الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاصد الشريعة والعمل المدني

الفيتوري بن يونس

2010 / 12 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وقفت في إحدى مقالاتي السابقة حول المجتمع المدني في الوطن العربي إلى أننا نحتاج إلى تأصل ثقافة المجتمع المدني أولا وقبل الحديث عن مؤسساته .
وفي هذه المقالة سأحاول أن أتحسس طريقي نحو هذه الثقافة من خلال مقاصد الشريعة الإسلامية – من باب أن معظم المجتمع العربي يدين بالإسلام – وكيف إن الفقه الإسلامي ، بل والثقافة الإسلامية عامة لم تتعامل مع هذه المقاصد لتأسيس بنية ذات مرجعية إسلامية للمجتمع المدني ، بل جنحت إلا فيما ندر لتأصيل الفردانية بالحديث عن المقابل المؤجل دون أن يناقش المقصد وبالتالي التضارب مع فكرة المجتمع المدني التي تقوم أصلا على الجماعية وظل الحديث عن المجتمع المدني وفقا للثقافة الغربية التي ولد فيها المصطلح .
فزكاة المال وزكاة النفس والصدقات و الكفارات من وجهة نظر مقصدية نوع من البذل المادي من اجل الجماعة دون مقابل دنيوي و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و إماطة الأذى – إزالته – عن الطريق نوع من العمل الفكري والمادي من اجل هذه الجماعة بمقابل أخروي .
والبذل المادي والعمل الفكري والمادي من اجل هذه الجماعة تطوعا – أو على الأقل بمقابل مؤجل – تمثل الركائز الأساسية للعمل المدني كما افهمه .
ولكن ضاعت هذه الفلسفة واختفت ملامحها خلف النزعة الفردية التي أصلها الفقه الإسلامي معذورا بهيمنة الحاكم ، و أصبح العمل الفكري و والبذل المادي مالا وعملا يتم بشكل فردي منبت عن غيره مما جعله غير ذي اثر على الجماعة ، وحتى تنظيم الزكاة من قبل الدولة بدفعها للصندوق الذي خصصته لها لم يلق قبولا من المسلم من جهة باعتباره غير مقتنع أصلا بتحصيل الدولة لها وفقا للخطاب الموجه إليه مباشرة وبالتالي يتهرب من دفعها لصندوق الزكاة الذي تهيمن عليه الدولة وان اجبر على دفعها لهذا الصندوق فإنه يفعل مكرها وبالتالي زيادة في التحوط وامتثالا للأمر يدفعها مرة أخرى لمن يرى انه يستحقها ومن جهة أخرى فإن الصندوق الذي تديره الدولة غالبا ما يذهب بهذه الأموال إلى غير مصارفها الشرعية ، بل قد يصرفها الحاكم على محاربة الهدف منها أو ملذاته و أسرته .
وبعد ماذا لو نظرنا إلى الأمر بمنظور الجماعية وجمعنا صدقاتنا و زكواتنا و كفاراتنا في صندوق أهلي يقوم عليه من نثق في نزاهته وصرفنا أموال هذا الصندوق على من هم في حاجة إليها أو أقمنا لهم بها مساكن تأويهم وتحل كثيرا من مشاكلهم التي هي في الوقت ذاته مشكل للجماعة بدل أن يدفعها كل منا منفردا إلى من يرى انه يستحقها ولا تحل له مشكلة.
ماذا لو فهم المسلمين فلسفة التضحية و قرروا في عام ما أو أعوام أو سنويا وقرروا التبرع بثمن أضاحيهم إلى هذا الصندوق ، أليس ذلك حفاظا على ثروتهم الحيوانية من باب وحل لمشاكل المحتاجين من أخر ، ومن باب التوضيح نقول لو أن نصف مليار مسلم يضحون سنويا في عيد الأضحى وان معدل ثمن الأضحية هو مائتي دولار أمريكي ، فإن الأموال المتحصلة من هذا الباب تبلغ مائتي مليار دولار ومبلغ كهذا لو جمع سنويا فإنه سيحل كثيرا من مشاكل المجتمعات الإسلامية .
وماذا لو عرف المسلم الذي يبحث عن قصر في الجنة ببناءه أو مساهمته في بناء مسجد يكلف على الأقل ربع مليون دينار أن الله لا يسعه مكان ويعبد في أي مكان وبالتالي ليس في حاجة إلى أن نبتي له بيتا وان تكلفة هذا المسجد ستحل إلى الأبد مشكلة خمس اسر السكنية .
و أمر كهذا يلعب فيه الفكر الديني المستنير دور محوري باعتباره أمر الهي من وجهة نظر العوام بل وحتى الخواص .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah