الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في نقد الدين ومدارسه

فيصل البيطار

2010 / 12 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


التاريخ تاريخان، تاريخ ما حصل، وتاريخ ما كُتب / د. أحمد زكي (1894- 1975)

ولكن ما كتب من تاريخ الأديان يخضع لرؤى ومدارس مختلفة في منهج التحليل، متباينة الأغراض والجدية في البحث عن النصوص وترابطها ثم محاكمتها، فما بين بحوث تبشيرية تهدف إلى إثبات صحة هذا الدين على حساب غيره، وبين ثانية أكاديمية لا تتعدى التفسير، الغرض منها إلقاء الضوء على بعض مناطق التاريخ المعتمة وتبيان حقيقة ما حصل فعلا، وثالثة تحمل الكثير من الأمنيات والرغبات الطوباوية بإسم العلمانية، تقبع أخرى إلى جانبهم وترفض كافة الأديان بآفاق نظرية منوعة ومستندة إلى تحليل مادي تاريخي تردها في النهاية، إلى بشر متنبئن ومن خَلَفَهم من المريدين، وجملة من الأساطير أبدعتها تخيلات جماعات وحضارات بائدة عجزت عن تفسير ظواهر الطبيعة وآثارها على مسيرة حياتهم . إن كانت التوجهات الأكاديمية والتبشيرية لا تعني بمعالجة هموم الإنسان ومستقبل تطوره وسعادته، وإن كانت العلمانية تجنح للمطالبة دون الأخذ بالإعتبار الشروط المادية للحجر على الدين، فإن الإتجاه الأخير، لا يكتف بتفسير حقيقة الأديان وأثر سطوتها، إنما يقدم حلوله لتغيير واقع الثقافة السائدة بما يخدم حياة الإنسان في الخلاص من كافة القيود المعرقلة لتحرره الإقتصادي والسياسي والثقافي، ومنها الحجر على الدين في أماكنه المخصصة له، لكن بالإستناد إلى شروط موضوعية لايمكن القفز من فوقها .
التبشيرية، والدراسات الأكاديمية، والعلمانية، والأخرى الإنسانية إذا، هي التي تقبع خلف دراسات تشريح ونقد الدين، وهي المهمة التي باتت في جانب منها، على درجة عالية من الإلحاح والضرورة مع تفجر ظاهرة الإسلام التكفيري في العقود الثلاثة الأخيرة على وجه الخصوص، وهيمنتها الواسعة على ثقافة وحياة الفئات الشعبية الكادحة وتوجهاتها السياسية بعد أن كانت وإلى عقود قليلة مضت، تنضوي في كفاحها تحت رايات برامج سياسية وطنية وطبقية تخاطب مصالحها في التحرر الوطني والإقتصادي وتأمين حياة أفضل على الأرض بعيدة عن إيحاءات غيبية واعدة وغير منظورة .
ورغم أن الدين الإسلامي لم يغادر قناعات معتنقيه على مر عصوره المختلفة، إلا أنه لم يكن يوما ومنذ أن نشأ على يد صاحبه في مدينته الجديده، محركا للتاريخ وتقدمه كما يريد منه دعاة الإسلام التكفيري الآن، ولم يكن أتباعه من دعاة التكفير ورفض الآخرين من أتباع الديانات الأخرى، بل لم تكن سلطة الدولة (الإسلامية) منذ مراحل نشوءها الأولى تجنح لقتل الآخرين ممن هم من السكان الأصليين بدياناتهم المتعددة لأسباب دينية محضة، فقوة عمل (الموالي) في الأرض، والجزية المفروضة عليهم، هو ماكانت تطلبه السلطة السياسية، وليس القتل والترحيل الذي سيحرمهم من نتاج الأرض والضرائب المنوعة المفروضة عليهم، الأمر الذي يفسر تخلي السكان الأصليين عن دياناتهم الأصلية والتحول نحو الدين الجديد تحت ضغط واقع إقتصادي شديد القسوة على الرغم من رفض السلطة لتحولهم هذا، وهو ما يفسر أيضا، إنخراطهم الواسع في الإنتفاضات الإجتماعية ضد السلطات منذ موت محمد وما عرف حينها بالمرتدين أو رافضي دفع الزكاة بتسمية أصح، وحتى إنتفاضة العباسيين التي كان قائدها التنفيذي وجيشها في معظمه من الموالي ولهم تطلعات إقتصادية تختلف تماما عما تريده قيادة الدعوة، وإنتفاضات لاحقة عديدة كان التحرر الإقتصادي وليس الديني، هو المحرك لها .
سلطة الدولة منذ أن نشأت في مناطق الإحتلال الجديدة، لم ترفض ديانات الآخرين من غير المسلمين، ولم تسع لقتلهم وترحيلهم وإرغامهم على التخلي عن معتقداتهم، العكس هو الصحيح تماما، فالسلطة، هي التي كانت تمتنع عن قبول إسلام (الموالي) لما يعني عكس هذا من خسارة بيت المال لجزء كبير من موارده، وهو الذي عناه الحجاج والي العراق صادقا وأمينا لأهداف الإحتلال بقوله أنهم بحاجة لأموالهم وليس لإسلامهم، ثم رد من أسلم إلى دياناتهم القديمة، ووسم أيدي عمال وأقنان الأرض بالحديد والنار لتمييزهم حال فرارهم من سوق العمل الزراعي . إسلام (الموالي) لم يقبل دفعة واحدة، إنما على مراحل، كنتيجة لإنتفاضاتهم المتوالية وتوسع رقعة الدولة التي راكمت ثروات جديدة هائلة في خزيننتها، وما زال السكان الأصليون وهم الأكثرية الساحقة، يعيشون حتى الآن في أراضيهم فيما بين النهرين وبلاد الشام ومصر وشمال أفريقيا ومناطق أخرى فيها، بعد أن تحولوا عن دياناتهم ولغاتهم وأنسابهم إلى دين جديد ولغة جديدة، ويكدحون الآن بنسب جديد . فَرَضَ كل هذا، واقع الإحتلال الإقتصادي والمنافذ المحدودة للتخفيف من وطأة إستغلاله، إذ لم يكن الدين ونشره هو الذي يقف خلف غزوات محمد ومن تلاه من خلفاءه، داخل الجزيرة وخارجها، وإلا لما لاقى مثل هذا الرواج الطاغ في مناطق الإحتلال، ولم تبلغ معاناة السكان الأصليين حدها المعروف ذاك، إنما الثروة التي إعطاها المسلمون تسميات مختلفة كالجزية والفيئ والزكاة، ونتاج عمل أقنان الأرض، وهو مادفع بالناس نحو الإسلام للخلاص منها .
