الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعور بالنقص عند المتدينين

أيمن رمزي نخلة

2010 / 11 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في كل وقت وكل مكان، دائماً تجد المتدينون يُقسمون بالله العظيم. وفي النداء للصلاة يقولون: اللهُ أَكبر. أي أن المُصلين يُقِّرون بصغرهم، أو بعدم قيمتهم بجانب عظمة الله. مِن أسماء الله ـ الدائمة التكرارـ الأعلى والمُهيمن، وهو على كُلِ شيء قدير.
والسؤال: أين قيمة الإنسان؟
أو ما هي جدوى الإنسان مِن حياته على الأرض؟
يَنظر المتدينون إلى قيمة الإنسان على اعتبار أنه لا يساوي شيء. لا قيمة للإنسان، فدائماً التأكيد على أن الإنسان مَخلوق مِن تراب، ودائماً لسان حاله كما قال أحد أنبياء العهد القديم في يأسه وكآبته: مَن هو الإنسان حَتى تَذكره يَا ربْ!!!
أو حين يُطلق النبي داوود في مزاميره على الله: "الجَبارُ القَدير".
وحين تَقرأ في الإنجيل على لِسان الرسول يعقوب: الإنسان بُخار يَظهر قليلاً ثم يتلاشى. وهنا ترى معظم المفسرين ورجال الدين يؤكدون على دُونية الإنسان، إذ لا قيمة للإنسان، ولا أعمال الإنسان، ولا جَهده ولا نشاطه.
ونتيجة لذلك فإن أغلب المجتمعات المُتدينة لا تُعطي قيمة لتَعَلم الإنسان ولا صُنعه لمُخترعات تفيد البشرية.
• الله أصغر
يقول الأب هنري بولاد اليسوعي في كتابه اللهُ غير ما نتصوره: "اللهُ أكبر. . أكبر مثل ماذا؟ وإلى أيّ مدى هو كبير؟ هل هو كبير في حجم هذا العمود، أم أكبر منه؟. . . قد يكون كبيراً كالمسافة بين الأرض والشمس. بالتأكيد هو أكبر مِن كل هذا".
الحقيقة، أنا أيضاً لا أعرف مقدار الحجم والعمق الذي يحاول أن يصفه كل مَن يريد إدراك قيمة الله، كما أنني لا أتناول ـ في هذه المقالة ـ طبيعة الله، لكنني فقط أنظر إلى مقارنة المفسرين وتطبيقاتهم العملية بين الله وبين الإنسان وخاصة في عالمنا العربي والشرق أوسطي!!!
والتفسيرات المادية لسِعَة كُرسي الله مثل حجم السموات والأرض؟ هل هو على العرش الكبير المهول استوي؟ وتكون النتيجة أن الإنسان لا قيمة له وقتها أمام عرش الأكبر المُهيمن.
أيّ تفكير مَادي هذا يَجعل الله يتزايد عظمة أمام صِغر وضَعف وتحقير الإنسان؟؟؟
إنها علامات استفهام.
يُضيف الأب بولاد في مقالته المعنونة "الله أصغر" قائلاً: "ثمة مسافات مادّيّة ومسافات روحية. . . الله ليس أوسع مِن كل ما هو واسع، ولا أكبر مِن كلّ ما هو كبير، لكنه النقطة المركزية التي يتمحور عليها الكون".
آه مِن تلك النظرة يا عزيزي التي تزيد كل يوم في عظمة كينونة الله وتقلل مِن تحقير الإنسان.
آه مِن تلك النظرة التي تبني كل أفعال التخلف الإنساني وانحطاط المجتمع على "قضاء وقدر" الله الأكبر والأعظم.

• أُميّة الأنبياء
لاحظ الآن مَدى انتشار الأمية في العَالَم الذي يدّعي التدين، ويقول أن الدين هو الحل!!!
ـ وكم تتزايد المشكلة حين يُعَظِم أغلبية المسلمون ـ حتى لو لم يكن هذا الأمر صحيح ـ أمية نبي الإسلام محمد، على أساس أن جهله بالقراءة والكتابة يُعطي للقرآن إعجازاً لُغوياً يفوق الكتب المقدسة للديانات الأخرى.
ـ والحال كذلك عند أغلبية مسيحيي الشرق ـ المُدّعين التدين ـ عندما يتفاخرون ببساطة صناعة السيد المسيح الرجل النجار الفقير.
وتكون النتيجة النهائية ازدياد أُمية أعداد المسلمين والمسيحيين المتدينين في عالمنا العربي الذي يُعظم أمية وبساطة أنبياءه، مما يُقلل مِن قيمة الإنسان العربي المتدين، وتكون النتيجة صِغر وضآلة أتباعهم، وتدني المستوى العِلمي والحضاري بالمقارنة بأتباع الفكر اللاهوتي والفقه الذي يُعظم قيمة الإنسان العابد في منظومة العبادة بحُرية مَجد أحباء الله وليس عبيده المستضعفين.

