الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المهاجر المسلم والطريق المسدود

محمد أبو هزاع هواش

2010 / 12 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يقف المهاجر المسلم اليوم على زاوية طريق مسدود. الخيار هنا واضح: إما اللف والدخول إلى الطريق المسدود ذو النهاية الميتة أو تكملة المسير مع البشرية في طريق مستقيم. يقع هذا الشارع الرئيسي والمنعطف الواقع عليه في بلاد الهجرة التي أتاها مهاجر لتحسين عيشه ومعيشه الكثيرين من حواليه. دخل هذا المهاجر منذ لحظة وصوله في مسيرة تجمعه مع الكثير من المختلفين عنه واللذين لم يكن ليعرفهم ويمشي معهم لو لم يهاجر. أتى كثيرون مثله من جميع أنحاء العالم ولهم نفس القصص مثله، يحلمون مثله ويشاركونه عمله وحياته.


يصادق المهاجر المسلم المعاصر بشراً من أعراق وأديان مختلفة كما نرى في العلم اليوم . السؤال المحير هنا هو: لماذا يقوم المهاجر المسلم فقط بجلب دينه ليفصله عن الاخرين؟ هل فشل المهاجر المسلم في الإندماج مع المجتمع الجديد لينبش الدين ويجلبه إلى النقاش ليفرقه عن جاره وزميل عمله ويضعه على تضاد مع الدولة والمجتمع اللذان قدما له العمل والإحترام في معظم الحالات؟ هل فشلت الدول الناجحة في دمج هؤلاء؟ أين هو العقل في هذا النقاش؟ أليس على المسلم إطاعة ولي الأمر وخصوصاً إذا كان ولي الأمر ناجحاً مقدما لهذا المهاجر التعليم، الطبابة، الرعاية، الحماية الشخصية، الحرية الدينية والإحترام؟ لماذا يفشل بعض المهاجرون المسلمون بإدراك هذا ويتبعوا طريق العنف والإنفصال عن الاخر؟ آلا يساهم هؤلاء بالتخريب على الملايين من المهاجرين المسلمين المطيعين للقانون المندمجين مع مجتمعهم الجديد؟ آلا يساهم هؤلاء بإزدياد شعبية المتطرفين من الجانب الآخر؟

يساهم المهاجر بجده وعمله في بلده الجديد كما نعرف بعدما كان عالة على بلده الأصلي الذي لم يقدم له الكثير إلا من الكلام الفاضي والعاطفيات الفاشلة التي يعتبر الدين أحدها وأهمها بلا شك. يخبأ الدين في عبوة الأخلاق التي على كل مهاجر وإنسان أن يكون لديه شيئ منها. الأخلاق الحقيقية التي يتعلمها كل مهاجر هي القانون الذي يصادفه في بلده الجديد والذي من دون شك قد فاق أي دين حتى الآن في توحيد شمل البشر والسيطرة على أفعالهم. يتعلم المهاجر في بلده الجديد أن يكون عضواً منتجاً في المجتمع ولهذا فعليه أن لايخرب هذا بلحقه للأيديولوجيات التي تنكر هذا وتضع هويته الجديدة على المحك وتعده بجنات فيها أنهار من خمر. أليس هذا بتخريب جهد المهاجر؟ يخلط الدين الأمور للمهاجر فيضع إنتمائه وإنتاجه لمجتمع على تضاد مع الدين المنتاقض الذي جلبه معه من بلده الفاشل بعدما سمح له بلده الجديد المتطور بحرية دينية لم يعرفها بالطبع من قبل في بلده الأم.

يقع الشيخ في هذا النقاش موضع تمشكل فهو كما معروف قليل الحركة والعمل في بلاد الهجرة كثير الضوضاء والكلام متنفعاً من جهد المهاجر في معظم الأحيان، فلماذا يسمع المهاجر من المشايخ؟ أليس من الأسهل أن يكون الدين شخصياً؟ أليس من الأسهل أن يكون الدين هو التعامل مع الاخر؟ لماذا يقوم المشايخ بصب الزيت على النار وجعل المهاجر يعيش في قلق وتضاد مع مجتمعه الجديد؟ أسئلة كلها تبغي الإجابة بدقة لمصلحة المهاجر.

عندما أتى كل مهاجر إلى بلده الجديد خلقت معه هوية جديدة معاصره تضعه في نفس الخانة مع الملايين من المختلفين عنه في اللون، العرق، الإنتماءات المختلفة والدين. يأتي المهاجر إلى بلده الجديد من موقف ضعف لأن الأمور لم تجري كما يريد في بلده الأم فلهذا فعليه أن يلجم كل فكرة تأخذه بعيدا عن المجتمع الإنساني الواحد ولاتحكم القانون الناجح في الأمر.

من الواضح أن الوضع في بلده الجديد متخلف إلى الأحسن وإلا لما كان قد هاجر إليه وقطع الفيافي والوديان. فلهذا فعندما تسوء الأمور عند أي مهاجر فليس من المنطق أن ينكر كل هذا ويخرج الدين ليلعب دوراً تخريبياً في هذه المرحلة. ليس للدين مكان للتخريب على المهاجر. هذا منطقي، واضح وعقلاني وخصوصاً عندما نرى أن البلد الجديد لايضع كمامة على دين أي بشري، بل بالعكس من ذلك فهو يضع القوانين الإنسانية التي تراعي الجميع. على المهاجر المسلم أن يعرف هذا لأنه يعيشه. آلا يرى نجاح القانون أمامه في بلده الجديد فلماذا التدخل هنا وإجبار الأكثرية على رؤية الأمور من منظاره الذي أثبتت الأيام ضعفه أمام الآخرين؟

ليس للمهاجر خيار إلا بطاعة بلده الجديد وتحجيم الدين وتبعه بشكل فردي إذا كان هذا المهاجر من هواة التدين. يجب وضع الدين في المنزل للمصلحة العامة كما نرى. ليس للدين مكان في الفضاء العام وخصوصاً أن هناك أديان مختلفة في الساحة. كذلك على هؤلاء المهاجرون الإندماج مع الآخرون ومصادقتهم والتعلم منهم وعنهم. على كل المهاجرون المسلمون التعاون مع القانون في بلدهم الجديد والإبلاغ عن كل مجرم مجنون يبغي التخريب عليهم. لاخيار سوى هذا وإلا فهناك طريق مسدود ونهاية ميتة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