الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نحن متخلفون..؟

إبراهيم الزيني

2010 / 12 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يقول فرويد: " أن وعيك بالقضية هو دليل إدراكك لها وتجاوزك لحدودها " معنى هذا أننا متخلفون ولسنا جهلاء، ولكننا متخلفون بالنسبة لمن؟ وما هي مظاهر التخلف أصلاً؟ وما معنى أن أكون متخلفًا؟ ولماذا وكيف؟
كلها أسئلة نريد الإجابة عليها!!
" أنا هنا أتحدث عن مصر والمصريين دون سواهم، قد يشترك معنا آخرون في التخلف ولكن أسباب تخلفنا تختلف عن أسباب تخلفهم ".
المشكلة أن التخلف قد يفسر على أنه التخلف عن ركب الحضارة.. هذا ما يفهم الوهلة الأولى.. ولكن!! إذا نحن نظرنا إلى موقعنا من العالم بدولة المتقدمة والأقل تقدمًا، والنامية والأقل نموًا، بل إذا نظرنا إلى دول تركب الأفيال ودول تصنع منازلها من الصفيح وأوراق الأشجار.. سوف نجد أننا أكثر منهم تخلفا كيف ذلك؟
ونعود إلى فرويد ليشرح العبارة من جديد فنحن نعي قضيتنا ونعلم أننا متخلفون ولكننا لا نستطيع إدراك هذا التخلف ولا نستطيع تجاوزه والعبور فوقه، إذن نحن نعلم ولكننا نجهل العلم في نفس الوقت، وهذا يدخلنا إلى تعريف التخلف ذاته، وكيف أننا أكثر تخلفا من بعض القبائل التي يحكمها ساحر القبيلة وينظم شئونها.
تعريف التخلف:

التخلف هو عكس التقدم أو هو التقهقر عن الآخرين أو الوقوف بينما يتقدم الآخرون، وكما يقاس التقدم حاليًا بالتطور العلمي أو الصناعي والزراعي والتجاري والاقتصادي وامتلاك أدوات الإنتاج لخدمة الإنسان في إنتاج مسببات الرفاهية للإنسان ذاته كذلك يقاس التخلف بفقدان هذه الأشياء ويمكن أن يقاس التقدم على نموذج الدول الغربية ودول جنوب شرق آسيا حيث دخلوا إلى عالم الفضاء الخارجي وعالم الجينات الداخلي.
ويقاس التقدم أيضا بمدى تمتع الإنسان في هذه المجتمعات بحقوق الإنسان وتحقيق الليبرالية الكاملة في جعل الإنسان مشروع مستقل متكامل، يتمتع بكل حرية في الخلق والابتكار ولا بد من ضمان المجتمع لكافة حقوقه في التعليم والعلاج والمسكن حتى وقت الفراغ..، فالتقدم في عالمنا المعاصر خطواته محتومة وأصبحت معروفة فهي: علوم فتصنيع فتهذيب للتقنيات، ولم يعد التقدم مرهونًا بالعلماء الفقهاء الذين يقصرون العلم على شرح النصوص ثم على حواشي تلحق بالشروح فهذه أصبحت ثقافة الكلمة وثقافة الكلمة عندنا تختلف عنهم فالمسرحية عند شكسبير لا تلتمس كمالها عن طريق البناء المحكم فقط، بقدر ما تلتمسه في فوران التيار وجيشانه، فلا بأس من النقص ما دام العرق ينبض بالحياة من أول سطر إلى آخره أما الثقافة عندنا فهي استسلام وركود ومواويل وآلام وأحلام لا يمكن تحقيقها.
• فأنا متخلف إذن عندما ألجأ إلى التعميم في كل أمور حياتي.
• أنا متخلف عندما أعتبر نفسي مثلاً أعلى ينبغي الاقتداء به.
• أنا متخلف عندما أعتمد في ثقافتي على المخلفات الثقافية للآخرين.
• أنا متخلف عندما لا أقبل الاختلاف مع الآخر واحترم اختلافه معي.
• أ،ا متخلف عندما أنقل وظيفة عقلي إلى قلبي فأفكر بإحساسي وأتعلم بقلبي.
• أنا متخلف عندما أفقد هويتي وأنزع رداءها عني كارها لها وأرتدي جلباب ثقافة أخرى بدعوى أنها تقربني من الرب.
• أنا متخلف عندما أتصور أن العلم الديني هو العلم الحقيقي وأن علوم الحضارة علوم شيطانية.
• أنا متخلف عندما أصدق الأساطير وأشارك في صنعها.
• أنا متخلف عندما أعتقد أن السلف كله صالح أما الخلف فكله طالح وليس لي حق الاعتراض على ما قاله السلف لمجرد أنهم قالوه.
هذا هو التخلف الحقيقي الذي أصاب الإنسان المصري عندما نزع عنه هويته المصرية الأصيلة التي ارتبط بها لعشرة آلاف عام وصنع بها أعظم وأول حضارة في التاريخ تلك الهوية الرائدة التي صنع منها رجال الفقه الإسلامي عصيدة سوداء من دم وصديد الإنسان المصري وألقوا بها في جوف حمار ميت تركوه للغربان الصحراوية تنهشه حتى أتت عليه بدعوى أن أحد ملوكهم كان كافرًا. وأصبح المصري مثله مثل رجل " كا فكا " حيث يصور إنسانا أخذه النعاس واستيقظ ليجد نفسه خنفسًا ضخمًا، فكيف يسير، وعلى أي نهج يسلك هذا الإنسان الخنفس، بحيث يرضى عن سيرة وسلوكه؟ يجعل معياره حياة الخنفس أم يجعله حياة الإنسان؟ أنه لو فعل هذا أو ذاك تجاهل حالته الراهنة، فلا هو إنسان ولا هو خنفس بل هو إنسان خنفس. إذن فلا بد له من نظره جديدة ومعايير جديدة فأخذته الحيرة واستبدت به الفوضى.
أن المصري لم يصبح بعد خنفس " كا فكا " فما زال يحتفظ بهويته المصرية القديمة فهي تسري في دمه وجيناته الوراثية ولا يمكن لألف وأربعمائة سنة هي زمن الغزو الثقافي العربي للهوية المصرية أن ينزع عنه عشرة آلاف سنة حتى لو كان الدين هو وعاءها لإنه في الحقيقة كان قبل الإسلام متدينا موحدا وعرف الله قبل البشرية جمعاء.
الحل

