الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقمص الشخصيات في الحلم والكابوس

صاحب الربيعي

2010 / 12 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


حين يعجز الفرد تحقيق غاية ما في الحياة تشغل تفكيره في العقل الواعي ترحل إلى ذاكرة العقل اللاواعي لايجاد الحل بخلقه تصورات متباينة يختبرها داخله ليتأكد من صحتها ليرحلها ثانية إلى العقل الواعي لتطبيقها في الواقع. تعدّ التصورات الاختبارية نموذجاً لسيناريوهات تصورية يجري اخراجها في اللاواقع خلال الحلم أما لتحقق من صدقها فتطبق في الواقع، وأما لتحقيق رغبة الذات على نحو غير مباشر لتقليل حالة الأحباط والنكوص. وغالباً ما تعدّ الذات السيناريوهات التصورية في الحلم وتوكل بطولتها لأحد شخصياتها الظاهرية غير القادرة على تحقيق رغبتها في الواقع، فتتخذ اللاواقع سبيلاً لتحقيق غايتها.
فمثلاً حين تسعى أحد شخصيات الذات الظاهرية جذب اهتمام الآخر بعلاقة عاطفية لا يتهم بها تقسره على الاستجابة في اللاواقع بمنحه دور في سيناريو تصورية تعدّه من خيالها وتستدعيه قسراً في الحلم لأداء دوره على أكمل وجه. وبذلك تكون الذات اللاواعية حققت رغبة الذات الواعية على نحو غير مباشر لتسعدها ويزول عنها الاحباط والنكوص.
وحين تكون رغبات الذات أكبر من امكاناتها الواقعية تتعدد شخصياتها الظاهرية لانجاز رغباتها لكنها مع كل إخفاق في تحقيق مسعاها تصاب الذات الواعي بالاحباط على نحو أكبر ما يزيد عدد السيناريوهات التصورية للذات اللاواعية لتؤدي شخصياتها الظاهرية أدوار البطولة في الحلم لتحقيق الرغبة الواعية على نحو غير واعي لتقليل حجم تراكم الأحباط في الذات الواعية.
ومع زيادة عدد السيناريوهات التصورية تبحث الذات اللاواعية خلال الحلم عن زمن إضافي يقترب من حلم اليقظة لأداء الأدوار الاضافية لتحقيق الرغبات غير الممكن تحقيقها في الواقع للتقليل عبء الاحباط في الذات، بعدّه هروباً من عالم الواقع إلى عالم اللاواقع بالتحايل على الذات وخداعها بحلم اليقظة في عالم لاواقعي ينجز في زمن الواقع المُغيب قسراً.
يتحدث (( اورهان باموق )) عن حلمه قائلاً : " في الحلم خلقت شخصيتي وحددت حسب رغبتي مكانها في الواقع حيث الغابات والبيوت الطينية والأزقة القديمة والوجوه الأكثر ظلام من الأزقة نفسها، وبعد أن أعياني تعب البحث عنك قابلتك وكنت واثقاً أنك ستحبنني على الرغم من أني لست بشخصيتي الحقيقية لكني حاولت تقمصها ".
أما حين تفوق مشكلات الحياة قدرات الذات على حلها في العقل الواعي فإنه يرحلها إلى العقل اللاواعي وبعجزه يعدّ السيناريو التصوري التشاؤمي في الحلم ليكشف للذات الواعية عن سلبيات المشكلات المستعصية في الواقع خلاله تؤدي شخصية الذات الظاهرية الدور المنوط بها مع الشخصيات الأخرى لتبيان المواقف الصعبة وغير المتوقعة التي تفوق الذات الواعية واللاواعية على ادراكها فيتحول الحلم إلى كابوس يوقظ الذات الواعية من نومها على نحو مفزع لتهرب من واقعها اللاواعي إلى واقعها الواعي الأقل تعاسة وخوف.
يقول (( اللورد تنيسون )) : " راودني في الحلم كابوس مفزع، كنت خلاله أعيش في عالم الأشباح ".
كما أن الحلم حالة هروب من عالم الواقع إلى عالم اللاواقع فإن حلم اليقظة حالة انسلاخ زمني من الواقع إلى اللاواقع بالتحايل على الذات وخداعها، وعلى خلافه فإن الكابوس حالة هروب من اللاواقع إلى الواقع بايقاظ الذات لتعي واقعها في مواجهة مشكلات الحياة على نحو مباشر من دون الحاجة إلى هروبها غير المباشر من مشكلات الحياة إلى اللاواقع ما يزيد احباطها وخشيتها.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتماع مصري إسرائيلي أميركي مرتقب بشأن إعادة فتح معبر رفح| #


.. المتحدث باسم الخارجية الأميركية لسكاي نيوز عربية: الكرة الآن




.. رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن أن نتنياهو سيلقي كلمة أمام ال


.. أربعة عشر متنافسا للوصرل إلى كرسي الرئاسة الإيرانية| #غرفة_ا




.. روسيا تواصل تقدمها على جبهة خاركيف وقد فقدت أوكرانيا أكثر من