الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحركة النسوية الفلسطينية بين الحزب السياسي وعولمية التمويل ،الي آين!!

نضال حسن

2010 / 12 / 30
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات



ان المجتمع الفلسطيني ككل قد عبر في دهليز تحولات رهيبة اصابت واقعه واثرت في وعيه ، بل قلبت جملة من متغيراته الاقتصادية، الاجتماعية، السياسية والثقافية عبر قرن من الاستعمار ،هذا اذا ما تناولنا الحقبة المعاصرة من التاريخ الاجتماعي الفلسطيني ، ولم تكن الحركة النسوية بمنآى عن هذه التحولات التي اصابت المجتمع الفلسطيني كونها آحد بنيات المجتمع والتي يختلف في تصنيفها ،ما بين قطاع العمل الجماهيري الشعبي وبين العمل المؤسساتي البيروقراطي ، وبين ارتباطها بالحزب السياسي تاريخيا - كمحور ثالث لاختلاف هذا التحليل- ، .

من فرادة الواقع الفلسطيني ،وما يفرض ايضاً وجوب توخي الخصوصية الشديدة في التحليل ، بعد التسليم بمدآ التغير كحقيقة ثابتة في تاريخ الانسان ، هو السياق الاستعماري ،الذي يتم التعاطي معه على محورين . اولهما هو واقع استمرار الاستعمار في فلسطين وما تحمل هذه الاستمرارية من دلالات وابعاد، لتعيد تشكيل وانتاج الظواهر الاجتماعية ونسق الحياة بمجملها في المجتمع الفلسطيني . آما المحور الثاني المقصود في السياق الاستعماري فهو المحور المرتبط بانتاج الوعي واعادة انتاجه اكثر ، اي المحور البحثي الاكاديمي من دراسات وكتابات والتي تصدر من ان لآخر حول المجتمع الفلسطيني والظواهر الاجتماعية والتاريخ الاجتماعي الفلسطيني ، اذ ان العديد من هذه الكتابات ما هي الا وليدة سياق استعماري ، قائمة على خطاب ارتباطي في بنية المعرفة/السلطة ،ذات نزوع استشراقية بيضاء جديدة -باختلاف حدة هذه النزوع -يكمن منبعها في طبعته الاساسية في نتاج المؤسسة الاكاديمية الغربية الليبرالية الجديدة .

ان محاولة التعرف على ما بات يصطلح عليه ب”الحركة النسوية الفلسطينية”،وتقديم توصيف لطابع هوية وممارسة هذه الحركة ، كما محاولة قياس مدى القدرة علي اعتبار هذا التجمع المؤسساتي النسوي يمثل تعبيرا عن حركة اجتماعية ذات حراك اجتماعي سياسي في المجتمع الفلسطيني .خاضع بشكل كامل للنظر اليه عبر هذه التحولات في سبيل فهمه

الواقع المعاش فلسطينيا مشبع بمزيج من الاضطهاد القومي والطبقي ، والكثير من الادبيات تشير الي هذا التركيب الاضطهادي الذي يتكثف على اكتاف المرآة الفلسطينية ، نظرا لانها تعيش في مجتمع ابوي ذكوري ،وتذهب الكثير من هذه الادبيات للمغالاة بل بالتركيز فقط علي الطابع الذكوري للفضاء الاجتماعي ، هذا بالتآكيد فيه تعمية عن باقي دائرة الاضطهاد التي يعيشها الفلسطيني بغض النظر عن جنسه كما نجد لدى تحليل بمثل هذه النزعة التبسيطية ، والمفيدة الى حد ما،ما يلخص ما من شانه ان يؤشر الى حد مقبول دائرة الاضطهاد التي تعيش المراة من خلالها ،ولكن يغيب عنه التعاطي مع المسآلة الطبقية لما لها من اهمية ، ولها من تعقيد مضاف في حالة المجتمعات الواقعة تحت الاستعمار كشآن المجتمع الفلسطيني الذي لا زال يعيش السياق الكولينيالي المباشر كآخر شعب في العالم السؤال الاهم حول الانعتاق القومي؟؟

قد امتازت ندائات تحرير المراة في الوطن العربي ،آو لنقل حركة تحرير المراة ببداية مبكرة ، وترافقت مع وجود الاستعمار ، فقد امتزجت في بعض منها مع حركة التحرر القومي ، ولا نستطيع الاجمال بالقول بمجملها ، لان الكثير من هذه المبادرات في قطاع المرآة كانت ذات منبع ليبرالي ومتمركزة غربيا ، بحيث انها لم تندرج في المعركة القومية كاحد اولوياتها ، فقد ابتعدت عن التعاطي معها ، او تعاملت معها كحقيقة قائمة لا بد من التفاعل معها ، وهذا لا يمنع وجود فريق اخر من هذه المبادرات تمترس في خضم المعركة ، كما شاركت نساء الجزائر في حرب التحرير بكل حذافيرها الا ان توصيفات اخرى تتحدث عن التآخر في المبادرة النسوية، مثل هذا التوصيف يصدق في حالة اليمن مثلا او دول الخليج العربي ، او لنقل ليبيا ، ولكن بالنسبة للهلال الخصيب ومصر والجزائر كآمثلة ، فانه لا يمكن الارتكاز عليه كتوصيف تاريخي موضوعي دقيق ، فالادبيات في هذا المجال الى جانب الوقائع التاريخية ، تقول بانه ومنذ بداية القرن العشرين كانت هناك نواة عمل نسوي في عموم المنطقة ، وان كانت هذه النواة تتمركز على العمل الخيري ، ضمن جمعيات كنسية او اسلامية ، الا ان هذا لا يمكن تجاهله كبذرة للعمل النسوي العربي .ومن هذا الباب الخلافي حول بدايات عمل المراة ، تكمن مسالة النظر لدور مثل هذا الحراك النسوي ، هل هو بهدف وباتجاه التحديث ، ام انه مرتبط باجندة عمل خيرية دون افق سياسي !! وهذا ما حاول العديد من السوسيولوجيين والانثروبولجيين والمؤرخين من افراد ابواب بحثية مكتملة له ، وكان محورا ينبع منه خلاف شاسع حول توصيف كل منهما ، بنائاً على السردية التي يتبناها بحيث نجد من يتمركز في مجادلته حول القمع الذكوري للمرآة ومعاناتها في ظل الثقافة التقليدية البطريركية و هذا ما تسعى اليه المركزية الاكاديمية الغربية البيضاء بالترافق مع نخبة من المثقفين والباحثين الذين يتبعون منهجيتها ويقبلون على نتاجها من منطلق علاقة قوة تفرض نفسها في خطابهم المعرفي ، هذه العلاقة العمودية تلقي بظلالها بالتالي على تحليلهم المنطلق من المركزية الغربية ونتاجها المعرفي والآيدلوجي الاستعماري كما لو انه الحقيقة المطلقة لظواهر الوجود ولدرس الحضارة ، ولكن واقع المرآة العالمثالثية وبالاخص ما زال يقع منه تحت الاستعمار كفلسطين وما وقع مجددا مثل العراق تقول “نرجوكم هاجموا السجن بكل ما تملكون من اسلحة .دمروا السجن واقتلونا معهم (مع الامريكيين ).بالله عليكم افعلوا هذا لآن بطوننا امتلات باولاد الزنى “هذا ما جلبه التحديث على النمط المركزي الابيض الاستعماري وخاصة الامريكي للمراة العراقية ، والتي وصفت واقعها بكلماتها البسيطة والمتواضعة ، بدون سرد نظري او موازنة لغوية ولا منهجية في التحليل باستثناء سرد الواقع عبر الرسالة التي تسربت للاعلام من احد الاسيرات العراقيات في سجون قوات التحالف الاستعماري في العراق والتي قام بتولي نشرها على الملآ الرفيق فاضل الربيعي مشكوراً .هذا ما جلبته نسويات النيوليبرالية واللواتي هللن للمحتل الامريكي عندما دهموا العراق فرحات بتحرير المرآة العراقية من القمع الذكوري والثقافة التقليلدية التي تقلل من فرص المرآة ، وهنا يجب الانتباه لمسآلة ذات حساسية قاتلة ، بحيث ان النقيضين يلتقيان في ارفع من راس الابرة ، فلا النكوص والتمسك بالموروث التقليلدي بما يحمل من موقف رجعي من المرآة هو سبيل الخلاص والتحرر، كما ان النقيض الاخر اي الاستعمار وما يجلبه من حريات زائفة لم ولن يكن يوما بديلا تقدميا لتحرر سواء للمراة او لاي كان .

