الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطائفية وثقافة الاستئصال في الإسلام ج5

الاء حامد

2010 / 12 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في البحوث السابقة تكلمنا عن الطائفية بشتى إشكالها واخترنا الطائفية السياسية كنموذج في طرحنا وقد عولنا على مبدأ ان الطائفية السياسية هي توظيف سياسي او ديني سلبي وغير صحي لأنتماء الجمهور لطوائفه بما يخالف حرية الإنسان وحقوقه المشروعة وتضامنه مع أبناء الطوائف الأخرى داخل وطنه.
وما كان في مقدور الطائفية ان تنتشر بهذا الشكل لولا وجود أئمة ورجال دين وأحزاب سياسية طائفية ولولا وجود قنوات تلفزة عربية وغير عربيه ومحطات وإذاعة وصحافة تروج للطائفية السياسية وتدعو لها وتعبئ الناس حولها , وهي المعاناة التي يواجهها المجتمع العراقي حاليا. ويمكن ان تسود الحالة ذاتها في بلدان أخرى في المنطقة ان تواصلت في العراق طويلا.
وعمليا فأن عوامل الدفع بأتجاه التطرف كانت كامنة في المجتمع العراقي وهي نتيجة طبيعية لاستمرار الخطأ التاريخي المتمثل بتغيب الإرادة الشعبية الوطنية لمجموع الشعب واختصار تلك الإرادة بإرادة فئة أو مكون واحد وان كان قد غزت في العراق أسراب الطائفية . مرة بداعي مقامة الاحتلال ومساعدة الشعب العراقي على التخلص منه, ومرة بدواعي الجهاد الإسلامي مختارين من ارض العراق ميدانا, وشعبه هدفا سهلا لذلك الجهاد. والحاصل ان دولا ومنظمات متطرفة تشارك بعلنية فجة في التخطيط والتمويل والتنفيذ والمعلومات, وتقديم كل ما من شأنه أسعار نار الفتنة الطائفية السياسية في العراق ووفقا لحسابات وغايات ومصالح وسياسات وأهداف.
ثم ان كل العراقيين من شيعة وسنة وكردا وعربا وتركمانا او مسيحيين قد اكتووا بنار الطائفية السياسية بشكل او بأخر حتى الصابئة. اذ استهدف الإرهاب الطائفي المنظم كل شيء في العراق وهوجمت التجمعات السكنية تبعا لنوع الطائفة التي تتواجد فيها واستهدفت الفعاليات الاقتصادية في الأسواق والمراقد المقدسة والكنائس والدير واغتيل العلماء والرهبان والكهنة والمدنيين العزل وكل شيْ.
ومع ان التاريخ لم يسجل حربا طائفية , الا ان ما يجري على أرضه الآن هو مستوى متقدم من العنف الطائفي ومثال للطائفية السياسية المتكئة على مسميات دينية وقوميه وحزبية ضيقة كتبريرات جاهزة لها وما يجري الان حول تأخر تشكيل الحكومة الا نتيجة للطائفية السياسية.
وهذا هو المسلك السياسي الطائفي الذي يميل الى التطرف وهو ما يعد فعلا عدوانية نقيضا للفطرة الإنسانية النازعة من الألفة الاجتماعية بغض النظر عن المحدودات الطائفية الذاتية للجماعات. ولعل اشد إشكال المسلك الطائفي تطرفا هو مصادرة حق الوجود والحياة للطوائف والجماعات الأخرى بالقهر والظلم والعدوان والحرمان من ابسط استحقاقات التنوع وخصوصياته , وينحى المسلك السياسي الطائفي بالأخير الى رفض أي أنواع الشراكة الإنسانية وهذا ما نخشاه نحن أبناء الأقليات والطوائف الأخرى.
واذا ما تهيأ لأي طائفة قادة يؤمنون بمبادة الصرامة الطائفية ومقتضياتها ويتفقون عليها, ويرون مصالحهم لا تتحقق الا من خلالها ويسعون الى فرض وصياتهم عليها بعنوان القيادة, فأن الطائفية تبني لها ثقافة وسلوكا ومسوغات لهذا السلوك على عكس ما لو توفر قادة يطبقون الفكر الديمقراطي بحيث بات يعترف بجماعات هوية ذات حقوق جماعية وإدارات ذاتية وغيرها ويشمل ذلك الطوائف والمذاهب وغيرها.
ولكن هذه لا تقوم على مستوى الديمقراطية الأكثرية القائمة على المواطنة بل على مستوى آخر بعد ان أرسيت المواطنة الفردية وحقوها كأساس, فالحقوق الجماعية مشتقة من أي حقوق المواطن الفرد في ان ينتمي الى جماعة هوية. وهذه لا تتوافق في الحكم بل تمنح من قبل الحكم ودستوره الديمقراطي كحقوق إدارية جماعية خارج حسم مسألة السلطة.
وهنا تبتدئ مرحلة تشخيص العلاج من حيث ان النظام الديمقراطي يضمن لكل فرد ولكل جماعة سواء كانت طائفة او قومية او حزبا سياسيا او منظمة اجتماعية دورا يتناسب مع الثقل الاجتماعي او الكفاءة الاختصاصية, لهذا الفرد او الجماعة, وهواجس بعض الشيعة المستندة الى أطروحات الظلم التاريخي للشيعة وحظر التهميش من المتربص السني قد تعيق بناء الديمقراطية المبتغاة في العراق. لذا لابد للسني ان يبدد هواجس الشيعي ولابد للشيعي ان يضمن حقوق السني في ضل أكثريته العددية وبالتالي إن تتوحد صفوف العراقيين لتجاوز العقبات والسعي نحو توحيد الهوية الوطنية الجامعة لكل المكونات. وهذا ما نسعى إليها نحن الأقلية المسيحية.
ومن اجل الوصول الى مجتمع نموذجي في الشرق الأوسط لابد من إشاعة (ثقافة التسامح واللاعنف ) في العراق ضمن ولادته الجديدة فأنه على الأحزاب والتجمعات والجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني الفاعلة فيه ان تعي دورها وتكثف حضورها باتجاه القضاء على إشكالية العنف والإرهاب من خلال القضاء على عوامله المختلفة المحركة له.
مما يساهم في القضاء على هذه الظاهرة العدوانية المقيتة المدمرة ويسهم في إشاعة أجواء الثقافة التسامحيه من اجل بناء مجتمع معاصر ومحتضر. وكما ندعو الى إيجاد مراكز تثقيفية متعددة تقوم بتصحيح المفاهيم وتوعية الناس واستيعاب الأفكار وترويج حسن النقد والمشاركة لدى الإفراد وتربيتهم على تقبل ثقافة التسامح بدل العنف والقوة.
تمت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ثقافة الكراهيه السائده فى البلاد العربيه
حكيم العارف ( 2010 / 12 / 15 - 05:12 )
مقال رائع ولكن الغير طائفيين من المسلمين هم قلائل ونادر ما يواجهون الحشد الطائفى..

لذلك المقال لن يغدو الا مجرد صرخة الم وسط ضجيج الات الهدم الاجتماعى القائم على ثقافة الكراهيه السائده فى البلاد العربيه..


2 - الاخ حكيم العارف
الاء حامد ( 2010 / 12 / 16 - 05:44 )

عمت صباحا .بكل خير
شكرا لمرورك ولتعليقك ولكما اسعدت بهما ايما سعادة . بالطبع قد بحثنا تلك الطائفيه ومدى تأثيرها على الواقع المرير الذي نعيشه فوجدناها انها دمار للشعوب التي تتعايش في اثرها لذا دعونا الى نبذها والاعتماد على النظام الديمقراطي بدلا منها. شكرا مرة اخرى مع الود لك

اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah