الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في -مانيفستو المسلم المعاصر- لجمال البنا.

عبد القادر أنيس

2010 / 12 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يقول المفكر الإسلامي الكبير جمال البنا في هذا البيان: ((إن كرامة الإنسان يجب أن تكون في أصل كل النظم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ويجب أن تحرّم تحريما باتا كل ما يهدر كرامة الإنسان جسدًا ونفسًا)). كما يقول: ((إن الإنسان هو الغاية، والأديان هي الوسيلة)). كما يقول أشياء جميلة أخرى لها المعنى ذاته، ولا داعي لذكرها تحاشيا للتكرار الممل.
وهذا كلام جميل لولا أن الكاتب ظل يلتف عليه ويتنكر له في على طول المقال وعرضه تطغى ضمن مواقف تصطبغ بصبغة دينية إسلامية منغلقة. ولهذا فأنا أعتبر هذا المانفستو بعيدا جدا عن التسامح والتنوير والتفتح التي قد ينخدع بها القارئ لمثل الفقرات السالفة الذكر.
يستهل الكاتب بيانه بالقول: ((نؤمن بالله. إنه محور الوجود ورمز الكمال والعقل والغائية، وما ينبثق عنها من قيم، وبدونه يصبح الوجود عبثا، والكون تحت رحمة الصدفة الشرود والإنسان حيوانا متطورا أو "سوبر حيوان")).
طبعا لا اعتراض على من يؤمن بالله وأنه محور الوجود ورمز الكمال والعقل والغائية.. الخ. إذا كان الإيمان بهذا رياضة ذاتية يلتزم بها العبد تجاه معبوده في علاقة حميمية خاصة، لكن عندما يقدم هذا الإيمان في مانفستو، أي في بيان ديني سياسي أيديولوجي الهدف منه، شأن كل البيانات، دعوة الناس أو بالأحرى دعوة مواطني البلد الواحد مثل مصر، بلد الكاتب، إلى الأخذ ببديل وحلول لمشاكلهم الدنيوية السياسية والاجتماعية والاقتصادية فهذا هو الخطر، خاصة عندما يتقدم للناس باسم قوى مطلقة مقدسة معصومة، فيوهمهم أن هذا البديل هو وحده الكفيل بإخراجهم مما هم فيه من مآزق ودفعهم إلى تبني مواقف تتعارض مع التسامح والتفتح والحرية والديمقراطية.
أليس هذا ما نفهمه من قوله: (( وبدونه (أي بدون الله) يصبح الوجود عبثا، والكون تحت رحمة الصدفة الشرود والإنسان حيوانا متطورا أو "سوبر حيوان"))؟ فلا معنى لهذا الكلام إلا أن غير المؤمن بهذا الله، سواء أكان ملحدا أم كان من أتباع الديانات التي تعتبرها الديانة الإسلامية وثنية مثلما هو شأن الهندوسية والبوذية، هو إنسان (الوجود (عنده) عبثا)). وهذا غير صحيح لأن غير المؤمنين على الطريقة الشرق أوسطية لا يعتبرون الوجود عبثا فلهم في فلسفاتهم وفي معتقداتها ما يجعلهم يعيشون في وفاق مع الطبيعة أو مع آلهتهم ومعتقداتهم، بالإضافة إلى أنه شتيمة في حق بشر آخرين لا يتقاسم معهم الكاتب دينه ولأن الدولة الحديثة مطالبة بالتفتح على الجميع والتعامل معهم بدون تمييز ولنا عبرة في البلاد العلمانية التي تمكنت من استيعاب الجميع كمواطنين لهم نفس الحقوق والواجبات بغض النظر عما يدينون به، بل تمكنت من ذلك بعد إبعاد المعتقدات الدينية كمعايير للمفاصلة وللتمييز بين الناس. أما القول ((والكون تحت رحمة الصدفة الشرود والإنسان حيوانا متطورا أو "سوبر حيوان"))، فهو قول غير علمي ومنغلق يضرب عرض الحائط كل الحقائق العلمية الأخرى حول الكون غير تلك التي لها صلة بنظرية الخلق الدينية الشرق أوسطية التي تعتبر هي الأضعف والأكثر تهافتا مقارنة مع نظرية النشوء والارتقاء، التي يتبناها حاليا أغلب علماء العالم ومثقفيه وأي تمييز ضدها هو العودة بالناس قرونا إلى الوراء. فالكون فعلا كان ومازال وسيستمر ((تحت رحمة الصدفة الشرود))، بالإضافة إلى دور الضرورة طبعا التي تجاهلها الكاتب (نظرية المصادفة والضرورة). وعليه فورود موقف مثل هذا في بيان ينشد الإصلاح والتقارب بين الناس مهما اختلفت قناعاتهم الدينية والعلمية هو موقف غير موفق بتاتا.
أما قوله: ((والإيمان بالله الذي يكون قوة ملهمة هو ما يغرسه في النفس تصوير القرآن الكريم لله تعالى)). فهو قول لا يستقيم مع مطلب المواطنة التامة في الوطن الواحد حيث تتعدد التصورات الإيمانية بتعدد المذاهب والأديان. وعليه فهذا المانفستو مضر بالتصور العصري للمواطنة في بلد متعدد الأديان كمصر مثلا، وفي أغلب البلاد الإسلامية، بوصفها أوطانا ذات تعددية دينية ومذهبية وفلسفية يهيمن عليها الإسلام السني ويتسبب في تشجيع تجاوزات كثيرة في حق الآخرين ويجب العمل على رفع كل أنواع الحيف والغبن التي تسبب فيها لملايين الناس بينما لا يعكس مقال الكاتب هذا المطلب الحضاري. وعليه فحصر الكاتب الإيمان بالله في القرآن هو بالأحرى مانفستو للإقصاء لا مكان فيه لمواطنة عصرية لم تعد ترضى بمجرد تسامح تحقيري هو أقرب إلى المن والتفضل التصدق من طرف المسلمين.
ويقول: ((الأنبياء هم القادة الحقيقيون للبشرية، ويجب جعلهم المـُثل في القيادة)). فعن أية بشرية يتحدث جمال البنا؟ هل يجب أن نخرج أتباع الديانات الأخرى من البشرية وغيرهم من الوثنيين والملحدين واللادينيين واللاأدريين وكل من لا يشارك الكاتب في تصوره؟ ما هو وضع إنسان لا ينتمي لبشرية البنا في دولة البنا هذه؟ ألا يكفي قرونا من التيه والحروب والمآسي نتيجة جعل هؤلاء الأنبياء قادة ومثل في القيادة؟
