الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إقتطاع أجزء من شمال البلد وضمها إلى دولة أجنبية!

ابرام شاهين

2010 / 11 / 28
القضية الكردية


إن المناطق التي تقع خارج الجزيرة العربية والتي دخلها الإسلام وبالتالي الثقافة العربية الجديدة الوافدة من الجزيرة العربية عن طريق ما عرف لدى كتاب التاريخ المسلمين بالفتح الإسلامي لمناطق الشام وموزوبوتاميا وبلاد فارس ومصر وشمالي أفريقيا ومناطق أخرى. فالمناطق القريبة من القوس التاريخية للعرب مثل الشام ومصر قد تم تعريبها وأسلمتها بالكامل تقريباً حتى تحول أهلها الأصليون من الذين رفضوا الذوبان في الثقافة العربية الإسلامية وحافظو على ثقافاتهم ودياناتهم مثل الأقباط والسريان والأكراد الإيزيديين منهم والذين أسلموا يعاملون كأقليات في بلادهم التي نتج عنها حالياً دول جديدة نتيجه الأحداث التاريخية الطويلة والمعقدة والساخنة التي شهدتها المنطقة, ونتيجة وصول التيارات القومية العربية إلى هذه الدول (سوريا والعراق ومصر مثلا) كان هناك شعور لدى هذه القوى والقوى الإسلامية التي كانت متفقة ضمنيا مع التيار القومي على هذه النقطة بأن شعوب هذه الدول ليست عربية صرفة, فهي خليط من مجموعة شعوب وأديان, وبالتالي لم تكن هذه الدول أحادية عرقياً ودينياً في تركيبتها الديمغرافية أو هي ليست دول عربية إسلامية صرفة صافية مثل دول الخليج العربية الإسلامية بالكامل, فعملت القوى القومية العربية والإسلامية على إحداث تجانس لديمغرافية هذه الدول من خلال التعريب على يد القوميين والأسلمة على يد الإسلاميين, الذين لم يتسنى لهم ما تسنى للقوميين من فرص ملائمة لتولي السلطة, وبذلك ستتخذ هذه الدول (سورية العراق مثلا) عكس الطريق المرسوم لها من قبل مَن أنشأها من الدول الإمبريالية الغربية التي إنتزعتها من الأمبراطورية العثمانية حيث صُممت سوريا والعراق على أن تكونا دولتين متعددتي الإثنيات الدينية والعرقية. وبدل من أستخدام ثروات هاتين الدولتين في إزدهارهما وتطويرهما فقد أنفق النظامين السوري والعراقي السابق معظم الثروة على عَربنة شعوب هاتين الدولتين بالكامل كطريقة وحيدة لم يستطع العقل البعثي العربي القومي أن ينتج أنضج منها في سبيل "استقرار ووحدة البلد!" وبالمقابل كان التيار الإسلامي متشوقاً ومتأملا لأخذ دوره في السلطة لإكمال أسلمة البلدان التي لم تُأسلم كما يجب بالكامل!
ففي سويا وبينما توجه تهم للنشطاء السياسيين العرب من قبيل وهن نفسية الأمة –ويقصد العربية- أوالإنتماء إلى تنظيم أو جمعية سياسية غير مرخص لها فإنّ نصيب النشطاء الأكراد من التهم هو تهمة إقتطاع جزء من شمال البلد وضمها إلى دولة أجنبية – المجهولة الهوية دائما في نص التهمة- وهذه التهمة توجه إلى أي كردي يحتجز من قبل الأجهزة الأمنية السورية بغض النظر عن الحزب الذي ينتمي إليه أو النشاط الذي يمارسه أو لا يمارسه. لن نتحدث عن حماقة هكذا تهم يوجهها النظام إلى المناضلين السوريين فأي أمة هشة هذه التي توهن نفسيتها بمجرد مقال لكاتب متنور وأية دولة أجنبية هذه التي سوف يقتطع الكرد جزء من سوريا لضمها إليها!
النظام العربي القومي السوري لم يستطع أن ينظر أو يتعامل مع الكرد السوريين أوالسريان أوالتركمان على أنهم مواطنون سوريين بسبب أيديولوجيته القومية ولم يتوانى النظام للحظة عن تخويف المجتمع السوري من هذه القوميات على أنها خطر على أمن البلد ووحدته وبالأخص الكرد لأنهم يشكلون القومية الثانية بعد العرب في سوريا وللأسف إن جزء من المجتمع السوري بات مقتنعاً بأفكار النظام, حتى أن العدوى أنتقلت إلى بعض من أجزاء المعارضة العربية السورية الذين بقيت نظرتهم تجاه القوميات الغير عربية في سورية قاصرة مثل نظرة النظام أو نتيجة خوفهم من سخط النظام وإعمال الدعاية ضدهم عندما يتناولون القضية الكردية, حيث نجح النظام إلى حد ما في فرض نظرته على المجتمع السوري على أنها, أي القومية الكردية, مشكلة تواجه الدولة السورية بغض النظر عن قضية الديمقراطية في البلد حيث نجح النظام إلى حد ما في الفصل بين قضية أو مطلب دمقرطة البلد من قبل المعارضة ومطلب حل القضية الكردية من قبل احركة السياسية الكردية. فالنظام يطمح إلى إبقاء مسألة الأكراد معلقة حتى بعد أن يزول هو من الحكم وتفرض الديمقراطية على البلد. والبعض في سوريا لا يتمنى أن يتغير الوضع في سورية بأي إتجاه خوفاً من أن تفتح قضايا الأثنيات العرقية والدينية والطائفية في البلد التي تم طمسها وتغييبها عن الأذهان خلال عدة عقود من حكم البعث. فالفكرة التي يغذي بها النظام المجتمع هي بأن أي إختلاف عرقي أو ديني في البلد هو مشكلة ومن الأفضل أن يبقى البلد على الوضع الراهن لكي لا يدخل في مشاكل لا يحمد عقباها!
إن فكرة تخليص البلد من الأيدولوجيات القومية والدينية هي فكرة غير واردة في ذهنية النظام وبالنسبة له: إن سورية إما أن تكون عربية جزء من الوطن العربي الذي سيتوحد يوماً أو أن لا تكون دولة لجميع مواطنيها! طبعا هذا ما لن يقبله أي مواطن سوري غير عربي بل وحتى العرب المتنورين لا يقبلون بهكذا كلام "يجعل من البلد رهينة إلى أن يتشكل الوطن العربي الكبير!" فالكرد السوريين هم مواطنون سوريين ولكن ليسوا عربا كما يريد النظام وهي ليست مشكلتهم في أنهم ليسوا عرابا بل هي مشكلة النظام الذي لا يستطيع أن يرى البلد إلا صرفاً بقومية واحدة. حتى الدول القومية الصرفة اليوم تحاول تنويع سكانها من قوميات مختلفة ففي السويد والدانمارك وألمانيا مثلا وافدين أجانب ما بين 10% حتى 20% من سكانها وليس المطلوب من هؤلاء الأجانب أن يتنازلوا عن ثقافاتهم وقومياتهم ولغاتهم لصالح الدول الجديدة التي وفدوا إليها فكيف الحال ببلد يحاول أن يجرد سكانه الأصليين من ثقافتهم من أجل أديولوجيات سخيفة تنتمي إلى الألفية الماضية...! فاليوم ما يهم ليس الأيديولوجيا القومية أو الدينية بل المهم هو الوطن بمستوى رفاهيته أكان ديمقراطياً أم لا, أكان المواطن فيه حراً وفي مستوى إقتصادي جيد أم لا. فما المشكلة في أن يكون مواطنوا البلد الواحد من قوميات وأديان مختلفة وما يجمعهم هو مصلحة الوطن ومصلحة مواطنه قبل الأديولوجيات القومية والدينية التي عفى عليها الزمن؟ لقد آن الآن لسورية أن تنتهي فيها الحالة الاستثنائية من غياب المواطنة وغياب حاد في الديمقراطية وتعيش مثل سائر الدول كدولة سليمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مفارقة
سليم النجار ( 2010 / 11 / 28 - 14:16 )
الإنكليز أيضا إحتلوا مناطق واسعة من العلم الهند والولايات المتحدة وفرضوا لغتهم الغنكليزيو على مستعمراتهم ولكن لم يسعوا إلى تحويل هذه الشعوب إلى إنكليز, حتى سكان سكوتلندا وإيرلندا لم يصبحوا إنكليز لأنه لم تكن هناك نية لدى الإنكليز إلى تحويل هذه الشعوب إلى القومية الإنكليزية


