الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نساء ورجال القرن الواحد والعشرين

نوال السعداوى

2010 / 12 / 21
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


انعقد المؤتمر الدولى لنساء القرن الواحد والعشرين بالقاهرة لمدة ثلاثة أيام ١٦، ١٧، ١٨ ديسمبر ٢٠١٠، جاء المشاركون والمشاركات من بلاد العالم، مصر والسودان والعراق وسوريا ولبنان والأردن والجزائر وكرواتيا وماقدونيا وكوسوفو وبلغاريا وتركيا وفرنسا ونيجيريا والهند والسويد والنرويج والدنمارك وهولندا وبريطانيا وإيطاليا وأمريكا، تناولت البحوث والأوراق عددا من الموضوعات التى تربط قضايا النساء فى العالم وفى كل بلد بقضايا السلطة الطبقية الأبوية العنصرية العسكرية عالميا وداخل كل بلد، والاستعمار والأمبريالية والاحتلال الأجنبى والاستبداد الداخلى والخارجى، ومشكلة الثقافة والتقاليد الأخلاقية والسياسة والاقتصاد والأصوليات الدينية والتشريعات القانونية والعنف ضد النساء فى السلم والحرب، ومشكلة الديمقراطية والانتخابات البرلمانية وما تسمى الكوتة، من النادر أن يتحقق مثل هذا المؤتمر العالمى النسائى، الذى جمع النساء والرجال من ذوى الفكر المتقدم، الذين وقفوا ضد الحروب الاقتصادية والعسكرية والثقافية والإعلامية، الذين تظاهروا ضد السلطة الحاكمة فى بلادهم وفى العالم، تكلمت النساء من فلسطين والعراق عن جرائم الحرب تحت الاحتلال الأمريكى الاسرائيلى، كيف تتحمل النساء والأطفال أكثر من غيرهم فى الحرب والسلم، بسبب وضعهن الأدنى فى المجتمع، كيف نتعاون معا لبناء عالم من التضامن والسلام المبنى على العدالة والمساواة للجميع بصرف النظر عن الجنسية أو الجنس أو الطبقة أو الدين أو العرق أو اللون أو غيرها من الاختلافات بين البشر.

من مصر تكلمت عزة كامل وعفاف السيد عن مفهوم تحرير المرأة، وعن الوعى المتزايد لحقوق النساء، خاصة من الطبقات الكادحة، عن نشاط الأجيال الجديدة فى مصر، كان للشابات والشباب المصرى دور بارز فى المؤتمر، خاصة فى النقاش، بعضهم جاء من القاهرة، والبعض جاء من الأقاليم من محافظات الدلتا ومن الجنوب، الصعيد، أدهشنى هذا الوعى الجديد وهذا الحرص على حضور المؤتمر والمشاركة فى النقاش، من الشابات مى عادل ومنى عفيفى ومنى حلمى ونجلاء رزق ومروة شرف الدين وفرانسواز بديرا ونجلاء مرزوق وسالى الحايك ومى غنيمى وياسمين مدكور وأمانى مسعود وغيرهن، ومن الشباب أحمد زيدان وكريم عامر وماجد جبرا ومايكل إبراهيم، وجاسر بديرا وغيرهم، هؤلاء الشباب والشابات هم مستقبل مصر، بعضهم له أعمال ومؤلفات أدبية وعلمية وفنية، يشقون طريقهم إلى الأمام إلى المستقبل رغم العوائق التى تقف أمام أصحاب الفكر الحر والشجاعة الأدبية، رغم الصعاب التى تواجه الشباب والشابات فإنهم مصرون على الدفاع عن حقوقهم، وحقوق الآخرين الذين يشكلون الأغلبية الصامتة فى بلادنا، ممن حرموا التعليم والعمل والحياة الإنسانية الكريمة.

جاءت من السويد دروود داليروب وتكلمت عن الكوتة، السلبيات والإيجابيات، تختلف الكوتة من بلد إلى بلد، من المفيد تشجيع النساء على دخول حلبة السياسة والانتخابات، خاصة فى بلادنا، حيث تجبر النساء بقوة التقاليد والتعليم والإعلام على عدم المشاركة فى السياسة، باعتبار أن السياسة نشاط ذكورى ينال من أنوثة المرأة، وأن المرأة المثالية هى التى تتفرغ لبيتها وأسرتها، لعبت التيارات اليمينية الأصولية السياسية والدينية دورا فى فرض العزلة على النساء داخل البيوت، وإذا خرجت المرأة للعمل أو لترشيح نفسها فى الانتخابات أو أصبحت وزيرة أو رئيسة وزراء أو رئيسة دولة، فهى لا تخرج عن الدور المرسوم لها بقوة السلطة الأبوية فى الدولة والعائلة، إن جلوس أعداد كبيرة للنساء فى مقاعد البرلمان لا يعنى تقدما، إن لم تتقدم عقلية النساء، بل أحيانا تكون المرأة أكثر عنفا وسلطوية وأبوية وعسكرية من غيرها، تذكرنا أنجيلا ميركل وكوندوليزا رايس ومارجريت تاتشر وجولدا مائير وهيلارى كلينتون وغيرهن من النساء، هؤلاء اللائى يفكرن بعقل الرجل العسكرى المتسلط الاستعمارى، وليس بعقل الإنسان المتحرر من قيود الذكورة والأنوثة، ربما يكون التواجد الجسدى للنساء فى مقاعد البرلمان خطوة أولى لدفع المرأة للخروج إلى الحياة السياسة، التى كانت محرمة عليها، لكن هذا التواجد الجسدى لن يحرر النساء أو المجتمع إن لم يواكبه تحرر العقل.

دار النقاش حول مفهوم تحرير المرأة (يسمى بالإنجليزية الفيمينيزم) فكرة تحرير النساء ليست مستوردة من الغرب، بل إنها تنبع من داخل كل بلد، نحن ورثنا الثورة ضد الظلم الطبقى الأبوى من أمهاتنا وجداتنا.

وأيضا من آبائنا، إذا كان الأب متحررا من السلطوية الأبوية، واذا كانت الأم أو الجدة متحررة من السلطوية الأبوية أو الأمومية، وهناك أمومة متسلطة مريضة لا تقل شراسة عن سلطة الأب.

لكن الأمهات عموما أكثر وعيا بالظلم لأنهن يعانين الظلم أكثر من الآباء أو الأزواج، تلعب المعاناة دورا فى إيقاظ الوعى، ثم دار النقاش حول حقوق النساء، هل حقوق المرأة هى حقوق الإنسان؟ هل حقوق المرأة هى قضية إنسانية عالمية أم أنها تخضع لما يسمونه الخصوصية الثقافية فى كل بلد، أو النسبية الثقافية أو التقاليد والموروثات والشرائع الدينية؟ حقوق الإنسان هى حقوق عالمية إنسانية تعلو على الموروثات والخصوصيات المحلية، حقوق الإنسان ترفض القهر والظلم والسجن والاستبداد والضرب والإهانة، لكن العالم شرقا وغربا لايزال يفرق بين حقوق الإنسان وحقوق النساء، مع أن النساء نصف المجتمع وأكثر.

وإذا غابت حقوق المرأة غابت حقوق الإنسان، لهذا تعانى أغلبية نساء وفقراء العالم من القهر الطبقى الأبوى فى الدولة والعائلة، فى بلادنا يزيد على هذا القهر الداخلى الاستعمار الخارجى والاحتلال الأجنبى والحروب العسكرية والاقتصادية التى يروح ضحيتها الملايين من النساء والأطفال والشباب.. إن قضية تحرير النساء فى أى بلد لا تنفصل عن السياسة الدولية الاستعمارية، لا تنفصل عن السياسة الداخلية الأبوية الطبقية، لا تنفصل عن قضايا التاريخ والجنس والتعليم والثقافة والإعلام وغيرها.

دعونا إلى مؤتمرنا طبيباً من النرويج اسمه مادز جيلبرت عرض علينا فيلما عن تجربته فى غزة أثناء الاعتداء، سافر مادز جيلبرت مع فريقه الطبى إلى غزة متطوعين لعلاج الجرحى أثناء العدوان، انفطرت القلوب فى المؤتمر من بشاعة العدوان الإسرائيلى الأمريكى على الشعب فى غزة، صور الفيلم عيون الأطفال الفلسطينيين وأمهاتهم الذين بترت أطرافهم، لكن الإصرار على المقاومة يشع من عيونهم لهبا وضوءا وقوة، قال الطبيب النرويجى: «هذه القوة فى عيون الأطفال وأمهاتهم جعلتنى أحترمهم وأصمم على التضامن معهم بكل ما عندى من قوة، كما صممت على فضح الإمبريالية الإمريكية الإسرائيلية وعدوانها الإجرامى على الشعوب الآمنة، على رأسها الشعب الفلسطينى».. عنوان الفيلم: عيون فى غزة، وهو عنوان الكتاب نفسه الذى أصدره مادز جيلبرت عن تجربته فى غزة.

كان معنا فى المؤتمر أيضا بير جارتون، وهو رئيس الجمعية السويدية الفلسطينية، ومؤسس حزب الخضر فى السويد، جمعتنى به صداقة جميلة لأكثر من أربعين عاما، كرس حياته لمساندة الشعوب المعتدى عليها، يشعر بالفخر لأنه يتكلم العربية، يقول عنها لغة موسيقية بليغة..

فى نهاية المؤتمر أجمع الحاضرون والحاضرات على مواصلة النضال عالميا ومحليا ضد جميع أشكال القهر الطبقى الأبوى، ضد القوانين والتشريعات السياسية والثقافية والاقتصادية التى تقهر النساء، ضد الإمبريالية العسكرية الأمريكية والحروب والقتل للشعوب الآمنة، أما عائشة الغريب من السودان فقد طالبت بالتضامن العالمى لمنع جلد النساء السودانيات لمجرد ارتداء البنطلون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دمتِ دكتورة نوال
مارا الصفار ( 2010 / 12 / 21 - 09:58 )
كما قلتِ عزيزتي
اصبحت البرلمانيات العربيات مجرد رقم يضاف الى قائمة اعضاء البرلمان
من اجل ان يقال عن النظام انه نظام ديمقراطي يحترم المرأة
امراة بالنصاب القانوني - ولكنها رجلا بدفاعها عن المجتمع الابوي

تذكرت احدى البرلمانيات العراقيات قبل سنوات - وهي طبيبة على ما اذكر
عندما طالبت بوقف قانون حبس الرجل ان قام بضرب زوجته
وهذا قانون موجود في الدستور ولكنه غير معمول به بشكل فعلي
وقالت البرلمانية ان من حق الرجل تأديب زوجته - فكيف نعاقبه بالحبس على حق من حقوقه

يا للاسف
هل هذه من تمثلني في الحكومة وستطالب بحقوقي كأنسانة ؟؟؟؟


2 - الفكر لاالجنس هو المهم
حسين علي ( 2010 / 12 / 21 - 11:13 )
الاخت مارا معظم البرلمانيات بالعراق من هذا النوع عدا القله القليله جدا والأهم فكر النائب وليس جنسه


3 - النساء الشريرات
إقبال قاسم حسين ( 2010 / 12 / 21 - 19:11 )
كلما اقرأ حديثك عن النساء الشريرات اللائي فقن الرجال قسوة وعنف،اتذكر الوزيرة السودانية بدرية سليمان،التي كانت المستشار القانوني لنميري،وصاغت قوانين سبتمبر التي تسببت في قتل و قطع ايدي وارجل البسطاء من الناس،ولازالت تعمل مع هذه الحكومة وتسوم
الشعب السوداني سؤ العذاب
لكِ حبي وتحياتي


4 - عن أي حقوق نتحدث
سيلوس العراقي ( 2010 / 12 / 22 - 07:21 )
اعتقد ان حقوق الانسان مرتبطة في تجليها وظهورها في اي بلد بكل الابعاد الثقافية والحضارية في ذلك البلد،وبالذات البعد الانتروبولوجي لتعريفه للانسان ولماهيته، فمشكلة ، المرأة في العالم الاسلامي، والعربي كذلك لانه اسلامي، تكمن في التعريف الديني والقرآني للانسان و ماهيته ، الذي يختزل ماهية الانسان في المؤمن المسلم فقط، ولا تكمن المشكلة في كون هذه المجتمعات ذكورية، لذلك من الصعب المطالبة بحقوق الانسانية المدنية والكاملة الموجودة في العالم غير الاسلامي، لانه في تلك المجتمعات لا ترتبط الحقوق الانسانية وماهية الانسان بالاعتقاد الديني أو بالجنس، فالى حين فك الارتباط بين الانسان والاسلام كمعتقد يمكن ان يكون هناك حديث جدي عن حقوق الانسان والمرأة بالمفهوم الانساني الشفاف والصادق، أما ما عدا ذلك فهو من أحلام ألف ليلة وليلة التي لا علاقة لها بحقيقة الانسان وقيمته، مع التحية،


5 - خير الكلام ما قلً و دل
آمال صقر مدني ( 2010 / 12 / 22 - 10:17 )
الدكتورة والاستاذة الفاضلة : رائعة دائما ، و لا أستطيع أن أضيف على ما تفضًل به المعلًق السيًد /ة سيلوس العراقي4 لقد عبًر خير تعبير ، و اختصر الفكرة بطريقة رائعة جداً ، و ينطبق عليه ....خير الكلام ما قلً ودل ، وجميع المؤتمرات ، و ورشات العمل ، و الجمعيات.... ما هي إلاً نفخ في قرية مخزوقة ، و لا تقدًم و لا تؤخًر ، نص قانوني دستوري و احد مع تطبيقه نصاً و روحاً ، يغني عن كل الاجتماعات ، التي لا تسمن ولا تغني و تبقى زوبغة في فنجان ، و تذهب أدراج الرياح...!؟ و للعلم صدقيني أنً معظم المجتمعين لا يؤمنون بما يقولون...!؟كل ما هنالك مؤتمرات مدفوعة الأجر من الخارج ، و محاولات يائسة من الدافعين ، لمجرًد نشر الفكرة ، لعلًه عسى أن تلقى صدى يوماً ما ، ...وعلى رأي المثل : العيار إذا ما صاب بدوش....و ها نحن سنبقى مدوشين ، ربما لقرن أو قرنين قادمات ، لريثما يصحوا المغيًبة عقولهم....شكراً شكراً لسيلوس....وكل الاحترام و التقدير للعملاقة الدكتورة نوال ، مع كل الحب لطلتك و الشكر


6 - مبروك
سامي يلدا ( 2010 / 12 / 22 - 11:15 )
ثمة أمران ابتهجت لهما الكاتبة المحترمة وهما انعقاد هكذا مؤتمر في مصر، وثانيهما حضورها هذا المؤتمر
كما يفهم من استخدام صيغة المتكلم الذاتي (كان معنا في المؤتمر..) وما تزال السيدة السعداوي تمتلك طاقة شبابية ثورية رغم التراجعات المريعة التي شهدها الوضع العالمي لحقوق الانسان رجلا أو امرأة، ويظهر ان الفقرة الأخيرة التي تمس الاسلام جاءت في السطر الأخير بعد تردد وعلى لسان ممثلة السودان. متى كان التطور الاجتماعي والطفرات الحضارية مربوطا بمؤتمرات وشعارات، أم صعب على الكاتبة معرفة سبب عقد بعض المؤتمرات ذات العناوين الحساسة في بلدان لا تؤمن بتلك الشعارات في مبادئها السياسية ودساتيرها وثقافاتها المحلية، وليست أكثر من لعبة اعلامية لذر الغبار في العيون، وتلطيف صورة بلدان منخفضة في الصالون الدولي وهؤ يكشف أيضا مدى اهتمام اللجان الدولية للامم المتحدة بقيمة تلك المؤتمرات من خلال عدم الاهتمام بمكان انعقادها. وفقط للتذكير عن مصير منصور الكخيا الذي وصل مطار ذلك البلد لحضور جلسة المنظمة العربية لحقوق الانسان ولم يعرف مصيرها من يومه.. مبروك للنساء والرجال وللكاتبة بالمؤتمر وإلى أمام

اخر الافلام

.. تفاصيل تغيير كسوة الكعبة .. لأول مرة المرأة السعودية تشارك ف


.. لحظة انتشال امرأة أوكرانية على قيد الحياة من تحت أنقاض مستشف




.. قلوب عامرة - د. نادية عمارة توضح حكم -ذهاب المرأة المتزوجة ل


.. رئيس الوزراء: سنعمل على تعزيز دور الشباب والمرأة في كافة الم




.. لبنان.. دراسة لمؤسسة سمير قصير تؤكد تعرض 37% من الصحفيات للت