العرب المسلمون الذين إحتلوا مناطق واسعة من الأرض بسكانها كانوا قليلي العدد، ولا عهد لهم بالزراعة، وكانوا بحاجة إلى السكان الأصليين أحياء وليس أمواتا، كمصدر للثروة وكقوة عمل في أرضهم التي تحولت إلى أراضي دولة .
غزوات ومعارك العرب إذا، كانت في جوهرها ذات طابع إقتصادي، ولا يمكن إضفاء طابعا دينيا عليها إلا بما يعني إنحيازا وتضامنا مع السلطة نفسها، المحرك لتلك الحروب . وهنا يتساوى تماما، الهدف من الغزوات (الإسلامية) ضد جماعات تسكن المدينة وجوارها أولا، ثم خارجها بإتجاه مركز الثروة في الجزيرة العربية، ولاحقا خارجها، مع الهدف من الغزو الصليبي والعثماني والإستعمار الكولونيالي والإمبريالي الحديث . الإقتصاد، الثروة، كان ومازال هو المحرك للتاريخ والإستعمار، ولم يكن الدين سوى الغطاء والأداة التضليلية لهدف حروب الإستعمار المتعددة الأشكال عبر كل العصور .
ويمكن القول بإرتياح شديد، أن الدولة ومنذ أن ظهرت ملامح مؤسساتها لأول مرة على يد معاوية بن أبي سفيان (ت60 هـ) لم تكن دولة ذات طابع ديني كما إتضح من تفاصيل الحياة، إن على مستويات السلطة نفسها أم على صعيد تفاصيل حياة رعيتها، ولا تشبه من قريب أو بعيد دولة طالبان الإسلامية الأفغانية مثلا، أو ما سعت التنظيمات التكفيرية لتأسيسه تحت إسم دولة العراق الإسلامية في المناطق التي هيمنت عليها بين أعوام 2006/2008 ، ولا تشبه في تشريعاتها تلك الخاصة بحركة الشباب المجاهدين في الصومال، وما تروج له جماعات تكفيرية أخرى متناثرة في بقاع الأرض، إلا أن الدين الإسلامي لم يكن بعيدا عن إستخدامات السلطة كما هو الحال في كل وقت، فقد عملت الطبقة الحاكمة دائما ودون هوادة، على تغليف أهدافها وطموحاتها السياسية بتفسيرات لآيات قرآنه وُضعت أصلا لما فيه مصلحتها الإقتصادية - السياسية، وبأحاديث رويت عن صانعه، لا يمكن أبدا التأكد من صحتها وخصوصا فيما يمكن تسميته بالحديث السياسي - الإجتماعي، لكن يمكن وبسهولة، تبيان مواقع الوضع فيها على الرغم من التشدد الشكلي الذي وضعه علماء الحديث دفعا لما إحتواه من تناقضات جلها تدور حول علاقة المواطن بالسلطة، المسلم والذمي معا، والصراع بين معسكرات وإنحيازات طوائف المجتمع . كان الدين وما زال، واحدا من أدوات قمع السلطة، والهدف دائما، تطويع فئات المجتمع الشعبية وتغييب وعيها الإقتصادي – السياسي بنجاحات غالبة وإخفقات نادرة، لكن لم يكن هناك منذ دولة معاوية، ما يمكن أن نرمز له بالدولة الإسلامية أو بالإسلام السياسي أو الإسلام التكفيري الرافض لأتباع الديانات الأخرى بالتقتيل والتهجير كما هي عليه اليوم بعض الجماعات المتناثرة هنا وهناك .
ظاهرة الإسلام السياسي، ظاهرة حديثة وأنتجتها الدولة العربية الحديثة بعد الحرب العالمية الأولى، كما أنتجت ظروف القهر الإقتصادي والتدخلات الغربية المتعاونة مع أنظمة عربية محافظة وغياب الدور الفاعل للقوى الديموقراطية العربية، ظاهرة الإسلام التكفيري .
أما البحث في النص الإسلامي ذاته، وبمعزل عن الواقع الذي إستدعاه، فمن شأنه أن يوقع الباحث في ورطة شديدة عمادها التناقض في نصوص القرآن والحديث لما يخص قضية واحده . يوصي علي إبن أبي طالب إبن عمه ومحاوره لوفد معسكر معاوية في معركة صفين،عبدالله بن عباس، بألا يحاورهم بالقرآن، ولكن في الحديث، فالقرآن حمّال أوجه منذ بداياته كما أدرك عليّ، وقد ترسخت تناقضاته والشكوك التي تحوم حوله عبر طريقة ورجال والظروف التي أحاطت بجمعه، وترتيب آياته وسوره، والإضافات التي ألحقت به، وما سقط منه من سور وآيات، وعبر سلسلة طويلة من التفاسير التي لم تخلو من إنحيازات طائفية وسلطوية لم تتمكن علوم القرآن المخترعة من نفيها أو حتى حجبها عن نتائج التحليل المحايد . أما الحديث النبوي، فلا يقل عن القرآن بنصه المجرد، درجة واحدة في قيمته الأكاديمية ومعايير صدقيته، ويكفي أن نعلم أن ما إتفق عليه الشيخان من الإحاديث هو فقط مائة وأربع وتسعون حديثا من بين مئات الألوف من الإحاديث المروية عن محمد، وما بين أيدي أهل السنة من الحديث، لا يعترف به الشيعة إلا بما يدعم توجهاتهم، وما بين أيدي الشيعة لا يعترف به أهل السنة على إختلاف مناهجهم الفقهية، وإستعراض حياة رواة الأحاديث أنفسهم يدعونا للشك، بل ورفض ما نقل عنهم طالما أن الذات والتحزب كانا هما اللذان يقبعان خلف الرواية .
هذا الإتجاه، هو الأفقر معرفيا وتسطحا في محاكمة النص الديني ونقضه، وهو الأكثر تضليلا وبعدا عن أمانة البحث العلمي ورصانته إن كان قد وقع على تفاصيل ما حدث فعلا، ولا يُقصد منه في كلتا الحالتين، إلا الإلغاء لدين والترويج لآخر مع جملة من الشعارات المضللة، وأبرزها ما يحوم حول مغادرة المسيحية للمجتمع وقوانين حركته لتنحصر بين جدران الكنيسة ولا تتعداها .
وهكذا، فإن من يلجأ لمحاكمة النص الديني قرآن وحديث، ثم إلغاءه مستندا لنصوصه المجرده والإستحضار الدائم لتاريخ ومعارك أسالت دماء كثيرة بإسم الدين كما يريدون إيهامنا، إنما يقفزون فوق حقائق نفس التاريخ الذي وصلهم وأيقنوا بصحته .

الإتجاه النقدي الأكثر ملامسة لحقيقة ما حصل فعلا، هو الذي يقر بإستحالة الأخذ بالمنتج التاريخي الديني الذي وصل إلينا طالما أنه ليس أكثر من رواية فرد واحد كما مع الإسلام، ولا يوجد من الدلائل المادية ما يؤيد مصداقيتها رغم البحث والتنقيب في ماوصل إلينا من وثائق عن فترة ظهوره وحتى العقود السبعة القادمة من عمره المفترض .
فكل الروايات عن ظهور الدين الإسلامي في مكة، وما رافقها من أحداث، وما تلاها حتى العقد السابع الهجري، لايمكن الوثوق بها طالما أنها لم تُدعّم بلقى أركيوليجية، وما يثبت وقائعها من خلال نصوص أجنبية وضعنا أيدينا عليها ولم تشر من قريب أو بعيد لهذا الحدث التاريخي الهائل بمجرياته وتفاصيله ونتائجه حسب الرواية الفردية، ما نمتلكه من روايات، هي شفاهية ونقلها لنا المولى محمد بن إسحق المولود في المدينة، وكانت قد وصلت إليه شفاهة بعد أكثر من قرن من الحدث المفترض وقبل أن يظهر التدوين العربي بدايات القرن الهجري الثاني، رواية إبن إسحق لم تصل إلينا بنصها الأًصلي، إنما عن طريق راو وكاتب غيره، وهو بدوره، لا يبتعد كثيرا عن مواقع الشك وفقا للطريقة التي وصلت بها روايته إلينا، فسيرة إبن إسحق المزعومة لم يعثر عليها حتى الآن، ولم نتعرف على ما جاء بها إلا بعد عقود من وفاته على يد عبد الملك إبن هشام في مختصر سيرته، وما بين وفاة الأثنين أكثر من ستة عقود من الزمن ( توفي إبن إسحق 151 هـ وإبن هشام 218 هـ )، ولا يوجد هناك ثمة موانع أخلاقية وأدبية تمنع إبن هشام من التلاعب في نص إبن إسحق الذي وصل إليه، إن في الإضافة أو الحذف أو التزوير تكيفا مع معطيات ظرف تاريخي يعيشه وتهيمن عليه وتوجه ثقافته السائده، سلطة مطلقة للفرد تستمد سطوتها من القبيلة وتحتاج لما يدعم تفردها في أوساط شعوبها بنصوص دينية مختلقة وشجرة أنساب مزورة . هذا يشمل بالطبع، ما وصلنا من كتب التواريخ اللاحقة ودون إستثناء، فالتاريخ (غالبا) ما يُكتب متوافقا مع مصالح السلطة في ظل ظروف إستبدادية وقمعية لاتسمح بغير ثقافتها، ولا يُكتب كما حصل فعلا، ويكفي لإثبات هذا الأمر، أن نبحث في روايات المؤرخين الرسميين عن حركة الزنج وثورة القرامطة والثورة البابكية والجوانب الإجتماعية لثورات العلويين وتوصيفاتهم لها، وإلحاق تهم الزندقة بشخصيات معارضة للسلطة ذات حضور فلسفي وديني وشعري، والتبرير لقتلهم بأبشع الطرق، وما زلنا نذكر حملة صدام حسين ل ( إعادة كتابة التاريخ ) أثناء حربه مع إيران وما إشتملت عليه تلك الحملة مع إلغاء كل ما يمت للحضارة الساسانية من زوايا الوعي الثقافي العراقي بما فيها مصادرة كتب أشارت لهذه الحضارة، ومصادرة شعراء فرس أو عرب من أصول فارسية، بل وتزوير التاريخ القريب كتاريخ ثورة 14 تموز .
كتابة التاريخ إذا، في تلك الحقبة (وغالبا)، تفرض على كتّابه، ومنهم إبن هشام، التكيف مع مرحلة بمعطياتها السياسه وفقا لما يريده أولي الأمر دعما لتمركزهم في السلطة وهيمنتهم على تفاصيل الحياة، وما تفرضه ظروف الإحتراب القبلي، ورفع شأن أنساب والحط من أخرى، وتشويه رموز سياسية وفكرية وتلميع أخرى، وكل هذا بنصوص دينية وتاريخية مزورة كانت من ضمن مهمات المؤرخ القريب من أولى الأمر دائما، ونحن نعلم، أن جل ما كان يكتب في تلك الفترة كان بأوامر عليا من الحكام ولهم على وجه الخصوص، وليقرأ في أوساط الحاشية المقربة ثم ليتم إشاعته بين الناس، ولم يكن هناك أكثر من نسخة واحدة من الكتاب غالبا، أو بضعة أخرى قليلة تنسخ عن الأصلية، وهو ما يفسر ضياع سيرة إبن إسحق المزعومة، وكتب كثيرة ورد ذكرها ولم يتم العثور عليها .
هذا الإتجاه يخلص إلى رفض نصوص وتاريخ الدين الإسلامي بالطريقة التي وصلت إلينا، لكنه يقف عاجزا، وهو محق، أمام مهمة غربلة الحدث لوضع اليد ولو على بعض من حقيقته، طالما أن البحث الأركيولوجي لم يتقدم خطوة على هذا الطريق، فالعقل لا يقبل أبدا، أن يكون إبن إسحق وتابعه إبن هشام ومن تلاهما، قد شيدوا تاريخ الدين الإسلامي من عدم، فلا بد أن يكون هناك بعض المداميك التاريخية الصادقة والضائعه وتم الإستناد عليها في كتابة التاريخ المزور .
لكن تاريخ الدين الإسلامي ليس وحده هو ما يحيط به غموض النشأة والتكوين، اليهودية التي كُتبت توراتها في الأسر البابلي متأثرة بعقائد شعوب ما بين النهرين، والمسيحية التي إنحرفت عن مبادئ صانعها على يد وثني لم يعمّد إلا وهو على فراش الموت، ورواها بعد زمن أشباه لإبن إسحق لم يعيشوا الحدث، هي أيضا تقبع إلى جانب تفريخاتها اللاحقة في دائرة الرفض أو الغموض في أحسن الأحوال .

يتقدم خطوة قصيرة واحدة، من يهدف من نقد بعض تشريعات الدين الإسلامي إلى عزله عن حركة المجتمع والتحكم بسيرورتها، وإرساء قواعد جديدة تعني بشؤون الإنسان في حياته ومستقبل تطوره، وهو الإتجاه النقدي العلماني الذي من شأنه أن يحفر ولو قليلا في بنية المجتمع الفوقية دعما لحقوق الإنسان والمساواة المغيبة في نصوص كل الأديان دون تمييز، لكن ستبقى إنجازاته المتواضعة مرهونة دائما بما يمكن أن تتنازل عنه السلطة، وغالبا ما يحصل هذا، تناغما مع تشريعات دولية وتدخلات أممية متراكمة، وليس بتأثير فاعل للأحزاب وحركات المجتمع المدني العلمانية التي فقدت الكثير من جمهورها بفعل المد المتنامي لتيار الإسلام السياسي بعد أن فشلت وعبر عقود من حل مشكلات جمهورها من أبناء الفئات الشعبية في التخفيف من عبئ الضغوطات الإقتصادية والوطنية التي تعيشها .

كل هذه المدارس النقدية تدعو لفظا لإلغاء الدين أو الحجر عليه أو إستبداله أو التخفيف من وطأة أحكامه الشخصية، وبسبب من خلفيتها الأيدلوجية وطموحاتها المحدودة، وبالأساس، درجة تطور مجتمعاتها الإقتصادية، نراها تقف عاجزة أمام هذه المهمات وفهم متطلبات تحقيقها المجتمعية، هي تكتفي بتفسير الحدث وما أحاطه من ظروف موضوعية، أو تعمل على رفض دين لحساب آخر، أو تطالب بتجاوز بعض تشريعات الأحوال الشخصية، لكنها ودائما، ستبقى أسيرة لتوجهات السلطة وواقع البنية التحتية وما ستعكسه من وعي في صفوف الناس .

تفكيك النص الديني، مخاطبة وعي الناس ومناشدة السلطات، على الأهمية الأكاديمية والشعبية لكل هذا، لن يدفع بالمجتمع والسلطة نحو تبني سياسة إلغاء الدين أو حجره في أماكن تعبده الخاصة من جوامع وحسينيات وكنائس، وفي قلوب الناس بعيدا عن شؤون الحياة والتدخلات الفظة بتفاصيلها، هناك من المتدينين من سيرفض دائما مثل هذه المحاولات الفوقية التي تخاطب عقول جرى تكوينها عبر قرون طويلة وفقا لتوجهات غيبية واعدة، وتجد في الدين ملجئا أمينا وحصينا لتطلعات في حياة أبدية أفضل من التي تعيشها في ظل القمع الإقتصادي والإجتماعي الذي عاشته وتعيشه ولم تجد له حلا على الأرض، هذا عدا عن أن مثل هذه المحاولات لن تصل للغالبية العظمى من المتدينين حتى مع ما وصلت إليه ثورة تكنولوجيا الإتصالات من تقدم، هؤلاء هم من الفقراء الذين لا يمتلكون مثل هذه الأداة التنويرية، مع رفض المتشددين للتعامل معها أصلا، وسيبقى هؤلاء في غالبيتهم وغالبا، أسرى لواقعهم الإقتصادي المطحون ومناهج التعمية وتغييب الوعي المبرمجة، وستبقى مثل هذه المحاولات، أسيرة قراءة فئة قليلة من النخبة ممن لهم إهتمامات وإمكانات متابعة هكذا نصوص ودعوات، ولن تمس وعي المتدينين الذين يشكلون غالبية المجتمع، مع التأكيد على أن أي تغيير في وعي الطبقات ثم إنحيازاتهم، لن يتم بشكل كاسح إلا مع نقلة نوعية في بنية الإقتصاد ثم شكل الدولة، وتعكس وعيا جديدا لطبقة جديدة تملك وسائل الإنتاج وتفرض ثقافتها بما فيها ثقافة الدين .
الدين هو نهاية أحلام وملجأ الكادحين، وهم أكثرية مجتمعاتنا، وما لم يتمكنوا من تحقيقه على الأرض من سعادة ورفع الظلم وتحسين أوضاعهم بضمان العمل والدراسة والزواج والعلاج، يأملون بتحقيقه في السماء، هذه هي حلولهم أمام غياب تأثير القوى الديموقراطية في إيجاد الحلول الإقتصادية والإجتماعية لهذه الفئات الكادحة المتدينه، وهو ما يشيعه على نطاق واسع رجال الدين المتحالفين مع السلطة ومن على منابر واسعة الإنتشار، لا يمتلك المتنورين شبيها لها أو ما يساوي جزءا من حجمها، أحزاب، وفضائيات كاملة وأخرى شبه متخصصة، وصحف ومساجد وتشريعات سلطوية تروج لتفاصيل الدين، وخصوصا أيقونات التخدير، من الصبر على البلوى وإطاعة الحاكم حتى لو كان ظالما، والوعد بالخلود في جنات فيها كل ما تشتهيه الأنفس، شرط الخنوع والقبول بما قسمه الله لها .
المعركة سياسية إذا، ضد تحالف السلطة – الدين وتفريخات إرهابه، وضد من أوجد هذه السلطات وما زالت تعيش ببركات حمايته، وليست ضد الدين نفسه مسيحيا كان أم إسلاميا، وعليه، فإن وحدة أتباع الديانات من فئات الشعب المهمشة إقتصاديا وإجتماعيا وفق آليات كفاحية تضامنية صادقة التوجهات، هي الشرط المبدئي والحاسم على طريق إجبار السلطة لإنهاء التمييز بين الأديان ومنح الجميع نفس الحقوق في المواطنة وممارسة الشعائر الدينية بمساواة كاملة ودون تجاوز دين على آخر، أما معارك الأديان وعلى طريقة أيهما أصح ديني أم دينك، فلا تخدم سوى تعزيز الإنشقاق داخل المجتمع وبعثرة جهود الكادحين من أبناءه بما يخدم مخططات السلطة نفسها .
لكن علينا ألا نركن إلى إمكانية وسهولة الحجر على الدين وإشاعة مناخ الحريات والديموقراطية والمساواة بمجرد إطلاق الشعارات والمواقف، لوكانت تحريضات مفكري عصر التنوير في أوروبا هي التي أدت إلى إنهاء تدخلات الكنيسة في حياة الناس، لكانت قد ظهرت مثل هذه الإمكانات قبل هذا التاريخ، فدائما ما كان هناك ثلة من التنويريين ومعارضي الدين ومن يدعون للحجر عليه، إن في عصر الإقطاع، أو حتى لحظة ولادته، وحسب النصوص، على الأقل، فإن محمدا كان قد واجه معارضة شديدة في مكة والمدينة، لم تقف حائلا أمام نشر معتقده ونقل المجتمع العربي المتنوع في ثقافته إلى مرحلة توحد كامل لم تخلو بالطبع من بعض المعرقلات بعد موته، كما واجهها قبله عيسى إبن مريم وأدت إلى مقتله وإختفاء أمه في ظروف غامضة، إلا أن هذا لم يمنع من إنتشار الدين الإسلامي وقبله المسيحي . ليست جهود كتاب التنوير، وهي المحدودة الإنتشار أصلا نظرا لظروف الطباعة آنذاك والأمية المتفشية في المجتمعات الأوروبية، هي التي أدت للحد من سلطة الكنيسة المتحالفة مع الإقطاع الأوروبي، بل تلك القفزة التي أرست قواعدا لنمط جديد للإنتاج بتحوله من نمط إقطاعي متحالف مع الكنيسة إلى رأسمالي تتناقض آليات تطوره وهيمنته مع القيود الكنسية وتدخلاتها الفظة بشؤون المجتمع، الطبقة الجديدة إمتلكت تعبيراتها الثقافية (التنويرية) الداعية إلى فصل الدين المسيحي عن مسيرة وتطور النظام الرأسمالي الجديد وليس العكس، وعلاقات الإنتاج الرأسمالية الجديدة هي التي دفعت بالمسيحية الأوروبية للإنكفاء بين أربعة جدران كنسية، وهو ما تحتاج مجتمعاتنا إلى مثيلتها للحجر على الدين الإسلامي بين جدران جوامعه .
مثل هذه النقلة في علاقات الإنتاج تحتاج إلى وقت طويل في مجتمعاتنا، وعلينا أن نتذكر أن الرأسمالية لم تتمكن من تقييد تدخلات الكنيسة إلا على مراحل وبعد أكثر من أربعة قرون منذ أن نشأت، وما زالت الأخيرة تمارس دورا سياسيا بين الفينة والأخرى وحسب ما تقتضيه مصالح الرأسمالية .
لكن هذا يجب ألا يمنع القوى الديموقراطية من الحراك الدؤوب لتحقيق بعض المنجزات على طريق التعددية والمساواة وحرية ممارسة الشعائر بقيود التضامن بين مكونات الشعب الدينية والطائفية والأثنية والحفر في بنية المجتمع الفوقية ما أمكن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاسلام العملي
الشيخ علي عبد الحسين السوداني ( 2010 / 12 / 21 - 20:12 )
بسمة تعالى
انا اطرح عليك يا عزيزي البيطار نظريةالاسلام العملي التي ينادي بها سيدنا
الاستاذ السيد حسين اسماعيل الصدر وهي باختصار شديد تتمحور في ثلاث محاور اساسية هي التسامح الديني والحوار الانساني والتعايش السلمي وهذا الطرح عقلائي وفهم متحضر للدين اظن انه بديل عن فكرة الحجر على الدين
وتحجيم دوره في حياة الامه وقد نظر سماحته وكتب عنها الكثير


2 - التاريخ والحقيقة
صباح ابراهيم ( 2010 / 12 / 21 - 21:35 )
الدين الذي يحرض على الارهاب والقتل ويفرخ الارهابيين ويدعو بصراحة الى القتل والغزو بحجة الجهاد لنشر الدين وعبادة الله بينما دافعه الاصلي هو الحصول على اموال الشعوب بحجة فرض الجزية والزكاة وجمع الضرائب كما قال الحجاج نحن بحاجة الى اموالهم وليس اسلامهم ، مثل هذا التوجه يكون غزوا مقنعا بستار الدين بينما واقعه السلب والنهب وسبي النساء وجمع الغنائم والحصول على الاراضي واستعباد الناس . وهذا هو ما ذكره التاريخ متباهيا بغزوات ابادة ونهب تحت اسم الفتوحات . الاستعمار الحديث رغم مساوئه وتقسيمه البلدان ، الا انه لم يخل من فوائد ادخال الحضارة والثقافة وادوات نشر العلم كادخال المطابع واستخراج النفط وادخال التكنلوجيا ووسائل النقل الحديثة التي لم يكن العرب يعرفوا شيئا عنها .
فما الذي ادخله الفاتحون العرب من علم وحضارة وتكنلوجيا وصناعة وزراعة للبلدان المفتوحة وما الذي اضافوه من منفعة لشعوب تلك البلدان غير نهب خيراتهم واجبارهم بالقوة على ترك اديانهم ومعتقداتهم واعتناق الدين الجديد تخلصا من اعباء الجزية والضرائب الباهضة والتفرقة العنصرية على اساس العهدة العمرية . فهل يكتب التاريخ الحقيقة كما هي ؟


3 - عزل الدين عن الدوله
نورس البغدادي ( 2010 / 12 / 22 - 04:03 )
ان نجاح تجربة عزل الدين المسيحي عن الدوله في اوربا وحجره داخل جدران الكنيسة لا يعني ذلك بآلضرورة نجاح تكرار تطبيق هذه التجربة على الدين الأسلامي ايضا ، فالمسيح قال ليست مملكتي من هذا العالم وقال اعطوا مال قيصر لقيصر ، وهذا يعني انه لم يأتي بنصوص تدعو الكنيسة التمسك برأيها حول التدخل بشؤون الدولة او تأسيس دوله ، ناهيك عن كون المسيحيه هي علاقه بين المخلوق وربه اكثر مما هي دين او حزب ديني ، لذا فأن عزل الكنيسه عن الدولة كان عملا يسيرا ، اما في الدين الأسلامي فبدون تجميد النصوص الدينيه التي تنادي بأن الأسلام هو دين ودوله وتجميد مبدأ جهاد الطلب في وقت السلم يبقى دخان الأسلام يهدد الدولة ويبقى تطبيق الشريعة الأسلاميه يهدد امن الدوله ودستورها ، لذا فأن عملية نجاح حجرالأسلام عمليه عسيرة برأي لأن الأسلام صمم بأن يكون دين ودوله وأن نجاح عمية حجره تشبه عملية اكتشاف دواء لمرض السرطان ، تحياتي للجميع


4 - الشيخ السوداني المحترم
فيصل البيطار ( 2010 / 12 / 22 - 06:38 )
هذا هو موقف الشعب العراقي بكل مكوناته إلا فئة قليلة مجرمة .
تحية لك سيدي .


5 - تعليق
سيمون خوري ( 2010 / 12 / 22 - 08:25 )
أخي فيصل المحترم ، تحية لك موضوع شيق وهام وشكراً على جهدك القيم في تناول الموضوع , وهذا يذكرني بكتاب الأخ سليمان البشير مقدمة في التاريخ الأخر ، أتمنى أن تطلع عليه نظراً لكونة يناقش ذات الأفكار . أخيراً أخي فيصل أعتقد أن جهدنا يفترض أن يتمحور حول النقاط التالية وهي التعددية ووحقوق المواطنة الكاملة والمساواة الإجتماعية . والتسامح الديني . عندها يصبح الدين كتحصيل حاصل خياراً فردياً ، ويجرى تفكيك تحالفة مع السلطة . وهذا أمر بعيد التحقيق لكن ليس مستحيلاً أخي فيصل شكراً لك وكل عام وأنت بخير


6 - تحيه
ساره محمد ( 2010 / 12 / 22 - 10:00 )
موضوع ممتاز .... استمر اخي الكريم


7 - كل عام وانت بخير أخي صباح
فيصل البيطار ( 2010 / 12 / 22 - 10:55 )
الأديان الثلاث كلها إحتلت وقتلت،وقد جاءت متناغمة مع واقعا كان سائدا منذ ما قبل ظهورها،المنطقة عرفت إحتلالات دموية كثيرة،آشوريون وبابليون وفرس ورومان ويونان ومصريين،ومن قتل من المسيحيين على أيدي المسيحيين أنفسهم يفوق بما لا يقاس من قتل على أيدي المسلمين،ولم تأت الغزوات العربية إلا ضمن هذا السياق،ثم تلاها غزوات تتارية وعثمانية وأوروبية صليبية،وكولونيالية حديثة إستعمرت كل شعوب الأرض في آسيا وأفريقيا والقارات الجديدة الثلاث ليس بهدف إرساء أسس الحضارة إنما بحثا عن الثروة،أما الإصلاحات التي أدخلها الإستعمار وإن كانت تخدم في جانب منها شعوب المنطقة،إلا أنها جاءت أصلا لخدمة المستعمرين،فشق الطرق وتأسيس الموانئ وسكك الحديد.. الخ كان بهدف السيطرة على ثروات المنطقة المدفونة ولتسهيل حركة بضائعها،والشركات النفطية الإحتكارية كانت تسيطر على حوالي 90% من أراضي العراق قبل قانون رقم 80
أما عن الحضارة العربية وأثرها في المنطقة وعلى النهضة الأوروبية فهو أمر موثق تاريخيا ولا ينكره الأوربيون أنفسهم
الأستعمار هو من أرسى قواعد تخلفنا بتأسيسه ودعمه لأنظمته في المنطقة، والمهم، كيف نرسي أسس المساواة والتعاون الآن


8 - الأخ نورس البغدادي
فيصل البيطار ( 2010 / 12 / 22 - 11:20 )
ورغم هذا، فإن عزل الكنيسة عن التدخل بشؤون الناس لم يتم إلا بعد 19 قرنا من دعوة المسيح وما زال للكنيسة تدخلاتها وللدين مسوحه السياسية .
ليست النصوص هي التي عزلت الكنيسة، بل مصالح طبقة جديدة لم تولد في منطقتنا بعد، علما أنه لا يوجد في القرآن ما يشير إلى دولة الإسلام ... هذه من إختراعات الإسلام السياسي .
تحياتي لك أخي وكل عام وانت بخير


9 - الأخ سيمون خوري
فيصل البيطار ( 2010 / 12 / 22 - 11:37 )
ليت الأمر كما أردت أخي سيمون ، الأمر كما أراه، أعقد من هذا بكثير . نحتاج إلى نقلة نوعية في بنية الإقتصاد وهي التي من شأنها أن تعكس واقعا ثقافيا جديدا بما فيه ثقافة الدين ... هذا بالظبط ما حصل في أوروبا .
تحياتي لك أخي وعامك سعيد وجميل .


10 - الأخت سارة محمد
فيصل البيطار ( 2010 / 12 / 22 - 11:39 )
شكرا لإطرائكم وكل عام وانتم بخير .


11 - الحكم الديني
منتظر بن المبارك ( 2010 / 12 / 22 - 11:41 )

تقول: ويمكن القول بإرتياح شديد، أن الدولة ومنذ أن ظهرت ملامح مؤسساتها لأول مرة على يد معاوية بن أبي سفيان (ت60 هـ) لم تكن دولة ذات طابع ديني. هل لديك دليل على ذلك غير حياة الخلفاء الداعرة؟ هل أوقفت الحدود الدموية من رجم وقتل وبتر؟ هل كف الحكام عن جباية الجزية والخراج؟ هل توقف الغزو إلا في أوقات الضعف؟ حكمت الدولة الأموية طبقا لنصوص دينية مفبركة، وكذلك الدولة العباسية بنصوص دينية مفبركة أيضا. إن القتل والقهر والظلم تم بأيات قرآنية وأحاديث نبوية والأمثلة بعدد أيام التاريخ الإسلامي.
هناك كبوة كبيرة في تعليقك على الأخ صباح ابراهيم، المسيحيون الذين قتلوا وغزوا كانوا يفعلون ذلك تطبيقا لأجندة سياسية وليس تطبيقا لنص إنجيلي، أما الغزوات والسبي والجزية والقتل فكان تقربا لله بتنفيذ أوامره تعالي طبقا لأيات القرآن
تحياتي لشخصك الكريم


