الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقل الإسلامي كمعطى ثابت

ثائر الناشف
كاتب وروائي

(Thaer Alsalmou Alnashef)

2010 / 11 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يسود الظن والاعتقاد لدى عموم المسلمين، أن العقل معطى ثابت من السماء، غير متحول في إدراكه للذات الإلهية وفي تفكيره أو تدبره للأحكام والقواعد الشرعية، وهذا العقل المعطى استثناءً للإنسان، ينبغي عليه أن لا يتبدل ولا يتغير، فهو ثابت ثبات الإيمان في القلب، وكل تبديل أو تعديل أو تغيير، باتجاه السلب أو الإيجاب له من الأثمان ما يتوجب على الإنسان تأديتها عاجلاً أم آجلاً .
فمخالفة هذه القاعدة، قاعدة أن العقل معطى ثابت، لا تنطوي على جدل مفتعل، قدر ما تنتهي في متاهات لا يمكن الخروج منها بنتائج محددة، ولعل المعنى الدلالي لهذا "المعطى الثابت" أن الإنسان لا يفترق عن الكائنات الأخرى، سوى بعقله، حتى أن السلوك يتطابق أحياناً بين الإنسان والكائنات، مثلما تتطابق الغرائز، إلا العقل فهو (المعطى) الوحيد الذي افترق فيه الإنسان على غيره من الأحياء .
وسبب هذا الافتراق عن الكائنات، بحسب ذاك المعطى، هو تفضيل الإنسان، ورفعه مقامات ودرجات عن باقي الأحياء، مقابل أن لا يتحول عقله إلى وجهة لا يرضاها الخالق .
لكنه، عندما يبقى العقل باتجاه واحد، فهذا يعني أن العقل هنا، أقل إنتاجاً وتوظيفاً للموارد التي توفرها الطبيعة، وبالتالي تصبح حركته الاستدلالية محصورة بزاوية حادة، لا يستطيع تجاوزها أو الانفراج عنها، وبذات الوقت، يبقى أسيراً لمشاهداته وملاحظاته الضيقة التي تتكرر على مدار الزمن، دون أن يضاف عليها أي جديد .
فالعقل في الإسلام، لم يخرج البتة عن تلك القاعدة، بل هو لا يستطيع الخروج عنها، ليس لأنه لا يملك البديل المناسب، إنما لأنه سيغرق في دوامة عاصفة أشد من دوامة الخيال التي يسبح فيها.
إن جملة الخيالات التي يغرق فيها العقل الإسلامي، يمكن حصرها بسبب واحد، هو كون العقل معطى ثابت، هذا السبب كما بينا أعلاه، يضعنا أمام متاهة، مقدماتها الأساسية تسلم بداهة بثوبتية العقل، ونتائجها مفارقة لمقدماتها، حيث أنه لا يمكن للعقل أن يكون ثابتاً ثباتاً دائماً إلا في لحظتين لا تدومان طويلاً.
• لحظة التنزيل ( تنزيل الوحي )
• لحظة الغرس ( غرس القيم والثقافات )
خارج هاتان اللحظتان، وبعد أن يجري التسليم بهما صراحة، على اختلاف الآراء والمعتقدات التي تؤكد أو تنفي حدوثهما، يظل العقل في حركة استدلالية مستمرة لا تعرف الثبات، مثله مثل القلب الذي لا يعرف الثبات إلا في حالة الموت، فكيف للعقل أن يبقى ثابتاً ثباتاً يتحرك باتجاه واحد؟.
قد يكون العقل ثابتاً بحق، وفقاً لمنظور القاعدة السالفة، لكن ثباته هنا محصور بالإنسان، أي بالعطاء والمنح للإنسان وحده دون سواه من الكائنات، أما القول بثبات حركته طبقاً لثبات ذلك المعطى، لئلا يغرق في دوامة الشك ، ولئلا يحلل الظواهر ويفسرها على هوى النفس بما يخالف قواعد الشرع والنص، فإن في ذلك إبحاراً في عوالم الخيال، من شأنه أن يُغرق العقل في توهمات النفس وخيالاتها.
فعندما يجري الاستشهاد بعديد النصوص، للدلالة على أولوية العقل في الإيمان، فإن استشهادها غالباً ما يجري في سياق النص، ليأتي تفسيرها وتأويلها ضمن ذلك السياق، وأداته العقل، بحيث أن كل تأويل خارج عن السياق، يعني خروجاً عن النص، فما دام النص معطى ثابت، فإن التعاطي معه، وفقاً لقواعد الشرع، يجب أن يكون بذات المنهجية.
بهذا يغدو العقل أمام مقدمتين كبريين نتائجهما ليست نهائية، فإما أن يكون ثابتاً بثبات النص، أو أن يكون متغيراً، متقلباً، بتغير ظواهر الأشياء وبواطنها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن خلال حفل -شهر التراث اليهودي-: الحرب على غزة ليست -إبا


.. -الجمهورية الإسلامية في #إيران فرضت نفسها في الميدان وانتصرت




.. 232-Al-Baqarah


.. 233-Al-Baqarah




.. 235-Al-Baqarah