الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عيد الميلاد وفهم الاخر

جورج حزبون

2010 / 12 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يرتكز الخلاف بين المسيحيين والمسلمين على موضوع ( التثليث ) وطبيعة المسيح ، وهو أمر اختلف فيه المسيحيون أنفسهم طويلا ، وانقسم على ذلك الأمر ، وخرجت فرقة دعيت ( بالابيونين ) حيث قالت ان للمسيح طبيعة واحدة ، وانه ليس آله ، وكان من هؤلاء القس ورقه ابن نوفل وهو ابن عم خديجة بنت خويلد ، زوجة محمد الأولى والاهم في مجرى حياته ووالدة وبناته ومنهن فاطمة ، وهو من ترجم التوارة الى العربية ، وكان يبشر بقناعاته وشجع محمد على إشهار دعوته .
وقد كان لورقة تأثير هام في الدعوة الإسلامية بموجب قناعته والتي جاءت مترجمة كما هي في القرآن ، وعليه فأن الخلافات المسيحية قبل وبعد مجمع ( نيقية عام 325 ق.م ) بقيت كما هي وان هرب البعض خوفا بعد ان اعتنق الإمبراطور قسطنطين المسيحية وادخل هو أيضا عليها مجموعة من أفكاره ، وقد اورد ( الفتح العسقلاني ما يلي : (( القس ورقة ابن نوفل كان احد ابرز عناصر الفرقة التي لم تزعم ان المسيح آله يُعبد مع الله وهم ( النصارى ) الموحدون او المتنصرين اليهود في فلسطين ، وهم الأقرب لتعاليم المسيح ، استناداُ الى تلميذه بطرس ، وفي المقابل كانت فرقة اخرى بقيادة شاؤول الذي تحول الى المسيحية وكان من مضطهدي النصارى الى زعيم يدعو لإلوهية المسيح ) ، ومن جهته ورقة تمسك مع مجموعته الابيونين بالتوحيد وأنكروا تأليه المسيح ، وقد تعرضت هذه الفرقة للاضطهاد وفروا بيدنهم خارج فلسطين بعد ان سماهم شاؤول ( هراطقة ) ومنهم من وصل الى جزيرة العرب / ( انتهى الاقتباس ) وهذا __ايضا_ ما توصل اليه الشيخ محمد الغزالي وحسب زيد بن عمر بن نفيل .... كانوا __يعاقبة- يخالفون المذهب الرسمي لكنيسة الرومان .
ومن المعروف ان خلافا وقع بين بطرس وبولس ( شاؤول ) طال لسنوات واهم ما فيه ان بولس دعى الى تبشير الأمم ، وبطرس اكتفى بتبشير تعاليم المسيح بين اليهود ثم عادل والتحق ببولي في روما واستشهد الاثنين هناك .
وفي مجمع افسس نوقشت الطبيعتان في المسيح عام 431 وكان بطريرك القسطنطينية ( نسطوريوس ) سوري الأصل مستمك بالموقف الابيوني وكذلك ظهر المذهب ( المونوفيزتي ) القائل بذوبان الطبيعة البشرية في الطبيعة الإلهية .
من هنا يظهر ان الكنيسة المسيحية واجهت انقسامات عقائدية كثيرة ولم يكن صدور ( قانون الإيمان ) عام 350 عن المجمع النيقاوي بزعامة قسطنطين الإقرار وإعلانا وحدة الموقف الإيماني المسيحي وفي ذلك اشارة الى القاعدة التي تستند اليها الكنيسة ، وبقي هو الناظم للعقيدة المسيحية حتى بعد انقسامها الكبير، ويتضح أيضا ان تلك التفاعلات أحدثت اثرها في المجتمع العربي قبل الإسلام حيث كانت الاغلبية ( الحنفية ) كما كانوا يدعونها بدين ابراهيم بمعني موحدون ، حتى ظهور الاسلام واشتماله هلى االعقائد التي كانت سائدة ومنها الحج والتوحيد وبالتكايد عقيد الابيونيين بتاثير واضح من ورقة ابن نوفل .
وبسبب تلك العقيدة ، والاختلاف حول طبيعة المسيح ، واخد الإسلام بالعقيدة الابيونيه ، دعي المسيحيين بالكفرة وذلك حسب ما ورد بالقرآن : لقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلاثة / المائدة 73 /
وفي آيه أخرى / لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح ان مريم / وهذا بينا واضح بان الإسلام يكفر المسيحين وبذلك يتضمن تحريفا واضحا لان الكافر في الإسلام ( يحد ) وتعامل لا يتساوى فيها مع المسلم بأي حال من الأحوال ، وقد يحاول البعض التخفيف بالاستناد الى سورة الكافرين حيث جاء / لكم دينكم ولي دين / ولكنها جاءت ظرفية وكانت موجهة لكفار مكة قبل الهجرة .
ان الإسلام اخد بالاعتبار قضايا ظرفية كثيرة والمشكلة في التفسير والتأويل ، فقد اخد بالأعراف ، واهتم بالواقع الموضوعي كما ظهر ابان الهجرة الى الحبشة ، والتعامل مع / المقوقس / حاكم مصر وقبول هديته التي ضمت ماريا ، وغير ذلك من وقائع واسنادات ، وإنما الامر اليوم على غير ذلك خاصة مع انطلاق الوهابية والفكر العصبوي وصولا الى القاعدة ومن في عدادها ، ولا يعتد بتلك اللقاءات تحت عناوين الحوار الإسلامي المسيحي طالما ( لا اجتهاد في ما فيه النص ) والتي تبذل فيها اموال واحتفالات ومظاهر خادعة لكن الأهم يظل ان يتم تبني تفسيرات ( سنية ) موضوعية تتواءم مع العصر وتعالج حرية الرأي والمعتقد ، فلم يعد مفهوما امام الدنيا الدفاع عن الإسلام بانه يرفض الإرهاب ، وهناك وقائع وممارسات واستناد تخالف ذلك ، ا ن أولي الأمر مطالبين بتبني خطاباً مدروساً ومتوافقاً مع الحياة دون جمود ولا تنطع ، فالدول حتى تستقيم أمورها تستوجب العلمانية نهجاً وليس العودة حسب ما هدد حاكم السودان بالشريعة ولكن يبدو على طريقته يقول محمد عبده : لكنه دين أردت اصلاحه ..... أحاذر ان تقضي عليه العمائم
وابن رشد يقول : الحسن ما حسنه العقل ، فليس الصواب البقاء في تفسيرات واجتهادات وفتاوى لمن هب ودب ، فالأمة العربية والإسلامية تواجه تحديات غير مسبوقة في الصناعة والتجارة و الابتكار والنهوض الاقتصادي بحيث اصبح عالما متعدد الأقطاب ولا تزال تخضع لفكر أنهك الأمة دون جدوى ، بل فلنتصور ان العرب لا ينتجون النفط اذن ما هو دورهم العالمي ، فقط سيودى الى تمزق البلدان العربية على أسس مذهبية نائية ، خاضعة لتفسيرات للحياة الراهنة بصلة رغم كل المكابرات الفارغة .
لقد فسر الأفغاني الإسلام جنسية ولم يوافق على عروبة البلاد ، ودافع سيد قطب عن ذلك أيضا بل واضاف ان الإسلام يجب ان يجتاح العالم وان هناك فسطاطين حرب او سلام ،فكيف نطلب الى العالم ان يتفهم مواقفنا ، ونحن نستند الى فكر يعتمده للاستيلاء على العلم وتصويبه وإلغاء حضاراته المكتسبة وابتكاراته وتطوره ؟؟؟وحين أشاهد احتفالات عيد الميلاد وتلك الجماهير المحتشدة تستقبل البطريرك بالأهازيج والزينة ، لاحظت ان نسبة هائلة من المسلمين مشاركين باهتمام وفرحة وخاصة بالاحتفالات المصاحبة وهو منظر يؤكد تلاهم الشعب واغتراب وعاظ السلاطين .وان أدياننا تكتسب بعدا وطنيا ، ولعل الأهم فان الشباب المسلم في هذه المرحلة الراهنة ، لا تتوفر له معرفة واضحة عن المذاهب والأديان الأخرى وينظر الى المسيحية كحركة سرية ذات طقوس معادية لفكره ، وهذا ما يعمق الفجوة ويوتر الاجواء ، وهو ما يقتضي معالجة وطنية فورية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | عمليات نوعية وغير مسبوقة للمقاومة الإسلامية في


.. «توأم الروح والتفوق» ظاهرة مشرقة بخريجي 2024




.. تغطية خاصة | إيهود باراك: في ظل قيادة نتنياهو نحن أقرب إلى ا


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان ترفع مستوى الإسناد




.. لماذا تخشى الكنيسة الكاثوليكية الذكاء الاصطناعي؟