الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلنا..ارهابيون

علي بداي

2004 / 9 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اعترف، انني اشعر وللمرة الاولى في حياتي، بوجودي الزائد على هذة الارض، وبثفل مهمة ان اكون مسلما وعربيا!
ما انا الا مشروع انفجار، شعري الاسود نذير بسوء الطالع يجب ان يحتاط لة كل من سيخذلة حظة العاثر فيراني!
فمن يدري اي قنبلة احمل في حقيبتي؟ واي خطط موت و انتحار ودمار تدور في راسي ؟؟ يراني مفتش التذاكر في القطار، فيطلب مني تذكرتي وعيناه ترقبان جرس الانذار، ادخل المكتبة العامة، فتتقلص وجوه وتشراًب اَعناق، وتتناهى همسات، وتتبادل العيون الزرق والخضر النظرات ايذانا ببدء اجراءات الطوارئ، "لقد اتى"!. يفر من امامي ابطال الروايات الرومانسية هاربين من بين اوراق الكتب، وتنزوي حكايات الاطفال في مخابئها مرتعدة، انا الموت القادم من الشرق ، كل الالوان لاتعني لي شيئا غير صفرة الموت وحمرة الدم وسواد اردية الحزن.
اشعر بوطاة الموقف فٌاعبر ببادرة سلام عن براءتي فاتحا حقيبتي لطمانة الجميع بخلوها من اي مواد ضاره او مخيفة اوغريبة فلاتُحدث بادرتي اي انفراج في علاقة الحشد بي، بل اشعر بالعيون تسخر مني وكانها تقول: وهل تُحمل المتفجرات في الحقيبة ؟؟ انكم تلفونها على اجسادكم ياشاطر..، اشعر ان التعري وسط هذا الجمع الغفير للبرهنة على برائتي، هو الحل الوحيد فاخرج مغتسلا بعرقي، تتبعني النظرات بمثل مااستقبلتني به من ريبة وشكوك.

حين بدات طقوس المذابح، اولا في الجزائر، كنت ازوغ عن حقيقتي كمسلم متهم، بمحاولة الهروب الى مخلفات التاريخ الاستعماري، والمليون شهيد، وايجاد المبررات كخصوصية الجزائريين، وفضائع الفرنسيين، باغيا فك الارتباط بين اسلاميتي وما يقترف من فضائع باسم الجماعة الاسلامية اي باسمي وبالنيابة عني كمسلم ومحاولا ايجاد الروابط بين اسلاميتي وادميتي. وفي يوم اسود غاصت الطائرات بجسد عمارتين محملتين بالبشر العاديين، في فعل بدا للوهلة الاولى كما في الحيل السينمائية، اعتقدت اول الامر ان مجنونا اراد الانتفام من العالم العاقل بهذة الطريقة، وبعد ان ارتطمت الطائرة الثانية بالبرج الاخر ضعف املي في ان تتوافق خطة مجنونين في ان واحد ومكان واحد، واظهرت وسائل الاعلام المهاجمين اناسا انيقين، غير ملتحين، بل ان كبيرهم درس الهندسة مثلي وفي جامعة قريبة من تلك التي خرجتني، بدت دفاعاتي هشة، متداعية كيف سابررذلك لجيراني وزملاء العمل؟؟ انا انتمي لجنس غريب، جنس انتحاري لم يُخلق مثلة في اي زمان او مكان، جنس لايُقر بشرعية وجود الاخر، ولايفرق بين البشر والحجر، ولابين البرئ والمتهم ولابين من شبع من الحياة ومن يعيشها طفلا غضا، جنس عبر بتاريخ العالم من مرحلة اكل لحوم البشر الى اليوم الحاضر متجاوزا كل عهود الحضارة والتمدن.
كنت اتباهى في ما مضى من زمان، باننا حكمنا الاندلس ثماني قرون بالعدل لم نفرق بين يهودي او مسيحي ام مسلم، واننا مسالمون،وان خير الناس من نفع الناس، الى الجحيم كل مناظراتي، الى جهنم كل افكاري المتحضرة ومحاولاتي اقناع الغربيين باننا لا ننام فقط على بحيرات النفط بل ورثة حضارة ومشاريع انسانية، الى المزبلة كل مشاريع حوار الحضارات واندية الحوار وتكامل الحضارات

