الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثور الأبيض

سعدون محسن ضمد

2010 / 12 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


شاع ـ على هامش إغلاق محال بيع الخمور ـ رأي يحذر من مغبة الربط بين الخمور وبين الحريات العامة، بذريعة: أننا نعيش داخل مجتمع مسلم لا يجوز استفزازه بالدفاع عن تناول مشروب يحرمه ويستقذره. وهذا الرأي مستهجن ومثير للاستغراب، خاصة عندما يصدر عن شخصيات لها تأثير ثقافي أو سياسي، وشخصياً سمعته قبل أيام من قيادي في حزب علماني (مهم). وسبب الاستغراب هو أن الحريات لا تتجزأ، لا يمكن لنا أن نقسم الحريات إلى ما يجوز الدفاع عنه وما لا يجوز الدفاع عنه، إلى حريات مخجلة وحريات مشرِّفة!!
ليست هناك حرية مخجلة، أو مخالفة للذوق، أو مخيفة. عندما تتعلق الحرية بممارسة قانونية مكفولة دستورياً، فهي محترمة ومقدسة، مع غض النظر عن عنوانها ومسارها وطبيعة الشريحة المهتمة بأدائها. هذه بديهية يجب أن تضبط الأداء الديمقراطي.
على المجتمع الذي يريد أن ينسجم مع دولة مدنية أن لا يستخدم معايير شرائح معينة في تقييم سلوك شرائح أخرى، مادام هذا السلوك قانوني، فالشراب الذي يحرمه الإسلاميون ويستقذرونه، هو شراب يومي ممتع بالنسبة لغيرهم، ويعجز الكثير منهم عن تركه. فأي معيار يجب أن نستخدمه في تقييم سلوك من يتناولون هذا الشراب؟ لا يستخدم النظام الديمقراطي (الحقيقي) إلا المعيار القانوني في تقييم سلوك المواطنين.
الكثير من الممارسات والطقوس الإسلامية غير محترمة في البلدان الغربية، وربما أنها تثير استهجان وسخط الكثير من المسؤولين، لكن مشاعر السخط والاستهجان تبقى حبيسة صدور هؤلاء ولا يستطيعون ترجمتها على شكل موانع، إلا في ظل أطر قانونية دستورية.
الحرية في ظل التصور (التجزيئي) لها، ستتحول إلى لعبة أمزجة وأذواق. شخصياً لا أتناول الخمور، وسأمنع أبنائي من تناولها ما دامت مسؤوليتي عليهم سارية، لكنني لن أسكت عن أي تحرك يستهدف شاربي الخمور، لأنني أعرف بأن قنينة الخمر لا تخيف من يتحرك ضدها أكثر من مقال يكتبه غريمه السياسي أو الفكري، وعندما أسكت عنه وهو يقيد تناول الخمور بقيود غير قانونية، فإنني أفتح أمامه الطريق واسعاً لقمعه المختلفين معه فكريا أو آيديولوجيا. الرأي الذي يحذّر أو يخوّف أو يستهجن وقوفنا مع حرية تناول الخمور رأي غريب وهو لا يصدر عن رؤية تلاحظ جوهر الحرية، وعندما ستتحرك بعض الجهات تجاه منع الرقص أو الموسيقى أو الغناء بحجة مخالفتها لعقائد الأكثرية، سيقف أصحاب هذا الرأي معها وتحت نفس الذريعة، وربما أنهم لن يشعروا بالتهديد عندما تقيد خدمة الأنترنت أو تمنع أجهزت الستلايت، فما الضير من منع هذه المظاهر ما دامت الحرية مصانة ومكفولة!!
لا يا زملائي الأعزاء لا تخذلوا الحرية بتقسيمها إلى حرية مخجلة وأخرى مشرفة؛ لأنكم ستطعنونها في خاصرتها (الرخوة).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة الزمان، الاربعاء، 15-12-2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ثقافة تخاف من البشر أكثر من الله
Amir Baky ( 2010 / 12 / 16 - 09:21 )
هل الله كان عاجزا أن يمنع سيدنا آدم من أكل الشجرة أم أن الله يحترم حرية الإنسان؟ هل الله عاجز عن تدمير الشيطان أم أن الله سمح بذلك ليختبر حرية الإنسان؟ هل الإنسان الذى يحكم فى البشر كأنه الله لم يفعل معصية نهائيا ومن الذى كلفه أن يقوم بهذا العمل؟ فالإنسان القوى فى تدينه يغض البصر أما فى ثقافتنا لابد من تحجيب و تنقيب المرأة. الإنسان القوى فى تدينه يمنع نفسه من شرب الخمور ولكن فى ثقافتنا نغلق و ندمر محلات الخمور. المتدين الحقيقى يتحكم فى نفسه أما فى ثقافتنا فما أسهل إلقاء اللوم على الآخرين. فحتى المجرمين عندما تسألهم عن مسببات أفعالهم يلقون اللوم على الشيطان. وفشل مجتمعاتنا نلقيه على الغرب. فالغرب يقدس حرية الفرد إذ لم تعارض حقوق المجتمع. أما نحن ندوس على حرية المواطن حتى لو لم تضر المجتمع. وأخيرا عندما يخاف الإنسان من البشر أكثر من الله لعدم وجود الحرية فأكيد سيكون النفاق الدينى هو سيد الموقف لهذا المجتمع


