الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشخصية السوسيوباتية والعدوانية

صاحب الربيعي

2010 / 12 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


على الرغم من أن التطورات العلمية والتكنولوجية تؤثر ايجاباً في المجتمعات البشرية لكنها لا تخلو من السلبيات على أفراد المجتمع، فكلما زاد تطور المجتمع ضعفت الأواصر الحسية والعاطفية بين أفراده. ومع الزمن تغيب مفردات التضامن والتواصل الاجتماعي لصالح علاقات مصالح فردية بحتة خالية الاحساس والعاطفة، لتصبح الحياة العامة بوتقة لحيوات خاصة ومنعزلة تفتقد للروابط الإنسانية. لذلك احتمال اصابة أفراد المجتمعات المتطورة بالأمراض النفسية أكثر من اصابة أفراد المجتمعات المتخلفة، لضعف علاقات التضامن والعواطف الحسية.
مع الأخذ في الاعتبار أن الآلية الأساس لمنظومة الإنسان تحركها العواطف الكامنة والمتأثرة على نحو مباشر بعوامل المحيط الاجتماعي، فحين تكون عوامل المحيط سلبية تحفز الرواسب الشريرة الكامنة، ويؤدي ذلك إلى حدوث اضطرابات في المشاعر والاحاسيس وردود أفعال لسلوكيات سلبية اندفاعية غير متأينة وخارجة على إرادة الفرد الذاتية لاختلال أجهزة الضبط والتحكم الذاتي. على خلافه فإن عوامل المحيط الاجتماعي الايجابية تحفز الرواسب الخيرة الكامنة لصالح سلوكيات سوية في المجتمع.
يُعرف (( شابيرو )) السلوك الاندفاعي : " إنه خللاً أو اضطراباً في المشاعر السوية المرتبطة بالتروي والقصد أو النية كونه فعل منعكس يصدر عن رد فعل على عوامل سلبية للمحيط الخارجي ".
حين تزداد الضغوط النفسية على الفرد وتنعدم الحماية الاجتماعية تبحث الذات عن خلاصها لتخلي المجتمع عنها، فتلجأ إلى اتباع أساليب غالباً ما تكون متعارضة مع القيم العامة للمجتمع وأعرافه كنوع من رد الفعل غير المباشر ضد المجتمع الذي تخلى عنها ورد فعل مباشر للانتقام من الذات لعدم قدرتها تخطي العتبة الحرجة للضغوط النفسية العامة. فقد تلجأ الشخصية السوسيوباتية إلى اتباع سلوكيات متعارضة مع السلوكيات العامة للمجتمع وغير منضبطة مثل الإدمان على الكحول، وممارسة سلوكيات مضادة للمجتمع، وممارسة سلوكيات شاذة مثل الانحرافات الجنسية غير السوية التي يعدّها المجتمع خرقاً فاضحاً لقيمه وتقاليده وأعرافه العامة.
يصف (( محمد ربيع وآخرون )) الشخصية السوسيوباتية : " أنها تعاني الاضطربات السلوكية مثل الانحرافات الجنسية، والإدمان على الكحول، والسلوك المضاد للمجتمع، والسلوك اللااجتماعي ".
لا يمكن عدّ تأثير الاضطرابات السلوكيات غير السوية للفرد، اضطرابات معزولة تخص الفرد وحده بعدّه كائناً اجتماعياً سوياً مكتسب عضويته الكاملة من المجتمع، لكن حين يتخلى من ذاته عن عضوية المجتمع لا يعدّ ذلك برغبة ذاتية محضة وإنما تحت تأثير عوامل المحيط الاجتماعي. ومن ثم فإنه يشعر أن المجتمع مارس ضغوطاً نفسية عليه ليجبره على العزلة بالنبذ الاجتماعي غير المباشر، فيحقد على المجتمع وتتتحول شخصيته السوية إلى شخصية غير سوية، شخصية سلبية تمارس سلوكيات عدوانية ضد الأسوياء في المجتمع بعدّهم مسؤولون على نحو غير مباشر عن اصابتها باضطرابات نفسية افقدتها عضويتها ككائن اجتماعي سوي يتمتع بكل الحقوق المعنوية في المحيط الاجتماعي.
تُعرف الشخصية السلبية العدوانية : " أنها الشخصية المصابة باضطراب المشاعر وتمارس عدوانيتها على نحو غير مباشر وبصور شتى مثل العناد، والتهجم، والمماطلة ".
لا يمكن التقدير على وجه الدقة حجم العدوانية للشخصية السلبية المضاد للمجتمع ومدى خطورتها على المحيط الاجتماعي، لارتباط ذلك بحجم الضغوط النفسية من محيطها الاجتماعي فتزيد عدوانيتها، وإن تركت من دون علاج نفسي فإنها تشكل خطراً مباشراً على المجتمع. لذلك يفضل تحاشي الصدام مع الشخصية السلبية العدوانية ليس تجنباً لعدوانيتها وحسب، بل عدم زيادة الضغوط النفسية عليها. لأنها تعدّ كل مواجهة معها تحدياً واصراراً على نبذها وعزلها ما يزيد عدوانيتها كنوع من الدفاع اللاواعي عن الذات، بعدّها ذاتاً مهددة من محيطها الاجتماعي. وكلما زادت العدوانية زادت سلوكياتها الإجرامية للانتقام من المجتمع، وكلما كان الانتقام بشعاً زاد احساسها بتحقيق النصر على المجتمع.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الهدنة التكتيكية للجيش الإسرائيلي تفضح الخلافات مع السياسيين


.. قمة سويسرا: السلام في أوكرانيا يستدعي إشراك جميع الأطراف| #غ




.. بركان خامد.. حزب الله أقوى وكلاء إيران


.. نتنياهو وغالانت سارعا لنفي علمهما بقرار الهدنة التكتيكية وبن




.. خطيب العيد بالبرازيل: غزة تقدم دروسًا للعالم في التضحية والف