الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عاشوراء ,والحسين .ورفض التوريث

زهير قوطرش

2010 / 12 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا أدري ,لماذا يحّول المسلمون الأحداث السياسية الأساسية في مسيرة تاريخهم, والتي تركت بصمات هامة وعبّر وموعظة للإنسانية جمعاء إلى طقوس تعبدية تبتعد عن جوهر الحدث ,ليصبح الحدث فارغاً من محتواه ,يتحدث فقط عن دراما إنسانية ومأساة بكل معنى الكلمة .

صحيح أن الحسين قتل هو وأصحابه بطريقة تراجيدية ,لا يمكننا ونحن في هذا العصر تصور فظاعة ذاك الحدث ,وخاصة إذا كان الشهيد يمثل بشخصه رمزاً دينياً كبيراً ينتسب به إلى أهل البيت ,وينتسب إلى جده نبي ورسول الأمة ,يُقتل بأيدي أبناء الأمة ,لا لذنب اقترفه ,ولكن لغاية أرادها أن تكون عبرة للأجيال في التضحية بالنفس من أجل المبادئ التي تربى عليها ,ولا أقصد الدينية وحسب بل السياسية والتي لا يمكن فصلها عن الأخلاق الدينية التي بنيت عليها دولة النبي في الحرية والتعددية والشورى.
لم يكن يخطر ببال الأمام الحسين آنذاك عند تضحيته الكبرى أن مواقفه المبدئية ستتحول إلى ضرب وصراخ وتعصب لمذهب ما !!!!. على الرغم من أهمية الطقس لدى الطائفة والمذهب ,كونه الرابط الذي يتم استحضاره سنوياً , من أجل ربط العامة بعقل جمعي يجعلهم يعيشون الحدث ,ويتعصبون إليه إلى يوم الدين ,وبذلك يتم تأمين السلطة الزمنية ,لمن يقومون على الطائفة والمذهب .
وهذه الطقوس ليست حصراً على طائفة دون أخرى,فهي متواجدة في كل المذاهب والطوائف والديانات.

إن جوهر الحدث ,هو الخروج لهدف سياسي عظيم ,ألا وهو طلب الإصلاح السياسي في أمة نادت بالصلاح .الهدف في حقيقته هو رفع الظلم عن شريحة كبيرة في المجتمع الإسلامي بعد سنوات من معركة صفين .

الأمر الأخر والأهم والذي يعنينا في عصرنا الحاضر ,هو عدم الرضوخ لسلطة الطاغية ( يزيد, ومن يماثله من حكام كل عصر) ,الذي استولى على السلطة بالتوريث . وعدم القبول بهذا المبدأ جملة وتفصيلاً .
رفض الحسين من جهة أخرى إكراه الناس بالترهيب والقوة لمبايعة من لا يستحق أن يكون خليفة ,طالما لم يتم اختياره ومبايعته بشكل حر وديمقراطي .

ويومها قال مقولته الشهيرة .
"لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ,ولا أقر لكم إقرار العبيد".

واستشهد رحمه الله حراً هو وأصحابه ولم يرضخ لسلطة الطاغية(يزيد) ,وقدم للأمة وللعالم درساً ,طمسنا معالمه في طقوس تعبدية ,هذا الدرس علَّمنا ومازال يعلُّمنا ,بأن الرضوخ لسلطة الطغاة ,معناها القبول بالطغيان والتسلط .وعلينا تحمل نتائجه لأجيال متعاقبة .

علَّمنا أن التغير يبدأ من موقف سياسي وأخلاقي واضح ,يهدف إلى خدمة الإنسان ,يهدف إلى تحقيق حرية الإنسان كما أرادها رب الإنسان, حيث أراد أن يكون الإنسان حراً مكرماً ,لا أن تفرض عليه إرادات الطغاة.

وأراد أن يعلمنا درساً ,بأن الذي يتطوع لحمل المبادئ الإنسانية السامية مبادئ التغير لإحلال دولة الحرية والقسط والعدل ,عليه أن يكون جاهزاً حتى لتقديم دمه في المقدمة ثمناً لمبادئه .وإلا لا معنى لتصريحاته ومعارضته من خلف الحجاب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - احسنت يا اخي
فهد لعنزي بلاد الحرمين الشريفين ( 2010 / 12 / 23 - 14:49 )
هذا ما اراده الحسين (ع) من تضحيته بنفسه وباهل بيته وممن سار على نهجه من اصحابه الكرام الا انه من الؤسف حقا ان نرى ممارسات لا تمت الى هدف التضحية وانما اصبحت للاسترزاق فقط .عاش الحسين نبراسا للثائرين في وجه الظلم والظالمين والخزي والعار لكل من سار على درب يزيد وما اكثرهم في بلداننا.


2 - سحر الكرسي
معتز احمد ( 2010 / 12 / 23 - 20:21 )
اعتقد ان الصحوة من الغشاوة وترك القدسية مفيدة للحياة بواقعية. فالمطالبات بالحق بكرسي الحكم ضمن العائلات الحاكمة (او تلك المتصارعة فيما بينها) في اي مجتمع وفي اي مكان في العالم وعلى مدى التاريخ البشري, تؤدي في الغالب الى نتائج واغتيالات مشابهة بشكل او آخر لمأساة الحسين
فلو كنا نعيش مع سياسيينا الحاليين في القرن السادس, كيف تظنون انهم سيتعاملون مع واقع خسارتهم الكرسي بسبب الانتخابات؟ هل سيتركون الكرسي على مضض بعد كيل الاتهامات بالتزوير وعدم نزاهة الانتخابات والتدخل الخارجي؟ هم حاليا يستخدمون التصفيات الجسدية والوسائل القميئة الاخرى. فكيف بهم في تلك القرون الغابرة المليئة بالفوضوية والجهل والهمجية
مجرد تساؤل

اخر الافلام

.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو


.. 70-Ali-Imran




.. 71-Ali-Imran


.. 72-Ali-Imran




.. 73-Ali-Imran