الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانقلاب الذكوري هل كان مؤامرة من الرجل أم مكيدة من الأنثى.....

ديمة كرادشة

2010 / 12 / 28
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


الانقلاب الذكوري هل كان مؤامرة من الرجل أم مكيدة من الأنثى.....
لقد إستحضرني موضوع المقالة حديث مع مجموعة من الأصدقاء ، تحدثنا فيها بمواضيع عديدة كالشؤون الاقتصادية والسياسية و كما هي العادة ،أن تختم الأحاديث بشؤون إجتماعية لابد وأن تتطرق إلى البحث عن الإانسان وحياته على هذا الكون ،إذ لا نستطيع أن نتحرر من كوننا "انسان اجتماعي" .فتطرقنا إلى تطور المجتمعات ومررنا بالمجتمع الأمومي ، وبرزت وجهتا نظر في نقطة التحول من المجتمع الأمومي الى المجتمع الأبوي أثارتا الجدل نوعا ما ، لذا إرتأيت أن أضعها في مقالة لأعرضها على القراء الأعزاء ونتحاور في تفسير وتأويل ما حدث مع المرأة عند مواجهة الانقلاب الذكوري ، كيف ولماذا حدث؟
ما الذي حدث لحظة التحول والتغيير لدى المرأة ؟ فإحدى النظريات تقول أن المرأة في المجتمع الأمومي كانت هي الخلية الأولى للمجتمع ، وذات مكانه إجتماعية عالية بل لقد وصلت إلى مرحلة التقديس في قدرتها على خلق الحياة لأابنائها ، حيث لم يكن الإنسان البدائي يفهم أسرار الحمل والولادة، فعبدها كإله وكانت رمزاً للطهارة والعفة والقوة . وما تلده من أطفال ينسبون إليها كونها هي التي ترعى وتربي، وتتمتع بحرية العلاقات الزوجية لدى عدد من القبائل ، كما أنها كانت تشارك الرجل في مواجهة كافة الصعوبات والمخاطر وبالتالي فهي متساوية معه في القضايا الإقتصادية والإخلاقية والجنسية .واستمر الحال حتى بدايات نشوء المجتمع الزراعي البدائي وهي ما تزال الشريك الكامل للرجل . إلى أن بدأت النوازع الفردية بالظهور لدى الرجل والرغبة في التملك والسيطرة وهنا لابد من معرفة ما الذي حدث ، هل هي مؤامرة من الرجل بأن بدأ ت نوازع الرغبة في التملك للارض والابناء الذين هم مصدر رزقه،فبدأ بإقصاء المرأة في داخل المنزل ووإشغالها في انجاب الابناء ورعايتهم ليكونوا سندا له وقوة ثم التدرج في تراجع مكانتها الاجتماعية شيئا فشيئا ، وسلب هذا التاريخ العريق منها ، وطمس معالم شخصيتها الإانسانية ، بل لم يكتفي بذلك بل مارس عليها كافة أنواع القمع والإضطهاد بكافة أشكاله وحرمها من أبسط حقوقها التي هي من صلبها ودمها ، وهم ابناؤها ، فجعلها أداة يوظفها حسب أهوائه ومصالحه .
ولنعود الى النقطة الأساسية والتي تبحث في أصل التحول في المجتمع الامومي ، فالرأي الأخر ينكر كل ما سبق من مؤامرات وإسقاطات ذكورية سلطوية ، ويقول أن ما حدث هو مكيدة من المرأة ، فهي في ذلك الوقت وخصوصاً في مجتمعات الصيد والزراعة البدائية ، وضعت الرجل في مواجهة المخاطر والبحث عن لقمة العيش وأخرجته من دائرتها الخاصة ، لتنعم هي وابنائها في الامن والامان . بل لقد تنازلت له عن ادوارها ومكانتها المتميزة لتبقى هي في مأمن لها ولآولادها . فهل يا ترى تلك المرأة التي عاشت في المجتمعات البدائية يدا بيد مع الرجل ، تواجه الحيوانات المفترسة وتصيدها وتقطف الثمار وتقطع البذور وتتمتع في نفس الوقت بالسلطة والقوة والمساواة مع شريكها الرجل ، تتنازل عن كل هذا فقط لتؤمن حياتها وحياة ابنائها ؟ هل يعني ذلك أنها كانت ضعيفة وغير قادرة على الإستمرار والمواجهه؟ ألم تكن تعرف بان ما سيحدث لها هو أعظم وأفظع من مجرد تغيير في الأدواروالمهام ، وهي بذلك قلبت الموازين ضدها . فأصبحت عبر التاريخ رمزا للشر وأصلا للخطيئة، و تملك الرجل المعرفة والعلم ، وسلبها حرية العقل والتفكير ، وجعلها ناقصة الأهلية في كل جزء من كيانها ، روحها وعقلها وحتى جسدها الذي اصبح رمز للدنس والنجاسة .
فبامتلاكه القلم ،رسم حياة المرأة حسب الصورة التي يريد ولونها بألوان تتناسب ورغباته وحاجاته فأحياناً كان يصورها بالغانية والعشيقة واحياناًَ اخرى بالساحرة والمشعوذة ووضع برواز مزركشا من التابوهات والمحرمات لا يمكن لأي كان لمسه او كسره وغيرها من اللوحات التي ما زلنا حتى يومنا هذا نحاول جاهدين تغيير ملامحها ليس فقط على مسرح الحياة بل من داخل ذواتنا ، فنجد انفسنا عاجزين لاننا ما زلنا بحاجة الى امتلاك المعرفة والعلم و تحرر العقل ، هذه الادوات التي كانت حكرا للرجال وبقيت المرأة مكبلة بسلاسل من المعتقدات والتقاليد التي أودعتها في سجن الحياة لعصور طويلة مظلمة.
فأي رأي هو الأكثر قبول ، هل هو الرأي القائل بانقلاب مخطط له ومدبر من الرجل أم هي لعبة ذكاء من المرأة . ما اريد الوصول اليه من هذا النقاش، هوالقول بأن التاريخ احيانا؛ بما فيه من أساطير وشرائع وروايات؛ طالما خطته يد الرجل فلابد أن ينحاز لبني جنسه ، وليضع التأويلات التي تتوافق ومصالحه ، لذا لابد لنا معشر النساء من اعادة قراءة التاريخ مرة اخرى بكافة مجالاته سواء الانسانية وتطورها ام الإجتماعية وحتى في مجالات التطور البيولوجي والعضوي . فمنذ أن بدأ الانسان (الرجل) في الدخول في بحور العلم والاكتشاف والمعرفة ، بدأت الأبحاث والعلوم تبحث وتتقصى من وجهة نظر الرجل فقط فهو العالم والفيلسوف والمفكر وهو الذي يمتلك علم المعرفة ، فنقرأ العديد من الدراسات والابحاث في مجالات متنوعة ولنأخذ على سبيل المثال ،علم النفس حيث ظهر علماء النفس ليتحدثون عن مشكلة نفسية للمرأة ومعاناتها ويقدمون الاسباب والحلول وكأن الرجل لا يعاني أبدا من أي مشاكل نفسية، فينسبون اليها انها الاكثر من تعاني الاكتئاب والانتحار وغيرها ولا نسمع عن ما يعانيه الرجل من امراض نفسية إلا في بعض القضايا والتي بدأت تظهر في العصر الحديث. اضف الى ذلك ما تظهر من عناوين طبية تتحدث عن معاناة المرأة الجسدية ، فنجدهم يتحدثون عن معاناة المرأة من الدورة الشهرية وتبعاتها ، وسن اليأس ، وداء الشقيقة وداء.....الى غيرها من الاسقاطات المرضية، لدرجة اصبحنا نؤمن بوجودها في اجسادنا وعقولنا. ولا نسمع أبداً عن شئ يؤرق راحة الرجل لا بمراحله العمرية المختلفة ولا بشخصيته ونفسيته الكاملة والمنزهه عن الخطأ . وكأن هذا الكائن لا يعاني من أي أزمات ،لا نفسية ، ولا جسدية ...طبعا لا ...لان الاسباب التي أوصلت المرأة الى كل هذه المعاناة ليست لضعف في جسدها وتكوينها ....بل بسبب ما اسقط عليها من مفاهيم وممارسات وافتراضات حولتها من إنسان كان يمتلك الحياة والقوة الى انسان لا يملك حتى جسده. لذلك أطالب كافة النساء ، كل في مجالها ، أن تعيد قراءة النظريات والفرضيات وتستخرج النتائج الواقعية ودون تحيز لأي جهة كانت ، وتستعيد مكانتها في كافة حقول العلم والادب ، وترسم لوحة فسيفسائية جميلة تجمع فيها كافة الالوان والاشكال وبيد إنسان وليس بيد رجل أو إمرأة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اضم صوتي الى صوتك
منى رجب ( 2010 / 12 / 28 - 21:10 )

السيدة ديمة
شكرا جزيلا لمقالك الرائع والهادف

نعم سيدتي منذ عصور طويلة فرضت على المراة ممارسات وافتراضات جردتها من انسانيتها
وعلينا نحن النساء ان نعيد النظر لوضعنا القائم و نسلح انفسنا ضد ما فرض علينا من قبل النظام الطبقي و الذكوري ,و بدعم كل رجل متحرر يؤمن بالمساواة اعادة انسانية المراة من اجل عالم افضل للبشرية

مع كل الاحترام
منى


2 - لا الرجل ملام ولا المراة
حميد خنجي ( 2010 / 12 / 28 - 23:49 )
استمر الحال حتى بدايات نشوء المجتمع الزراعي البدائي وهي ما تزال الشريك الكامل للرجل . إلى أن بدأت النوازع الفردية بالظهور لدى الرجل والرغبة في التملك والسيطرة وهنا لابد من معرفة ما الذي حدث، هل هي مؤامرة من الرجل بأن بدأ ت نوازع الرغبة في التملك للارض والابناء الذين هم مصدر رزقه، فبدأ بإقصاء المرأة في داخل المنزل وإشغالها في انجاب الابناء ورعايتهم ليكونوا سندا له وقوة ثم التدرج في تراجع مكانتها الاجتماعية ، وسلب هذا التاريخ العريق منها، وطمس معالم شخصيتها الإنسانية، بل لم يكتفِ بذلك بل مارس عليها كافة أنواع القمع والإضطهاد بكافة أشكاله
سيدتي.. اعلاه هي جملتكِ واستنتاجكِ في نهاية الفقرة الثانية لمقالكِ.. هذه هي الاخطاء المنهجية التي اوقعتي نفسكِ فيها : 1. عهد الأمومة الأولى ليس عادلا وعريقا - بالضرورة- مثل مثيله الحالي: العهد الابوي الطويل 2. التغيرات التاريخية حدثت لأسباب موضوعية ليس في يد الرجل او المرأة اية حيلة تجاهها 3. سيطرة المرأة الاولى حدثت بسبب أولوية عملها ( قوة عملها) 4. الانقلاب الذكوري حدث لنفس الاسباب (الأساس المادي الاقتصادي) 5.وقعتي في مطب الارادوية-اللآعلمية!..تحياتي


3 - الاستاذ محمد خنجي
ديمة كرادشة ( 2010 / 12 / 29 - 19:58 )
الاستاذ الفاضل ...اشكرك على قراءة المقال والتعليق عليه ....فأنا أنظر الى هذه التعليقات بعين الناقدة والمحللة لذاتي أولا ولقرائي ثانية ، أما بالنسبة الى عهد الامومة فأعتقد أن التاريخ قد شهد له بأنه مجتمع لاطبقي ومشاعي وبالتالي لابد ان تسوده المساواة والعدالة بفمهومها البسيط في تلك الفترة بل إن ابحاث علم النفس تؤكد ان الانسان البدائي هو الانسان الذي استطاع العيش بسعادة ورضى وتواصل مع الطبيعة البشرية والمادية معا دون أي أزمات نفسية او اقتصادية ، ومن هنا انطلقت فكرتي في اختفاء مظاهر القمع والاضطهاد للرجل في ذلك الزمان كما عانته المرأة لاحقاً. وأما الاسباب فهي واضحة في المقال واويدك في الطرح ، إنما السؤال من كان المحرك لهذا التغيير؟ وعند استعراض تبعات الانقلاب أياً كان نوعه ومن قبل من ، فلابد انها لصالح الرجل ولم تكن لصالح المرأة .
مع شكري الجزيل


4 - الاستاذة منى رجب
ديمة كرادشة ( 2010 / 12 / 29 - 20:01 )
اشكرك على متابعتك وابداء الرأي....فقد سعيت في مقالتي المتواضعة الى دعوة النساء كافة الى قراءة التاريخ من منظور انساني غير متحيز...وان لا نقبل ما يملى علينا بحجة القوانين والاعراف
مع شكري وتقديري