وعندما يقول جمال البنا: ((ونحن نؤمن أن الإسلام قد قدم الصورة المثلى لله والرسول. على أننا نتفهم الصور التي قدمتها الأديان الأخرى، لأن الدين أصلا واحد، ولكن الشرائع متعددة، ونحن نؤمن بالرسل جميعا، وأن الله تعالى أراد التعدد والتنوع "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً"، وأن الفصل في هذا التعدد هو إلى الله تعالى يوم القيامة)).
فهو هنا أيضا يمارس تمييزا وإقصاء غير خافيين ضد الأديان الأخرى في بيان يفترض أنه موجه لإدارة شؤون دولة حديثة أهم خصائصها المواطنة الكاملة. ولا أرى في كلام الكاتب ما يطمئنني حول هذا المطلب الرئيسي لأي دولة حديثة حقيقية. عبارة مثل ((ونحن نؤمن أن الإسلام قد قدم الصورة المثلى لله والرسول. على أننا نتفهم الصور التي قدمتها الأديان الأخرى))، لا تكاد تخفي انحياز الكاتب للإسلام الذي "قدم الصورة المثلى لله والرسول" على حساب المسيحية مثلا دين ملايين المواطنين المصريين، ولو أنه تنازل وتَفَهَّمَ "الصور التي قدمتها الأديان الأخرى" التي هي غير مثلى أو أقل مثالية كما يجب أن نفهم إذا قرأنا بين السطور.
وفي قوله: "ونؤمن أن الدين هو المقوم الأعظم للمجتمع العربي، وأنه يمثل التاريخ والحضارة والضمير، وأن تجاهله يقطع التواصل مع الشعب، ولا ينفي هذه الحقيقة أن تكون الفلسفة والآداب والفنون قد حلت محل الدين في المجتمع الأوربي فلكل مجتمع طبيعته الخاصة وقدره الذي لا يمكن التمرد عليه أو التنكر له، وفي الوقت نفسه ـ فإنه لا يحول دون تلاقح الأفكار وتحاور الحضارات، وتقارب الديانات لأن الحكمة ضالة المؤمن".
فماذا يعني الكاتب بتجاهل الدين؟ هل المطالبة بالعلمانية هو تجاهل للدين سيفضي حتما إلى القطيعة مع الشعب؟ أليس هذا كلاما أقرب إلى التكفير؟ هل تَعَلْمُنُ المجتمعات الأوربية أدى إلى ذلك وهل هذا هو قدرها بينما قدرنا هو استمرار الهيمنة الدينية على مجتمعاتنا ولا مهرب لنا منه؟ ما هو المصير الذي يخصصه الكاتب لمن لا يشاركه هذه القناعة لو "قدر الله" وأمكن لهذا المانفسو أن يوضع موضع التنفيذ؟ ثم ما هو الدين الذي يعتبره الكاتب مقوما أعظم للمجتمع العربي؟
هل نصدقه عندما يقول: "نؤمن بكرامة الإنسان، وأن الله تعالى هو الذي أضفاها على بني آدم جميعا، فلا تملك قوة أن تحرمهم منها، وهي تعم الجنس البشري من رجال ونساء، بيض وسود، أغنياء، وفقراء.. الخ، وقد رمز القرآن لهذه الكرامة بسجود الملائكة لآدم، وتسخير قوى الطبيعة له. إن كرامة الإنسان يجب أن تكون في أصل كل النظم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ويجب أن تحرم تحريما باتا كل ما يهدر كرامة الإنسان جسدًا ونفسًا"؟
ما سبق يجعلني لا أفهم هذه الكرامة إلا ضمن الحدود التي رسمها الإسلام للناس. ونحن نعرف هذه الحدود في الميدان عندما كان للإسلام اليد الطولى على أتباعه وعلى المختلفين معه في القرون الطويلة التي تحكم فيها على رقاب الناس. النصوص التي تحط من شأن المرأة والذمي والوثني لا مجال لنكرانها. فإذا كان يستطيع أن يغض الطرف عنها اليوم فلماذا لا يذهب حتى النهاية فيطالب بالعلمانية ورفض تدخل الدين أصلا في السياسة حتى يبقى الدين لله والوطن للجميع؟
لا أعتقد أن الكاتب على استعداد لذلك وهو القائل مباشرة بعد هذا الكلام: "ولما كان الإسلام قد جاوز ـ كمًّا ونوعا ـ الاتفاقيات الدولية عن حقوق الإنسان، فإن أقل ما يجب أن يتم هو التطبيق الفوري لهذه الاتفاقيات". فهل يوجد أغرب من هذا الكلام عندما يدعو الكاتب إلى "التطبيق الفوري لهذه الاتفاقيات الدولية عن حقوق الإنسان" ولا يدعو إلى تطبيق الإسلام مادام قد "جاوز ـ كمًّا ونوعا ـ الاتفاقيات الدولية عن حقوق الإنسان"؟
هذا الكلام أعتبره بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير. هل يعقل أن نصدق أن "الإسلام قد جاوز ـ كمًّا ونوعا ـ الاتفاقيات الدولية عن حقوق الإنسان"؟ هل لـ"جاوز" معنى آخر غير ما فهمته أنا؟
هلا حدثنا الكاتب الإسلامي عما جاوز فيه الإسلام "الاتفاقيات الدولية عن حقوق الإنسان"؟ أهي في إباحته للعبودية، أم في جعل المرأة ناقصة عقل ودين أم في تشريعه للغزو والاحتلال وأسواق النخاسة ومصانع الخصيان أم في انتصاره للنقل على العقل أم في تقريره أن لا اجتهاد مع النص أم في التخلف الذي تعاني منه حقوق الإنسان في كل البلاد الإسلامية بسبب احتكام مجتمعاتنا إلى هذا الدين؟
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - معوله يساهم بالتقدم
توما خوري (تي خوري) ( 2010 / 12 / 18 - 12:01 )
اشكر الاستاذ أنيس على جهوده في هذا المقال البحثي الهام.. وانا اتفق مع كل افكاره, واريد ان اضيف بان الكاتب جمال البنا , قد استفاد من ميزة بالاسلام, وهو انه حمال اوجه , لكي يمرر الكثير من الاوجه الجيدة من دون ان يخلع ثيابه التنكرية الاسلامية.
في نهاية المطاف , انا اعتبر بان هذا الاسلوب بالمرحلة الراهنة , اسلوب ايجابي , ويصب بمنحى التنوير. وله اثر بالغ على مسيرة التنوير. فانا اعتبر بان معوله يساهم بمصلحة التقدم والتحديث بالرغم من كل ماذكرتموه في مقالكم الرائع.
فمرحى للسيد جمال البنا لهذا الاسلوب ونبارك قلمكم التنويري بالنقد العلمي لهذا الاسلوب.
تحياتي للجميع


