الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يحتاج الإسلام إلى إخوان له وهل يحتاج الله إلى حزب له؟

مصطفى الحاج صالح

2010 / 12 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عنوان طويل يعكس إلى حدا ما حالنا، نحن العرب المسلمين؛ سواء كنا مسلمين حقيقين نتبع العقيدة الإسلامية ونقيم الشعائر والعبادات أو كنا مسلمين بالهوية كما يقال عادة فالملحد والعلماني رغم اتباعهما عقائد مختلفة ورغم عدم إقامتهما للشعائر والعبادات يظلان مسلمين فالإسلام بالنسبة لهم هوية وشبكة قيم لا يستطيعون نزعها أو التنازل عنها بسهولة بل ولا يستطيع خصومهم نزعها عنهم لمجرد التكفير هذا يعني أن السؤال يعنيهم كما يعني المسلم الحقيقي على مختلف درجاته من المسلم البسيط واللصيق إلى حد ما بالعلماني والملحد من حيث تدينه وإقامته للشعائر إلى المسلم المسيس المنتمي إلى فصيل سياسي قائم على أسس دينية مرورا بالمسلم العادي وهو من يقيم الشعائر ويلتزم العقيدة في سلوكه وقوله بغض النطر عن طائفته ومذهبه فالشيعة مسلمين وكذلك العلويين والدوروز والإسماعليين وليس السنة فقط كما يرى بعض من أهل السنة والإسلام في عصرنا بل ربما كان كذلك منذ زمن بعيد جزء من هوية المرء المركبة وفقا للمكان والزمان؛ للحالة السياسية والاجتماعية فالمرء على سبيل المثال بعثي علوي سوري عربي مسلم من كذا أو كذا وقد يكون شيوعيا علويا سوريا عربيا مسلما مع تغير عنصر واحد من تشكيل الهوية وبالطبع لا توجد نسب فالمرء ذاته هو من يحدد موقفه بالتعريف فقد يسقط عنصرا أو يبدل ترتيبا حسبما يرى والخلاصة أننا جميعا مسلمون بهذه النسبة أو تلك ولن يجدي لا التكفير ولا نزع الصفات والهويات عن هذا أوذاك ولأننا جميعا (مسلمون) بما في ذلك أكثرنا إلحادا وإنكارا لوجود الله فالشأن الإسلامي شأننا جميعا فما يجري علي الأرض هنا وهناك لا يقع على كتاب أو على طقوس والدم الجاري هنا وهناك ليس دم الجامع بل دم المصلين في الجامع والمصلون أولا وقبل كل شيء بشر ومن حق البشر وفق معظم الشرائع الدينية والدينوية العيش بوفاق وسلام فهل تحقق الأحزاب الدينية مثل هذا المطلب بغض النظر عن موقعها في خريطة العالم، شرقا وغربا.

في أوربا التي تعتبر إطارا مرجعيا عند كثيرين ومقياسا عند آخرين والقياس هنا في معظم الأحوال سلبي تتواجد أحزاب سياسية ذات أسماء دينية وليست أحزابا دينية فبرامجها المعلنة ليبرالية ولا تحوي تفضيلا دينيا مباشرا كالحزب الديمقراطي المسيحي في هولندا وحتى هذا يقبل في عضويته مسلمين وغير مسلمين والمقصود هنا وعلى حد علمنا المتواضع أنْ لا وجود في أوربا لأحزاب دينية تتبنى المسيحية مثلا وتدعو إلى قيام مملكة المسيح كما تدعو أحزاب دينية في عالمنا العربي إلى إقامة دولة الخلافة وتطبيق الشريعة الإسلامية كذلك الأمر في أمريكا وفي بلاد الدنيا الأخرى فما السبب الذي يدعو إلى تميزنا على هذا النحو بحيث يصبح الإسلام والدين الإسلامي برنامج عمل لأحزاب سياسية ومنطلق لدعواتها ولشعاراتها في حين يفرض الواقع على هذه الأحزاب التعامل مع قضاياه المختلفة في السياسة والثقافة فهل يلبي الإسلام بوضعه الحالي معالجات من هذا النوع .؟

وفي تقديرنا لا يحتاج الله سواء كان محايثا أو متعاليا إلى حزب يـُسمى باسمه على الأخص في عصرنا فلديه في الحالة الأولى من القدرات ومن الملائكة لفعل ما يريد دونما حاجة إلى أحزاب تنتحل اسمه لأسباب سياسية وطائفية وكان الجدير بها تنزيه اسمه عن أمر فيه جدل وخلاف وفيه أيضا تشويه لصورة الله كما حاول الإسلام الأول تأكيدها فلا يمكن عزل الاسم عن الصورة ولا يمكن عزلهما معا عن واقع المسلمين المعاش بما فيه من تعدد أولا واختلاف ثانيا ولكأن الإسم هنا سلاح أو سيف مسلط على أعناق من يرى رأيا مخالفا ومغايرا لرأي مستخدم الإسم فمن يحب إلهه ويدعو إليه لا يبتذل اسمه سواء بسبب ارتباط الأسم بسياسات معينة وبممارسات ميدانية مختلفة ومختلف فيها أو بسبب ما يستدعيه اسم الحزب السياسي ومواقفه من أراء وتصورات عند الآخرين، آراء وتصورات تقرن عن جهل أو عن وعي بين اسم الله والحزب الممثل له على الأرض. أم تعالى الله ونأى بنفسه عن الأرض ومن فيها تاركا للناس ما يشاءون من أسماء وصفات في حروبهم السياسية والطائفية.

يعتقد الإخوان من خلال اسمهم أولا ومن خلال منطوقهم وبرامجهم أنّ الإسلام والمسلمين بحاجة ماسة لهم وأنّ حال العرب والمسلمين لن يستقيم من دونهم ويكفي في هذا المجال تسويق الإسم كي يكتسبوا عددا من الأفضليات بين جماهير الطبقة الوسطى من أهل السنة فهم أخوة وهم مسلمون وهم أيضا إخوة للمسلمين ونا صرين لهم فمن استفتوا كي يحصل على هذا الإسم المجاني في اتخاذه والغالي الثمن في تطبيقه أكانوا واعين ومازالوا لمعنى الإسم ولمكانته كما لخطورته فكيف يتخذ حزب سياسي من هذا النوع وهو يدعي الدفاع عن الإسلام والمسلمين ..؟ ألا يشكل خوض المعارك السياسة المختلفة من الحروب الأهلية إلى المراهنة على الخارج " الصليبي" مرورا بالتكتيكات والحرتقات حطا من شأن الإشلام والمسلمين عندما يكون أخوانهم من هذا النوع المعروض على مدى الأرض العربية، فمن يبحث عن رفعة المسلمين والإسلام عليه أنْ يربأ بهما عن إسفاف السياسة، عن التفافها وواقعيته؛ عن أجهزتها وأدواتها التي لا يمكن أن تكون إلا ملوثة.

فكما يعتقد من اتخذ من اسم الله حزبا أنّ حزبه هو حزب الله الغالب وأنّه هو الفئة الناجية القائمة على الحق والصواب كذلك يعتقد من جعل نفسا أخا للمسلمين " أخ كبير راشد" أنّ حزبه هو الفئة الناجية القائمة على الصواب والحق وبين الناجيين الشيعي والسني يزداد المسلمون هوانا وتزداد الشقة اتساعا بين الطائفتين كما يزداد في نفس الوقت الطلب على التاريخ وعلى النصوص لتطويعها في خدمة أغراض الصراع فمن هو أشد وبالا على الإسلام وعلى الدين الإسلامي..؟ من يستخدمه سلاحا في حروبه الطائفية والسياسية أم من يحاول تنزيهه وعزله عن غمار معارك السياسة وعن تغول السلطات والدول..؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دعوة للتفكير
Amir Baky ( 2010 / 12 / 23 - 22:31 )
وهل الله ضعيف ليسعى لتكوين إمبراطورية سياسية تحكم بشرائعه على هذا الكوكب الصغير العالق فى الفضاء؟ اليس الله يملك الكون كله؟ هل تم إستبدال عبادة الله بعبادة الطقوس و التراث البشرى الموجه للمصلحة الذاتية السياسية للحكام؟ هل الله غير كامل و ينقصه عبادتنا له فيسعى بشتى الطرق لإجبار البشرية أن تعبده؟ أم أن الله كامل حتى لو كفر به جميع البشر؟ هل الله هو الذى يحتاج للبشر أم نحن الذين نحتاج له؟ من الذى يدافع عن الآخر؟ فالحروب و المنظمات التى تحارب بأسم الله تقر أن الله ضعيف و يحتاج لقوتها العسكرية. فإستخدام الله لأغرض بشرية و لطموحات سياسية أمر مهين لله عمليا

اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب