الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف ستؤثر لبرالية الغرب الدينية على المسلمين في عصر الانترنت؟

منعم زيدان صويص

2010 / 12 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يواجه العالم الإسلامي في القرن الحادي والعشرين مع الغرب مشكلة من نوع خاص، وهي تختلف عن المشاكل القديمة التي نشأت عن المنافسة على المعتقد الديني، أو الحروب الدينية، كالحروب الصليبية وحرب الإمبراطورية العثمانية ضد أوروبا، أو الاستعمار الغربي، أو المشاكل المعاصرة التي نتجت عن ما اصطلح على تسميته بالإرهاب، أو "الإهانات" التي وجهها غربيون للإسلام. واعني بهذه المشكلة الجديدة تعرض المسلمين لأفكار غربيه تتضمن انتقادات وتحليلات للدين تعطي الانطباع أن اللادينيين وحتى الملحدين أناسا محترمين. والمشكلة الجديدة أصبحت واضحة تماما بعد تطور الإنترنت فقد أحدثت الآراء التي لا تتعامل مع الدين باحترام هزة عميقة في المجتمعات الإسلامية وبين المتعلمين والمثقفين وكل من يقرأ ويكتب أو يستعمل الانترنت في العالم الإسلامي، و هؤلاء يعدون الآن بالملايين أو بمئات الملايين ويزدادون بسرعة هائلة. لكننا لا نعرف ولا نستطيع أن نتنبأ بما ستؤول إليه الأمور أو بما ستنتهي إليه هذه التيارات اللادينيه التي بدأت تظهر بخجل وأحيانا بالسر بين المسلمين والتي لا تجد لها متنفسا سوى المواقع الالكترونية. وكمثال صارخ بهذا الخصوص نُذكَر بالخبر الذي تم تداوله أخيرا بخصوص نظرية ستيفن هوكنغ، والذي يُعتقد انه أشهر واكبر عالم معاصر، والذي يستنتج من هذه النظرية أن هناك أكوانا عده غير كوننا وانه لا ضرورة لوجود خالق. وليتخيل القارئ عنف الصدمة التي تلقاها المسلم المؤمن من جراء هذا الرأي وكيف كانت ردود فعل المسلمين العاديين الغاضبة وغير المتزنة على هذا الكلام. ويظهر أن هوكنغ الذي لا يستطيع أن يتحرك على الإطلاق من جراء مرضه لا يساوره أي خوف على آخرته إذا ثبت انه مخطئ مع انه مقعد بسبب مرض لا يستطيع معه تحريك أي جزء من جسمه. فهو لا يؤمن بما قال المعري:

قال المنجم والطبيب كلاهما لا تحشر الأجساد قلت إليكما
إن صح قولكما فلست بخاسر أو صح قولي فالخسار عليكما

بعد عصر النهضة الأوروبية اكتسبت الاعتقادات الدينية الغربية مرونة كبيرة وهذه المرونة غريبة عن الثقافة الإسلامية فأي تعبير يشتم منه الشك في أي معتقد أو فكره دينية يخلق مشاكل لا حد لها وهو غير مقبول في المجتمع على الإطلاق. فبينما نجد الأفكار الحرة عن الدين منتشرة في الغرب منذ ثلاثة قرون أو يزيد نجد أن مثل هذه الأفكار نادرة ومحاربة بشكل كبير في العالم الإسلامي ولا يكاد التاريخ يذكر المشككين أو الاأدريين أو اللادينيين وخاصة في قرون الانحطاط الطويلة المظلمة -- من القرن الرابع عشر حتى نهاية القرن التاسع عشر -- إلى أن دخلت الشمس إلى المنطقة من الغرب. ولكننا نعرف أن الذين بحثوا في الأديان بطريقة لبراليه كانوا كثيرين في عصور النهضة العربية ولم تمت بعض كتاباتهم رغم محاربتهم و التعتيم عليهم وعلى أعمالهم.

فنحن نذكر ما قاله أبو العلاء المعري عن الأديان:

هفت الحنيفة والنصارى ما اهتدت ويهود حارت والمجوس مضللة
اثنان أهل الأرض: ذو عقل بلا دين وآخر دينٌ لا عقل له

وقال:

في القدس قامت ضجةٌ ما بين أحمد والمسيح
هذا بناقوس يدق وذا بمئذنة يصيح
كل يؤيد دينه يا ليت شعري ما الصحيح

وقال أيضا:

عجبت لكسرى وأشياعه وغسل الوجوه ببول البقر
وقول اليهود الهٌ يحب رشاش الدماء وريح القتر
وقول النصارى الهٌ يذل ويظلم حيا ولا ينتصر
وقوم أتوا من أقاصي البلاد لرمي الحجار ولثم الحجر


ولكن كتب الأدب العربي نادرا ما تذكر هذه الأبيات الآن وحتى لو ذكرت لا يتداولها الناس. فالبحث الحر في الدين كان ممنوعا أو معدوما. أما الآن، وبوجود الانترنت، يمكن لأي شخص، دين أو غير دين، أن يتعرض لهذه الأفكار عند تصفحه الشبكة العنكبوتية. ولا شك أن المسلمين تعرضوا ويتعرضون الآن لهزات عنيفة من الناحية الدينية وهذه الهزات وتأثيراتها العميقة سوف تظهر خلال سنوات عندما يكبر الشباب ويصبحون بالغين ويبدؤون بالتفكير الجدي بما يقرؤون. وهناك مشكلة أخرى وهي أن الإسلام يعترف بديانة المسيحيين واليهود لأنها سبقته تاريخيا ويجد حرجا حتى عندما ينتقد هؤلاء دياناتهم.

إن الفكر الديني في الغرب فيه الكثير من المرونة ولذلك فان نقد الدين والحديث عنه بشكل حر وطبيعي وأحيانا بشيء من عدم الاحترام لا يحدث الأثر الكبير الذي نراه في الدول الإسلامية. ويعتبر فولتير في القرن الثامن عشر، قبل الثورة الفرنسية، من أوائل من انتقد الدين والتعصب له. وكان روبرت غرين انغرصول، 1833 - 1899، من اكبر اللادينيين أو بالأحرى الاأدريين في القرن التاسع عشر وكان يركز في نقده على الديانتين المسيحية واليهودية بنقده للإنجيل -- العهدين الجديد والقديم. وهو الذي قال العبارة المشهورة: "ألإله الجيد هو أحسن شيء صنعه الإنسان." وقال أيضا، مستخفا برجال الدين المسيحي: "أن رجال الدين يعرفون أني اعرف أنهم يعرفون أنهم لا يعرفون." ومع أن محاضراته وأفكاره انتشرت في القرن التاسع عشر والعشرين إلا أنها اختفت الآن من المكتبات العادية في أمريكا. ولكن لحسن حظ الباحثين والمفكرين الأحرار استطاع المعجبون به أن يضعوا كل أعماله على الانترنت. وكان هجومه الأشد على العهد القديم أو التوراة. والحقيقة انه كان أيضا من أشهر الخطباء في تاريخ أمريكا.

وكان برنارد شو الايرلندي الأصل، الذي يعتبر اكبر مسرحي وكاتب في اللغة الانجليزية في تاريخ بريطانيا بعد شكسبير، وبرتراند راسل، الفيلسوف وعالم الرياضيات الانجليزي الشهير، من أشهر من انتقد الدين المسيحي. لقد ألف رسل كتابا سنة 1927 سماه: "لماذا أنا لست مسيحيا؟" وفي التسعينات من القرن الماضي نشر كاتب باكستاني سمى نفسه "ابن وراق"، مقلدا رسل، كتابا اسماه: "لماذا أنا لست مسلما؟"