2 - مساء الخير
مهاباد ديركي ( 2010 / 11 / 28 - 17:16 )
بالتأكيد كما وصفت بأن احزاب المعارضة العربية والدينية المتمثلة بالدين الاسلامي لا يتحركون بجدية خوفاً من اي تغير قد يحصل ولا يحمد عقباه.!ولكن ماذا عن الاحزاب الغير العربية (الكردية والاشورية والتركمانية) وغيرها من القوميات او الاديان الاخرى التي تعيش على ارض الوطن......وشكرا لك


3 - تحياتي
مهاباد ديركي ( 2010 / 11 / 28 - 21:00 )
القوميين العرب والاسلامويين يريدون دولة بهوية قومية واحدة ويعتبرون وجود الأقليات بينهم دليل ضعف في دولتهم ،لذا ينظر إلى الأقليات العرقية والدينية في دول العالم النامي باعتبارها تهديدا لقوة و وحدة الدولة المستقلة والمتحررة ،وعلى الاغلب هذه نظرة الشعب العربي باغلبيته تجاه الاخرين......ولذلك ترى إنهم يدعمون عملية التخلي عن هوية الأقلية لصالح هوية الأغلبية....
مع الشكر والتحيات


4 - الجزية
عيسى ابراهيم ( 2010 / 11 / 28 - 21:20 )
لقد حث الإسلام على توفير عوامل التلاحم للأمة الواحدة، التي جعل الإسلام وحدتها فريضة ونص عليها القرآن الكريم : -إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون- الأنبياء : 92
يعني أما ان تتنازل عن هويتك الدينية و العرقية واما أن ترحل وأما أن تسكت وتصمت أمام القمع و النكران لهويتك.....
بما أنه انتهى زمن الجزية وزمن السبايا والغنائم،فلذلك أما الانصهار او تحمل القمع وهذه انواع اخرى من العبودية التي جاء بها الدين الحنيف.....
تحياتي


5 - أختي مهاباد وأخي عيسى
ابرام شاهين ( 2010 / 11 / 29 - 00:54 )
شكرا لمداخلتكما اللطيفة
أتفق معكما في الطرح
بالنسبة لدور الاقليات في سوريا أعتقد بأنه غير كافي لتحويل البلد إلى الديمقراطية دون مساندة القوى الديمقراطية العربية
شئنا أم أبينا فقد فرض التيارين القومي والإسلامي فكرهما في المجتمع وأصبح المشهد السياسي والثقافي حتى في سوريا مغبراً والمطلوب من الأقليات أن تدافع عن فكرة دولة المواطنة دولة الجميع بغض النظر عن الدين والعرق
وبالنهاية -نحن محكومون بالأمل- كما يقول ونوس


6 - الإنتداب
رمزي سلامة ( 2010 / 11 / 29 - 00:57 )
عزيزي شاهين
مقال ممتع تعرفنا من خلاله على بعض من معاناة أخواننا الأكراد في سوريا
ربما لو بقي الإنتداب في هذه البلدان لفترة أطول ربما كان الوضع أفضل مما نحن فيه


7 - حقيقة
شيروان شاهين ..كاتب كردي سوريا ( 2010 / 11 / 29 - 11:53 )
هذه الدول والمجتمعات كانت تعيش حالة جمود فكري والإيمان المطلق لصالح الغيبيات
شعوب لم تكن تعرف أن تأكل ..!
شعوب أشبه بالقطعان ..متخذت من الحالة الغيبية جدار لتطور العقل وحددة نهاية التاريخ
ولكن فيروس التحرر الذي وصل مع المتنورين والفكر القومي
للأسف لم يأخذ بالفكر المتمدن النموذج الفرنسي
ولكن أخذ الوجه الآخر العنصري وهو الوجه الألماني..
شعوب لم تعش حالة تعاقد وحالة أنتماء للدولة ولكن جماعات تتغطى بأسماء مثل الدولة
والكرد كونهم أحدى ضحايا التغيرات الدولية
كانوا ضحايا النموذج القومي الألماني العربي
ولكن الكرد تحولو إلى الوجه المتمثل بالطرح القومي المنفتح الفرنسي
...والبحث عن الديمقراطية لتهدئة النزعة الشوفينية لدى الشريك العربي
الذي ادرك فشله وبات يروج لدولة الخلافة....!


8 - حقيقة
شيروان شاهين ..كاتب كردي سوريا ( 2010 / 11 / 29 - 11:53 )
هذه الدول والمجتمعات كانت تعيش حالة جمود فكري والإيمان المطلق لصالح الغيبيات
شعوب لم تكن تعرف أن تأكل ..!
شعوب أشبه بالقطعان ..متخذت من الحالة الغيبية جدار لتطور العقل وحددة نهاية التاريخ
ولكن فيروس التحرر الذي وصل مع المتنورين والفكر القومي
للأسف لم يأخذ بالفكر المتمدن النموذج الفرنسي
ولكن أخذ الوجه الآخر العنصري وهو الوجه الألماني..
شعوب لم تعش حالة تعاقد وحالة أنتماء للدولة ولكن جماعات تتغطى بأسماء مثل الدولة
والكرد كونهم أحدى ضحايا التغيرات الدولية
كانوا ضحايا النموذج القومي الألماني العربي
ولكن الكرد تحولو إلى الوجه المتمثل بالطرح القومي المنفتح الفرنسي
...والبحث عن الديمقراطية لتهدئة النزعة الشوفينية لدى الشريك العربي
الذي ادرك فشله وبات يروج لدولة الخلافة....!

اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية