الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعبٌ اختل توازنه

مرثا بشارة

2010 / 11 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



مسيحيون يتظاهرون و يعتصمون بالكنائس ضد الحكومة ، مسلمون يهددون و يتوعدون بغزو الكنائس و حرقها لنجدة من تأسرهم الكنيسة الطاغية خلف أسوارها بعد تاسلمهم – كما يزعمون –
دنيا تثور و لا تهدا بسبب تصريحات رجال الدين ،...... وغيرها الكثير مما ستحمله الأيام من أحداث ،
انه حقا شعب اختل توازنه و أصبح أسير كل ما تروجه له وسائل الإعلام المختلفة من شائعات ، بدء من الجريدة اليومية ( صفراء أو حتي ملونة حسب الطلب ) و حتي الانترنت بمواقعه التعصبية الهدامة ،
لقد غاب التفكير السليم عن العامة ، بل و أيضا عن من يدعون العلم و الثقافة ، و أصبحت النزعة الدينية التعصبية هي المحرك الأول للفعل و رد الفعل ، فإذا ما اُشيع تاسلم امرأة مسيحية هاج و ماج المسيحيون و اعتصموا بالكنيسة لحين أن تبّت لهم الكنيسة في الأمر و تطمئنهم علي مسيحيتها ، و كأنه ليس شان شخصيا لا يعني سوي صاحبة الشأن ، متناسين أن فاحص القلوب و كاشف خبايا الأفكار ، لا ينظر سوي للقلب و لا يقبل سوي إيمانا ناتج عن الاختيار بإرادة حرة ، و ان لهت وحده حق محاسبة الإنسان علي اختياراته - هذا ما تعلّمه المسيحية التي يُحسب عليها هؤلاء المتظاهرون اسما لا فعلا - ،
أمر أخر يتجلى فيه غياب التفكير السليم ، و هو السعي لبناء الكنائس سرا في الخفاء كاللصوص و السارقين ، دونما السعي لتغيير القوانين المجحفة الغير عادلة و المطالبة جهرا و علنا بشكل قانوني منظم الفكر و محدد الأهداف ، بحق كل مسيحي في بناء دور العبادة طالما هناك الحاجة لذلك ،

و كنتيجة متوقعة لذلك يحدث الهجوم علي الكنائس و اقتحامها بذريعة أن بناءها غير قانوني ، و إذا ما لم يتمكن المتعصبون من هدم أو حرق الكنائس ، يبنون و بدون أي شروط أو قيود بل بدعم من الحكومة مسجدا في مواجهة الكنيسة اكبر مساحة و أكثر فخامة و علو ، لا للوحدة الوطنية كما يدعون في الإعلام المنمق ، بل لإغاظة المسيحيين ، و هكذا يتبارى الطرفان في إنشاء الكنائس و المساجد و اقتناص أتباع جدد من هنا و من هناك ، و لا يهم إذا مات هؤلاء أو أولئك جوعا و فقرا و مرضا ، فإنفاق المال الوفير بسخاء علي دور العبادة أهم من إنشاء مستشفي لعلاج مريض لا يجد ثمن العلاج ، و أهم من مسكن يأوي سكان الخيام من شمس حارقة أو برد قارص و يشعرهم بآدميتهم التي أكلها الفقر ، أهم من إنشاء مدرسة مجهزة ومتطورة لتُخرج أطفالنا من ظلام الجهل .
لست أطالب بوقف بناء دور العبادة ، بل أطالب بوقف استغلال منابر دور العبادة لتغييب الناس و منعهم عن التفكير الحر السليم ، بل و الأخطر هو إثارة النعرة الطائفية التعصبية بحجة نصرة الدين و الدفاع عنه و لو بتشويه الأخر .
و هنا نتساءل ، هل وضعت الأديان لهلاك الإنسان أم لحياته ، للحب و الإخاء أم للفرقة و العداء ، للخير و السلام أم للحروب ، ألا يريد الرحمن سبحانه لبني البشر علي اختلاف أجناسهم حياة ؟ ، حياة أفضل ؟
السنا بحاجة لحفنة راحة من تلك الصراعات ؟ السنا شعب اختل توازنه من جراء التعصب و مقت الآخرين تحت راية الدين ؟ لقد أصبح الدين هو الهوية و القومية بدلا من أن يكون علاقة شخصية بين خالق محب رحيم و مخلوق يشحذ كل طاقاته و إمكاناته ليقدم للجميع حبا و يحدث بالحب فرقا في حياة الآخرين ، دعونا اليوم جميعا مسيحيين و مسلمين أن نسترد توازننا المفقود بالعودة لاستخدام أعظم الهبات التي توجنا بها الخالق الحكيم علي سائر المخلوقات ، دعونا لإعمال العقل و التفكير السليم لنستغل أوقاتنا و طاقاتنا في بناء مجتمعنا بدلا من هدم و تدمير الإنسان لأخيه الإنسان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الوحدة لمواجهة مخططات السلطة في بث الفرقة
فيصل البيطار ( 2010 / 11 / 25 - 03:45 )
السلطة غالبا سيدتي ما تستخدم نوازع الدين لبث الفرقة في أوساط المجتمع وخلق معارك وهمية تبعد الأنظار عن توحشها في إستغلال كافة كادحي الوطن من مسيحيين ومسلمين وبهائيين وغيرهم ... ما شد إنتباهي مساء الأمس، هو ما نقله مراسل البي بي سي العربية في القاهرة من أن متظاهرين من االمسلمين خرجوا بإتجاه منطقة الحدث متضامنين مع أخوتهم المسيحيين وهم يهتفون بشعارات وحدة الهلال مع الصليب وهي نفس الشعارات التي سارت تحت ظلها تظاهرات 1919 .
على جميع أبناء الوطن التوحد في النضال من أجل تحسين الأوضاع المعيشية التي يعاني الناس من ترديها على كافة أديانهم وطوائفهم ... رأس المال وسطوته في تعبيراته البوليسية لا يميز بين مسيحي ومسلم ، وعلينا أيضا ألا نميز ونتوحد جميعا لمواجهة سطوته القمعية وتعبيراته القانونية الداعية لبث الفتنه وشق صفوف الشعب الكادح .
بل ندعو إلى إيقاف بناء الجوامع ليس في بلدك فقط ولكن في بلدي أيضا وتوجيه تلك الأموال المصروفة عبثا بما يخفف من وطأة أزمة سكن الفقراء والبطالة والضمانات الصحية والإجتماعية ...