الفرق الكبير بين العقيدة المسيحية واليهودية من جهة والعقيدة الإسلامية من الجهة الأخرى أن المسيحيين واليهود لا يعتقدون أن كتبهم الدينية منزله مباشرة من عند الإله الذين يؤمنون به. فمثلا هم يقولون أن أول أربعة أسفار كتبها موسى، و فيها قصص تتشابه مع القصص الموجودة في القرآن . والمسيحيون يقولون إن الأناجيل الأربعة التي يؤمنون بها كتبها تلاميذ المسيح، أو من يسميهم المسلمون بالحواريين. هذا معناه أن الغربيين يستطيعون أن يكونوا مرنين في تفسيرهم وتحوير كثير من المعاني. أما المسلمون فيعتقدون أن الإله الذي يؤمنون به أملى القرآن بنفسه ومعنى ذلك انه لا يقبل الخطأ وعلى المؤمن أن يقبله كله أو يرفضه كله.

يجدر بعلماء المسلمين أن يتنبهوا إلى هذه المسألة في أسرع وقت ممكن وان لا يهملوها إلى أن تدمر نفسيات الشباب. إن المسألة خطيرة جدا وإذا لم تعالج من الآن، أولا بأول، فإنها ستحدث كارثة فكرية و اجتماعية وثقافية لا تحمد عواقبها. والسؤال هنا: هل يستطيع علماء المسلمين أن يخلقوا عند شعوبهم، وخاصة الشباب، المرونة الكافية بحيث تمر هذه الموجه العارمة عليهم بدون أن تدمر معتقداتهم وخصوصيتهم؟

منعم زيدان صويص








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - علم!!!!!
احمد عمر ( 2010 / 12 / 1 - 09:40 )
اتدرى اين اخطاءت
عبارة الختام التى تقول فيها
هل يستطيع علماء المسلمين!!!!!!
من هم العلماء وما هو تعريف العلم اصلا
وما تخصصهم وهل تقصد كما يشاع علماء الدين
هل الدين علم
اغلب اغلاط مثقفينا تاتى من عدم فهم المصطلحات وتعريفها


2 - مقال تنويري رائع لكن
محمد القادري ( 2010 / 12 / 1 - 12:07 )
مقال ممتاز، لكن ما لم يذكره الكاتب هو مفهوم الرده وقتل المرتد عند المسلمين فهذا هو اكبر فرق بين الاسلام واي ديانه اخرى


3 - ما أحوجنا إلى ضوء كهذه المقالة ليضيء دروبنا
يوسف الأمازيغي ( 2010 / 12 / 1 - 12:40 )
شكرا للأستذ منعم على هذه المقالة الشيقة. فعلا، لن يعم الأمن و الطمأنينة العالم الإسلامي إلا عندما يتخلص المسلمون، و خاصة أولائك الذين يسمون أنفسهم علماء، من شبح و جبروت الألوهية التي حالت و تحول دون تحرر الإنسان المسلم لينطلق حرا في تفكيره و تفسيره للدين
نعم، ألوهية و قدسية النص الديني الإسلامي قنبلة موقوتة ستأتي على الأخضر و اليابس طالما ظل المسلمون يتنكرون للواقع و يرفضون النظر إليه نظرة مجردة


4 - ما أحوجنا إلى ضوء كهذه المقالة ليضيء دروبنا
يوسف الأمازيغي ( 2010 / 12 / 1 - 13:24 )
شكرا للأستذ منعم على هذه المقالة الشيقة. فعلا، لن يعم الأمن و الطمأنينة العالم الإسلامي إلا عندما يتخلص المسلمون، و خاصة أولائك الذين يسمون أنفسهم علماء، من شبح و جبروت الألوهية التي حالت و تحول دون تحرر الإنسان المسلم لينطلق حرا في تفكيره و تفسيره للدين
نعم، ألوهية و قدسية النص الديني الإسلامي قنبلة موقوتة ستأتي على الأخضر و اليابس طالما ظل المسلمون يتنكرون للواقع و يرفضون النظر إليه نظرة مجردة

اخر الافلام

.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على


.. 174-Al-Baqarah




.. 176--Al-Baqarah


.. 177-Al-Baqarah




.. 178--Al-Baqarah