2 - الخاصرة الرخوة
وهاب فيصل ( 2010 / 12 / 16 - 10:37 )
نعم ياسعدون ان خاصرة الديمقراطية لدينا رخوة جدا وهشة جدا وهاهم يشبعونها ركلا حتى تتهرأ وتموت وهي تموت الان بالفعل وتدريجيا الى ان يأتوا عليها كلها


3 - كيف
مازن البلداوي ( 2010 / 12 / 16 - 10:48 )
عزيزي سعدون

كيف يستطيع الأنسان فهم معنى الحرية وما هي الحريات وتطبيقاتها ؟؟ وواقعه يفرض عليه ان يبق تحت عبودية اطراف متنوعة

تحياتي


4 - لا تحجم معنى الحرية
مثنى السعيدي ( 2010 / 12 / 16 - 13:18 )
لا تحجموا معنى الحرية لتضعوها في قنينة خمر او كاس ويسكي فالحرية اكبر واعمق من هذا كله اين دفاع من دافع عن كاس الخمر عندما انتهك الدستور من السياسيين !! نعم تكلم البعض لكن ليس كمثل هذا الهجوم الذي تمنيته كان عن انتهاك حقوق الانسان العراقي في الكهرباء والماء والتعليم والقانون والصحة....... الخ من الاف الانتهاكات للحريات بل الى ابسط مقومات العيش


5 - معطف البعث
حسن بكري ( 2010 / 12 / 17 - 00:33 )
النهب المنظم للثررة الوطنية والفساد المؤسس داخل نصوص قانونية ليس حرام اتحدى رجال الدين ان يعطوا معيار عادل لقياس الاجر . طيب تكديس الاموال من اجل ماذا ؟ من اجل استثأر منافع التقنية الحديثة. ان الطغم الجديدة خطيرة بشكل ليس له مثيل بتاريخ الدولة ذاك انهم المعطف الكبير الذي خرج منه البعث. شرب الخمر ليس من جرائم الحدود ولم يتفق الفقهاء على انه جريمة بل انه امر شخصي بحت. يقول ابو حنيفة انا لاأحد شارب الخمر الا في حالتين الاولى ان يفقد التمييز بين الارض والسماء والثانية ان يفقد التمييز بين الرجل والمراءة وهذا المعيار معيار قانزني اذ مثل هذا الشارب يخشى منه ارتكاب الضرر بحق الاخرين. اقول لك يااخ سعدون هولاء حتى لم يطلعوا على الفقه.


6 - شكرا على المرور اصدقائي
سعدون محسن ضمد ( 2010 / 12 / 17 - 11:49 )
الاصدقاء جميعا شكرا على المرور الكريم وعلى التعليقات، نحن بحاجة ماسة لإبراز خطاب مدني قوي وواضح يدافع عن قيم الحرية ويرسم حدوداً واضحة لها..
الاخ مثنى تحية لك، هذا ما اردت التاكيد عليه، فليس هناك احد يقول الدفاع عن حقوق الانسان شيئ غير جيد، ليس هناك من يقول انتهاك الدستور شيئ جيد، لكن خرج علينا من يقول الدفاع عن حق شريحة شاربي الخمور خطأ، وهذه هي النكتة التي اردت توضيحها، تجزئة الحرية خطأ اذا سمحنا به فسوف يتكرر ويلتهم جميع مفرادات الحرية..
شكرا للجميع


7 - الحريه = الأخلاق
AZAK ( 2011 / 7 / 21 - 18:05 )
الله مولانا ولا مولى لكم

اخر الافلام

.. نائب فرنسي: -الإخوان- قامت بتمويل الدعاية ضدنا في أفريقيا


.. اتهامات بالإلحاد والفوضى.. ما قصة مؤسسة -تكوين-؟




.. مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف


.. تعمير-لقاء مع القس تادرس رياض مفوض قداسة البابا على كاتدرائي




.. الموت.. ما الذي نفكر فيه في الأيام التي تسبق خروج الروح؟