين في انتظار المساعدات بولاية القض




.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب للمطالبة بعقد صفقة تبا