2 - انها المناورة المحكومة بالظرف والزمن
حامد حمودي عباس ( 2010 / 12 / 18 - 12:08 )
بالامس ، وحين اختلى رئيس وزراء العراق بجمعه الخاص لاحياء ذكرى عاشوراء ، عبر عن استغرابه من وجود تيارات فكرية في البلاد تعارض قيام دولة اسلامية ، وقال في معرض حديثه المتلفز .. لا يجب استغلال الحرية لاشاعة اللااخلاق ومظاهر الفجور في المجتمع .. وكان رأيه ذاك ردا على ما يشيع في البلاد اليوم من اعتراضات شملت اوساطا عديدة ضد اصدار قوانين متشدده اغلقت بموجبها النوادي والمسارح ودور السينما .. إن أية مسحة من لين مغلفة بمقتضيات التناور السياسي لدا حملة الفكر الديني المتطرف ، سوف تنكشف فورا عندما يحين الوقت المناسب ، ليظهر النصف الاخر والدفين ، حيث يتقرر كامل المنهج واعلان النية الحقيقية بقتل جميع مظاهر المدنية .. وما هو موجود في خطاب البنا من محاكاة تغلفها الوان المناورة مع حقوق الانسان ومقتضيات كرامته ، سينقلب فورا لو اتيحت له حدود السيطرة المطلقه .. تحياتي للاخ انيس


3 - كفى تمجيد للإسلام
أحمد طاهر ( 2010 / 12 / 18 - 12:59 )
أشكر الكاتب الأستاذ عبد القادر أنيس على مقاله الذى كنت أنتظره، بمعنى كنت أنتظر أنيقوم بالرد على مقال جمال البنا ، لأن مثل تلك المقالات التبشرية يجب أن ينظر إليها الرقيب فى الحوار المتمدن بعين أخرى .
مثل مقالات جمال البنا مكانها الطبيعى مواقع دينية إسلامية ، لكن موقع الحوار المتمدن ينبغى أن يرفض نشر مثل تلك المقالات الدعوية أو التبشيرية وإلا فإن الحوار المتمدن سيخسر رسالته التى قام من أجلها.
وكفانا تمجيد للإسلام أو الأديان بوجه عام.
وكل تحية للأستاذ عبد القادر أنيس على مقاله فى الرد على الأكاذيب الدينية التى يروجون لها من تسامح وسلام وحب وحقوق إنسان وعنصرية.
ومرة أخرى شكرا


4 - الجرئة ثم الجرئة و مزيدا من الجرئة
ميس اومازيــغ ( 2010 / 12 / 18 - 13:23 )
السجود:هذا المصطلح المنسوب لأله محمد كامر منه لما سمي ملائكة القيام به للأنسان في شخص آدم وحواء كاف لوحده نفي صفة الوحي السماوي عما قاله او فعله محمد اذ لا يعقل ان يقوم خالق باحتقار مخلوق امام مخلوق من قبله. عملية السجود هذه التي تعني تفظيل البعض عن غيره ستبقى سمة الأسلام الذي لن يرقى ابدا الى ما وصله تطور الفكر البشري.
ان كل محاولات التسربل بالعلمانية من قبل من لا يؤمن بها لن يكون لها من مآل سوى افتظاح امره.ذلك ان الحديث في الشان السياسي بالنسبة للعلماني يقتضي اول ما يقتضيه ترك ما للسماء لها و ما للأرض لهذه اما محاولات تبيض الواجهة وغض الطرف عما بالداخل من شانه الدوران في الحلقة المفرغة ليس الا.ان كل محاولة اصلاح ما يشوب مجتمعاتنا من تخلف في كل المجالات تستلزم اعلا درجات الجرئة من قبل النخبة المثقفة اليوم و ليس غدا.
تقبل تحياتي ايها الأستاذ المحترم


5 - تقييم منصف وعادل
نورس البغدادي ( 2010 / 12 / 18 - 16:16 )
استعمل الأستاذ عبد القادرانيس ميزان الحق في نقد مقالة الأستاذ البنا وآعطى كل فرد حقه وبحكم منصف وعادل ولم يظلم احدا ، وبدوري احيي قلم الأستاذ انيس الذي يليق به ان يكون في لجنة تقييم المقالات ، تحياتي


6 - البنا وطاقيه الاخفاء
على سالم ( 2010 / 12 / 18 - 16:27 )
الاستاذ عبد القادر ,انا معك على طول الخط ,فى اعتقادى ان الشيخ البنا يتخبط فى اراؤه وفلسفته فى الواقع غريبه ومحيره وغامضه ويتذبذب شمالا ويمينا وشرق وغرب وتحليلاته ليس فيها اى منطق حينما يلبس الاسلام حله جديده لاتناسبه وتتنافر معه ,كل همه هو ان يظهر الاسلام كديانه حضاريه متمدنه وواقع الاسلام واياته واحاديثه تنفى تماما محاولات الشيخ لتجميل الاسلام,هل يشعر االشيخ بتناقض اراؤه؟ لك وافر الشكر


7 - أُخرجي رأسك من الوحل أيتها النعامة المقدسة
الحكيم البابلي ( 2010 / 12 / 18 - 16:37 )
الأخ أنيس
أحسنت عزيزي في ردك الذكي
أكثر ما يُحزنني هو أن يقوم بعض الأخوة والأخوات من المثقفين الجيدين بسفح فكرهم بهذه الطريقة الرخيصة البائسة التي تدل على إفلاس الفكر ، وكما تقول الحكمة الأميركية
the mind is a terrible thing to waste
إستوقفتني فكرة المنقود في قولهِ : (( وبدونهِ ( أي بدون الله ) يصبح الوجود عبثياً )) ! واو
يعني لو كان هذا الكلام قد صدر عن أنسان ساذج لكان من الممكن جداً غض النظر عنه ، ولكن أن يصدر عن رجل هو من هو ، فهنا تكمن محنة المجتمع الشرقي الإسلامي ، والذي قاده أعمى خلال قرون ، وتتوالى على قياده العميان ، والعمى قد يكون في البصيرة أكثر مما في البصر
أعانك العقل أيها المجتمع العربي الإسلامي ، فهي محنة العقل ، وهي أشد دماراً من أية قنبلة ذرية
يقول الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو : الدين عقل مجتمع بلا عقل
تحياتي وشكراً على المقال


8 - تعليق
سيمون خوري ( 2010 / 12 / 18 - 17:06 )
أخي عبد القادر تحية لك ، مقال نقدي جيد ، شخصياً سجلت تعليقي على مقاله الأول - الحكمة باب ..الخ ثم على مقالة الثاني ، بيد أن الأخ الكاتب لم يرد على محاوريه . لذا إعتبرت الموضوع من أساسة لا يستحق القراءة بعد ذلك .لأنه من غير المعقول أن يبقي الكاتب باب التعليقات مفتوحاً دون أن يعقب على أسئلة القراء . وهذا يعني نوع من الإستهتار بالقارئ .إلا إذا كان المقصود بذلك هو دراسة ردود الفعل على هكذا طرح . وبالتالي أعتقد أن الدين عندما يدخل من الباب أو من اي فتحة شاء الكاتب ؟، تذبح الديمقراطية والعلمانية .كفانا أحزاباً متاجرة بالدين . وفتاوي بالجملة .مرة أخرى الدين أياً كان مكانه دور العبادة فقط . عدا ذلك فهو خلط للإمور وإهدار لقيم المجتمع التعددي وحقوق المواطنة . مع التحية لك


9 - إلى توما خوري
عبد القادر أنيس ( 2010 / 12 / 18 - 17:16 )
شكرا أخي توما على المرور والتعليق. بالنسبة لي، قبول العلمانية هو المقياس لأي تفتح وتسامح حقيقيين أما محاولات تعطيل مجيئها بالترقيعات الدينية مهما كان حسن النوايا فهو مضر. السيد البنا تجاهل رأي بل وجود ملايين المصريين المسيحيين والعلمانيين وغيرهم عندما اعتبر النظرة الإسلامية للوجود والحياة هي المعيار.
من جهة أخرى، أرى أن تفتح موقعنا على كل الآراء بما فيها تلك التي تتعارض مع شعاره خطوة إيجابية تشرفه كما يشرفنا ويشرف الكاتب جمال البنا توجيه خطابه لجمهور آخر يختلف عن جمهور الإسلاميين المنغلقين، ولهذا أرجو أن يتسع صدره لنقدنا. والحقيقة دائما نسبية.


10 - إلى حامد حمودي عباس
عبد القادر أنيس ( 2010 / 12 / 18 - 17:33 )
شكرا أخي حامد. ما يجري في العراق من مناورات انتهازية باسم الدين محزن فعلا. التمترس وراء قدسية الأديان لضرب الحريات ممارسة سياسية خطيرة. الإسلاميون يبرعون فعلا في ركوب كل الموجات بما فيها حقوق الإنسان والديمقراطية ومختلف الحريات ولكن مع الاحتفاظ بخط الرجعة حتى يسهل التراجع عندما تتغير الظروف وتغير المواقع من السلطة.


11 - إلى أحمد طاهر
عبد القادر أنيس ( 2010 / 12 / 18 - 17:46 )
شكرا سيد أحمد طاهر على المرور والتعليق. أتفق معك أن الدولة الدينية أو أية دولة تتخذ تعاليم الدين معيارا للحكم على الناس والتعامل معهم هي دولة لا ننتظر منها أي تسامح وحب وحقوق إنسان. هي دولة عنصرية بامتياز. مع ذلك فرأيي أن الموقع حسنا فعل بالتفتح على الفكر الديني وكتابه والبقاء للأصلح. لا مناص من خوض حوار حضاري مع الجميع حتى يتعرف الناس على كل الأفكار ويحكمون على بينة. مأساة مجتمعاتنا هو غياب مختلف أساليب وحريات التعبير. تحياتي


12 - تأييد وتحية إلى : عبد القادر أنيس
أحـمـد بـسـمـار ( 2010 / 12 / 18 - 17:50 )
أستاذ عبد القادر أنيس. أحي كتابتك الصحيحة الصادقة التحليلية الواعية.. ردا على مقالات السيد جمال البنا التي تصدرت صفحات هذا الموقع كل هذا الأسبوع, والتي علقت على بعضها في حينه, وأحي كافة التعليقات الجريئة التي أيدتك بهذا الخصوص, ما عدا تعليق السيد تي خوري الذي أدهشني بغرابة رأيـه الذي يحمل أسلوب مسايرة جميع الأطراف, بانتظار نهاية النقاش, حتى يختار مرافقة الرأي الرابح.. أو الأكثرية ولو لم تكن على حـق. هذا الأسلوب الذي لا لون له ولا طعم, والاختباء وراء الجدار بانتظار نهايه المعركة, أصبح موضة الأنتليجنسيا العربية والإسلامية التي تخشى التكفير ورعب السلطات الدينية والزمنية.
من جديد أؤيد مقالك هذا حتى آخر فاصلة.. وأقدم لك أصدق تحياتي المهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحرية الواسعة


13 - إلى ميس اومازيــغ
عبد القادر أنيس ( 2010 / 12 / 18 - 17:55 )
نعم علينا أن ننتقد بجرأة ما نراه مضرا بمسيرة مجتمعاتنا نحو الحداثة. من حقنا نقد الدين ورجاله مادام وماداموا يتدخلون في الشأن العام لمجتمعاتنا ويحتكرون الساحة وحدهم رغم كل الفشل الذريع الذي منيت به أطروحاتهم قديما وحديثا. أتبنى قولك بـ (أن كل محاولة إصلاح ما يشوب مجتمعاتنا من تخلف في كل المجالات تستلزم أعلى درجات الجرأة من قبل النخبة المثقفة اليوم و ليس غدا). فعلا هذا ما ينقصنا اليوم.
تحياتي


14 - إلى نورس البغدادي
عبد القادر أنيس ( 2010 / 12 / 18 - 18:01 )
شكرا سيد نورس على المرور والتعليق. طبعا احترام المتحاور معه من صميم الحوار المتمدن مهما اتسعت زاوية الخلاف.
تحياتي


15 - على سالم
عبد القادر أنيس ( 2010 / 12 / 18 - 18:11 )
ملاحظتك في محلها، تابعت مختلف التطورات التي حدثت عند المفكرين الإسلاميين أمثال جمال البنا وحسن الترابي ومواقفها الجريئة من بعض القضايا ولكن جمهور الإسلاميين العريض ظل مع القرضاوي وبن لادن. لا أمل في تغير الفكر الإسلامي من الداخل ما لم يترافق ذلك بحراك اجتماعي علماني حقيقي واسع يدفع المتفتحين منهم نحو مزيد من الخطوات الجريئة مثلما جرى في أوربا. المسيحية تحياتي


16 - إلى الحكيم البابلي
عبد القادر أنيس ( 2010 / 12 / 18 - 18:57 )
شكرا يا حكيم. نعم العقل العربي الإسلامي يعيش فعلا محنة حقيقية. وهذا ما يفسر كل هذا الاستعصاء للخروج من هذا التخلف والانسداد الحضاري. في بلادي فشلت كل النداءات لجعل الناس يقبلون بتحديد النسل. النتيجة: تضاعف عدد السكان أربع مرات في جيل واحد ثم غرق الوطن في التطرف والتدين والبطالة والإرهاب. هنا يتحمل الدين ورجاله مسؤولية لعلها تضاهي الخيانة العظمى. ومع ذلك ما زال هناك من يطالب بدور للدين في إدارة شؤون الدولة والمجتمع. هذا غيض من فيض لما أسميته أنت عمى البصيرة. خالص مودتي


17 - أحـمـد بـسـمـار
عبد القادر أنيس ( 2010 / 12 / 18 - 19:42 )
شكرا على المرور والتشجيع. خفف الوطء أخي أحمد. طبعا، أنا مثلك قرأت بعض التعليقات على مقالات البنا من بعض الزملاء، عن حسن نية بالتأكيد، بالغت في وصفه بالتنوير ولعل هذا ما جعلني أقرر كتابة مجموعة من المقالات لمحاورته والتعبير عن رفضي لهذا لفكر الإسلامي الذي ينشر الأوهام بين الناس ويعطل التنوير الحقيقي عندما يزعم أنه يمكن أن يكون بديلا للفكر الحديث رغم كل الخيبات المتراكمة. خالص تحياتي


18 - إلى سيمون خوري
عبد القادر أنيس ( 2010 / 12 / 18 - 20:08 )
مرحبا أخي سيمون. السيد جمال البنا قال، في مقال يرد فيه على شاكر النابلسي، بأنه لا يقرأ المقالات والردود بسبب انشغاله بالكتابة. ولقد قرأت تعليقيك على مقالتيه ورأيي أن التعليق، أي تعليق، يستفيد منه القارئ قبل كل شيء بوصفه نقدا أو إضافة أو تعبيرا عن رأي مختلف. طبعا أنا مع تفاعل الكاتب مع القراء ولكن أن يواصل المرء الكتابة والنشاط الفكري إلى سن التسعين (عمر الكاتب) فهو في حد ذاته مأثرة ولكن هذا لا يعفينا من نقد ما يكتب سواء قرأ لنا أم لم يقرأ فما يكتبه يمثل فرصة ثمينة لنقد الفكر الديني وبيان تهافته وعجزه عن حل مشاكلنا الحضارية. يشرفنا أن يقرأ لنا وينتقدنا الزملاء والقراء من أجل ترسيخ ثقافة الحوار في مجتمعاتنا. أتبنى رأيك حول الموقف من الدين. تحياتي الخالصة


19 - عـودة إلى : عبد القادر أنيس
أحـمـد بـسـمـار ( 2010 / 12 / 18 - 20:10 )
يا سيد أنيس
لماذا تريدني أن أخفف الوطء؟؟؟
وعن ماذا؟؟؟
وعـمـن؟؟؟
يا ترى هل تريدني ألا أسمع؟ ألا أرى؟ وألا أنطق سوى بأنصاف حقيقة؟
لن أخفف الوطء يا سيد أنيس. طالما أنني أفتح عيني كل صباح .. وأقرأ وأسمع وأرى وأشارك وأشعر وأحلل..
ولك مني ـ رغم هذا ـ تحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحرية الواسعة.


20 - عندما قرات المانيفستو
بشارة خليل ق ( 2010 / 12 / 19 - 07:14 )
خطرت ببالي نفس الافكار التي طرحها الكاتب السيد عبد القادر انيس بوضوح ولباقة مشكور عليها
قضية القضايا هي الاستبداد (لا بد) اي الدكتاتورية (من ديكتات اي إملاء بمعنى ارغام) فليس هنالك مكان للاخر او الراي الاخر او التعددية فهي اوسع من الفكر البدوي القبائلى حيث الكلمة لشيخ القبيلة والجميع ملزم بالطاعة ونسخ الاملاء والا فهو زنديق مرذول خارج عن الطاعة خارج عن الجماعة (العصابة) ففي العصبية القبلية لا قدسية لحياة الفرد ولا قيمة للحرية فالتقليد حتمي والتعميم واجب والسرقة والاستباحة والنهب هو نهج الغزوات المتبع والغرائز الانتقامية طاغية على مفهوم العدل
مع ان الاستاذ جمال البنا يقوم بشجاعة بمحاولات يائسة لانقاذ الاسلام في زمن الحداثة الا انه ابن ثقافة الاستبداد.ويا للعجب فقد كتب في مقالته الاخيرة عن الطقوسية ان الشريعة الاسلامية تضم قيم الحرية والعدالة والمساواة(لمن؟؟؟),لا اعرف عدم احترام للعقل كهذا الحكم
هذه القيم الثلاثة الاساسية هي لب العلمانية واساس الحداثة.فليطوعوا الاسلام وفقها ولن يبقى لنا اي اشكال مع الاسلام فان اهم عائق بين الاسلام ووثيقة حقوق الانسان هو الاخلال بهذه الثلاثية


21 - إلى خليل بشارة ق
عبد القادر أنيس ( 2010 / 12 / 19 - 10:30 )
شكرا أخي على هذه الإضافة القيمة. التعويل على تجديد الإسلام من طرف مفكريه هو أضغاث أحلام. كل المحاولات باءت بالفشل من عبده والأفغاني إلى جمال البنا. ما يحزنني عندما أفكر في قضايا كثيرة كون الطريق بالنسبة إلينا واضحا بعد أن سلكته وعبدته شعوب كثيرة بالدم والدموع والضحايا ولكننا، باسم الإسلام، لا نريد أن ننتهجه خوفا على فقدان أصالة وهمية قاتلة ونواصل الدوس على قيم الحرية والعدالة والمساواة كقيم أساسية لأي نقلة نوعية نحو المجتمع الراشد. تحياتي


22 - تعليق مختصر
فدوى عطية ( 2010 / 12 / 22 - 22:48 )
المشكلة فيكم العلمانيون انكم تغيبون الواقع لا أدري عمدا او جهلا وتدعون ان الأديان هي السبب وراء التخلف والجهل الذي تعانيه الامم وتخصون بالذكر الاسلام كدين مليء بالتخلف والارهاب وانه دين لا يقود الا للانحطاط والرجعية!! ولكن السؤال.. اين هو الاسلام الآن؟ ما مدى تأثيره في حياة الشعوب اليوم؟ اتمنى ان يذكر لي أحدكم اسم دولة واحدة تطبق الاسلام تطبيقا صحيحا كاملا؟ كلنا يعلم ان الاسلام بات مغيبا تماما عن انظمة الحكم والدساتير العربية كما انه بعيد كل البعد عن الشارع العربي المليء بالانحلال الخلقي والهبوط الفكري الناتج عن التفسخ وتقليد الغرب الاعمى في مظاهر فارغة لا قيمة لها.. تكاد لا تميز الشاب او الفتاة عن بعضهما ولا يمكنك حتى ان تدرك انه مسلم او يمت للاسلام بصلة!! كل هذا الإنفلات والبعد الشديد عن الاسلام ولا زلتم تزعمون ان الاسلام هو وراء تخلفكم ؟؟ ما الذي يعطله الاسلام في عجلة تطوركم ورقيكم المزعوم؟؟ لم لا تبحثون لأنفسكم عن حجة اقوى وأكثر منطقية تعلقوا عليها أسباب جهل وتخلف الأمم تكون أكثر مصداقية من مجرد اتهام الاسلام كحجرة عثرة في طريق التحاقكم بالأمم الراقية؟؟

اخر الافلام

.. اتهامات بالإلحاد والفوضى.. ما قصة مؤسسة -تكوين-؟


.. مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف




.. تعمير-لقاء مع القس تادرس رياض مفوض قداسة البابا على كاتدرائي


.. الموت.. ما الذي نفكر فيه في الأيام التي تسبق خروج الروح؟




.. تعمير -القس تادرس رياض يوضح تفاصيل كاتدرائية ميلاد المسيح من