الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عباس بن فرناس وورقة التوت الأخيرة

حسين أحمد أمين

2010 / 11 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أثار إعلان مصري تافه يسخر من محاولة عباس بن فرناس الطيران إلى السماء بجناحين عاصفة كبير من غضب الشباب المسلم على اكبر شبكتي تواصل اجتماعي في العالم وهم فيسبوك وتويتر . وقد سبب هذا الإعلان حرجاً بالغا للشركة التي أنتجته دفعها تملقها الرأسمالي وخوفا من حملات المقاطعة ورغبة منها أيضا في إبداء احترامها الشديد لمشاعر عملائها بوقف عرض الإعلان على القنوات الفضائية وقناتها على اليوتيوب .


لا يستطيع احد اللوم على موقف الشركة المنتجة للإعلان فعنصر المنفعة والذي يتحكم في العصر الحديث بشكل كامل هو الذي فسر سلوكها في البداية حينما أرادت الاستهزاء بشخصية حالمة ذات فكر فذ سابقة لعصرها كمحاكاة فاشلة لحملات الدعاية لشركة المحمول المنافسة لها ثم سحبها الإعلان بعد أيام قليلة فقط من عرضه لكسب ود عملائها وخوفا من غضبهم وما سيتبعه من تكبد لخسائر اقتصادية كبيرة للشركة

أما الموقف الذي يستحق الوقوف عليه هو موقف المسلمين تجاه هذا الإعلان وتجاه شخصية لا تعد شخصية دينية ولا تمس للإسلام بصلة اللهم باعتباره احد الأشخاص الذين عاشوا في خضم الدولة الإسلامية والتي امتدت لقرون طويلة
اعتقد بل أكاد أجزم أن السبب الحقيقي لتلك المهزلة هو الشعور بالفارق الرهيب في التقدم في شتى المجالات بين المسلمين الذين يتحدثون العربية وبين الغرب ولم يعد لهؤلاء المتأخرون سوى الإعجاز العلمي والتباكي على حضارة علمية إسلامية كورقة التوت الأخيرة التي يسترون بها عورتهم . ولذا لم يعد غريبا أن تجد الهجمات الاجتماعية الضارية ضد كل من يحاول كشف زيف الإعجاز العلمي أو زيف الارتباط بين الإسلام وبين الحضارة العلمية . وليس غريبا أيضاً أن نجد أكثر من ألف شخص في صفحة واحدة فقط على فيسبوك أشاروا بإشارة الإعجاب لاعتذار الشركة لعباس بن فرناس وأكثر من ذلك أنهم طالبوا الشركة بإنتاج إعلان موازي يعيد كرامة عباس بن فرناس !!

أما عن عباس بن فرناس فلو عاش في عصرنا هذا ربما كان يلقى حتفه على يد أحد نفس المتحمسين له في تلك القضية فهو مثله مثل الكثير من العلماء في تلك الحقبة والذي لاقى الأمرين بسبب زندقته أو اتهامه بالتكفير من الجهال


وإذا تتبعنا أخبار بن فرناس نجد أنها لا تختلف كثيرا عن العلماء الذين عاشوا في عصره أو في كل العصور وقد اخترت أن ألمع لأحد هذه الأخبار والتي وردت في كتاب المغرب في حلي المغرب مراجعة شوقي ضيف

ذكر ابن حيان: أنه نجم في عصر الحكم الربضي، ووصفه بأنه حكيم الأندلس الزائد على جماعتهم بكثرة الأدوات والفنون، وهو مولى بني أمية وبيته في برابر تاكرتا وكان فيلسوفاً حاذقاً، وشاعراً مفلقاً، وهو أول من استنبط بالأندلس صناعة الزجاج من الحجارة، وأول من فك بها كتاب العروض للخليل، كثير الإختراع والتوليد، وكان صاحب نيرنجات* واسع الحيل((( حتى نسب إليه السحر وعمل الكيمياء، وكثر عليه الطعن فيدينه، واحتال في تطيير جثمانه، فكسا نفسه الريش على سرق الحرير، فتهيأ له أن استطار في الجو من ناحية الرصافة، واستقل في الهواء، فحلق فيه حتى وقع)))
على مسافة بعيدة . وقال فيها مؤمن

يطم على العنقاء في طيرانه إذا ما كسا جثمانه ريش قشعم


وتوفي في أعقاب أيام محمد بن عبد الرحمن سنة أربع وسبعين ومائتين. فتداول صحبة السلاطين الثلاثة، ومدحهم أجمعين. وعمل المنقانه لمعرفة الأوقات، ورفعها للأمير محمد. ونشأ بينه وبين مؤمن بن سعيد مهاجاة، فأفحش الأثنان**

، ومن قول ابن فرناس فيه

ترى اثر الاعراد في جحر مؤمن كاثار قضب في رماد مغربل



-------

صاجب نيرنجات : كانت احد الجمل التحقيرية في الماضي وتشبه بمفهوم اليوم الأعمال ولكنها لا تستخدم لإيذاء الأخرين ولكن تسخير القوي السماوية لتحقيق منافع ارضيه ولا نبدي استغرابنا من ذلك حينما ان نعلم ان فقهاء الإسلام قد خلطوا بين الكيمياء والسحر ولابن تيميه فتوى شهيرة في هذا الشأن


أفحش الأثنان : أفحشا في القول








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - احفاد ابن فرناس
سلام هادي ( 2010 / 11 / 19 - 11:17 )
الاستاذ حسين المحترم هناك سؤال يطرح نفسه تلقائيا الايوجد احفاد لابن فرناس في هذا الزمن ؟ انا اعتقد انه موجودون بكثرة ولكنهم لايطيرون بحكم نظرية التطور المعكوسة لديهم ولكن اين هم ؟! هم اخترعو طريقة جديدة للطيران الى السماء فبدلا ان يطيرو باجسادهم او بجثامينهم كما يقولون يكتفو بتركها في الارض محروقة بواسطة الاحزمة الناسفة التي يلفوها على بطونهم وعلى صدروهم وبضغطة بسيطة على زناد التفجير لاترى منهم شيء الا وروحهم قد ذهبت الى السماء لتتعشى مع الرسول كما يقولون والمشكلة الفنيه في هولاء الاحفاد انهم لايطيرون لوحدهم كما كان يفعل جدهم ابن فرناس بل هم يطيرون معهم مئات الارواح البريئة التي لاتريد الطيران ولكن هم مصممون على االطيران معهم بالقوة في هذه النزهة الابدية الدموية الوهابيون والقاعدة هم احفاد ابن فرناس وابطال الطيران هم الانتحاريون والجمهور المسكين المتواجد في الاسواق والكنائس والمساجد تحياتي الحارة اليك

اخر الافلام

.. من يدمر كنائس المسيحيين في السودان ويعتدي عليهم؟ | الأخبار


.. عظة الأحد - القس تواضروس بديع: رسالة لأولادنا وبناتنا قرب من




.. 114-Al-Baqarah


.. 120-Al-Baqarah




.. الرئيس #السيسي يستقبل سلطان البهرة ويشيد بدور الطائفة في ترم