الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة والدين

فرهاد عزيز

2010 / 12 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الدولة والدين
مساهمة حول الموضوع المتداول بين الاستاذين حامد العطية ونزار احمد
بادئ ذي بدء بودي ان اشير الى ان الديمقراطية هي وسيلة الذين يؤمنون بممارستها للوصول الى السلطة ومحاولة تطبيق مفاهيمهم في ادارة البلاد التي يستلمون فيها السلطة ، اي سلطة ادارة دولة وبلاد يعيش فيها بشر مختلفون في كل شئ ولايمكن وضعهم تحت سوط مفهوم واحد او عقيدة ودين واحد ، لذا البحث عن افضل الوسائل لخدمة البشرية وبمختلف تصوراتهم هو في اتاحة المجال لهم جميعا بالتعبير عن مايريدون قوله او ممارسته وذلك بوضع القوانين التي تتطور والمعرفة البشرية التي تكفل للجميع ممارسة شعائرهم ، لذلك لا اعتقد ان الذين يؤمنون بان نهجهم هو الامثل وان طريقهم هو الافضل يعرفون قيمة الاخر او يحترمون فيه رأي الاخر، لأن الافضل في حدود الانا او النحن ، اما الاخر والهم يبحثون ويتصورون ايضا بان لهم ما يعتقدون بانهم الافضل والامثل ، لذا يظهر الخلاف في هذه التصورات في التطبيق والممارسة ، وبالتالي تظهر النزعة العدوانية عند النحن والانا عندما لأومن بأن الاخر له الافضل ايضا ، ولأن فهم الانسان لتعاليم السماء محدود بسعة مداركه وفهمه لتعاليم السماء ، صار من البديهي ان تاخذ تطبيقات تعاليم السماء صورا شتى وممارسات تنبع من فهم المجموع المختلف حتى في التفسيرات المختلفة لنص السماء .

لذلك حاولت الافكار السماوية ان تمنح الجنة للمؤمنين الصالحين التقاة ، بالاحرى للملائكة الذين اخرجتهم الارادة السماوية من جناتها جراء معصيتهم كي يعيشوا في الارض ويرتقوا لمصاف المستحقين لنعيم الجنة وبالتالي عليهم البحث مرة اخرى عن الجنة من خلال تطبيقات سلوكية واخلاقية ترقى للمواصفات التي تتطلبها عدالة السماء وهي المسيرة الصعبة التي ظلت البشرية تدفع ثمنها في مفهوم السماء ، وبالتالي ومن خلال محاولة الانسان في التوافق مع نفسه والغير صار يفكر في نظام سعى الانسان فيه ومن خلال صراع الانسان ونوازعه الكامنة وفهمه للحياة ومن خلال الاطر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لخلق النموذج الافضل لادارة الدولة كي تعيش الكائنات الحية فيها سنواتها بنوع من الراحة الفكرية النفسية والجسدية .

القناعات بافكار السماء ام بغيرها هي شأن الانسان الخاص بين نفسه ونفسه ولا شأن للاخر بها الا في حدود اذية الاخر، لذلك حاولت الافكار السماوية والوضعية لتحديد او التقليل من الحاق الضرر بالاخر ونعني هنا العقلاء من البشر من الذين بشروا بتعاليم السماء او الفلاسفة الذين بحثوا عن ضالتهم في تنظيم الحياة على الارض ، لذا فان الخوض في ايهما الاول الوعي ام المادة هو ايضا شأن خاص وليس لنا ان نقنع الاخريين على الاعتناق بهذا او ذاك ، لذلك حاولت الانسانية ايجاد نظام هوية وسجل لايتم فيها ذكر لون البشرة اوا لمعتقد ، باعتبارها من الشأن الخاص ، اما من لايؤمن بالشان الخاص ويرى بان الاخر هو ايضا ملك الانا وجب تقويمه يكون قد اقترف جرما بحق نفسه ، لانه وبنفس العقلية والتفكير منح الاخر حق الغائه واقصائه .

انا اعتقد وبدون الدخول في متاهات النقاش الازلي عن الاول والاخير ، بان معتقدي وديني هو شأن خاص بي ولايعني حتى اقرب الناس لي ، وبالتالي لا يعطي ذلك اي انسان اي مبرر ان يشملني برحمته او سطوته ، وتحت اية ذريعة ، الا ان شاء الغاء الاخر تحت مسميات مختلفة ، وهنا تكمن العلة بكيفية ممارسة التطبيق اليومي لادارة دولة دون الحاق الضرر او القمع بمواطن ، وبالتالي ليس من شأن الدولة ان تطالبني بكتابة ديني ومذهبي حتى قوميتي في البلدان التي وضعت المواطنة نصب اعينها ، وبالتالي لم تنحاز الدولة كاية مؤسسة ادارية تشمل الجميع برعايتها لفئة دون اخرى ، بل شملت الجميع برعايتها وفق القوانين التي وضعت خدمة الانسان في اول السلم الحضاري للانسان ، اما كنا ورسمنا وسنرسم ونبني كلها كلمات انشائية يراد منها الالتفاف على انسانية الانسان في التعبير عن ذاته .

لم تمنع القوانين في الدول المواطنية الكاتب او المخرج او الشاعر للتعبير عن رأيه ، والقانون كفيل بالدفاع عن من يعتقد انه اضطهد او مورس القمع بحقه او جرحت مشاعره ، كانت الكنيسة في القرون الوسطى تقتل المرضى وفق ترجمة الكهنة لتعاليم السماء التي كانت تطالب برعاية المريض لا قتله لكن تصور الكهنة بامتلاكهم لمفاتيح السلطة السماوية او بالاحرى مصادرتهم للسلطة باسم تعاليم السماء جعلتهم في موقع القوة والاقتدار في قتل الانسان الاخر رغم جهلهم وسطوتهم .

وها نحن في الالفية الثالثة نجد ان المتطرفين يلغون بعضهم البعض باسم التعاليم نفسها والانكى من ذلك بانهم يلغون الاخر الذي لاعلاقة له بخندق هذا او ذاك ، وكل ذلك باسم تعاليم السماء وقد يقول قائل بانه يمتلك التفسير الصحيح لتعاليم السماء وان هذه الافعال لا علاقة لها بتعاليم السماء ، وعندي انا ولمجرد ادعاء هذا القائل بملكية صحة تفسيره كان قد اعطى الحق وبنفس المنطق ان يتم الغائه هو ، وهنا اكرر القول بان الدولة راعية الجميع بمسطرة يكون قد سنها الجميع وفق تطور مفاهيم مجموعاتهم بالتوافق على صيغة الادارة وليس لمجموعة الاحقية في الادعاء بامتلاك الصراط الامثل . وبالتالي سن القوانين هي مراعاة الجميع وعدم ادانة الاخر لمعتقد او فكر ، بل المصلحة الجمعية في بناء الدولة وبالتالي مصلحة الانسان الفرد ، اي سن قوانين لاتتعارض وتعاليم السماء بالضروة تعني عدم سن قوانين ترغم الاخر على الانصياع التام لتعاليم السماء ، بل ان يترك له هامش من حرية المعتقد والتفكير اذا كانت تعاليم السماء تنص على ان العدالة في حكمها وسلطة السماء لا الارض.

يقول رئيس مجلس محافظة بغداد بان المتظاهرين هم مجموعة من المخمورين ، في ذات الوقت وبتعميمه هذا كان قد الغى المتظاهرين جميعا وقد ادلى بدلوه في نظرته الدونية للمخمورين باعتبارهم ليس لهم الحق في الاعتراض على غلق نواديهم ومشاربهم ، ولم يظهرذلك باسم الدين لكن باسم تعارض ذلك مع اخلاقية اعتبرها هو سائدة في المجتمع وهو الامثل اما المخمورين ليس لهم الحق وبالتالي عليه ان يصادر صوتهم ، ولافرق عندي عند مصادرة الصوت والجنسية بين من صادر جنسية الجواهري واغلق قسم المسرح والغناء في دور الفنون التعليمية بحجة تعارض ذلك مع اخلاقية سائدة يريدها المبشرون بجعلها مصطرتهم باسم السماء ، ونسوا بانهم بذلك اعطو الحق لمناوئيهم بمنعهم من ممارسة شعائرهم ، وبالذات منحوا شرعية القمع باسم السماء ومنحوا مجاهدي العمليات الارهابية صفة الشهادة ، لانهما طرفين يختلفان في تفسيرهما لتعاليم السماء ، فالارهاب ارهاب رغم اختلاف درجاته والقمع قمع القاعدي الظال يمارس القتل وفق تفسيره المشوه لتعاليم السماء ، وقمع الذي يمنع الغناء والمسرح وكرة القدم وعروض السيرك تنتميان لمدرسة واحدة ، رغم اختلاف شدة القمع التي تصل في ذروتها قتل الاخر، او اظهار منطق القوة بالاستعراضات العسكرية والجماهيرية التي لوعرفت طعم المواطنة وحقوقها كما هي ميزة مواطني دول المواطنة الحرة لما سارت في تظاهرات تطالب بسلب الاخر حريته ومنطقه في التفكير.

يقال ان الرسول الاكرم كان يتعرض الى اساءة جاره اليهودي في محلته وهو في طريقه الى عمله ، واذا به في يوم ما لم يجد هذا الجار فسأل عنه ، فقيل له بان الجار مريض ، فزاره الرسول مما اثار استغراب الجار اليهودي المسيئ لسعة صدر الرسول وسماحته ، بينما سارعت السلطات الدينية والرسمية في البلدان الاسلامية الى اعلانها الحرب الشعواء على الشعب الدنماركي بحرقه لسفاراته ومقاطعة بضائعه مما ادى الى تضامن هذا الشعب مع ادارة دولته ، بينما يقوم كلب ظال بعملية تفجير انتحاري في استكهولم ، دون ان تخرج المجموعات التي تؤمن بسماحة تعاليم السماء بالتظاهر والوقوف بحزم تجاه تشويه قيم السماء ، وهي من ضمن الجرائم التي مارسها ويمارسها بنو لادن في استخدام بيوت السماء للتحريض ضد شعوب آمنة ، كما تمت وعلى مر التاريخ ممارسة القتل والقمع بحق شعوب اخرى باسم السماء من لدن الذين صادرو سلطة السماء ، مما ادى الى اتخاذ موقف من لدن هذه الشعوب تجاه ديانة هذه المجموعات الحنديرية ، ولولا حكمة هذه الحكومات ودستورية مؤسسات هذه البلدان لحدث بان يتم ترحيل كل المسلمين من هذه المواطن الامنة لهم ، كما حدث للفلسطينين في الخليج نتيجة مناصرة بعض المجموعات الفلسطينية لاحتلال صدام للكويت ، حيث اضر صدام بمصالح الفلسطينين اولا ومن بعدها كان الهشيم .

لا خلاف لنا مع من يعتنق هذه الفكرة او تلك الديانة ، لكننا نقف بقوة ضد من يريد جعل فكرة المسطرة لادارة دولة يتم فيها قمع الفنان والشاعر ويتم فيها قتل المفكر ورجل العلم ، في الوقت الذي لا يتم فيه التعامل مع سراق اموال العراق والفاسدين بالقوانين الوضعية ولا السماوية .

لقد تم صناعةالقاعدة وتاسيس حكومة طالبان وذلك بامتصاص ثروات البلدان الداعمة لذات المشروع في افغانستان ، وسرعان ما تم تحريرشعب افغانستان من سطوة الذين هم بانفسهم صنعوهم ، فصناعة طالبان عراقية في دولة عريقة كالعراق بثقافته وحضارته وعراقته ليس سهلا ، لأن صناعة صدام ونظامه ومن ثم تحرير شعب العراق يوحي بتكرار تجربة شعب افغانستان .

ان المساهمة في بناء نهج الغاء الاخر والسكوت عنه لهو من جرائم العصر وفق قوانين التطور الحاصل في العقل البشري ومحاولة العودة بالتاريخ الى عكس تطوره للامام ، هو قصور في استيعاب الضرورة التاريخية لسلم تطور الشعوب ، وان ايصال الشعب العراقي الى ماتحت خط الفقر اقتصاديا ، وتفكيك نسيجه الاجتماعي الى مذاهب وديانات لهو من الشرارات التي تاتي على كل المنطقة ولا يسلم منه حتى الذين يلعبون بناره .

لذا فان من واجب المثقفين والواعين المتعلمين ومن مختلف القوى الى مقارعة محاولات مصادرة الرأي تحت اية مسميات كانت وتنظيم ردود الفعل قبل فوات الاوان والمطالبة بعدم مصادرة الحريات الشخصية للانسان واحترام حقوق المواطنة حتى لو كانوامخمورين ، لان النظام الافضل هو ما يكفل للانسان من ممارسة حريته وحقوقه ، في التعبير عن رايه وممارسة حياته اليومية دون سوط الجلاد مهما كان شكله او لونه وكتابه .

ويؤسفني جدا ان لاتجد هذه العقول في اقليم ككوردستان حيث القوانين تحاول ان تراعي الجميع دون ان يكون الغلبة لهذه الفئة او تلك على حساب الاخرى عدا السطوة المالية لامراء الثروة ، الذين يجدون الفرصة متاحة لهم لتكديس الثروة ، ولم يتم سن قوانين لحماية المواطنين من الجوع او الفقر ، واظن ان هذا ضمن برامج الحكومة القائمة في محاولتها تطبيق القوانين التى ترعى الاغلبية الفقيرة بالرعاية الاجتماعية والضمان الاجتماعي والصحي .

اللهم اشهد اني بلغت

فرهاد فيلي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأردن في مواجهة الخطر الإيراني الذي يهدد سيادته عبر-الإخوان


.. مخططات إيرانية لتهريب السلاح إلى تنظيم الإخوان في الأردن| #ا




.. 138-Al-Baqarah


.. المقاومة الإسلامية في العراق تدخل مسيرات جديدة تمتاز بالتقني




.. صباح العربية | في مصر.. وزارة الأوقاف تقرر منع تصوير الجنائز