الحل هو ما أحاول أن أقوم به في سلسلة هذه الكتب التي أحاول فيها وأتمنى أن أنجح في رد الشيء إلى أصله، وفي إظهار الحقيقة كاملة لأن الحقيقة أم المعرفة وسواء كانت جميلة أو قبيحة فإظهارها على ما هي عليه يساعد في إعادة التربية الفكرية للمصريين وأعطى مثالاً على ذلك.
تلك القصة التي تدرس لأطفالنا في الدراسة الإعدادية وهي قصة ثلاثة من الصاحبة أصيبوا في إحدى الغزوات إصابات خطيرة وكادوا يموتون من النزيف ومن العطش وتمددوا بجوار بعضهم البعض ومر بهم أحد الصحابة فطلبوا منه الماء، فاحضره وعندما أراد أن يعطي أولهم رفض وأنكر ذاته وفضل عليه النائم بجواره وعندما ذهب للثاني فضل الثالث إنكارا للذات أيضًا وعندما وصل إلى الثالث وجده قد مات وعندما عاد للثاني وجده قد مات وعندما ذهب للأول وجده قد مات أيضًا.
وتلك القصة وغيرها المئات تروي عن الصحابة والتابعين وتابع التابعين تصور لنا هؤلاء وكأنهم من البشر السوبر أو بشر أقرب إلى الملائكة رغم أن أي طفل يقرأها الآن سوف يعتقد أنها من الخيال العلمي.
تلك القصص التي امتلأت بها وسائل الأعلام وشرائط الكاسيت والكتب المدرسية تضع لنا قيما زائفة غير حقيقية تؤدي بالتالي إلى قيم سلوكية سلبية بل سوف تؤدي إلى انصراف الناس في النهاية عن الدين لأن بشريتي لا تسمح لي بأن أكون ملاكًا أو قديسًا.
أن فكرة المثل الأعلى التي حاول الفقهاء إضفائها على الجيل الإسلامي الأول كان الهدف منها إعلاء شأن العربي الذي لم يكن له شأن يذكر بمن يجاوره من الفرس والروم والمصريين ولأن 97 % من كتاب التراث كانوا من حزام الرعي الذي يمتد من جنوب روسيا حتى المغرب ـ عدا مصر ـ فإنهم أسهبوا في إعلاء شأن العربي ووضعوا حوله الأساطير حتى رأينا الأعرابي يعدّل آراء الحكماء والإعرابية تعدل أقوال عمر بن الخطاب ورأينا كل الصفات الخيرة من شهامة ومروءة وكرم وجلد وصبر وإنكار الذات وإكرام الضيف هي صفات لا تلصق إلا بالعرب أما العجم كما يقولون أيضًا فهم أهل جبن وخسه وبخل وأن الأسد يرفض أن يعيش في بلادهم لاشتهارهم بالجبن ويكفي أنهم أطلقوا علينا صفة العجم أي البهائم لإدراك الفرق الشاسع بيننا وبينهم.
ونسى هؤلاء صفات العرب التي ذكروها أيضًا في كتبهم ونقلها لنا شعرهم ( ديوان العرب ) حيث البخل والغدر والهروب يوم الزحف وأكل مال اليتيم واللواط والزنى في المحارم والغزل في المذكر والغزوات اليومية وسبي النساء وقتل الأسرى وغير ذلك مما تزخر به كتبهم أيضًا.
وأنت اليوم إذا قلت أمام مجموعة من المثقفين المصريين أن عمر بن خطاب وعثمان بن عفان قد هربا في غزوة أحد سيتهمونك بالكفر أما إذا قلت ذلك أمام العامة من الناس فسوف يفتكون بك رغم أنها حقيقة مسجلة في كل كتب التراث.
إن الحقيقة لا ينبغي أن تغضب أحدًا فهي الصدق وعكسها الكذب وإذا أراد شيوخنا أن نكون من الكذابين فإننا نرفض لحرمة الكذب في الإسلام ونحن أبعد أن نوصف من الكذابين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السؤال
سرمد الجراح ( 2010 / 12 / 18 - 14:32 )
سيدي العزيز اعتقد ان هنالك خطأ في السؤال - هل نحن متخلفون- فالمتخلف عن ركب الحضاره والانسانيه دفعته مجموعه من الضروف لأن ينقطع عن هذه الحضاره فسارت الحياة الى الامام وبقي هو في نفس المكان. وحين تزول الضروف يعاود السير وربما يلحق بالاخرين. وهناك مثال على امم كثيره تخلفت ولكنها تحاول اللحاق بما فاتها منها دول الهند الصينيه ودول اوربا الشرقيه. اما نحن فالسؤال الذي ينطبق علينا هو: هل نحن ميتون؟ لأننا نسكن في توابيت الماضي كالموميات ونصر على ان العالم الخارجي هو الشر والخروج من التابوت هو الكفر
تحياتي


2 - نعم نحن متخلفون
محمد حسين يونس ( 2010 / 12 / 18 - 16:32 )
اذا اعتبرنا ان البشرفصيله من الكائنات التي تختلف في الشكل والممارسه عن باقي اعضاء المملكه الحيوانيه والنباتيه لان لها عقل واراده تؤهلها لتطويع حاضرها ومستقبلها مستفيده من تجارب الماضي فان هذه الفصيله عاده ما يدفع بها في سلم التطور مجموعه منها لها رؤيه خاصه تختلف عن السائده قتنتقل الانسانيه من جمع الثمار الي الصيد ثم الرعي فالزراعه فالصناعه حتي زمننا هذا الذى يزهو بالاداره وتداول المعلومات مع حقوق الانسان وحريته في اتخاذ قرارات حياته.. الانسان في طول رحلته الحضاريه كان يواجه تيارين احدهما يتمسك بالماضي ويفرضه علي الحاضر ليتخلف بجماعته عن الركب والاخر يتمزق بين التيارين حتي ينتصر احدهما فيتبعه .. وهكذا فان الغالب بيننا الان هوالتيار الرافض للتخلي عن اسلوب الماضي ولقد غرر بالاغلبيه باسم كسب الاخره.. ففقدنا قدرتنا علي المساهمه الايجابيه في مسيره الانسانيه وتخلفنا


3 - وأنا أيضا ً أتحدث عن مصـر والمصريين
حورس شاكر ( 2010 / 12 / 21 - 22:49 )
إن مصر عـبر تاريخها الفرعونى وبدون عروبة ولاعـُمق إستراتيجى (كما يحلو للبعض أن يحقنونا بتلك الخرافات ويسحرو السذج منا بخطابات رنانة عن الموقع والبُعد الجغرافى والمصير الواحل ! ) صنعت أقوى الحضـارات وكان لها السـبق بل والفضل على العالم بأسره فى الكثير من العلوم والإبتكارات وظلت آلاف السنين دولة مـُهابة وحُـرة ماخلا بعض فترات الإحتلال القليلة ، وهو مالا يـُقارن بأى حال بوضعها فى ظل العروبة ( من المُحيض إلى العليل ) ؟ ؟ فمصر طوال وضعها فى زمرة تلك الجماعة لم ترى عصرا ًيضاهى يوما ً واحدا ً من أيام الدولة الفرعونية بكل أ ُسرها ، حين حكمها كل من هب ودب وسرقها الجميع وتفننوا فى إذلال الناس وأصبحت ولاية فى ظِل خلافة عربية إسلامية، وإبتعدت تماما ً عن ركب الحضارة بل وعن أى منافسة عالمية، وتدهورت فيها كل مناحى الحياة بدون إستثناء وبإطراد مستمر حتى وصلنا لأدنى مصافى الدول ... هذا هو التاريخ الحقيقى والواقع المُـــــــر
مقال وتحليل رائع أستاذ إبراهيم

اخر الافلام

.. لمن سيصوت يهود أميركا في الانتخابات الرئاسية؟


.. لماذا| ما أثر قانون -مكافحة الانفصالية الإسلامية- على المسلم




.. -السيد رئيسي قال أنه في حال استمرار الإبادة في غزة فإن على ا


.. 251-Al-Baqarah




.. 252-Al-Baqarah