الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهجوم على الثقافة وعلى الحريات الشخصية وجهان لعملة واحدة

منتدى بغداد للثقافة والفنون برلين

2010 / 12 / 14
المجتمع المدني


بيان من منتدى بغداد للثقافة والفنون في برلين
الهجوم على الثقافة وعلى الحريات الشخصية وجهان لعملة واحدة

تتوارد الأنباء عن تزايد ردود الفعل والرفض الشعبي للقرارات المعادية للثقافة والفنون التي تمارسها أوساط رسمية وشبه رسمية في العراق. ولم تكن حوادث منع سيرك مونت كارلو من الاستمرار في تقديم عروضه في البصرة ومن ثم منع الغناء والموسيقى من أن تكون ضمن فقرات مهرجان بابل للفنون إلا مجرد أمثلة على هجوم يستهدف الثقافة والحريات العامة والمجتمع المدني.

وتثار في الوقت الحاضر مسألة قيام سلطات تنفيذية بمنع تقديم المشروبات الكحولية في نادي اتحاد الأدباء وفيما إذا كان هذا الإجراء يستحق هذا الحجم من ردود الأفعال في الوقت الذي يعاني فيه المواطن العراقي من نقص شديد في الخدمات الأساسية ومنها المياه الصالحة للشرب والاستهلاك البشري.

وإذا ما كان منع تقديم المشروبات الكحولية في نادي اتحاد الأدباء قد لا يبدو للوهلة الأولى مشكلة ملحة في هذا الظرف فإنه ليس بوسع المراقب لهذه الأحداث مع ذلك إلا أن يلاحظ ما يلي:
- إن هذا يشكل تهديدا لنمط التعددية الدينية التي اشتهر بها العراق منذ أقدم العصور.
- أن الحريات الشخصية لا يمكن تجزئتها لأنها مترابطة وسوف يقود التهاون بأحدٍ منها إلى تفاقم الاعتداء على الحريات العامة بكافة أشكالها وأن هذه الحريات هي التي تشكل أساس المجتمع المدني ولا يحق لنا أن نسقط حقا من الحقوق انتقائيا اعتمادا على طرائق سلوكنا ونمط حياتنا فقط.

شكل نظام المحاصصة السياسية والطائفية المعتمد في العراق ضربة في الصميم لإمكانية أي شكل من أشكال التطور وتحسين ظروف المواطنين العراقيين، إذ جُعل وسيلة للجم الأفواه بواسطة توزيع المغانم وصار وسيلة للترضيات والتستر المتقابل على الأخطاء والسرقات، ولم ترتفع أصوات الاحتجاج على خرق الحقوق المدنية، إلا في حالة إقصاء هذه الأطراف من دائرة مقتسمي مغانم السلطة.

كما أدت هذه المحاصصة إلى عدم إمكانية نشوء معارضة جادة تقوم بتقويم عمل السلطات التنفيذية وتسعى إلى فضح الفساد ، كما لم يتقدم أي طرف سياسي أو شخصية " مستقلة " بمقترح لجعل رواتب أعضاء الحكومة أو البرلمان تتناسب مع مستوى الدخل الوطني ومتوسط دخل الفرد العراقي، ولم نسمع من أيٍّ من ممثلي السلطة والبرلمان اقتراحا يقضي بأن يصار إلى جعل المداخيل التي يتم جنيها بسبب عضوية الحكومة والبرلمان معلنة للناخب.

أدى الخطاب الطائفي المخطط وتهويل خطر الطائفة الأخرى والقومية الأخرى " المعادية " إلى تضليل الناخب الذي دُفع إلى انتخاب ممثله في البرلمان اعتمادا على مرجعيته الطائفية والقومية وجرى إقصاء النزاهة والكفاءة كمعايير معتمدة في العالم المتحضر من أجل الانتخاب وإعادة الانتخاب.

ولا نعفي قوات الاحتلال الأمريكية من الاعتداء على الثقافة والذي بلغ أيضاً استهداف الصحافة ودور العلم والمتاحف حيث تم تدمير الإرث الحضاري العراقي وإنتشار مافيا تهريب الآثار.. إن إزدهار الثقافة العراقية وتنوعها هي الوسيلة الأكثر فاعلية في توحيد العراقيين مهما اختلفت قومياتهم ودياناتهم وطوائفهم. وقد كتبت عالمة اجتماع ألمانية في صحيفة الفاينشيال تمايز النسخة الألمانية أن أمريكا استقدمت مع قواتها التي احتلت ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية خبراء في كل المجالات لمسك الوزارات والحفاظ على الوثائق والآثار من العبث المتوقع بعد كل حرب وتساءلت لماذا لم تقم القوات التي دخلت إلى العراق بنفس الإجراء؟.

واليوم نجد في الكثير من الظواهر مثل التصريحات المعادية للثقافة والمثقفين وادراج وزارة الثقافة ضمن جدول المحاصصة وعدم وجود دور للمثقفين المستقلين في صنع القرار وتجاهل الدستور لدور المثقفين وللعمق الثقافي التاريخي للعراق براهين على أن هذا النهج راسخ وإنه مكوّنٌ أساسيٌّ لأيديولوجية الاتجاهات الظلامية الطائفية وفي صلب برامجها.

ويندرج في هذا السياق قيام السلطات المختصة بإصدار قرارٍ بإعفاء مزوري الشهادات من المساءلة القانونية وقيامها بالتأكيد على أن هذا القرار سيسرى على كافة المناصب في الدولة. ونحن إذ نأخذ بنظر الاعتبار الأخبار التي تحدثت عن قيام أعضاء برلمان وموظفين من درجات رفيعة بتزوير الشهادات سوف نعرف من هم أساسا المقصودون بهذا العفو.

هنا تحل الرأفة ورِقة القلب فجأة على السلطات المختصة في حين يتطلب الأمر أقصى درجات التشدد، فالتهاون في مجال الثقافة والعلم والمعايير لا يقل خطرا عن الاعمال الارهابية، وهو من جهة أخرى مؤشر على مدى تفشي مزوري الشهادات في مجال السلطة وسيطرة الجهلة على مقاليد الأمور وتحكمهم بمؤسسات الدولة كما يدل على مدى الاستهانة بالمعيار المعرفي ومعيار الكفاءة.

وفي كل الأحوال فإنه ليس من الصعب على المراقب الموضوعي إلا أن يلاحظ كيف أن حظوظ المثقفين والتكنوقراط وحملة الشهادات قد أصبحت شبه معدومة وان الولاء السياسي والطائفي بات المعيار الوحيد لتولي المناصب حتى في تلك المجالات التي تتطلب الخبرة المهنية.

إن منتدى بغداد للثقافة والفنون الساعي إلى التأسيس لثقافة التسامح والانفتاح يجد نفسه انطلاقا من شعوره بالمسئولية الثقافية والوطنية يقف مع كل الأطراف التي تسعى حقا إلى احترام الثقافة والحريات العامة، ويرى بأن الهجوم على الثقافة والحريات الشخصية ظاهرة غير مقبولة بأي حال من الأحوال تجاوزت كل الأعراف والقوانين بما فيها الدستور العراقي الذي أقر حقوق المواطنين دون تمييز.


برلين
14 ديسمبر / كانون الاول 2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرارة الجو ..أزمة جديدة تفاقم معاناة النازحين بغزة| #مراسلو_


.. ميقاتي: نرفض أن يتحول لبنان إلى وطن بديل ونطالب بمعالجة ملف




.. شاهد: اشتباكات واعتقالات.. الشرطة تحتشد قرب مخيم احتجاج مؤيد


.. رغم أوامر الفض والاعتقالات.. اتساع رقعة احتجاجات الجامعات ال




.. بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين تمهيداً لترحيلهم إلى رواندا