الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انفصام الشخصية

صاحب الربيعي

2010 / 12 / 28
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن اختلال الجهاز العصبي ووظائفه مرده عوامل وراثية واختلال آليات عمله مردّها عوامل نفسية، ما يترك أثره السلبي على سلوك الفرد اليومي وممارسته في المجتمع حيث تنشرخ الذات وتتحكم بها شخصياتها الظاهرية فيحصل تعارضاً بين الذات وشخصياتها أو بين الشخصيات الظاهرية نفسها حيث تتقاطع السوكيات والممارسات زمنياً وتضعف إدارة تحكم الذات وانضباطها وتتعطل مرشحات تمرير الأفكار إلى المحيط الاجتماعي فتبدو متعارضة مع السلوك العام.
وبما أن شخصيات الذات الظاهرية تفرض حضورها الزمني غير المنضبط على الذات فإنها تعبر عن نفسها غير السوية بصور شتى خلال الكلام أو الانفعالات السلوكية والتوترات العصبية اللاإرادية، يصاحبها اختلال في السلوك والاعتقاد والتصورات المختلفة غير المطابقة للواقع. ويجري تخيل أحداث ووقائع لا أساس لها من الصحة ترافقها هلوسات وهذيان وصراع مع شخصيات وهمية تخلقها الشخصيات الظاهرية وتعدّها بمثابة أشباح تطاردها في اليقظة والحلم من دون القدرة على مقاومتها بسبب ضعف إرادة الذات، فتنصاع لأهوائها وضلالاتها وتحتل مساحة الذات ووجودها في شكلها الظاهري المحجوب عن الواقع لكنها تعدّ الحقيقة المستورة في الذات والمُغيبة عن الواقع على نحو لاإرادي.
يحدد (( محمد ربيع وآخرون )) الأعراض الرئيسة لأنفصام الشخصية قائلاً : إنها تعاني اضطراب التفكير، وتوترات انفعالية متناوبة، واضطراب الإرادة، وأعراض تخشيبة وضلالات واعتقادات خاطئة، وهلوسة، واضطراب في السلوك ".
إن الصراع المحتدم بين الذات وشخصياتها الظاهرية يضعف الإرادة الذاتية فتسيطر أحدها أو أكثر على الذات وتعبر عنها في فترات زمنية متباينة لا يمكن خلالها الاستدلال على حقيقة السلوك اليومي أو الممارسة لأنها متغيرة مع الزمن ومنصاعة على نحو كلي لأحكام شخصياتها الظاهرية المعبرة عن عالمها الوهمي المتعارض مع الواقع لتكون لسان حال الذات خلال السلوك اليومي والممارسة في الواقع الحقيقي فتبدو الذات متقاطعة مع السلوك العام للمحيط الاجتماعي.
تعبر الشخصية الظاهرية المتحكمة بالذات عن نفسها بالهلوسة والضلالات ولا يمكن اقناعها أنها غير حقيقية كونها واقعاً تعيشه وتتصوره وتتخيل شخصياته وتحاورهم على نحو مباشر وهي منقطعة عن الواقع الذي يرصد حالتها غير الواقعية التي تعاني انفصاماً في شخصيتها الحقيقية.
على الرغم من أن العامل الوراثي يؤدي دوراً هاماً في انفصام الشخصية لا يمكن اغفال دور العامل النفسي الذي يؤجج الرواسب الكامنة، فحين يكون ضغط مشكلات الواقع صعبة الحل وتفوق طاقة الفرد على استيعابها تُغيب حالة الوعي إلى حالة اللاوعي الذي تهزم هي الأخرى أمام الضغط النفسي الكبير الذي يضعف إرادة الذات على احكام السيطرة على سلوكها اليومي وممارستها في المحيط الاجتماعي. ويتكشف أكثر خلل انفصال الذات عن الواقع لتعيش واقع شخصياتها الظاهرية المنفلتة من أحكام الإرادة الذاتية ومرشحاتها السلوكية الخاضعة لأحكام السلوك العام للمجتمع.
تهدف العلاجات النفسية والسريرية على نحو عام حجب تأثير الشخصيات الظاهرية على الذات وتقوية الإرادة لفرض أحكامها على السلوك، ليصبح متوافقاً مع السلوك العام للمجتمع لتستعيد الذات عضويتها في المجتمع وتمارس حراكها السوي المتوافق مع أحكام المجتمع. ولا يجري ذلك من دون تقليل الضغوط النفسية التي تفوق قدرة الذات على تحملها، شريطة استعادة الإرادة الذاتية على نحو كلي لتفرض أحكامها على شخصياتها الظاهرية الخارجة على حدود السيطرة الذاتية أما بقتلها داخل الذات لإنهاء وجودها على نحو كلي وأما توحدها مع الذات لتصبح خاضعة لأحكام الذات ومنسجمة مع السلوك العام للمجتمع.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتماع مصري إسرائيلي أميركي مرتقب بشأن إعادة فتح معبر رفح| #


.. المتحدث باسم الخارجية الأميركية لسكاي نيوز عربية: الكرة الآن




.. رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن أن نتنياهو سيلقي كلمة أمام ال


.. أربعة عشر متنافسا للوصرل إلى كرسي الرئاسة الإيرانية| #غرفة_ا




.. روسيا تواصل تقدمها على جبهة خاركيف وقد فقدت أوكرانيا أكثر من