2 - هل مصر دولة قانون؟؟؟؟
Anir Baky ( 2010 / 11 / 25 - 05:11 )
أختلف معكى سيدتى فى بعض نقاط الطرح. لو أن الأقباط سلبيون و لم يطلبون بقانون موحد لدور العبادة و لجأوا لبناء كنائس أسوة بأخوتهم بالوطن بطريقة مخالفة فكلامك صحيح. فمماطلة الحكومة فى مناقشة هذا القانون هو السبب الرئيسى فى المشكلة. لو وجد الأقباط حماية من الشرطة عندما يهاجم البلطجية محلاتهم و منازلهم و يحرقونها ما لجأوا لأى أسلوب ترينه خطأ. لو الحكومة عوضت المضارين أو قبضت على الجناه ما تولد شعور الإضطهاد لدى الأقباط. لو حللتى جميع المشاكل ستجدى أن المشكلة فى الدولة و حكومة الحزب الوطنى. التظاهرات هى آخر شيئ يلجأ لها المواطن بعد أن قفلت أمامه كل السبل للوصول لحقوقة.


3 - لمقال في غير وقته
سامي المصري ( 2010 / 11 / 25 - 08:10 )
هذا المقال في غير وقته، كنت مستعد أن أوافقك عليه في وقت آخر. فالبذخ في بناء الكنائس أمر مرفوض بينما الشعب يجوع. ولكن هذا لا يبرر الجرائم التي ترتكبها الحكومة بسبب بناء كنيسة، ولا يبرر أن تمنع الحكومة التصريح ببناء كنيسة. التعصب الحكومي في مصر تفاقم يوم أن أعلن السادات أنه رئيس مسلم لدولة مسلمة متجاهلا لوجود الإنسان المصري بتعدد أديانه، وذلك واحد من أهم أسباب ظهور التعصب المضاد. الجرائم التي ترتكبها الدولة لقتل الأقباط لأنهم قاموا ببناء كنيسة عار يسجله التاريخ يَصِم هذا العصر بالعنصرية. ما حدث أمس بالجيزة من ترويع لمدرسة حضانة تابعة للكنيسة يمثل قمة الجبن والنذالة لحكومة عنصرية. النتيجة المروعة للهجوم الحكومي الهمجي الجبان أسفر عنه قتلى وجرحى دون سبب منطقي واحد. هل بناء كنيسة يمكن أن يكون سبب منطقي
لكي تقوم أجهزة الأمن بترويع الآمنين؟
أوافقك على الكثير من آرائك لكنها تحتاج لحنكة أكثر حتى تعرض في وقتها المناسب؛

اخر الافلام

.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو


.. 70-Ali-Imran




.. 71-Ali-Imran


.. 72-Ali-Imran




.. 73-Ali-Imran