• رقي الإنسان في المجتمعات العَلمانية الراقية
ـ حين ابتعدت الدول المتقدمة الراقية عن تَغييب الطقوس الدينية وحُكم وتسلط رجال الدين وسيطرتهم على العلم، وعدم توظيف الدين وربطه بالعِلم.
ـ حين توقفت أوروبا عن دراسة الإعجاز العِلمي في التوراة والإنجيل.
ـ حين أصبح الدين علاقة شخصية بين الإنسان وإلهه.
وقتها تقدمت هذه الدول الراقية وأصبحت أفضل عِلمياً، وتفوقت تكنولوجياً.
وأصبح الإنسان في هذه الدول أكثر رفاهية، وأكثر سعادة.
هناك بدأت العبادة للإله مِن القلب والعقل وبوعي، وليست مجموعة مِن المظاهر والطقوس عديمة القيمة مثل مجتمعاتنا المتأخرة.
• ماذا عن "حديث الذبابة"، وتخلفنا الحضاري في كل المجالات!!!! حين ربطنا بين خرافة الحديث الشريف للذبابة والإعجاز العلمي في مثل هذه الأحاديث لنبي الإسلام. وقتها تعامل معنا العالم الخارجي كما يتعامل مع الذباب، وقام بإعطائنا وبإرادتنا المبيدات المتسرطنة.
• حين تعاملنا مع "بول الإبل" أنه دواء وشفاء لأنه سُنة مذكورة في كتب الصحاح، وربطنا هذا بالوحي الذي يوحى، وقلنا وما ينطق الرسول الكريم عن الهوى. وقتها قبلنا ـ بكل فرح وترحاب على أساس أنه القضاء والقدرـ أن نَشرب الماء المُلوث، وسمينا هذا التلوث: شر القدر والمفروض أن نقبله مؤمنين، خاضعين، خاشعين، شاكرين، ومهللين بحمده تعالى. فالأعلى أراد، والعظيم سمح بهذا، فلا اعتراض على أفعال الأكبر. لكي لا تقذف بقنابل التكفير في زمن اللا تفكير.
• والأمر ليس ببعيد عن مجتمعنا المسيحي العربي الذي لا يزال يتمسح في صور القديسين ويصدق الزيت المقدس النازل مِن الأيقونات.
• الأمر في كنائسنا ليس بعيد عن كَمْ الخرافات والخزعبلات التي تقدس التراب الذي سار عليه هذا الراهب أو ذاك، ويوزعه بعض الكهنة الأسياد ليشربه الكثيرين مِن ناقصي العقل في كوب ماء ليشفي أمراضهم.
• وليس غريباً ذلك التوجه الذي يتخذه بعض الوعاظ البروتستانت في عالمنا المُغيب سواء مِن الموجودين فيه أو القادمين عبر شاشات الفضائيات والذين يطالبون المرضى بأن يضعوا إحدى يديهم على المرض واليد الأخرى على التلفاز ويسمعوا صلاة مسجلة في استوديو هذه الفضائية أو تلك مِن الفضائيات البروتستانتية الغربية المستوردة.
• الأمر ليس بعيد عن مجموعة مِن كُتابنا المسيحيين في القرن الحادي والعشرين الذين لا يزالوا يتمسكون بالإعجاز العلمي في الكتاب المقدس. واستمراراً للمُضحكات المُبكيات في إطار تدني مستوى المتدينين العرب، تجد أنه بعد ظهور نظريات علمية دائماً يفسرونها في ضوء الكتاب المقدس أو القرآن الكريم.
إنها أسئلة يا عزيزي القارئ!!!!!!
الآن، هل عرفتم لماذا غالبية سكان عالمنا العربي المتدين تعاني مِن الشعور بالنقص أمام الله الأكبر والجبار؟؟؟
وإلى لقاء قادم لتوضيح مظاهر الشعور بالنقص عند المتدينين.

مع كل تحياتي
أيمن رمزي نخلة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الله اراد ان نكون كاملين
علي سهيل ( 2010 / 11 / 24 - 03:16 )
العرب المسيحين جزء من مجتمعهم العربي الواسع، وكلما تخلف مجتمعهم تخلفوا ايضا، وكلما زاد التطرف تقوقعوا وانعزلوا، ولكن الله هو الآب الحنون وهم ابناءه، والعلاقة بين الآب والابن هي علاقة محبة وليست علاقة تكبر وتجبر، ونلاحظ بأن صفات الله توجد ايضا عند الانسان، لان الله خلق الانسان في التوراة على صورته ومثاله وفي القرآن على أحسن تقويم، ولا يوجد تناقض بين المخلوق والخالق بل يوجد تكامل، لان الله الكلي الطهارة الودود المحب القدوس لا يخرج منه إلا المقدس واما الانسان هو الذي اراد لنفسه ان يلعب دور العبد الخاضع، الله خلق الانسان حرا ولكن الانسان هو الذي استعبد وقتل واستغل وسبى اخاه الانسان، الخالق اراد ان نكون كاملين (-† 48فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات هو كامل (مت 5 : 48) الله أراد ان نكون صغارا وجهلاء باعمال الشر فقط اما في العقل (-† 20أيها الإخوة ، لا تكونوا أولادا في أذهانكم ، بل كونوا أولادا في الشر ، وأما في الأذهان فكونوا كاملين (1كو 14 : 20)، المتدين لا يشعر بالنقص بل يحاول ان يصل للكمال لان الله يرزق الابرار والاشرار ويمطر على المؤمنين والكفار، ويكون حجر الزاوية.

اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب