الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أضواء على ولادة المجتمع العراقي المعاصر

وصفي احمد

2010 / 12 / 19
المجتمع المدني


أضواء على ولادة المجتمع العراقي المعاصر
عاش العراقيون حالة من الأنقطاع الحضاري امتدت لقرون طويل امتدت من سقوط بغداد على يد هولاكو حتى الحرب العالمية الأولى حيث تخلص من نير الحكم التركي الذي لم يولي أي أهمية للبنية التحتية للعراق و لم يكن واجب الولاة العثمانيين الذين تعاقبوا على الحكم في بلادنا سوى جمع الضرائب و الأتاوات و ارسالها إلى اسطنبول . لذلك تخربت الطرق و انقطع التواصل بين أجزاء العراق المختلفة بسبب انقطاع الطرق لانعدام الامن . و تدهوت الزراعة لهذا السبب و لانسدا قنوات الري و فقدان السدود التي تحمي المزارع من الفيضانات التي كانت تحدث سنويا تقريبا . دون أن ننسى دور الأوبئة التي كانت تحصد أرواح العراقيين بما يؤدي إلى انقراض مدن و قرى بكاملها .
و من يراجع الأبحاث التي قدها الباحثان : علي الوردي و حنا بطاطو , باعتبارهما أفضل من درس المجتمع العراقي , يلاحظ تركيزهما على أمر اساسي أسماه الأول تناشز , في حين أطلق الثاني عليه مصطلح تخلخل , و كلا المصطلحين يعطيان نفس المعنى .
يعزو الوردي التناشز الذي يعاني منه المجتمع العراقي المعاصر إلى التطور السريع الذي حصل في حياة العراقيين في أعقاب الحرب العالمية الأولى فيقول : (( من طبيعة التغيير السريع أنه لا يؤثر في الكيات الاجتماعي على درجة واحدة . فكثيرا ما يكون هناك جزءان مترابطان ثم يحدث التغيير في أحدهما أسرع مما يحدث في الآخر فيؤدي ذلك إلى صراع أو توتر أو تناقض بينهما . و هذا ما أسميه بالتناشز الاجتماعي )) .
و لدى تناوله لأشكال مقاومة الحضارة يقول الوردي :
(( لو أن الحضارة جاءت إلى العراق ببطء و تدرج على منوال ما جاءت به إلى بعض البلدان العربية كمصر و لبنان , لربما كان رد الفعل أضعف أثرا )) .
و يلاحظ أن الوردي وهو منخرط بدراسة المجتمع العراقي في ظل الاحتلال العثماني , قد أفرد إهتماما خاصا بمصر و الحجاز لأنهما كانا يمثلان القطبين المتضادين في المحيط الاقليمي العربي و الإسلامي للعراق , بقدر تعلق الموضوع بالانفتاح على الحضارة الاوربية . ففي سنة 1798 فتح نابليون مصر , و يمثل هذا التاريخ باكورة اتصالها بالتطور الحضاري الذي شهدته أوربا في القرن التاسع عشر و قد مهد ذلك لمحمد علي باشا الكبير لحكم مصر حقبة طويلة ( 1805 – 1848 ) و كان كما يذكر متأثرا بشخصية نابليون النهضوية و التوسعية , الأمر الذي أهل مصر للتطور المستقل عن الباب العالي .
وبهذا المعيار التاريخي فإن العراق قد تأخر عن مصر 12 عقدا , هذا إذا قابلنا إحتلال نابليون لها باحتلال الجنلاال مود للعراق سنة 1918 , و هذا يعني أن التطور في مصر قد حدث بشكل تدريجي بينما حصل في العراق بايقاع سريع جدا . فقبيل الجرب العالمية الأولى لم يكن لدى العراقيين مشروع وطني عراقي مستقل الذي ولد في رحم الاحتلال البريطاني للعراق بعد الحرب العالمية الأولى . و يمكن تشبيه المجتمع العراقي و هو ينخرط بتأسيس دولته المستقلة كمن يلقى في النهر وهو لا يجيد السباحة .
و مقابل التجربة المصرية تقف تجربة الحجاز , الذي ظل محافظا على بيئته البدوية , عصيا على التغيير . و حين أعلنت المملكة العربية السعودية سنة 1932 , كانت نموذجا لدولة العشيرة التي لا يجمعها جامع مع نمط الدولة المدنية الحديثة . لم يشهد مجتمع الحجاز أبان تأسيس دولته الحراك و التناشز الاجتماعي الذي حصل في العراق . فقد تحولت هناك القبيلة المتغلبة , بأعرافها و قواعد سلوكها و ثقافتها إلى دولة . و لم تستغرق تلك الدولة مشاغل صياغة دستور مدني يفصل بين السلطات : التشريعية و التنفيذية و القضائية .
لقد تمكنت المصالح الطبقية في المجتمعات الرأسمالية الصناعية من اختراق خنادق التقسيمات : العرقية و الدينية و الطائفية .... الخ مؤسسة بذلك لمبدا التعددية التي نشأت على أساسه المجتمعات المدنية في الغرب . أما في العراق و بسسب تأخر بدايات التصنيع , و ضعف تراكم رأس المال الخاص , فلم يقيض للمصالح الطبقية الجنينية أن تحدث اختلراقا حاسما في البنى الاجتماعية العصبوية التي تنتمي إلى ماقبل المجتمع الصناعي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات في تونس لإجلاء الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين


.. مصدر مصري رفيع المستوى: أحد بنود مقترح الاتفاق يتضمن عودة ال




.. الاحتجاجات تتصاعد.. الاعتقالات في أميركا تتجاوز ألفي طالب


.. شاهد: المجاعة تخيّم على غزة رغم عودة مخابز للعمل.. وانتظار ل




.. مع مادورو أكثر | المحكمة الدولية لحقوق الإنسان تطالب برفع ال