الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


للحقيقة .. إتجاه واحد .

حامد حمودي عباس

2010 / 12 / 3
المجتمع المدني


ملعونة تلك التي يسمونها سياسه ، وملعون هو االيوم الذي أبحت فيه لنفسي ان انتمي لحزب سياسي ، تركني على قارعة الطريق ، واتم مسيرته محتفيا بكبريائه الكاذبه ، تحفه زغاريد المنافقين كما هي العادة أمام طغاة البلاد .. السياسة .. تلك المفردة اللعوبه ، حمالة الاوجه والغايات ، مرنة الاطراف والجسد ، تبدو وهي تمتد بخلاياها عبر زمن موغل في صلته بالماضي والحاضر ، وكأنها غول لا يريد أن يشبع من ضحاياه .. تحفه جموع من الطبالين وممتهني زغاريد المناسبات ومسطري قصيد المديح .. حتى أضحت المسألة مسألة قضاء وقت ، وليست قضايا تتعلق بمصير شعوب وأوطان .
للحقيقة اتجاه واحد .. عنوان استعرته من شعار فضائية عراقية ، عرضت ولفترة بدت غير اعتياديه ، سلسلة من الصور السوداء لعدد من العوائل العراقية المجني عليها بفعل السياسة وروادها .. عوائل دمرتها وبإمعان شديد ، ظروف هي الاخرى ملعونه ، تاركة اياها طعما للحرمان وبلا رحمه .
الملاحظ هو أن الامهات في تلكم العوائل ، جميعهن وبدون استثناء ، سمين ابنائهن وبناتهن باسماء اولياء الله من احفاد الرسول ، فلم تفت احداهن ان تتسلسل الاسماء بين محمد وعلي والزهراء وحيد وكرار .. ولا تخلو بيوتهن المتهالكة من صور لعلماء الدين الاعلام الغائب منهم والحاضر .. والاكثر غرابة ايضا أن جميع من شاهدتهن في ذلك التحقيق المصور الحزين ، يمتلكن جمالا لو أعيد الى محله بلمسة عافية يمنحها الغذاء السليم ولو بحدوده الدنيا ، لكن اجمل بكثير من سواهن ..
أم حيدر .. شابة يحوم حولها ثلاث بنات وولد واحد جميعهم في سن قاصر ، مات ابوهم في حادث جسر الائمة الشهير ، يوم توجهت جموع لزيارة ضريح الامام موسى الكاظم فانهار بهم الجسر ، اثر صرخة جبانة من احد الارهابيين ، اوحت للحشود بان قنبلة ستنفجر ، حينها ارتطمت الاجساد النحيفة ببعضها متناسية بانها يجب ان تكون محفوظة ببركة الله .. فانهارت اكتاف الجسر ، وانهارت معها الالاف ، نساء واطفال ، لتبتلعها مياه دجلة بضراوة متناهية ، ومن كان نصيبه السقوط على الضفة ، نهشت لحمه اسياخ الحديد المتهاوية .. تقول ام حيدر .. بأنها لم تزر قبر زوجها منذ ان مات ولحد الان ، لأنها لا تمتلك اجرة النقل الى هناك ..
المذيعة كانت مقرفة بقدر كونها موجهة بتوجيه يحرضها على الاسفاف بالاسئله ، فكانت المرأة تذرف الدموع من فرط معاناتها ، في حين تقوم الافنديه بالالحاح عليها بان تجيب على سؤال ( لو قدر لك ان تكوني عند قبر زوجك ، فماذا ستقولين له ؟ ) .. كان لعبا رخيصا بالعواطف البريئة بحجة استدرار عطف ذوي الرحمة من سراق ارزاق الناس ، وحرامية البلد ..
زهراء .. هي الاخرى شابة ، كان اخوها الوحيد يعيلهم بعد وفاة الاب والام ، وغاب عنها وعن اخواتها الصغيرات نتيجة اختطافه من قبل مجهولين .. فبقيت على ذمة المجهول ، لا راع لها غير ان تتبرك بصاحبة الاسم الذي تحمله ، علها تعينها في محنتها .
