الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شياطين الجنّة أمْ جَنّة الشياطين ؟؟

عبد الرزاق السويراوي

2010 / 12 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



أقطع بأنّ العنوان لا يخلو من غرابة في صياغته , وربما هو إسْتفزازيٌ أكثر منه تساوقاً مع الحضور الذهني الذي يسْتدعيه عادة , الحديث عن الجنة في نفس وروحية المؤمن الحقيقي من دعة وتسامح وإطمئنان وسياحة في ضيافة الرحمن .ولكن غرابة العنوان , لا تلبث أنْ تزول بمجرد النظر الى واقع إيهامي مضلل نعيش بعض كوارثه الآن, حيث بدأ معتنقوه والمروّجون له , ينشرون غسيل تأويلاتهم العقائدية المتطرفة ذات الإرث العقائدي المرتكز على دعائم دموية سالت أنهارها وما زالت منذ الآماد البعيدة الموغلة في القدم !!. وهذه التأويلات المعتمدة لدى بعض هذه الشرائح من الناس , خرجت من مسارها الإسلامي الذي شاده المنطق القرآني العظيم والسنة المطهّرة الشريفة , لتتحول فيه , بناء على منطق هذا النفر , الغاية الى وسيلة والوسيلة الى غاية .
الشيطان والجنة عدوّان لا يسيران بالتوازي أبداً , تماما كما هي عليه القاعدة الفلسفية المشهورة : النقيضان لا يلتقيان ولا يرتفعان , والشيطان والجنة هما نقيضان لا يلتقيان أيضاً .
واهمٌ مَنْ يحصر تصوّره عن الشيطان في ذرية الجان , بل هو في ذريّة الإنس أكثر شيطنة وأخطر ضرراً.ولا أدري أيّهما أكثر إيهاما وإسْتدراجاً لصاحبه ؟ شيطان الإنس أمْ شيطان الجن ؟؟ غير أنّه لا جدوى في البحث عن الإجابة طالما أنّ الأثنين ينهللان من زقوم واحد ,هو إبليسهم الأكبر.
الآية الكريمة تقول, وسعتْ رحمته كلّ شيء , ويقال بأنّ إبليس يطمع بأنْ تشمله هذه الرحمة المطلقة , كونه يدرج نفسه ضمن مسمى الشيء الذي يمكن أنْ تسعه رحمة الله تعالى , وهو منطق سفسطائي مُستمدٌ على فرض صحته , من تأويلٍ أكثر شيطنة من إبليس نفسه , بحيث يقابله تأويل لشياطين الإنس الذين يعيثون في الارض فساداً , فيقتلون ما حرّم الله بدعوى ضمان دخول الجنة والتنعم بها !! ولكن أيّة جنة هذه ؟؟ إنها جنة خيالاتهم الشيطانية المريضة ... جنة ابليس الموهومة , جنة الماضين - الحاضرين في زماننا الذي نعيشه الآن والذي يبرؤ من فعالهم حتى قابيل لو بُعث حيّاً من جديد بين ظهرانينا !!
فجنتهم مكفولة وفقاً لفضاءات أوهامهم وتأويلاتهم بحق ( السرقفلية ) , فهم يعتقدون على سبيل الجزم واليقين الذي لا يعتريه الشك , أنّ جنّتهم الشيطانية الموعودة , مفروشة دروبها بباقات الديناميت ومزينة ببراميل العبوات والسكاكين التي تذبح من القفا ... أقول : واهماً من يظنّ بأنّ هؤلاء شياطين جنة قابيل , هم صنيعة أيامنا هذه ونتاجها , وإنما هي أبعد غورا حتى من قبل زمن الدعوة المحمدية الشريفة , ولكنها تتلبس في كل زمن بتشكلات شتى لكن حصاد علقمها واحد ينتقل عبر الأصلاب اللعينة .
هناك قاعدة اصولية تسمى بقاعدة مبدأ التزاحم وهي معروفة وتقضي بتقديم الأهم على المهم في الكثير من الموارد , والغاية منها إيجاد نوع من التسامح في بعض التكاليف الشرعية التي تساعد في تقديم ما من شأنه خدمة البشر ,وأمّا شياطين الجنة الموهومة , فقد قلبت فتاواهم وإجتهاداتهم مصاديق هذه القاعدة , بحيث أباحوا فيها المحظورات من قبيل أحليّة قتل حشد كبير من الناس الأبرياء حتى في حال أنّ المستهدف من بين هذا الحشد فرداً أو أكثر بقليل بدعوى أنّ الذين ستُزهق أرواحهم من الأبرياء سينالون الجنة كونهم ايضا ممن شاركوا في ( الجهاد ) حتى لو كان ذلك دون إرادتهم , إنه منطق عجيب , وأعجب منه منْ يتلبسون ثوب الدين الذي يقرؤونه بالمقلوب . اللهم إحشرهم في جنتهم التي يزعمون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است


.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب




.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت


.. مقتل مسؤولَين من «الجماعة الإسلامية» بضربة إسرائيلية في شرق




.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با