الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل المسيحيين أفضل من المسلمين؟ مسلسل لقناة -المنار- عن يسوع المسيح

حنا زيادة

2010 / 12 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل المسيحيين أفضل من المسلمين؟
بقلم حنا زيادة
ترجمة مكارم ابراهيم

ماذا يفعل رجل دين اذا استهزء وسخر الإعلام من احد رموزه الدينيةالأساسية؟ هل يدعو الى الخروج بمظاهرات عارمة؟ وهل يدعو الى المقاطعةالاقتصادية لبضائع ذلك البلد؟ كلا ابدا, كل مافي الامر يتصل برئيس الشرطة ورئيس الشرطة يرسل دورية للقيام بمنع الفريق الإعلامي من تكملت العمل وبدون اية مقاومة أو انتفاضة أو مظاهرات وبدون المطالبة بتقديم اعتذارات.

ماذكرته آنفا ليست إعادة كتابة متأملاتية لواقعة الرسوم الكاريكاتوريةالمسيئة للنبي محمد التي نشرتها صحيفة اليولاند بوستن الدنماركية والتي رفضت الاعتذار عن نشرها لتلك الرسوم.
ولكن هذا هو هذا ماحدث فعلا في لبنان في شهر آب اغسطس2010 عندما قامت القناة التلفزيونية اللبنانية الشيعية التابعة لحزب الله (المنار) والقناة التلفزيونية الشيعية (ان بي ان) التابعة لحركة أمل ببث مسلسل عن يسوع المسيح في شهر رمضان وهو من انتاج ايراني. ومن الوهلة الاولى لا يبدو ان المسلسل الايراني لشخصية المسيح حسب الرؤية الشيعية المعاصرة لم تكن فيه أية إساءة لشخصية المسيح. ومن الواضح ان شخصية المسيح في
المسلسل احادية الابعاد كما هي العادة في الافلام الشعبية التي تعرضها القنوات المسيحية في لبنان بمناسبة عيد الفصح. وبنظرة فاحصة على شخصية المسيح أو عيسى ابن مريم في قناة المنار نجد بان قناة المنار الشيعية قدمت شخصية المسيح عيسى وليس حسب ماجاء في القرآن بل حسب ماجاء فيما يسمى "إنجيل برنابا".

ويعود "إنجيل برنابا" المزور الى القرن الخامس عشر ويدعي هذا "الإنجيل" أنه يروي حياة المسيح بحسب القديس بارناباس. ولكن وفقا للتقاليد المسيحية المتفق عليها عموما فان برناباس يعتبر رفيق للقديس بول من القرن الاول وليس كما يدعي "إنجيل برنابا" بأنه احد التلاميذ الاثناعشرالذين حملوا البينات والحجج للمسيح وحياته.

تؤمن قناة المنار مثل عدد كبير من المسلمين بان قصة حياة المسيح في "إنجيل برنابا" هي القصة الحقيقية, في حين ان الكنسية تعتبره قصة مزورة. رواية"إنجيل برنابا" تتفق مع رؤية المسلمين في نقاط هامة. فيسوع في "إنجيل برنابا" مثل عيسى في القرآن هو إنسان ونبي وليس رب او ابن الرب وكذلك لم
يصلب بل رفع الى السماء.

لقد كانت الكنيسة في لبنان والمطران الماروني لجبيل بشارة الراعي(هو من اتصل برئيس الامن) في مركزالازمة. وإعتبرت الكنيسة بان المسلسل الديني يسئ الى الدين المسيحي. واكد بشارة الراعي بان كنيسته لاتعترف بشخصية المسيح التي جاءت في المسلسل لان المسلسل ينكر صلب المسيح وهذا بحد ذاته يعتبر إعتداء كبيرا على الرب المسيح وعلى الكنيسة. ويضيف الراعي بان المسلسل التلفزيوني يقوض جميع الاديان ويساعد على نشر الفتنة الأهلية. وهكذا بمجرد انه ذكر "الفتنة الأهلية" يستخدم الورقةالرابحة ضد أي رأي أخر.

