الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تمرد العقل عن سياق الوحي

ثائر الناشف
كاتب وروائي

(Thaer Alsalmou Alnashef)

2010 / 12 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


العقل كحركة استدلال وتقصي للحقائق والظواهر، والوحي المُنزّل من السماء، الذي يتمثل هنا بالنص، لا يستطيعان الانفصال عن بعضهما بحكم العلاقة التي حكمت عليهما بالأبدية والأزلية والحاجة الماسة لكل منهما للآخر .
فالعقل – على سبيل المثال لا الحصر- إذا لم يؤمن بالنص ولا بالوحي ، فإن حركته الدءوبة ستدفعه لا محالة نحو الاعتقاد والإيمان بأي معتقد يجد فيه الرضا والثقة والكمال، قد يكون ممكناً تجريد العقل عن واقعه وما يحتويه هذا الواقع من أوهام وأهواء ، لكنه يكون مستحيلاً فصله عن وجدانه الباطن .
فالوجدان جزء أصيل من حركة العقل نحو ترسيخ الاعتقاد بالظواهر والأشياء، بالمقابل يغدو الوحي، وما انتهى إلى تقديمه من نصوص، منزوع الجوهر إذا ما تقدم بتلك النصوص لغير العقل، وهو ما يفسر مقولة العقل مناط التكليف في الإسلام ، والمقصود بالعقل هنا، الإنسان العاقل، فلا يكلف غير العاقل .
إن التلازم بين العقل والوحي ، لا يعني أبدية العلاقة، فالحالات التي يتمرد فيها العقل عن الوحي، يمكن حصرها بثلاث حالات متلاحقة .
الحالة الأولى : الشك
وهي حالة تناقض اليقين، ليس لها زمن معين، قد تسبق مرحلة الإيمان بالوحي، وبالتالي تحول دون التلازم معه، وقد تتخلله، نتيجة لركون العقل لقناعات جديدة تتناقض مع تلك التي يحتويها الوحي في نصوصه.
الحالة الثانية : التعليم المادي
وهي الحالة التي يتحصل فيها العقل على علوم محسوسة يمكن استدلالها وملاحظتها من خلال المشاهدة، وإذا لم يكن من خلال المشاهدة ( الذرة ) فمن خلال التجربة ، وهذه العلوم المادية تقلل من نسبة التلازم بين العقل والوحي، خصوصاً وأنها تضع العقل أمام استحقاقات كبرى، تجعله يتحسس قيمته العليا في سياق التجارب التي يخوضها، لا في سياق النصوص التي تأتي على ذكره فقط .
الحالة الثالثة : تضارب التفاسير
تعد هذه الحالة، من ضمن الحالات القليلة التي تدفع العقل التي التمرد عن سياق الوحي، رغم ما يوحيه التضارب في تفسير النصوص، وتعدد أوجهها من نص لآخر، كما لو أننا في حلقة مفرغة.
ومهما يكن ، يظل التضارب في التفاسير أقل دفعاً نحو التمرد، فقد يفهم على أنه اجتهاد في النص، يختلف تقديره من عقل لآخر، والتمرد في هذه الحالة يبدأ مع اتساع نطاق الاجتهاد حول نص بعينه ( قضية النقاب) والخروج منه إلى نطاق الجدل، الذي يخرج العقل كلياً أو جزئيا من سياق النص .
وعبر هذه الحالات الثلاث، يكون العقل أكثر تهيؤاً للتمرد على الوحي والخروج عن النص، بذلك نستطيع فهم الإشكالية القائمة بين تلازم العقل والوحي من جهة، والحالات التي تدفع العقل إلى التمرد على الوحي من جهة ثانية .
فالتوافق والتلازم بينهما، مبني أساساً على تجاوز تلك الحالات الثلاث والعمل على طمرها، بعيداً عن أي محاولةٍ حفريةٍ أداتها العقل ، والتي من شأنها أن تعيد تلك الحالات إلى مثلث التمرد في كل مرة يراد فيها الطمر بتوافق العقل مع الوحي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن خلال حفل -شهر التراث اليهودي-: الحرب على غزة ليست -إبا


.. -الجمهورية الإسلامية في #إيران فرضت نفسها في الميدان وانتصرت




.. 232-Al-Baqarah


.. 233-Al-Baqarah




.. 235-Al-Baqarah