الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المواصفات العامة للشخصية

صاحب الربيعي

2010 / 11 / 25
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لا يمكن عدّ الشخصية الذات الحقيقية وإنما بمثابة الوجه الآخر للذات الذي يرتضيه المجتمع والمنصاع إلى قيم عقلانية المجتمع، وليس سهلاً أن يظهر الفرد بذاته الحقيقية غير المنسجمة مع قيم المجتمع لأنه سيرفض اجتماعياً ومن ثم لا يمكنه التواصل مع الآخرين. لذلك يجب أن تكون شخصية الفرد مكتسبة لعضوية المجتمع ليجري التعامل معها بعدّها ذاتاً متفاعلة مع أقرانها فتقبل بقبولها للآخرين، على خلافه فإن الذات غير العضوية تعدّ ذاتاً منعزلة وغير متفاعلة مع أقرانها لرفضها الانصياع لقيم مجتمع العقلانية.
وليس بالضرورة أن تعكس كل ذات شخصيتها المزيفة ليجري قبولها في المجتمع، ولا يمكن قسر الذات على لبس قناع يرتضيه المجتمع ليعدّ الفرد كائناً عضوياً، لاختلاف حراك الفرد كثيراً عن ذي قبل فلم يعدّ بحاجة إلى اقامة علاقات مباشرة مع أقرانه في المجتمع ليكون كائناً عضوياً لأن عامل الزمن وتطور التقنيات ووسائل الأتصال المتنوعة جعل الفرد يستغني عن الاحتكاك المباشر مع الآخرين، ولم يعدّ شغله ارضاء المجتمع لقبوله عضواً فيه بعدّه كائناً عضوياً يكتسب الاعتراف بالذات من المجتمع.
إن آليات الحاضر وتقنياته ووسائل الأتصال والمعلومات المتباينة أصبحت الآليات البديلة للتواصل والحصول على المعلومات الهائلة لانتقاء الأفضل ليس بعدّه فعالاً في المجتمع وإنما بعدّه منتجاً معرفياً يمثل الواجهة المعرفية للتعريف بالمجتمع كله بعدّه مجتمعاً عضوياً في المجتمعات البشرية.
وبذلك فإن الشخصية لم تعدّ تقتصر على الذات لاكتسابها الاعتراف الاجتماعي وإنما أصبح لكل مجتمع شخصية ما يعبر خلالها عن ذاته الحضارية والثقافية والمعرفية لاكتساب الاعتراف به من المجتمعات البشرية ليس بعدّه شخصية مزيفة لذات محجوبة عن الواقع وإنما كتلة بشرية تسعى إلى المساهمة في الرفد الحضاري لتنال مرتبة معرفية أعلى لذاتها في سلم المعارف البشرية.
عموماً شخصية الفرد العضوي يجب أن تنال الاعتراف الاجتماعي وتقبل الانصياع إلى القيم العامة لمجتمع العقلانية شريطة أن تمتلك كل المؤهلات الذاتية للتواصل مع أقرانها على نحو مباشر أو غير مباشر لتحقيق ذاتها من خلالهم وتحقيق ذوات الآخرين من خلالها بعدّها شخصية مرنة تقبل بإشتراطات الواقع الاجتماعي.
يعتقد (( أ. بتروفسكي )) أن مواصفات الشخصية تتمحور حول المحاور التالية :
1 – " أن تكون ذاتاً لحياة خاصة وتقيم الاتصالات الحيوية مع الآخرين عن طريق الجوانب الجسدية، والسيكوفيزيائية، والنفسية، والاجتماعية... وكل ما يمت بصلة للعلاقة المتبادلة بين الإنسان ومحيطه الطبيعي الاجتماعي.
2 – أن تكون ذاتاً سهلة المعاشرة ولها تأثير متبادل، وتأثير انعكاسي في حياة الآخرين.
3 – أن تكون ذاتاً للنشاط المادي بعدّه كائناً فعالاً.
4 – أن تكون ذاتاً للوعي الذاتي بعدّها خاصية تكوينية للشخصية فهي مفهوماً للذاتية الواقعية، بوصفها لحظة من لحظات التشكل والانتقال إلى الحالة التي تجعلها تتناسب مع ظهور الشخصي في الإنسان ومفهوم الذاتية المنعكسة، فالذات الحقيقية لا يمكن أن تكون ذاتاً لأجل ذاتها، إضافة إلى أنها ذات لوجودها من أجل الآخر ".
تعدّ الغريزة الدافع الأقوى للإنسان للتواصل مع أقرانه البشر لأن غريزة القطيع الكامنة في الذات خلال ملايين السنيين أصبحت جزءاً من السلسلة الجينية المكتسبة من بيئة المحيط، لذلك ليست المصلحة المتبادلة مع الآخرين تدفعه بالأساس للتواصل بقدر ما الطبيعة الغريزة الكامنة في الذات التي تفرض سلوكاً موحداً على الآخرين الانصياع إلى غريزة القطيع للحفاظ على الذات ومن ثم القبول بكل قيم القيطع وأعرافه ليجري قبول الفرد عضواً في مجتمع القطيع.
إنسان الحاضر لم يعدّ يخشى على ذاته من قوى الطبيعة الخفية الذي توهم أنها تسعى إلى القضاء عليه من دون أن يتمكن قسرها على القبول به بعدّه أحد مكوناتها الأساس، لكن مع تطور العلوم والتكنولوجيا وتوسع مدارك الإنسان في فهمه لقوى الطبيعة التي لم تعدّ خافية عليه وشغله المتواصل على قسرها الانصياع لذاته وتجييرها لخدمته أزالت خشية الغريزة الكامنة في ذاته من الطبيعة ومحاولة مواجهتها بالانصياع إلى قيم مجتمع القطيع عن طريق تكتل الكائنات في مجموعات كبيرة لتوهم ذاتها أنها أكثر قوة على مواجهة قوى الطبيعة للحفاظ على ذاتها.
إن تفسيرات علم النفس للشخصية ودورها وفعاليتها في المجتمع تبحث في تأثير العوامل الظاهرة في الواقع على الفرد وما تتركه من أثر سلبي على سلوكها العام يتضررمنه الفرد والمجتمع معا، وفي الوقت ذاته تغفل دور العوامل الكامنة في الذات الإنسانية، الجينات والرواسب الكامنة، التي تعدّ المحرك الأساس للنزعات غير المرئية المنصاعة للواقع وما تفرضه من سلوكيات عامة بعدّها الأساس في تشخيص الحالة السوية للشخصية من غير السوية في المجتمع.
معظم الفلاسفة والعلماء عبر التاريخ سلوكهم العام كان مخالفاً لتفسيرات علم النفس في وصف الشخصية السوية بعدّها شخصية اجتماعية متفاعله مع أقرانها، على العكس تماماً عزلة الفلاسفة والعلماء عن المجتمع وعدم انصياعهم لقيم غريزة مجتمع القطيع منحهم القدرة على انتاج معارف علمية ساعدت في تحرير الذوات المنصاعة لغريزة مجتمع القطيع على التحرر وخلق عوالم جديدة متحررة من قيم الجماعة الموحدة التي تعيق بإلتزاماتها تطور أفرادها على نحو منفرد.
إن التطور الهائل للعلوم والتكنولوجيا الحديثة تسبب في تفكك منظومة القيم والمسلمات العلمية السابقة بعدّ شخصية الإنسان تكتسب الاعتراف من المجتمع كونها جزءاً غير منظور من شخصية المجتمع المنظور. على العكس تماماً أصبح المجتمع يكتسب الاعتراف بشخصيته من خلال شخصية أفراده المعرفية، وليس من كل أفراده بعدّهم كائنات منتمية إلى مجتمع القطيع. ومن ثم فإن المجتمع أخذ ينصاع على نحو ديناميكي إلى قيم شخصياته المعرفية بدليل مخترعوا البرامج الكمبيوترية رسموا ملامح شخصية أغلب المجتمعات وأجبروها الانصياع قسراً لقيمهم الشخصية وليس في مقدورهم بعد الآن مغادرة قيم الشخصيات المعرفية القليلة العدد في العالم بعدّهم كائنات مسيرة وليست مخيرة في رسم ملامح شخصياتها الذاتية وإلا فإنها تصبح خارج الواقع.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ناشطون في كورك الأيرلندية ينظمون فعاليات دعما لفلسطين


.. كاميرا الجزيرة توثق استهداف الاحتلال سيارات الإسعاف في حي تل




.. الجيش الإسرائيلي يدمر منزلاً على ساكنيه في مخيم البريج


.. اليمين المتشدد في صعود لافت في بريطانيا قبل انتخابات يوليو ا




.. مرشح الإصلاحيين في إيران يتعهد بحذر بوقف دوريات الأخلاق