5 - موضوع مشوق
حميد خنجي ( 2010 / 12 / 29 - 21:00 )
الاستادة ديمة كرادشة المحترمة
اولا: اسمي حميد وليس محمد ولو ان الاخير اسم ابي - رحمه الله- ثانيا: موضوعكِ جميل ومشوق ,,, واكيد في حاجة الى تدقيق تاريخي اوسع، لأن المواضيع التي تتخللها آراء ورؤى حول الماضي السحيق اشبه بالمواضيع المستقبلية التي قد تحدث في المستقبل غير المنظور! مع الفارق ان الماضي هو حياة قد عيشت بدون ان ندري تفاصيلها أما المستقبل فهو واقع تخيلي افتراضي قد يحدث وقد لا يحدث، الا ان المشترك بينهما هو عنصر الزمن غير المنظور
على كلِ انا لاأعرف مدرستك المنهجية في دراسة التاريخ ولو انك تبدين اقرب الى المادية التاريخية ولا ادري اسلوب تحليلك للامور ولو انه ايضا يبدو اقرب الى المادية الجدلية..إلا أن هناك شئ من المثالية ولهفة العودة الى الماضي الرومانسي في نظرتكِ لحياة دلك الماضي السحيق، من هنا كان انتقادي لاضفائك على تلك الحياة البدائية وغير الآمنة لوعة من العدالة كونها مجتمع مشاعي فحسب! والحقيقة انك محقة جزئيا، ولو ان السيادة الانثوية على الرجل لايمكن ان يدخل في خانة العدالة..والعكس صحيح ايضا
الانقلاب الزكوري كان أساسا - حسب انجلز- بسبب عصر الصيد والقوة البدنية للرجل


6 - علاقة الضد والتكامل
عبد الرحمن حمومي ( 2010 / 12 / 30 - 21:27 )
موضوع مهم وجرد انثربوتاريخي لصيرورة العلاقة بين الرجل والمرأة والتي انتهت لصالح الرجل وريادته باحتكاره ادوات الانتاج والمعرفة في الواقع كلا الرايين صائب فالمرأة حين تكف ان تكون ذاتا فاعلة تكرس تلك الهيمنة وتعيد انتاجها وتستمرئ وضعها كموضوع للنقاش بينما الاصح ان يتم تناول-العلاقة الانسانية بين الرجل والمراة- كذوات متمايزة يكمل بعضها الآخر انطلاقا من اعادة النظر في كل المفاهيم والموروثات والتصورات المكرسىة والتي تساهم المراة اياها في اعادة تمثيلها كليا اوجزئيا لكن المسالة بحكم كونيتها تظل من الاشكالات التي يتوجب فيها النقاش بعمق انطلاقا من مفهوم الحرية والمسؤولية ذلك ان غياب اوتغييب الفاعلية النسائية في مجتمع ذكوري النزعة والتفكير له آثار مدمرة على النمو الطبيعي والمتقدم للمجتمع فهل من يجرؤ على النظر في مرآة ذاته المشوهة ويعترف بذلك ذكرا كان ان انثى؟


7 - تعليق
ايمان محمد ( 2011 / 1 / 1 - 14:08 )
اشكرك على هذا الطرح الجميل في البداية لم يكن الانسان البدائي يعرف ان يفسر الظواهر الطبيعية بشكل علمي لذلك عمد الى ارضائهااو ادعى الاتصال بها بواسطة السحر والخرافة والالهة التي تصورها هذا الى جانب غريزتي البقاء والتسلط واالتي امتاز بها على باقي المخلوقات وهو بذلك قد سخر لها وابتكر لها( ومازال كذلك )كل الوسائل لضمان دوامها واستمرارها معتقدا الخلود فيها .


8 - شايف الذيب وبقص على الاثر
عبدالله السرياني ( 2011 / 1 / 7 - 21:19 )
لم يتآمر اي من الرجل او المرأة ضد الآخر. ان تبادل الادوار عبر التاريخ , فرضته العلاقة الجدلية بين علاقات الانتاج ووسائله, او الضرورة التاحة.
واتفق مع القائلين بان التمييز الممنهج ضد المرأة , قد وقع متأخرا جدا, وكان وضعها اكثر عدلا في العصور التقدمة.
ارى ان نهتم بما نحن فيه.

اخر الافلام

.. موريتانيا.. دعوة لإقرار قوانين تحمي المرأة من العنف


.. القومى للمرأة يطالب شركات خدمات النقل بالتطبيقات بوضع معايير




.. العربية ويكند | استطلاع أميركي: الرجال أكثر سعادة بوظائفهم م


.. عضو نقابة الصحفيين أميرة محمد




.. توقيف سنية الدهماني يوحد صوت المحامينات في البلاد