الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المآساة المستمرة *

واصف شنون

2010 / 12 / 22
المجتمع المدني


المآساة المستمرة *
بقلم:واصف شنون

مرة اخرى تتصدر مآساة العراقيين نشرات الأخبار الأسترالية والعالمية وعناوين الصحف الكبرى في كافة الولايات الأسترالية ودول العالم ، والمآساة هذه المرة لم يقم بها ارهابيون او قتلة مأجورون وسط الأسواق والشوارع ودور العبادة والمدارس ، بل مآساة ارتكبها البحر الهائج راح ضحيتها أطفالا ونساء مغلوبين على امرهم لاقرار لهم في إختيار ركوب اعالي البحار المظلمة في قوارب خشبية غير صالحة للإبحار يقودها مهربون متمرسون لايعرفون اية قيمة للحياة البشرية ،فمن بين أول الناجين من تلك الكارثة كان ثلاثة اندونيسيين هم قادة المركب المنكوب بينما أول الأرواح التي حصدت غرقاً كانت من الأطفال والنساء والضعفاء ،وهذه هي الكوارث المصنوعة بيد البشر او الطبيعة الهائجة تحصد أول ما تحصد الضعفاء من الأطفال والنساء والرجال .
منذ بزوغ الديكتاتورية الدموية في العراق عام 1979 وهجرات العراقيين لم تنقطع ،وقد شكل نزوح العراقيين من الجنوب وكوردستان عام 1991 بعد حرب تحرير الكويت اكبر نزوحاً لهم في التاريخ المنظور ، فهم لم يعرفوا الهجرة الواسعة ،وكان من المعروف ان العراقي متمسك بوطنه لايغادره ، بل لايغادر قريته او مدينته إلا اضطرارا .
وحين ولى عهد الديكتاتورية وسقط الصنم عام 2003 ،استبشر العراقيون والعالم معهم بحقبة جديدة تمسح آلام الماضي الأسود الكئيب وتعيد للإنسان العراقي كرامته وصيرورته ويتم فيها بناء حاضره وتخطيط مستقبله ومستقبل اطفاله مع دعم امبراطوري اميركي كامل،ومساعدة ومساندة عالمية من كافة الدول عدا بعض الدول المجاورة المارقة لحقوق الإنسان.ولكن ولعدة عوامل واسباب استمر الهلع والرعب والتخلف في العراق بشكل اشد وأعنف وأوسخ من ذي قبل ،وها نحن والعالم يشهد معنا اسوء حقبة تاريخية سوداء يمر بها العراق والشعب العراقي المغلوب على أمره ،فبزغت للأسف احزاب الإسلام السياسي الطائفية الفاسدة التي لاتطيق المستقبل والتطور والإنفتاح والمدنية بل على العكس جعلت المواطن العراقي يعيش في ماضي حزين ، مواطن بلا عمل ولا تفكير ولا مدارس ولا معامل ولا حقول ولا فرح ولا ابتهاج ولاحرية شخصية ،احزاب متناحرة ومنتخبة بشكل اعتباطي غير واعي ،ليس لها أجندات سياسية واضحة المعالم والرؤى والمشاريع ،احزاب تحث ُ على الفوضى وتشجع عليها وتسخر كل طاقات الدولة لخدمة تلك الفوضى العارمة ، احزاب دينية اختارت العالم الآخر للإستقرار وليس عالمنا الذي نعيش فيه ، فكيف للمواطن أن يستقر ويحلم بوطن له مثل باقي الأوطان والأمم .
حين نتطلع الى كارثة القارب المنكوب نتمنى من كل قلوبنا ان تكون تلك الكارثة هي الأخيرة ، ولكن بكل اسف مادام المواطن في كل من العراق وجيرانه ايران لايشعر بأهميته ويحس بكرامته ويتلمس مستقبل اولاده ، فأن الهجرة والمآساة سوف تستمران الى ما شاء الله.

((فجاوبتني ودمع العين يسبقها من يركب البحر لا يخشى من الغرق))...

*افتتاحية صحيفة الفرات الصادرة في سيدني ليوم الخميس المصادف 23 كانون الأول / ديسمبر الجاري 2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العربية ويكند | الأمم المتحدة تنشر نصائح للحماية من المتحرشي


.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو




.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع


.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة




.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون