الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهاجرو فرنسا/ الوجه الآخر

حنان بكير

2010 / 12 / 13
المجتمع المدني


احتلت فرنسا، في أكثر الأحيان، مركز الصدارة أو الريادة، في التصدي لبعض القضايا الشائكة وذات الحساسية الخاصة، مثل قضية الحجاب والنقاب، ثم كانت أعمال الشغب التي عمّت العديد من الأماكن التي يقطنها المهاجرون. وقد تطرقت في أكثر من مقال عن حق الدولة الفرنسية، في الدفاع عن نظام الحكم، وشكل المجتمع الذي ترسمه لمواطنيها، باعتبارها دولة علمانية.
وقد خيّل لي، بأن مهاجري فرنسا، هم على مثال ما نشاهده على الفضائيات، من متظاهرين لتأييد النقاب، وأعمال شغب وحرائق و...الخ. رغم أني خبرت فرنسا، وكنت فيها أكثر من أربع مرات، يوم كانت ابنتي تدرس هناك. لكن حدود معرفتي بالأجانب هناك كانت محصورة في دائرة الطلبة.
مناسبة الحديث، هي زيارتي لفرنسا الأسبوع الماضي، بدعوة من مجلس بلديات فرنسا، للاشتراك في مؤتمرهم السنوي.والذي يضم حوالي السبعين بلدية، تعمل على نظام توأمة كل بلدية مع مخيم من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين. لكن سوء الأحوال الجوية، أعاق بعض رؤساء البلديات من الحضور. وهذا موضوع آخر سآتي على ذكره لاحقا.
كان في استقبالي في المطار، ثلاث سيدات شابات، مع باقة ورد تحمل أناقة الذوق الفرنسي، كانت احداهن زوجة رئيس بلدية بانولي. كن بكامل أناقتهن، لفتني الهدوء والتهذيب في سلوكهن. وهنّ صابرينا، فتيحة ونسيمة.. ولاحقا التقيت بالعديد من مثالهن، وقد كن على الأغلب من المغرب والجزائر وتونس وفلسطين ولبنان... متزوجات ولديهن أطفال. ولاحقا التقيت بالعديد من الشباب أيضا، من المنخرطين في نشاطات اجتماعية.. أدهشني، اندماجهم في المجتمع الفرنسي. دون التنكر لثقافتهم الأولى، ودون أن يديروا ظهورهم، لهموم ومشاغل أوطانهم التي هجروها، وقد حصل بعضهم على مراكز محترمة. وبعضهم كان من موظفي البلديات، وقد حازوا على مراكزهم بالانتخابات التي لا تشبه الانتخابات في بلادنا!
لهؤلاء المهاجرين/ المواطنين، نكهة خاصة، تمزج ثقافتي الشرق والغرب، في تناغم هادىء، فهم عرب وهم فرنسيون. لا يناقشون موضوع الاندماج، لأنه ببساطة لا يشكل مشكلة أو صراعا بين ثقافتين، بل يفهمونه تأقلما وانسجاما، مع الوطن الجديد.. انها ثقافة جديدة تأخذ الأجمل والأنسب من كلتا الثقافتين.
ما لفتني، أيضا، هو الانسجام التام بينهم وبين الفرنسيين، في مجال العمل الاجتماعي، فيما يختص بالدعم والمساعدات التي تقدم، للهيئات والمؤسسات الاجتماعية، في بلادنا، وعلى رأسها المخيمات الفلسطينية. وهذا ما نفتقده مثلا في النرويج، حيث نجد المؤسسات النرويجية العاملة لنصرة قضايانا، تكاد تكون خالية من العنصر العربي، الذي ربما يفضل العمل المنفصل، وان كان هناك من تعاون فهو محدود جدا.
التمازج الثقافي لا يعني، أننا نتعلم من ثقافة الآخر، كوننا قادمون من دول نامية، أو على الأصح، غير متطورة، وأن لا شيء عندنا لنقدمه للآخر! ايزابيل الفرنسية، الناشطة الاجتماعية الفرنسية، وزوجة فرناند، رئيس الجمعية " جي اآي بي أف آر "، والتي كانت تصرّ على أن نكون ضيوفها على العشاء كل يوم، مع رهط كبير من الناشطين، لم أر في سلوكياتها في البيت والضيافة واعداد الطعام و.. الاّ امرأة عربية ! وتتحلى مع زوجها فرناند بتلك الروح العربية السمحة والحلوة، التي بدأنا نحن نفقدها!
ماريان، الناشطة الاجتماعية والمترجمة. كانت متزوجة من رجل فلسطيني، وعاشت فترة طويلة في رام الله. قبل أن ينتقل الزوج الى رحمة الله.. حافظت ماريان على نمط حياتها الذي اكتسبته في رام الله.. وواصلت مسيرتها في خدمة القضية الفلسطينية في فرنسا وفلسطين ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان !
ما أود قوله هو: أنّ بامكاننا التعلم والاندماج، كما يمكننا التأثير الايجابي على المجتمعات التي نعيش بين ظهرانيها، اذا ما تحلينا بالأخلاق الحسنة، وتقبلنا الآخر بعقل منفتح... و اذا أدركنا أنّ الآخر لا يعني الحرب والسياسة... بل منهم، من هم أكثر انسانية واخلاصا لقضايانا، من كثيرين من أبناء جلدتنا.. يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اؤيد كلامك بشدة لما رايت من صديقاتي في فرنسا
داليا محمد ( 2010 / 12 / 13 - 14:07 )
اؤيد كلامك بشدة حيث يظهر الوجة الاخر للمهجرين وقد لمسته بنفسي من خلال صديقتي السورية الفرنسية المهاجرة وكيف تتمازج وتندمج وتتفاعل مع المجتمع الفرنسي هي وكثيرات سوريات لبنانيات مغاربة وتونسيات ... علي درجة عالية من التناغم مع المجتمع الذي يعيشون به .. مثقفات عاملات ومنهن من لا يعملن ولكنهم مندمجات حتي التزاوج من فرنسيين... وكما ذكرت لا يفوتهم الاناقة الفرنسية والحياة الفرنسية بكل معانيها وحتي اقرب الصديقات مزيج فرنسي عربي ... وجهة حضاري يؤكد علي الانسجام الفكري والقدرة علي الامتزاج طالما الاحترام والقبول متبادل

فعلا بينهم يحس الانسان بامتزاج التاريخ والفنون والاجناس بعيدا عن عنصرية سواء متزمتي الشرق او الغرب


2 - مرحبا بك
حنان بكير ( 2010 / 12 / 13 - 15:57 )
أشكرك يا أخت داليا على مرورك وتعليقك.. نعم انها حقيقة رائعة ، ذلك الوجه الآخر المنفتح والمتحضر، للجالية العربية، في فرنسا، وليتهم يصبحون مثالا ونموذجا لجالياتنا، في الغرب. تحياتي لك

اخر الافلام

.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح


.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف




.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي


.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية




.. كاميرا العربية ترصد نقل قوارب المهاجرين غير الشرعيين عبر الق