12 - تحية وتقدير
فؤاد النمري ( 2010 / 12 / 22 - 12:03 )
التحية للرفيق فيصل والتقدير لجهوده النضالية التقدمية ومنها الكتابة في نقد الدين
استمتعت بقراءة المقالة الثرية واستوقفني نقطتان
الأولى وهي نشوء اليهودية مع عودة الأسرى من بابل وتحريفهم للأساطير السومرية وهو ما يعني أن قصة إبراهيم أبي الأنبياء وتوابعها، إسحق ويعقوب ويوسف والعهد الإلهي، إنما هي مجرد خرافة لا أساس لها في الواقع
والثانية هي تحريف دعوى يسوع وحقيقتها أن يسوع كان من حركة الناتسريين (وتكتب دائماً الناصريين) المنذورين للثورة على الرومان واستطاع بولص وهو جاسوس لروما أن يحرف دعواه لتكون كما المسيحية الحالية وهو ما يؤكد أن المسيحيين اليوم بمختلف طوائفهم هم منكرون إنكار بولص ليسوع (اسمه يسوع وليس عيسى)ـ ومن هنا تصف الكاتبة العالمية المشهورة بنقد الدين كارن آرمسترونغ عامة المسيحيين بمسيحيي بولص
Pauline Christians


13 - الأخ منتظر
فيصل البيطار ( 2010 / 12 / 22 - 12:10 )
الدين كان عباءه يتخفى تحتها بيت المال الخاص بالخليفة ، أما الإضطهاد والقتل فطال أول ما طال بيت نبيهم وأحفاده ... بإسم الدين أم طمعا بالسلطة الزمنية؟
لم يدفن نبيهم بعد وتضاربوا بالنعال وسعف النخل في السقيفة حول مركز الخلافة .. بإسم الدين أيضا ! والشواهد كثيرة على تطويع الدين لخدمة أهداف إقتصادية وولاءات قبلية منذ الخليفة الثالث بوضوح ساطع فما فوق .
الرجم والقتل والبتر ثم الخوازيق لا علاقة له بطابع الدولة الديني ولو كان هناك كرسي كهربائي لأستعملوه كحد أو عقوبة .
الغزوات من أجل الثروة والسبايا والجزية والخراج وناتج عمل الأقنان بالأرض هو ما أرادوه بالفعل وجرى إيضاح هذا الأمر كما أعتقد .
إرجع لتاريخ المسيحية المصرية وسترى كم قتل في الصراع الديني بين إتجاهين مسيحيين وكم قتل في بلاد الشام من القائلين بالطبيعة الواحدة على يد جماعات التثليث .
لماذا المسيحيين فقط غزوا وقتلوا وفقا لأجندة سياسية .. ليست الرغبات هي التي ترسم ملامح التاريخ، بينت في مادتي ان الغزو الإسلامي كان بهدف الثروة بما لا يدعو للشك .
تحية لك أخي الكريم .


14 - الرفيق فؤاد النمري
فيصل البيطار ( 2010 / 12 / 22 - 12:20 )
نعم رفيقي، فكل ما بيد أتباع الديانات الثلاثة الآن مجرد طقوس مستحدثة جاءت لتتوافق مع مصالح من بيده زمام السلطة .
التقدير دوما للرفيق النمري وجهده الذي لا ينضب .


15 - راي
خالد صبيح ( 2010 / 12 / 22 - 18:37 )
شكرا لك على هذا الجهد المنظم والعمل الناضج، واعتقد ان مناقشة كل الافكار، التي نتباين انت وانا، او نختلف حولها لايمكن ان يغطيها تعليق، ولكني ساكتفي بالملاحظتين التاليتين.

ليس هناك تاريخ، وبالذات القديم منه، دون كما هو. فالتاريخ يرتبط بقوة بالواقع الاجتماعي، ومن يدونه يخضع، شاء ام ابى، الى ضغوطات واكراهات لن تدعه، مهما سعى للموضوعية، ان يدون الوقائع الا كما يراها هو، ومايحدد رؤيته هو بالضرورة مجموعة من العوامل الشخصية والمنهجية وغيرها. وماارادت ان توصله الدراسات والمكتشفات الحديثة، في مجالي تاريخ الفكر والمجتمع، هو ان العالم وتاريخه عبارة عن نصوص، بمعنى ان الواقع مغمور في زحمة الرؤى التي دونته. هذا بالاضافة الى ان المؤرخين الاسلاميين الذين اشرت لهم في نصك لم يعقهم واقع ارتباطهم بالسلطة وحده، وهو واقع لايمكن تجنبه على اية حال، وانما مااعاقهم وبدرجة موازية لفروضات السلطة، هو غياب المنهج العلمي لدراسة التاريخ، فنحن نعرف ان اول رؤية علمية للتاريخ قد وضعت اسسها بشكل جنيني على يد ابن خلدون الذي لم يطبقها هو نفسه في سرده للتاريخ. صعب جدا، بل انه امر غير عملي، محاكمة اخفاقات تدوين


16 - تكملة
خالد صبيح ( 2010 / 12 / 22 - 18:38 )
تدوين التاريخ وفق منظور يتضمن منجزات عصرنا العلمية، وانت اكدت من حيث الجوهر بوضوح على هذه الفكرة في مقالك. وفعلا، كما قلت انت، مالم تقدم ادلة حفرية ( اركيلوجية) لن يمكن اتمام عملية تدوين التاريخ.

2 ارى انك قللت من اهمية العامل الروحي والعقلي الذي تمثله العقائد، كل العقائد، ومنها الدينية. فالعقائد تبقى عاملا متعدد الابعاد والمصادر، ولايمكن اختزالها الى بعدها الايدلوجي التبريري وحده مع اهميته. فالاسلام كعقيدة وبنية فكرية لم يؤد دور اداة السيطرة الايدلوجية فقط، بل كانت له وظائف اخرى متعددة. فمن قاتل وغزا لم يفكر فقط بالمغانم، لابد وان هناك دوافعا اخرى جعلته على استعداد لاداء هذا العمل. وفي عالمنا المعاصر شهدنا حوادث ووقائع مختلفة نفت ان تكون الفكرة والعقيدة هما فقط ايدلوجيا تبريرية. النازية والشيوعية وحوادث الحربين العالميتين وغيرهما. لابد ان هناك طوباويين وحالمين بتغيير ما. لايمكن اختصار الانسان الى كائن غرائزي محدود يلهث وراء المكاسب والمنافع وحدها.

برايي ان هذا يعود الى انك اوليت العامل الاقتصادي والواقع المادي حيزا اكبر مما يحتمله الواقع.

اتمنى لك النجاح في اعمال قادمة


17 - الأخ خالد صبيح
فيصل البيطار ( 2010 / 12 / 22 - 19:03 )
- لا أختلف معك في ملاحظتك الأولى .
- لا يوجد جانب عقلي في الدين، محاكمة نصوصه تثبت طوباويته، وعنده يتوقف العقل وعليه أن يقبل بالنصوص كما هي .
ما يقف خلف التغيير، أو صناعة التاريخ برأينا، هو عوامل إقتصادية قد تغلف بشعارات وطنية أو قومية أو دينية لكنها ستبقى بجوهرها إقتصادية بحته، وهو الأمر الذي وقف خلف كل الغزوات التي تعرضت لها المنطقة قديما وحديثا، وهي نفس العوامل التي أدت إلى نشوب حربين عالمتين وحروب أخرى واسعة في أوروبا مع بداية الثورة الصناعية والحروب التي دارت لإقتسام القارتين الجديدتين ...
سررت بمداخلتك أخي ولك كل الإحترام .


18 - علماني مغاربي
محمد بودواهي ( 2010 / 12 / 23 - 14:15 )
تحية وتقدير للرفيق فيصل على هذا المقال الرائع والجهد المبدول
الاقتصاد هو المحرك للتاريخ حقيقة علمية ثابتة لا يمكن أن يشك فيها إلا من لازال أسير ثقافة وفكر طوباويين غير علميين حيث التأتير الديني والتأثير الثقافي الرأسمالي ، بل و بكل جبروتهما التضليلي الصارخ
الديموقراطية الشاملة والحقيقية هدف استراتيجي لا مناص من النضال من أجل تحقيقه وترسيخه ، غير أن الاشتراكية تبقى هي الهدف التاريخي التي تطمح كل شعوب العالم الوصول إليه
مع كامل تقديري


19 - الرفيق محمد بودواهي
فيصل البيطار ( 2010 / 12 / 23 - 16:34 )
أنت وأنا من نفس المدرسة .... مدرسة الإنسانية .
تحية لك رفيقنا العزيز .


20 - التفكير العملى
د/احمد صلاح ( 2010 / 12 / 25 - 12:02 )
اسمح لى سيدى ان اختلف معك قليلا و هو ليس اختلاف فى المبدأ بل فى الوسيلة. اطروحتك هذه لن تلقى رواجا فى العالم العربى ليس فقط بسبب انتشار الفكر المتأسلم بل بسبب أهمية الدين نفسه حتى بالنسبة للليبراليين و التقدميين. لذا فالسبيل للتغيير ربما يكون بالعمل لاحداث التغيير على الأرض بنشر ثقافة المساواة و الحوار و التفكير العلمى. و تجنب الاصطدام بالموروث الدينى الا عند الضرورة القصوى. كما قد يكون من المفيد تحديد سمات التطرف الزائد الذى يعيق بالفعل أى تحديث مثل استخدام العنف أو النظرة الدونية للمرأة أو التمييز ضد المختلفين. كذلك التدرج فى طرح الأفكار لتجنب نفور البعض. أى انى اقترح بعض البراجماتية فى التعامل كما فعل الطبيب فى قصة يحيى حقى (قنديل أم هاشم). حيث أوهم الآخرين انه سيستخدم زيت القنديل فى العلاج.


21 - د . أحمد صلاح
فيصل البيطار ( 2010 / 12 / 25 - 18:40 )
مجرد التحريض والمناشده، سوف لن يؤدي إلى تعديل توجهات الكادحين من المتدينيين الإسلاميين ودفعهم للإنخراط في معركة تحررهم الوطني والإقتصادي جنبا إلى جنب أخوانهم من كادحي باقي الأديان والطوائف والأثنيات رجالا ونساء، كما لن يدفع بالسلطات لسن تشريعات المساواة الكاملة وإطلاق الحريات والإصلاحات السياسية والإدارية في بنية الدولة، وتحسين المستوى المعيشي للفئات الشعبية .
القوى الديموقراطية المنظمة مطالبة بخوض هذه المعارك على الأرض، في أماكن العمل والدراسة والشارع، وهذا الذي من شأنه أن يجبر السلطات على التخفيف من حدة سياساتها في التمييز الديني والجنسي والقومي وقمع الحريات والإجراءات الإقتصادية التى قصمت ظهور الكادحين، وهو الذي من شأنه أن يوحد هؤلاء الكادحين من كل جنس ودين وأثنية تحت رايات مصالحهم الموحدة أصلا .
لكن الحجر على الدين الإسلامي في أماكنه المخصصة له وبشكل كامل، يتطلب نقلة في بنية الإقتصاد كالتي عاشتها أوروبا مع الثورة الصناعية .
تحية لك أخي أحمد .


22 - تاملات في الدين والسياسة والحياة
الشيخ علي عبدالحسين السوداني ( 2011 / 2 / 22 - 21:52 )
بسمه تعالى
اخوتي في مدرسة المحبة الانسانية ان كل ما ذكرتموه هو صور مشوهات عن
تجارب بشرية تدعي التدين وتباشر الدين بايدي ملوثة بالسياسة الدنيوية التي لاتعرف سوى المصالح الضيقة والاساليب الشيطانية الملتوية نحن نتطلع الى فهم جوهري للدين بعيد عن السياسة مهما كان مسماها وهنا بودي ان الفت انظاركم الى عبارة يكررها سيدنا الاستاذ المرجع الديني السيد حسين السيد اسماعيل الصدر وهي قوله من سيس الدين فقد اهانه ومن سيس المذهب فقد اساء اليه
واختم تعليقي برغبتي بالتواصل والمحبة

اخر الافلام

.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah