الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسوم متحركة

سعد تركي

2010 / 12 / 7
التربية والتعليم والبحث العلمي


الرسوم المتحركة "الكارتون" عالم سحري جميل وأخاذ يستحوذ على الاهتمام ويشد الانتباه بسهولة ويسر.. من خلال أبطاله يعيش الاطفال -والكبار احيانا- قصصا لا حدود لمتعتها لأنها غالبا تتنفس خيالا محلقاً ومفاجآت من الصعب توقعها.. لأبطال الرسوم المتحركة حضور واقعي ملموس يتفوقون به على ابطال حقيقيين من لحم ودم، فهل بالامكان -مثلا- ان يفكر طفل ما بألاّ وجود لتوم وجيري وتويتي ودونالد وميكي ماوس وغيرها من الشخصيات الكارتونية التي عاشت -ومازالت- في ذاكرة اجيال متلاحقة؟
الرسوم المتحركة، وان تابعها بمتعة بعض البالغين، وُضعت وصُممت ورُسمت وكُتبت قصصها لتخاطب عقول الاطفال وتداعب مخيلتهم، ولهذا كانت تركز على غرس قيم ومبادئ نبيلة مغموسة بمتعة المقالب والمفاجآت المتنوعة.. ظاهر هذه الرسوم إنها لا تقدم شيئاً سوى المتعة غير أن استعادتنا لمرحلة السبعينيات من القرن الماضي لبعض هذه الرسوم وشخصياتها يشير إلى ان ما كان يبدو بريئا عن اي منهج او تمرير لفكرة وهم خالص.
في سبعينيات القرن الماضي كانت القناة العراقية الوحيدة تعرض افلام رسوم متحركة -من دون تمحيص- لمعسكرين متناقضين تماما في منهجهما وكل واحد منهما يحاول تمرير قيم ومبادئ مختلفة تماما عن الآخر.. ومن يعود بذاكرته الى الوراء يتلمس الفرق البيّن والواسع بين نمطين أحدهما يركز على بطل خارق يستطيع بمفرده ان يقضي على الأشرار وبين آخر يحث "المضطهدين" كي يقفوا معه ويعضدوه ليتخلصوا جميعا من الشرير.
إن كان تأثير هذه الرسوم على الاجيال السابقة ليس كبيرا فذلك لأن ساعات بثه لم تتعد النصف ساعة يوميا، في حين ان الطفل حاليا يتلقى 24 ساعة بث متواصلة من قنوات فضائية عديدة في اغلبها تركز على العنف وتكثر فيها الحروب والاسلحة الفتاكة ومشاهد القتل والدمار والفناء. أبطال هذه الرسوم ليسوا اطفالا عاديين يتفوقون بالدرس والنبل والخلق القويم، انما ميزتهم الكبرى امتلاكهم لقوة خارقة جدا يقضون على أعدائهم بقوة العضلات والسلاح الفتاك، وقد تتضمن هذه الرسوم قصصا للعشق والغرام وتصور لوعة الفراق ومكابدة الشوق كما يحدث بين عاشقين بالغين!
تمرر هذه الفضائيات حزمة من القيم والأفكار والمبادئ الخطيرة والمدمرة بشكل أخاذ وممتع وساحر إلى شريحة يسهل استهدافها لأنها من دون حصانة فكرية، فعقل الطفل صفحة بيضاء يمكن أن ننقش عليها وننحت ما نشاء أو يشاء آخرون.. وعلى الرغم من أن هذه الرسوم المتحركة التي تعرضها فضائياتنا العربية في مجملها صناعة غربية يجد المراقب أن مسؤولي هذه الفضائيات يعمدون إلى اختيار ما يركز على العنف والقتل فقط، في حين يتم تجاهل أفلام أخرى تقدم موضوعات تركز على المتعة البريئة والشخصيات الوديعة اللطيفة التي تنقش في عقل الطفل ووجدانه قيم الحق والخير والجمال.. لست ضحية لعقدة الشعور بالمؤامرة لكن هذه الانتقائية تثير الحزن والألم والامتعاض، وقبل ذلك الشك والريبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمين المتشدد يتقدم في استطلاعات الرأي في بريطانيا.. والعما


.. بشأن مطار -رفيق الحريري-.. اتحاد النقل الجوي اللبناني يرد عل




.. قصف روسي على خاركيف.. وتأهب جوي في ست مقاطعات أوكرانية | #را


.. موسكو تحمّل واشنطن «مسؤولية» الهجوم الصاروخي على القرم




.. الجيش السوداني يوافق على عقد لقاء تشاوري مع تنسيقية -تقدم-