الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجامعة وأنواعها

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2010 / 12 / 7
التربية والتعليم والبحث العلمي


تتحدد مكانة الجامعة فى هذا العصر حسب إسهاماتها البحثية والفكرية بغض النظر عن دورها فى التعليم والتدريس. كلنا يعرف أن معظم المعايير التى تستخدم لترتيب الجامعات وتصنيفها تعتمد على البحث العلمى. فتصنيف جامعة شنغهاى جياو تونغ الصينية يقوم على المعايير التالية: 1. قدرة خريجي الجامعة على نيل الجوائز العالمية (مثل جائزة نوبل) 2. عدد الأساتذة الحاصلين على جوائز وأوسمة عالمية كجائزة نوبل ووسام فيلدز 3. الأبحاث المتميزة لأساتذة الجامعة كما هى مدرجة فى دليل النشر العلمى ودليل النشر للعلوم الاجتماعية ودليل النشر للفنون والعلوم الإنسانية ومعدل اقتباس الباحثين من هذه الأبحاث العلمية. 4. الأداء أو الإنجاز الأكاديمي للجامعة مقارنة بحجمها وفى ضوء المعايير السابقة. لعل هذه المعايير تعتبر أن دور الجامعة الرئيسى هو إنتاج الأبحاث العلمية وان الأساتذة لا وظيفة لهم فى هذه الجامعات سوى إجراء الأبحاث ونشرها فى دوريات علمية معترف بها. من الواضح أن هذه المعايير لا تلتفت إلى الدور التعليمى للجامعات ولا تنظر إلى الأستاذ كمعلم ينقل المعرفة إلى الأجيال الأخرى ولا يدرب الطلاب على امتهان وإتقان مهن بعينها كالتدريس والطب والهندسة والمحاماة.

من المفيد أن نتوقف قليلا للتعرف على ماهية الجامعة والهدف من إنشائها. إن العالم اليوم بات مهتما بالتعليم العالى ويسعى للوقوف على أهدافه. لقد نظمت جامعة رودز فى جنوب أفريقيا فى شهر أكتوبر الماضى ندوة حول "أهداف التعليم العالى" حيث شارك فيها أساتذة من الجامعات الأوربية والأمريكية ومنهم الدكتور جوردون جراهام أستاذ الفلسفة والآداب بجامعة برينستون الأمريكية الذى قدم لنا ثلاثة نماذج للجامعات فى تاريخ التعليم العالى حول العالم: الجامعة كمقر لتعلم مهنة بعينها والجامعة كهيئة بحثية والجامعة التقنية التى تهدف إلى تدريب الطالب على استخدام التكنولوجيا.

1. الجامعة المهنية
إن الغرض من التعليم فى الجامعة المهنية لم يكن للحصول على المعرفة من أجل المعرفة بل من أجل تعلم مهنة من المهن. من الملاحظ أن الجامعة كمقر لتعلم مهنة دينية أو قانونية تعتبر من أقدم وظائف الجامعة والذى على أساسها نشأت أشهر الجامعات الأوربية مثل جامعة بولون (1088م) وجامعة باريس (1160م) وجامعة أكسفورد (1069م؟). لعل هذه الجامعات الأوربية كانت بمثابة مؤسسات لتخريج مهنيين كالقساوسة والمحاميين وفيما بعد رجال الطب. كما حذت حذوها مؤسسات التعليم العالى فى المستعمرات الأمريكية حيث وضعت الكليات الناشئة الأسس لجامعات مهمة كجامعة برينستون فى نيوجرسى (1746م) وجامعة كولومبيا فى نيويورك (1754م).

2. الجامعة البحثية
الجدير بالذكر أن الكليات المهنية قد كافحت من أجل البقاء فى النصف الثانى من القرن 19 الذى شهد مولد الجامعات البحثية حين أسس اللغوى والمصلح التعليمى وليام هامبولت جامعة برلين فى عام 1810م. وكانت هذه الجامعة البحثية عبارة عن مجتمع يضم علماء وباحثين كرسوا حياتهم لإجراء الأبحاث بصرف النظر عن قيمتها التربوية أو وظيفتها وفائدتها الاجتماعية. وقد نشأت جامعة جونز هوبكنز فى بالتيمور بولاية ميريلاند الأمريكية (1876م) على غرار جامعة برلين التى أصبحت نموذجا لجامعات الدرجة الأولى الرائدة فى مجال البحث العلمى الذى يهدف إلى إنتاج المعرفة من أجل المعرفة وليس بغرض التعليم. اللافت للنظر أن هذا النموذج للجامعة البحثية لها نقادها حيث يعدها البعض برجا عاجيا يهتم بالأمور الغامضة التى لا علاقة لها بضروريات الحياة العادية. وهذه النظرة كانت ضارة بهذه الجامعات التى تعتمد على أموال دافعى الضرائب. لقد ظل المواطنون يتساءلون: لماذا تنفق الأموال العامة على قاطنى الأبراج العالية الذين يقومون بإجراء أبحاث لا تعود بالفائدة المباشرة على المجتمع؟

3. الجامعة التقنية
لعل تلك النظرة النفعية للجامعة ولدورها الفعال فى رفاهية وتقدم المجتمع المحيط بها أدت إلى تزايد الطلب على تعليم تقنى ومفيد للمجتمع مما ساهم فى بزوغ نجم نموذج آخر للجامعة حيث يتم تقديم تعليم عملى ذى مستوى متقدم. كما كان هذا دافعا لإنشاء جامعات تابعة للولايات فى أمريكا فى نهاية القرن 19 (مثلا جامعة أريزونا فى عام 1885م) وهذه الجامعات استفادت من قانون موريل فى 1862 و1890 الذى بموجبه تخصص كل ولاية قطعة أرض لإنشاء كليات تهتم بتدريس الزراعة والعلوم والهندسة لمواكبة التطورات التى أحدثتها الثورة الصناعية التى انطلقت فى بريطانيا فى القرن الثامن عشر. وهذا التوجه أسفر عن تبنى سياسة تقصر البحث الأكاديمى على الأمور التى تمثل فائدة للمجتمع.
لا شك أن دراسة ومقارنة هذه النماذج المختلفة للجامعة قد تساعد فى توضيح الاختيارات المستقبلية التى تتخذها الجامعات المصرية والعربية لمواجهة المشكلة التى طالما تؤرق مضاجعها وهى كيف تعمل الجامعة على المواءمة بين المحافظة على استقلاليتها ودورها تجاه المجتمع والطلاب الذين فى حاجة إلى المعرفة التى تثرى حياتهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الجامعات
Dr. Jamshid Ibrahim ( 2010 / 12 / 8 - 08:30 )
الجامعات الاوربية و بسبب ميزايانتها المتدهورة في طريقها ان تتحول الى تجارة. لقد انتهى زمن الدراسة بالمجان و قل البحث العلمي و تتوجه الجامعت باتجاه الجامعات المهنية
university of applied science
فمثلا بدأت المانيا بالتحول الى نظام البكلوريس لاجل تخريج طلاب باقل فترة ممكنة و الجامعات بصورة عامة و بفضل التكنوجيا الحديثة ستتغير جذريا واصبح الهدف ليس العلم بل الربح وهذا ينطبق مع نظام التقيمات الجديدة الذي همه الوحيد هو قياس الانتاج و ليس العلم. و ما جائزة نوبل الا هدف لاجل الشهرة و المال بدل العلم
تحياتي

اخر الافلام

.. هل ينتزع الحراك الطلابي عبر العالم -إرادة سياسية- لوقف الحرب


.. دمر المنازل واقتلع ما بطريقه.. فيديو يُظهر إعصارًا هائلًا يض




.. عين بوتين على خاركيف وسومي .. فكيف انهارت الجبهة الشرقية لأو


.. إسرائيل.. تسريبات عن خطة نتنياهو بشأن مستقبل القطاع |#غرفة_ا




.. قطر.. البنتاغون ينقل مسيرات ومقاتلات إلى قاعدة العديد |#غرفة