ولكي تستطيع رقابة الكنيسة ان تنتصر على القناة الشيعية كان على المطران بشارة الراعي ان يجد طريق التفافي اخر. وهو انه لم يفرض رقابة على ماتناوله القرآن عن المسيح عيسى لكنه يفرض رقابة على قصة المسيح التي تناولها "إنجيل برنابا" المزور. لقد أدانٌت الكنيسة الروم الكاثوليك المسلسل التلفزيوني إستنادا على نفس الحجج لإعتماده على "إنجيل بارنباس" الذي إعتبرته "يتعارض مع تعاليم القرآن والكتاب المقدس".

ولكن هل الحجج اللاهوتٌية التي قدمتها الكنيسة هي التي جعلت حزب الله الذي هو دولة ضمن دولة ولا يخش قوى الامن ان يوافق على رقابة الكنيسة ولهذا أوقفت بث المسلسل الديني "المسيح"؟ كلا بالطبع. بل لقد كان بسبب اعتبارات سياسية نفعية متبادلة هي التي جعلت من حزب الله يوقف بث المسلسل الديني.إذان حزب الله جزء من النظام الطائفي اللبناني المتمدد في كل الجهات ودخل في تحالف وثيق مع أكبر الفصائل السياسية المسيحية والتي تتمثل بالتيار الوطني الحر. إن صراع مفتوح مع الكنيسة سيؤدي الى ان يضعضع هذا التحالف الغير طبيعي والذي كلف حليف حزب الله المسيحي انخفاض شعبيته.

لقد احتجت القناتين التلفزيونيتين وبشكل روتيني, بينما وزير الاعلام طارق متري صرح على أنه راضي عن أن "الحوار" مع هاتين القناتين أقنعهما بضرورة التوقف عن بث هذا المسلسل الديني.
ينتمي السيد طارق متري الى الكنيسة الارثوذوكسية وكان وزيرا للدولة في الفترتين الحكوميتين الاخيرتين وذلك بسبب دوره وخبرته الطويلة في الحوار الاسلامي-المسيحي في لبنان والعالم. واكد متري بانه "ضد مبدأ الرقابة, ولكن جاءت الرقابة هنا كضرورة لان لبنان بلد خاص, بلد يقوم على الحوار, وبلد يلتقي فيه المسلمين والمسيحيين". كما لاقت تصريحات متري ترحيب عام يتمنى على كل القنوات التلفزيونية ان تتحمل ومسؤليتها والى "احترام كل الاديان". لقد كانت تصريحات السيد متري متناقضة مع ذاته ومع بياناته العديدة في الهيئات الخاصة بالحوار الاسلامي -المسيحي.

إن قضية المسلسل التلفزيوني "المسيح" إنما تدل على انه لايوجد حوار محترم ومسؤول يتحكم بالعلاقة بين المسلمين والمسيحيين عندما يتعلق الامر بكيفيةالتعامل مع معتقدات الآخرين الدينٌية. ويمكن بالاحرى تشبيهها بالتوازن الرعب: لاتقترب من رموزي المقدسة كي لااقترب من رموزك. والنتيجة هي ان ماأطلق عليه المسلمين والمسيحيين "بلد الرسالات" اصبح بلدا توسعت فيه
المحرمات وثقافة فرض الرقابة على الاخرين.

هذه القضية تدل على ان المسيحية ليست أفضل من الإسلام فيما يتعلق فرض بالرقابة. في لبنان مازلت للكنيسة سلطة الرقابة التي تم ألغائها في أوروبا. فبينما كان الأئمة المسلمين الدنماركيين يحلمون بان ينتزعو اعتذارا من الصحيفة الدنماركية التي نشرت الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبيهم محمد تفرض الكنيسة في لبنان الرقابة تمنع اي عمل فني يقترب من الكنيسة ورموزها الدينيةالاساسية.

فقد منعت الكنيسة عرض فيلم (الإغراء الأخير للسيد المسيح) للمخرج الامريكي مارتن سكورسيزي او فيلم (شيفرة دافنشي) الذي واجه الرفض والإنتقاد الحاد من الفاتيكان ووصل إلى المطالبة بطرد الفيلم من مهرجان كان 1988. وكجزء من صفقة المقايضة بين المتدينيين المسيحيين والمسلميين في لبنان طالبت الكنيسة المسيحية بمنع نشر اي شئ يعتبر تعٌدي على حرمة وقدسٌيةالرموزالإسلامية من رواية سلمان رشدي "الآيات الشيطانية" الى الرسوم الكاريكاتورية الساخرة من نبي المسلمين محمد, فالاثنان حظر طباعتهم في لبنان.

من المثير للسخرية ومن المفارقات انه في العقود الثلاثة الماضية كان هناك إزدياد كبيرفي عدد المبادرات الحواريٌة التي تدعوا الى تعزيز التقارب والتفاهم بين الأديان في عقود تصاعدت فيها الخلافات والصراعات الدينيٌة. هذه الحوارات بين الأديان لاتتخطى قاعدة أساسية وهي ان كل دين يدعو لإستقصاء الأديان الأخرى وأعتبار نفسه هو الوحيد من يملك الحقيقية المطلقة. والحقيقيةالمطلقة لكل دين هي انه يعتبر إن بقية الأديان تدعو الى أحكام مزورة ويطالب بان نتقبل منطلقه الأساسي وهو ان نقدس أحدهما ونكفر بالأخر.

التحدي الكبير أمامنا هو إما أن نختار الشركاء العقلاء من هذه المعكسرات الدينية ونقبل بان الإستقصاء الديني للدين الأخر هو متبادل والطريقةالوحيدة لمنع تطور هذا الإستقصاء الديني وتحوله الى إستقصاء جسدي علينا قبول فكرة أنه مثلما اي دين يعتبر نفسه هو من يملك الحقيقة المطلقة فعلينا قبول أن الدين الأخر يعتقد ايضا ان دينه هو من يملك الحقيقة المطلقة. واذا لم نقبل بذلك فعلينا الاستمرار في الإعتداء ومهاجمة الدين الاخر وتشديد المراقبة على الاخرين أو الاسوء من ذلك بان نستمر بالكذب على بعضنا باسم الدين المقدس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشرق الأوصط تحتاج إلى زمن
حميد كركوكي ( 2010 / 12 / 4 - 09:07 )
كما مرت بها أوروپا الشرق الأوصط تحتاج إلى الثورة التنويرية ، لكي يصطيعوا هضم و قبول النقد الديني ، أو حتى الأنتقاد الفكري لكل ما هو مقدّس ، ليست هنالك شئ مقدس إذا كان الأنسان متنورا و قارئا ، أن القدسية و تبّجح الأديان في شرقنا ماهي إلاّ وضعنا الذهني و الأمية المتفشية ، التي جعلت من هذه الكتب الخرافية السماوية مقدسّة ، يا ويل لمن يقول الكتب هذه كتبت من قبل أفراد لم يعلموا حتى أن الماء شئ مركب {هايدروجين2 و أوكسجين 1 } !! أو وجود الجراثيم تجعلنانتمرض بل الجن والشيطان جائت بالأمراض ، وحتى لم يعلموامافي الأرحام الآ اللهعلم بذلك ومن ثم الغربيون الكفار علموا بها بوسيلة تكنلوجيا الصونار SONAR


2 - once again you mix papers
Ashoor Alnamrodi ( 2010 / 12 / 4 - 12:12 )
Dear Makarim,I think you agree what is written in this article,Danish Cartoons is matching Mohammad-s life according to Quran and sunna and muslim clerks admit that but this series which this article talking about is not matching Juseslife according to Holy book.Regarding Davinshi Code movie I saw this movie 3times here in Canada and 2 times in France and its normal no one took bad reaction .The problem is in the muslims reaction.Regards


3 - التطرف سبببه الايمان بالحقيقة المطلقة
مكارم ابراهيم ( 2010 / 12 / 4 - 14:43 )
الكاتب القدير حنا زيادة
تحية طيبة
شكرا لك على المقالة الهامة وأود ان اساهم بمداخلة حيث لااتفق معك بالتيجة في حل الصراع بين الاديان هو بان على المتدين الذي يؤمن بان دينه يملك الحقيقة المطلقة عليه ان يتقبل امن المتدين الاخر ايضا يؤمن بنفس الشئ اتصور من اجل حل هذا الصراع يتطلب ان يعي الفرد انه لاتوجد حقيقة مطلقة اصلا.
من خلال تسليط الضوء والتركيزعلى الفكر الضعيف واننا بشر غير مثاليين فكرة الفيلسوف الايطالي جياني فاتيمو الذي جاء في عصر مابعد الحداثة وركز على الفكر الضعيف بعدم وجود الحقيقة المطلقة لايمكن ان نؤسس دولة مثالية ولايمكن ايجاد دين مثالي لانه ببساطة نحن بشر عاديين غير مثاليين ونملك النوازع البشرية الضعيفة فعلينا ان لانكون على ثقة كبيرة باننا نملك الحقيقة المطلقة لان ذلك هو الذي يولد الارهاب والعنصرية والتطرف واستقصاء الاخرين المخالفين بل علينا ان نكون متواضعين في ايماننا بالحقيقة المطلقة يمكن للمؤمن ان يسعى لارضاء الهه بطريقته الخاصة ويسعى للحقيقة المطلقة لكن في نفس الوقت عليه ان يعي انه لايملك الحقيقة المطلقة ولااحد يملكها.


4 - ثقافة
سامي صالح ( 2010 / 12 / 4 - 16:20 )
المسألة تدور حول مستوى الثقافة والوعي ، كلما ارتفعت الثقافة وترسخت لدى الاقراد والجماعات كلما قبلت الاخر والاختلاف معه ، الذي هو في حد ذاته ضروري لنمو المجتمعات البشرية وازدهارها ، ما نشاهده الان وحتى من خلال التعليقات حول هذا الموضوع وغيره من مواضيع ، نجد أن مستوى التسامح وقبول الاخر متدني حتى عند من يدعون الثقافة والتمدن ويريدون مستوى ارقى من العيش


5 - نعم افضل
عماد يوحنا ( 2010 / 12 / 4 - 21:36 )
نعم افضل من المسلمين لانهم لم يقتلوا الابرياء بسبب هذه الحلقات ولم تخرج المظاهرات الغاضبة بعد صالة الكنائس ولم يغتصبوا عدد من المسلمات المحجبات انتقاما ولم يقتلوا 70 شخصا يصلون في حامع كرد على هذه الاعمال.


6 - معلوماتك غلط ياسيدي المحترم
ليلى احمد ( 2010 / 12 / 4 - 22:26 )
مقالك سيدي ملئ بالاغطاء وحقائق عن المسلسل وكان لازم قبل كتابة اتأكد من سبب منع مسلسل لانه لا يسئ لعيسى ولكن كله على انجيل برنابا الذي لا تعلم عنه شئ كلها غلط في غلط هو السبب والكنيسة في لبنان اظهرت باليقين امؤكد ان هذا الانجيل غير صحيح والكاتب كتبه قبل في القرن السابع عشر وهم مملوء بالغلط بالتريخ والجغرافية لفلسطين وكاتبه خربط بالمعلومات انت كاتب لازم تتاكد من سبب وقف العرض قبل ان تكتب الموظوع وجميعه اخلاط في اخلاط روح اقر زين عن هذا انجيل بعدين اكتب موضوع لان عيب على شخص يكتب على شئ هو لا يعرف زين عنه


7 - Less accusations and more dialogue
Hanna Ziadeh ( 2010 / 12 / 4 - 23:41 )
Dear Layla -Ahmad-?
I am sorry to answer in English, as I do not have an Arabic keyboard where I am now.
If you read my artice carefully you will find out that MY POINT is precisely that the tv-series could be censored because it was based on the fake Gosple of Bernabas.
I must add that I know for sure one thing: you do not know how much or how litleel I know about the Bernabas Gospel, as you have no means to test my knowledge or lack of it. The article is not about it but about how the censorship tendencies are in all religions and not only in Islam.
I hope you re-read the article in a more open-minded spirit. It is not an attempt at bashing the Church in Lebanon but to warn how so-called religious -sensitivities- are used to limit the freedom of expression. A freedom without which neither you, nor I nor this website could express what we think.
Besides, why should the Church censor an unhistoric history about Jesus? Is the Jesus the Church presents, historically documented?

اخر الافلام

.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي