الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحياة والموت

صاحب الربيعي

2010 / 11 / 15
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تعدّ الحياة محطة من محطات الروح التي تنتقل من عالم إلى آخر ومن جسد إلى آخر لأنها لا تفنى تؤدي رسالتها في الكون بعدّها من خاصة السماء أما الجسد من خاصة الأرض فهو فانياً. وحين تتخلى الروح عن مسكنها في الجسد، فإنها تلبي نداءاً سماوياً لأداء رسالة أخرى في جسد كائن آخر أو عالم آخر.
تعدّ الأماكن والعوالم التي تشغلها الروح في جسد كائناتها المختلفة رسالة سماوية تختبر خلالها الروح، فإما أن يعتلي شأنها بالأعمال الخيرة التي يؤديها الكائن في محطة من محطاتها العمرية وأما أن يتدنى شأنها بالأعمال الشريرة التي يؤديها الكائن. لذلك يمكن عدّها قدراً يصعب على النفس تخطيه، فهناك كائنات تنال حظاً يفوق امكاناتها المتدنية في كل مجالات الحياة، وكائنات لها امكانات عالية في كل مجالات الحياة لكنها تعاني سوء الحظ.
إن الإرتقاء بمرتبة الروح لا يتعلق بمحطة ما من حياة البشر لأنها من خاصة السماء، ومن ثم فإن محطات عمرها لا تقاس بالزمن الأرضي وإنما بالزمن الكوني الذي هو الآخر لا تتطابق محطاته العمرية مع الزمنية. وحين تنتقل الروح إلى عالم وجسد آخر تقاس محطات عمرها بزمن العالم الجديد وما خطته الحياة من عدد محطات عمرية للكائن الجديد.
يرتبط مغادرة الروح عالم الجسد برسالة سماوية فكلما أنجزت الروح مهامها في جسد ما غادرته إلى عالم آخر، ففناء الجسد يقابله خلق جديد ورسالة جديدة تؤديها الروح. لأن الأرواح كائنات سماوية محدودة العدد ومتوازنة في عوالمها الكونية غير المحددة، فالروح تارة تسكن في جسد مخلوق بشري وتارة أخرى في جسد مخلوق حيواني وتارة ثالثة في جسد مخلوق كوني في عوالم كونية متباينة.
لذلك لا يمكن عدّ الموت فناء للروح وإنما فناءاً للجسد وأداءاً لرسالة وعالم محطاته العمرية انتهت مع مغادرة الروح، وهو بداية لعالم آخر وأداء رسالة أخرى. ومن يدرك ثنائية منظومة الجسد والروح يعي غائية الحياة ويدرك رسالة الروح الأزلية، بدليل أن المولود الجديد في عالم الحياة يستقبلها بالبكاء لأنه يدرك مسالك روحه المنتقلة من عالم إلى آخر.
كذلك الأمر حين تغادر الروح من جسدها إلى عالم آخر، الكثير من البشر يدركه البكاء لأنه لا يعي مسار روحه الجديد. أما العلماء والفلاسفة الذين أكملوا أداء رسالتهم في الحياة يدركون آلية عمل الروح ورسالتها الكونية فيبتسمون إلى الموت، بعدّه عالماً آخر يدركون مساره القادم.
يعتقد (( منذر حلوم )) " كثيرون يبتسمون حين يدركهم الموت، لكن لا أحد يبتسم حين يدرك الحياة أما من يبتسمون كثيراً فهم صنف آخر من البشر لا أعرف عنهم إلا القليل ولمن سيعترض دفاعاً عن إبتسامة الحكمة أقول ليس بينهم حكماء ".
إن الكائنات البشرية في الحياة لا تتنافس على أعمال الخير وإنما على أعمال الشر. لأن أرواحهم معاقبة من السماء، فتدنت مراتبها الكونية العليا لتسكن الأرض الأدنى وجسد الكائن البشري الذي يعدّ الأقل شأناً من الكائن الكوني. فإما أن تصلح الروح ذاتها بأعمال الخير لترتقي مرتبتها ومن ثم تغادر الجسد البشري إلى كائن كوني أكثر رقياً وعالم كوني آخر، وإما أن تقل مرتبتها بأعمال الشر فتسكن جسد حيوان في عالم الأرض عسى أن تكفر عن خطاياها ليعتلي شأنها ثانية. وهكذا يستمر العقاب وتدني مراتب الروح إلى كائنات أقل حتى تسكن جسد الشياطين، فتصبح أعمالها شيطانية تضر بالكائنات والعوالم المحيطة ولا تعرف أعمال الخير ويتدنى شأنها لتصبح روح شريرة من خاصة الشياطين.
تقول حكمة صينية : " إنه من ترقب موت غيره ليأخذ حذاءه يبقى أبداً حافي القدمين ".
يؤدون كثيراً من البشر دور ما في الحياة يرسمه الأخرون لهم من دون أن يقرروا بأنفسهم مسالك الحياة، فتبقى روحهم أسيرة عقابها ومراتبها المتدنية. وحين يدركهم الموت تنكشف أمامهم محطات العمر ويدركون زيف أعمالهم ومرتبة أرواحهم المتدنية، ليصبح مسارهم الجديد مجهولاً وتنال أرواحهم مزيداً من العقاب السماوي حتى تتطهر من ذنوبها ورجسها الأرضي.
يعتقد (( منذر حلوم )) " أن كثيراً من البشر يصفق للموت كما يصفق للحياة، ويصفق للخيانة كما يصفق للوفاء، ويصفق للقوة كما يصفق للضعف ".
إن الحياة والموت محطات عمرية لعالم أرضي تؤدي خلالهما الروح رسالتها وتقضي عقوبتها السماوية بعدّها كونية من خاصة السماء تدنست طهارتها بأعمالها السيئة، فعاقبتها السماء بخفض مرتبتها من عالم كوني إلى عالم أرضي ومن جسد مخلوق كوني إلى جسد مخلوق أرضي.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ناشطون في كورك الأيرلندية ينظمون فعاليات دعما لفلسطين


.. كاميرا الجزيرة توثق استهداف الاحتلال سيارات الإسعاف في حي تل




.. الجيش الإسرائيلي يدمر منزلاً على ساكنيه في مخيم البريج


.. اليمين المتشدد في صعود لافت في بريطانيا قبل انتخابات يوليو ا




.. مرشح الإصلاحيين في إيران يتعهد بحذر بوقف دوريات الأخلاق