فجاة برقت في ذهني فكرة هائلة، فكرة انهزامية تليق بموقعي الحالي ووحشية المعول الذي ماانفك يهدم بصرح القيم التي اختزنها في اعماقي: انا شيعي!!!!فكرة لم اعرف اضعف واوهى منها في كل حياتي السابقة، فانا لست طائفيا ، ولكني مطالب الان الان وليس غدا باثبات برائتي امام هذة الكائنات الرقيقة، مطالب امام عيون الاطفال زملاء اطفالي باثبات انتمائي لجنسهم وليس لقطيع متوحش متخلف حتى عن حضارة الاليف من الحيوانات، توغلت اكثر في عالم فكرتي المضحكة المغري، نعم كل هذة الانتحارات والانفجارات والاجساد الملغمة من تدبير جماعات سنية اصولية اما نحن الشيعة فلا نميل الى مهرجان الدم هذا، ساقدم نفسي شيعيا، الى ان تنجلي الامور....ولكن...
في التاسع من نيسان، سقط صدام، وبعد ان اشحت بوجهي عن جموع السلابة التي ورثت حطام صدام متظاهرا ومبررا بفترة عابرة ، وعسر ولادة لان الحرية تولد دائما هكذا، بمصاعب، ومشاق، وافعال، وردودها، وانفلاتات، وسقوط ضوابط ...و..و..و..و
وبعد ان حاولت استعادة توازني فا جاتني كاميرات ال CNN بنقل حي ومباشر من مدينة كربلاء لالاف من ابناء جلدتي الذين التجات لهم هاربا من لسعات الاسئلة ، يستذكرون اربعينية الامام الحسين. كانت حفلة دم على الهواء، تفرج العالم كلة على ابناء طائفتي، علي تفرج العالم، من اخر قرية في تنزانيا الى غابات الامازون، ومن اقصى فنلندا الى كيب تاون، تفرج الناس كيف عملت السيوف بالرؤوس، وكيف سالت الدماء من رجال يوجهون نظرات زائغة الى المجهول، ومن ظهور اطفال نذرتهم امهاتهم البائسات فتلقفهم مقاولوا المواكب والمساجد، الى الجحيم ايتها الطفولة ..لاطفولة بعد اليوم، الكل شيوخ وعجزة يقفون على قاب قوسين وادنى من حافة القبر، الى سقر و نقير ايتها الحياة والاحلام، والسينما، والروايات،
لسنا بحاجة للحياة، دعها للكفار الغربيين اما نحن فنلطم ونجرح ونفجر وننفجر الى ان ندخل الجنات التي تجري من تحتها الانهار!
دخلت مكتبي عاريا من مايمكن ان يسترني، وفارغا كثرثرة في مقهى، وقع خطواتي جرس يجلجل اذنا بقدومي من عوالم الدم والخراب.. لتواجهني العيون المستفسرة، هذة المرة لم يسالني احد، انكشف منبت جذوري، وانفضح امري ، وقلت حيلتي، هذة المرة تجنبني الجميع كمصاب بجرب، لكني اسمع همساتهم:
لماذا لايعرف هؤلاء طريقا اخر باتجاة اللة غير هذة الطرق الملطخة بالدم والحافلة بالخراب؟ انا اعتقد ان كلهم من ذات الطينة ، لايعقل ان يصمت على مثل هذة الفضائع ، ربما كانوا كلهم راضين بما يحدث
نعم كلنا ارهابيون:
 محافلنا الدينية، مصدرو الفتاوي التي تدعو علنا للقتل، خطباء الجمعة الحاثين على الجهاد،
 جماعة" العلماء المسلمين" التي اوحى لها اللة لها بمكان الخاطفين من بين كل اجهزة التحري والشرطة ففاوضتهم واقنعتهم،
 قناة العربية التي تقدم لشعيط ومعيط وجرار الخيط من القتلة والمنحرفين الشهرة و منبرا اعلاميا للظهور على نطاق عالمي،
 قناة الجزيرة التي تحضر مكان التفجير قبل حضور المنفذين انفسهم،
 الاحزاب يمينها ويسارها التي تفتخر وتحتفل بالدم الذي تسيلة "المقاومة" ،
ونحن الملايين التي تسير الى حتفها بهدوء واستسلام دون مقاومة، دون ضجيج ، نحن نتنازل طواعية عن اوطاننا لمجموعة زعران وذوي عمائم كفرة بالحياة، نتنازل عن تعب اباءنا الذين طافوا السجون ونظموا المظاهرات من اجل حق المراة بان تعامل كبشر وشريك ، نتنازل عن تراثنا الثوري فنخذل الطاهر حداد، وطه حسين، وعلي عبد الرزاق، والزهاوي، والرصافي
كلنا شركاء بالارهاب!اليوم يجبرنا الارهابيون على ان نضع نساءنا بلفائف كمومياءات الفراعنة، وغدا يصدرون لنا امرا بمنع جلوس الطالبات في مكان واحد مع الذكور من الطلبة، وبعد غد يهددونا بنسف السيارات التي تقل نساءا ورجالا، وبعد شهر يحرمون الشطرنج، وبعد سنة لايحق لعب كرة القدم الا بالعمامة والجلباب، وماادراك بما سياتي؟
ان لم ننتفض... سنكون كلنا شركاء في هذة الفضائع المخزية، كلنا ارهابيون








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah