الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التخلف العقلي

صاحب الربيعي

2010 / 12 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


مرده الأساس ضمور بعض خلايا الجهاز العصبي لاختلال السلسلة الجنية أو وجود عطب في بعض أجزائها يعرقل وظائف المخ وآليات عمل الذاكرة وبذلك تصبح عملية الادراك بطيئة أو غير مستجيبة على نحو كلي مقارنة بالعقل السوي. ويمكن رصد حالة التخلف العقلي بوضوح في المراحل العمرية المبكرة من حياة الإنسان على نحو خاص في مرحلة التعليم الابتدائي لأنها تعدّ بداية الاختبار الحقيقي للحواس والفهم والادراك والاستجابة للمعلومات الأولية التي يحصل عليها الطفل في مراحله الأولى بعيداً عن المعلومات الأولية التي اكتسبها من الأسرة خلال التربية والتي يعدّ معظمها غرساً تربوياً للعادات والتقاليد والقيم العامة لإعداد الطفل لاكتساب عضويته في المجتمع.
لكن المكتسبات المعرفية في المراحل العمرية الأولى لا يمكن الحصول عليها إلا خلال التعليم في المدارس العامة أو الخاصة بعدّها الاختبار الأولي للمدارك العقلية للطفل وجس قدرته على الاستيعاب والادراك والاكتساب للمعارف أسوة بالأطفال ذوي العقول السوية.
ولابد من التمييز بين مستويات الاستيعاب والادراك والاكتساب للمعارف على نحو كلي أو جزئي، فالمستويات المتدنية للاكتساب المعرفي دالة على تخلف عقلي على نحو عام، لكن المستويات المتوسطة للاكتساب المعرفي قد تكون لأسباب مرضية يمكن علاجها مثل نقص التغذية وفقر الدم وخلل في الشخصية نتيجة القلق والاضطراب... وغيرها والمستويات الطبيعية للاكتساب المعرفي تعدّ الحالة الطبيعية للأطفال ذوي العقول السليمة.
يرجح (( فيغوتسكي )) أسباب التخلف العقلي للأطفال إلى : " قصور في التطور الثقافي العام بسبب نقص التطور العضوي للدماغ، وضعف بالتطور الإرادي، وتخلف بآليات التحكم بالسلوكيات الذاتية، ونقص عام في تطور الشخصية ".
إن التخلف العقلي في مرحلة الطفولة يلازم الفرد في محطاته العمرية القادمة خاصة إن كانت أسبابه الأساس بيولوجية ويصعب علاجها، وفي المراحل العمرية المتقدمة تتكشف على نحو أكبر لأن درجة المقارنة بين العقول السوية وغير السوية في الحياة العامة تصبح تحت الرصد على نحو أكبر خلال سلوكيات الفرد وممارسته اليومية في المجتمع. وكلما قل الاكتساب المعرفي والخبرة خلال مرحلة الطفولة تعرقل نمو شخصية الفرد في الكبر لتصبح شخصية متدنية الخبرة الحياتية والاكتساب المعرفي الذي يحدد المستويات الاجتماعية للشخصية بدالة الخبرة والمعرفة. ولا يمكن عدّ المتعلمين في المجتمع وغير المتعلمين بالمستوى ذاته، وكذلك تتباين المستويات بين المتعلمين ذاتهم تبعاً لمستوى الخبرة والاكتساب المعرفي وليس التعليمي على نحو عام.
إن التخلف العقلي يخل بآليات الاكتساب المعرفي وتتضرر الذاكرة على نحو كلي أو جزئي، لأن الاكتساب المعرفي مرتبط أساساً بآلية الحفظ للمعلومات والمعارف واسترجاعها من الذاكرة، فإن كانت الذاكرة سليمة تشتغل آليات الحفظ على نحو فعال وإن كانت الذاكرة معطلة على نحو كلي أو جزئي نتيجة التخلف العقلي تعطلت آليات حفظها واسترجاعها فيصبح الاكتساب المعرفي متدني. وبما أن الاكتساب المعرفي يعدّ عملية ديناميكية مرتبطة بكل محطة عمرية من حياة الفرد فإن جميع المكتسبات المعرفية وخبراتها خلال كامل المحطات العمرية للفرد تعدّ الحصيلة النهائية للخبرات والمعارف المكتسبة التي تشكل شخصية الفرد في المرحلة العمرية اللاحقة.
لذلك التخلف العقلي يكشف عن ذاته بالمقارنة بين الحصيلة النهائية للخبرات والمكتسبات المعرفية للمتخلفين عقلياً والحصيلة النهائية لذوي العقول السوية، تحديداً الخبرات المكتسبة والمعارف لا يمكن غرسها خلال التربية في الذات مثل التقاليد الاجتماعية والعادات لأنها تحتاج إلى الدراسة والتحصيل والجهد الذاتي بعدّها غير متاحة للجميع. فضلاً عن أنها دائمة التطور والتحديث وتحتاج إلى متابعة مستمرة لرفد الذاكرة بالمعارف الحديثة والخبرات ليكون الفرد منسجماً مع محيطه المعرفي ومواكب لتطور المعارف الإنسانية.
إن الذاكرة المعطلة كلياً أو جزئياً في مرحلة الطفولة تعيق تطور شخصية الفرد في المحطات العمرية اللاحقة، لأنها لا تستجيب للمتطلبات المعرفية للشخصية اللاحقة فتتخلف عن أقرانها في المجتمع. ويتعين إجراء اختبار للذاكرة لرصد مستويات حفظ المعلومة واسترجاعها عند الأطفال لتحديد سلامة عقلهم أو تخلفه ومن ثم إمكان المعالجة من عدمها.
يقارن (( فيغوتسكي )) بين ذاكرة الأطفال المتخلفين عقلياً والأسوياء قائلاً : " إن الذاكرة الاستحضارية، الصور الحسية، تكون أكثر انتشاراً في أوساط المتخلفين عقلياً والبدائين منها في أوساط الأطفال الأسوياء. على خلافه فإن وظيفة الحفظ الفعال للأطفال المتخلفين عقلياً منخفضة قياساً بالأطفال الأسوياء ".
إن مستويات التخلف العقلي وعدم اكتمال النمو الطبيعي لخلايا المخ والجهاز العصبي يترك أثره السلبي المباشر على المكتسبات المعرفية والخبرة في المراحل العمرية اللاحقة، ولا يمكن رصد مستويات التخلف العقلي على نحو دقيق في الوسط ذاته لاختلال معيار المقارنة بين السوية واللاسوية، ولا تحتاج حالات التخلف العقلي الكلي للاختبار والرصد لأنها تكشف عن ذاتها خلال السلوك اليومي والممارسة في المجتمع. لكن حالات التخلف العقلي الجزئي تحتاج إلى اختبار ورصد خلال المقارنة بين مكتسباتها المعرفية وخبراتها وسلوكها وممارستها في الحياة العامة مع ذوي العقول السوية لتحديد مستوى التخلف العقلي المحجوب عن الرصد العام.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتماع مصري إسرائيلي أميركي مرتقب بشأن إعادة فتح معبر رفح| #


.. المتحدث باسم الخارجية الأميركية لسكاي نيوز عربية: الكرة الآن




.. رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن أن نتنياهو سيلقي كلمة أمام ال


.. أربعة عشر متنافسا للوصرل إلى كرسي الرئاسة الإيرانية| #غرفة_ا




.. روسيا تواصل تقدمها على جبهة خاركيف وقد فقدت أوكرانيا أكثر من