أم قاسم .. لم تستطع هموم الدنيا المثقلة على روحها ان تفقدها نظارتها وريعان الشباب ، حيث تحلقت من حولها نصف دزينة من الاطفال ، كانت حتما لا تهاب كثرتهم لانهم من المكفولين برعاية السماء .. أحد اطفالها وهو أصغرهم كان طيلة اللقاء بوالدته من قبل القناة الفضائية فاغرا فاه ، ينتابه نعاس ظاهر ، فيدور برأسه الى كل الاتجاهات ، محاولا ايجاد مسند يلقي عليه دماغه الفارغ من الهموم عدى الاحساس بالجوع .. ام قاسم هذه .. فقدت معيلها في حادثة تسمم جماعية قررها الارهاب الجبان ، ليطيح بها باجساد الفقراء من زوار الحسين في العاشر من محرم .. ولم يسعفها احد في الوقت المناسب ، فبقيت هي واطفالها تعيش كما الباقين من العوائل السابقه ، في بيت بلا ماء ولا كهرباء ، ولا حتى سقف نظامي يقيها من حر أو برد .
الجناة دائما هم المتأسلمون الحاقدون .. والمفرغ لمعين الرحمة بالضحايا دائما ، هم رواد اللعب بالسياسه .. وفي كلتا الحالتين ، تبقى اجساد الفقراء هي الهدف للنبال .. إنها مطحنة بدأت ولم تنتهي منذ ان قررت العدالة الدولية ان تنصف العراقيين لتضع لهم بديلا عما كانوا يعانونه من مهانه .. فذهب الظلم ، ليظهر ظلم جديد .. وكل ذلك تحت مضلة السياسة الملعونه ..
ترى من ينصف تلك العوائل المسكينه ، فيمنحها ظرفا بعينه ، يعيد لها كرامتها حتى يحين موعد نضج ( العملية السياسية ) في البلاد ، كما قرر الله ان يضع للمجرمين حياة سميت بالبرزخ ، ريثما ينفح في الصور ويحين يوم الحساب ؟
حتى السماء ، كما روت لنا كتب ديننا الحنيف ، لم تصبر على العصاة من الخلق ، فجعلت لهم نظاما لا تؤجل فيه طقوس العذاب ، فهل ياترى على السياسيين أن يضعوا برزخا للرحمه ؟؟ ..
في باحة يلونها اللون القاتم ، تمكث فيها مصائب الالاف من الارامل المعدمات ، تنتهي هناك آخر ما يمكن ان تعتبر السياسة فيه ، اكثر من لعبة قذرة لا تضع في مسببات وجودها معنى للرحمة بالانسان ..
وعند مظاهر نعاس الطفل الصغير ، وهو يتلوى في حضن امه مستغربا من دواعي نحيبها وهي تروي حكايتها مع القهر والحرمان ، عند ذلك الرأس الصغير الفارغ من جميع الهموم عدا عن كونه سيسعد لقطعة حلوى قد يسأمها ابناء الاثرياء ، ممن انعم الله عليهم بنعمته جلت قدرته ، ستتوقف صاغرة جميع التحليلات الفكرية والمنهجية للسياسة .. وستتهاوى كافة اعواد منابر الوعظ الديني المتهالكه ، وسيصرخ صوت الحقيقة ذات الاتجاه الواحد ، بوجوه ركامات الكراريس ، فوضية منها ام عبثية ام واقعيه .. معلنة ولمرة واحده .. أن اللعنة على السياسة وابو السياسه والى يوم الدين ، إن كان حقا هناك يوم كهذا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأحزاب والسياسة وفن الممكن
الحكيم البابلي ( 2010 / 12 / 4 - 07:18 )
أخي وصديقي العزيز حامد
تحية ... وأهلاً بك مرة أخرى على صفحات الحوار
مقالك ذكرني بحقائق ومشاهدات لكثير من الناس عايشتها في الوطن وكنتُ أحرص دائماً على محاولة عدم إستحضارها ، لكن مقالك أعاد زَرْعِها في ذهني المتعب
نعم ..... ألأحزاب أخذت من الشعب الطيب الكثير الكثير ، ولم تعطيه أي شيئ بالمقابل غير الخراب والدمار والنهايات المُفجعة الحزينة والتي لا تزال مستمرة
والمضحك أنهم يسمون السياسة بفن الممكن ، وهي تسمية صحيحة ، فالسياسة في بلدان الشرق تقودك لكل الممكنات ، وأولها الموت الرخيص ، والتشرد على أعتاب دول العالم ، وتركك لعائلة لا تعرف ما تفعل في خضم هذا البحر الوسخ المتلاطم الذي يأكل فيه واحدنا الأخر في صراعٍ مرير من أجل البقاء
لا أعرف أحداً حاول السياسة ولم يكتوي ويُصاب بحروقٍ مُشَوِهة ، وكما قُلتَ يا صاحبي ، الفقير هو دائماً وقود المحرقة
المشكلة الأن في العراق ، هي أنه ليس هناك بصيص نور في نهاية النفق المظلم
كان القدر في عونهم
تحياتي


2 - أضف لهم أم وليد المصرية
فاتن واصل ( 2010 / 12 / 4 - 11:14 )
عودا حميدا كما يقولون بعد طول غياب أستاذ حامد ، السياسة دمرت بلادنا وسحقت بأرجلها الوحشية بشر لا حول لهم ولا قوة سوى أنهم ولحظهم العسر ولدوا فى بلدان الشرق الحزين ، يطحنهم الفقر والجهل ، ويستبد بهم حكام انتهازيون طغاة ، يسلطون معمميهم كالسرطان يتوغل فى عظام هؤلاء عديمى الحيلة ، أضف لأرامل العراق أرامل مصر الذين راحوا ضحية سقوط صخرة على بيوتهم أوغرق عبارة تحمل أزواجهم العائدين من بلاد الجاز حاملين قروشهم القليلة ، أو نتيجة لمرض الفشل الكلوى والكبدى الذى ينهش المصريين من جراء رى مزروعاتهم بمياه مخلوطة بالصرف الصناعى أو الصرف الصحى ... عزيزى الاستاذ حامد المشكلة تعقدت لدرجة كبيرة ، ولم أعد أرى الحقيقة على الاطلاق ، سواء كانت ذات اتجاه واحد أو الف اتجاه ، فقط اعرف ان ألمى وألمك وألم كل انسان بلغ من الوعى ولو قدر قليل ، لا يكفى لإنقاذ تلك الأرواح البريئة من الارهاب الأعمى الموجه .. ولابد من عمل شئ .. تحياتى


3 - هموم واحده
حامد حمودي عباس ( 2010 / 12 / 4 - 14:19 )
الاخ الحكيم البابلي : حتى القدر الذي دعوته لتقديم العون يبدو معتوها يتخبط ، تضرب اطرافه وجوه الناس بلا روية .. المصيبة هي ان احدا لم يفق بعد الى حقيقة ما يجري .. وخذ كما يحلو لك من التنظيرات البيزنطية يطلقها ذوو الخبرة من مثقفينا الاشاوس ، حين تقلقهم وثائق ويكيليكس اكثر مما تقلقهم صور تردي حياة شعوبهم .. شكرا على مساهمتك مع تحياتي

العزيزه فاتن واصل : لا زلت اتابع سجالات الاحزاب المصرية وهي تخوض ما يسمى بالانتخابات .. ويعتصر قلبي الالم وانا ارى صيغ التحايل على هذا الشعب المضام .. همومنا واحده .. ولا اعرف بالضبط ماذا يمكن فعله .. تقبلي فائق احترامي


4 - عزيزي الأستاذ حامد حمودي عباس
ليندا كبرييل ( 2010 / 12 / 4 - 16:38 )
قبل قليل في مقال آخر قلت : إنه لا أمل أن ينقلب السحر على المتأسلمين والمشعوذين والمتاجرين بدماء الشعب، بل أرى أن يد الله مع الجماعة ، الجماعة إياهم ، كنت أتمنى أن تأتي أم حيدر الشجاعة وتلزق المذيعة كف يطيرها على كرسي سيارة التلفزيون التي نقلتها ، كما رأيت الأسبوع الماضي نقلاً عن التلفزيون الأندونيسي امرأة قد فقدت عائلها وبيتها الذي جرفته السيول ومذيعة التلفزيون تلاحقها بإلحاح غليظ بالأسئلة فما كان من المرأة المنكوبة إلا أن خبطتها على كتفها ودفعتها بقوة إلى سيارتها وكسرت لها مايكروفونها . لقطات مؤثرة فعلاً من واقع حياتكم نتعاطف معها ولا ندري حقاً ماذا نفعل . بعد غياب تعود أخ حامد فأهلاً بك وبمقالاتك الشيقة النابعة بصدق من أرض الواقع ، لك تحياتي وشكراً ,


5 - عندما يصبح الانسان صديقا للانسان
محمد حسين يونس ( 2010 / 12 / 4 - 17:15 )
اذكرونا وسامحونا .في قصيدته -الي الاجيال القادمة- ختمها بريخت بهذا الاعتذار الذى مازال قائما في بلاد التخلف التي ينحدر بها رجال دين محنطين بافكار انتهت صلاحيتها منذ الاف السنين .. اخي حامد ليس امامنا الا الاعتذار وطلب المغفرة من الامهات المصابات واطفالهن


6 - الى سيدتي ليندا
حامد حمودي عباس ( 2010 / 12 / 4 - 18:42 )
تحياتي المخلصه .. الضحايا في ربوعنا هم ضحايا لكل شيء ، ولابد للاعلام ان يأخذ دوره هو الاخر في عملية الاستلاب .. على كل حال فان النوايا على ما يبدو كانت لتفجير الرحمة في قلوب الميسورين ، علهم يعطفون على ام حيدر وسواها بدل ان يرحمها وطنها المسلوب .. طابت اوقاتك


7 - الاخ العزيز محمد حسين يونس
حامد حمودي عباس ( 2010 / 12 / 4 - 18:45 )
شكرا على عواطفك الصادقه .. عذرنا سيبقى هو أننا استطعنا قول كلمة منصفه وسط هذا الكم الهائل من التردي ، تقبل فائق احترامي


8 - السياسة فن الخداع
سردار أمد ( 2010 / 12 / 4 - 21:13 )
المشكلة يا أخي العزيز أن ما تفضلت به من سرد للحال والواقع المحزن هو ربما محزن لفئة قليلة من الناس، احياناً ألاحظ أننا نتعاطف مع الناس ونعاني لأجلهم وهم انفسهم لا يعانون ما نعانيه نحن تضامناً معهم وذلك بسبب الجهل الواسع الأنتشار، اما السياسيين فكل ما فهموه من السياسة هو:ان السياسة فن الخداع.

تحياتي الكبيرة لك وللأخوة الحكيم وليندا والسيد محمد حسين يونس


9 - الاخ سردار أحمد
حامد حمودي عباس ( 2010 / 12 / 5 - 06:51 )
هكذا هي الحقيقة المره .. فجميع من يلتصق الظلم بهم ، تجدهم يعلقون فوق رؤوسهم ، وعلى جدران بيوتهم المستهلكه ، صورا لظالميهم مع سبق الاصرار .. والمصيبة هي ان أحدا لم يرغمهم على ذلك .. وهذا ما لم يعترف به من يستشرف مستقبل سعيد يراه من جانبه قريب وفي المتناول .. اشكرك على ملاحظتك الصائبه

اخر الافلام

.. تغطية خاصة | تعرّض مروحية رئيسي لهبوط صعب في أذربيجان الشرقي


.. إحباط محاولة انقلاب في الكونغو.. مقتل واعتقال عدد من المدبري




.. شاهد: -نعيش في ذل وتعب-.. معاناة دائمة للفلسطينيين النازحين


.. عمليات البحث والإغاثة ما زالت مستمرة في منطقة وقوع الحادثة ل




.. وزير الخارجية الأردني: نطالب بتحقيق دولي في جرائم الحرب في غ