بالعودة لتاريخ بدايات العمل النسوي الفلسطيني نجد انه امتاز بحراك اجتماعي ثقافي سياسي مبكر مرتبط بمتغيرات مطلع القرن العشرين وهذا يؤشر علي البداية المبكرة للحراك النسوي فلسطينياً بالمقارنة بالمستوى العالمي للعمل النسوي ، كما ارتبط هذا العمل منذ البدايات بالعمل الخيري دون اغفال المناشطات السياسية بحيث كان الاتحاد النسائي الفلسطيني ١٩٢١ يعتبر اول منظمة نسائية متبلورة سياسية ، عبر اهدافها المعلنة وخطابها الموجود ، والآمثلة القائمة تاريخيا على مشاركة المراة الفلسطينية في المناشطات النضالية ضد الانتداب البريطاني وبعده الاستعمار الاستيطاني الصهيوني ، شاخصة بسجلات واسعة من الاسيرات والشهيدات والناشطات السياسيات ، في التنظيمات وقبلها في الحراك الشعبي الجماهيري ، آما اليوم فتختلف طبيعة التاصيل والتاطير للحركة النسوية وهذا تبعا لاختلاف متغيرات واقعها ، من داخلها وفي ما بيئتها الاجتماعية السياسية الاقتصادية المحيطة ، لكن الصورة الساطعة اليوم للعمل النسوي الفلسطيني ، تتركز في التبعثر ما بين بعض من العمل التنظيمي في اطر الفصائل الفلسطينية ومنظماتها الجماهيرية “الاتحاد العام للجان المراة الفلسطينية، اتحاد لجان المراة العاملة … الخ .”وما بين العمل المؤسساتي في مؤسسات تعرف نفسها بانها نسوية ، وهذا احد محاور البون الشاسع في التآصيلات حول الحركة النسوية ، اي واقع المؤسسات والمسافة بينها وبين شكل الحركة الاجتماعية .

اذاً هل يمكن اعتبار التجمعات والمؤسسات النسوية الفلسطينية تعبيرا عن حركة اجتماعية ذات حراك اجتماعي، سياسي في المجتمع الفلسطيني في ظل ان واقع هذه الحركة يعبر عن عزلتها في اطار مؤسساتي ولجان موزعة بشكل غير متوازي في غالب مناطق الضفة الغربية وغزة وليست تعبيرا عن مطلب او مشاركة جماهيرية ديمقراطية وهذا يتضح من النادي او المجتمع المنخرط ضمن هذا الاطار ، اذ انه يقتصر علي بعض ما يعرف ويذاع عنه ب “ ناشطات نسويات” اضافة الى رهط من الطالبات الجامعيات وبعض الاستثنائات من نسائ المجتمعات المحلية المستفيدات من مشاريع المؤسسات النسوية الممولة ليبرالياً. كما ان هذه التجمعات غير متحدة او متسقة الاهداف ، ولكل منها اجندتها الخاصة ، التي تتاثر بمتغيرات الولائات السياسية ، واجندة التمويل ، والمرجعيات الغربية

اضف الى ذلك طبيعة عمل هذه المؤسسات البعيد عن اشكال التنظيم الجماهيري ، والعمل مع الناس في الشارع ، فهو متمركز على جانب المؤتمرات والعرائض وورش العمل ، والتي تقتصر في الغالب علي جمهور محدود ومتكرر دوما بشكل شبه متطابق وتجدر ملاحظة ان المرجعية الآيدلوجية لهذا الجسم معومة ، وغير حاسمة بل ومبعثرة تبعا للممولين ، الذين في الغالب يكونون من المعسكر الليبرالي الغربي ، باستثنائات نادرة كما في بعض حالات اليسار الجذري الفلسطيني والذي يعمل من خلال ارتباطه بالمنظمات والاوساط الجذرية اليسارية التقدمية في اوروبا آساساً والعالم “اتحاد لجان المرآة الفلسطينية” المعبرة عن القطاع النسوي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .ًمثالا

لقد تمتع الواقع الفلسطيني ببروز مبكر للحراك والعمل النسوي ، وكانت البدايات مرتبطة اكثر باتجاه العمل الخيري ، والذي كان معهودا تاريخيا ، بالجمعيات الخيرية الدينية ، الا ان التطورات التي زحفت الى الواقع الفلسطيني بعد ذلك ، قامت بتحديد خريطة جديدة لهذا الحراك ، بحيث ان عهد الانتداب البريطاني على فلسطين كانت مرحلة مكثفة من الصراع المحتدم سياسيا مع الانتداب ، ومن التنافس - ان جاز التعبير - بين الفرقاء من قيادات محلية ومنظمات قائمة بمختلف اشكالها ، فكانت اصطفافات هذا التنافس تبرز تبعا للموقف من القضية الوطنية ، والافق السياسي لها مع ارتباط هذا الاصطفاف باجندة عشائرية الى حد ما فيما يختص بالقيادات المحلية ، وطائفية في بعض الاحيان ، مثال حالة بعض النوادي والفرق الرياضية التي كانت تسمى باسم الطائفة ، وكانت العتبة الفارقة بعد هذه المرحلة تتمثل في اقامة الدولة الصهيونية على انقاض المجتمع الفلسطيني ، بعد نكبته وتغريبته عام ١٩٤٨ ، بحيث اعادة هذه الواقعة الكارثية تشكيل مجمل حالة الوعي والممارسة الفلسطينية , بحيث وجدت حياة اللجوء بمجمل ما تحمله من تفصيلات مرتبطة بالقطع التاريخي للانسان عن وطنه وبيئته الآم و مجمل وجوده الاجتماعي فيه، اضافة الى ان مجمل المشروع الوطني والصراع قد تكثف واخذ ابعادا اخرى في بنيته الخطابية .وكان البون ظاهرا ما بين موقف الشيوعيين انذاك والذي ارتبط بقبول الكرملن السوفيتي لقرار التقسيم بل ذهب الى اكثر من ذلك بالاعتراف بشرعية كيان دولة المشروع الصهيوني في فلسطين ، وبين الموقف القومي والذي اعتبر هذا المشروع ، امبريالي عنصري بامتياز وواجب الاجتثاث لما يمثل من تعقيدات وتحد للمسالة القومية والطبقية ومجمل سؤال الحداثة عربيا.

لقد انطلقت الثورة الفلسطينية المعاصرة والكفاح المسلح بشكل متبلور بعد النكبة بآكثر من عقد من الزمن ، وكانت لهذه الانطلاقة دورها الواسع والملموس في اعادة تشكيل الوعي الفلسطيني وتركيبات الممارسة السياسية ، بشكل خاص انها كانت ثورة كفاح مسلح “دم ونار” ، وهذا بدوره قد استقطب ما كان موجودا من بقايا الحراك النسوي بعد النكبة ، وامتزج هذا الحراك بواقع فصائل العمل الثوري ، اضافة الى اشتراك النساء كعنصر اساسي في المعركة ، وشرعية حيازتهن عضوية حزبية بل تجاوزن ذلك بالاشتراك في العمل العسكري بشكل متميز وكثيف ، وكنتيجة لهذا العمل على ارض الواقع الي جانب الحاجة ودور المثقفين والرؤى الحداثية قد تم استبناء بنية مكتملة من المنظمات النسوية الملحقة لفصائل العمل الثوري الفلسطيني ، الى جانب منظمات الشيوعيين النسوية التي كانت موجودة اساساً ، ليتم تآطير النساء والعمل علي قضاياهن واحتياجاتهن ، وقد كانت هذه الممارسة اكثر وضوحا بخاصة مع بداياتها في مطلع الثمانينات في داخل الوطن المحتل اكثر منه من الشتات ، وهذا منبعه خصوصية الوضع في المحتلة ، الى جانب التركيز القوي في الشتات انذاك على العمل العسكري وتنظيم الشباب فيه من الجنسين . وقد ازدهرت المشاركة النسوية في عهد الانتفاضة الاولى التي كانت شعبية ديمقراطية بكافة المعايير ، واعطى هذا هامشاً اوسع لمشاركة النساء عبر اللجان الشعبية والمنظمات النسوية الملحقة للفصائل الفلسطينية ولجان العمل الانتفاضي اليومي ، اذ تعتبر الانتفاضة الشعبية عام ١٩٨٧ عتبة فارقة في مسار الحراك النسوي الفلسطيني كما الوجود الاجتماعي الفلسطيني بكامل بنيته ،بحيث يمكن التآشير على التحولات في هذا المسار بما قبل الانتفاضة وبما بعد الانتفاضة ، اذ ان اخماد الانتفاضة الفلسطينية نتيجة مسيرة المهادنة والتفاوض مع الصهاينة كان له وقع المذبحة على الوعي والممارسة السياسية الفلسطينية ، وترافق سواد هذا النهج التفريطي للقيادة السياسية لمنظمة التحرير بثلاثة معطيات لا يمكن تجاوزها عند الحديث عن الحراك النسوي الفلسطيني وخاصة المؤسساتي ، اذ شهد الواقع الفلسطيني موجة صعود للتيار الاسلامي في الشارع الفلسطيني ككل ، الى جانب موجة من التمويل والتدخل الغربي الليبرالي الممنهج تحت مسميات تعزيز المجتمع المدني ، وبناء جماعات الضغط والتاثير وتمكين المراة وما الى ذلك من اطروحات ليبرالية متمركزة على الذات الاستعمارية ، ولا تملك من النجاعة في الواقع الفلسطيني الا افساده . اضف الى ذلك خبو اليسار الوطني التقدمي كتيار جماهيري وتراجع امتداده الشعبي .

وبعد ….. نجد ان لصعود تيار الاسلام السياسي في فلسطين تاثيرا ملموسا علي الحراك النسوي كغيره من الوقائع الحيوية وخاصة انه ترافق مع دخول حقبة جديدة ذات محددات مستجدة على الواقع الفلسطيني بمختلف تمظهراته ، والمقصود هنا استقدام سلطة اوسلو كما يؤخذ بعين المراقب الموقف الرجعي المتآصل في البنية العقائدية لهذا التيار - آي الاسلامي- ، الى جانب تراجع اليسار الوطني الممثل للقوى الديمقراطية التقدمية صاحبة الرؤية التحررية قوميا وطبقياً وفاعليته في الشارع اليومي ، بحيث شهد الشارع الفلسطيني تمدد واسع لتاثير ولدعم هذا التيار الاسلامي من قبل الجمهور الفلسطيني في ظل غياب من يحمل بديل مقنع وفاعل ممارساتيا على ارض الواقع اليومي ، اذ نجد ان تنظيمات اليسار الفلسطيني دخلت في دهليز ازمة بنيوية امتدت لتكون ازمة الهوية والموقف ، نتيجة جملة من المتغيرات التي تبعت انهيار جدار برلين وبالتالي الكتلة الشرقية وما كانت تمثله من رافد وداعم لحركات التحرر في العالم الثالث ، وللثورة واليسار الفلسطيني وهبوط اوسلو من سماء البيت الابيض

وهكذا ، بتكالب الازمات ذات الطابع البنيوي سياسياً واجتماعياً وانعكاسها الجدلي بمفهوم لوكاتش في الوعي ، قد اصبح ميدان العمل المؤسساتي وضخ المال والمشاريع مفتوحاً على مجرى الريح في وجه المحرك النيوليبرالي الذي يستاء لمجرد لمس مزاج تحرري سواء طبقياً كان ام قومياً فكيف اذا كلاهما ، فان اللبنة الاساسية في هذا المشروع موجهة لتحطيم كل ما يؤشر على وجود تناقض والساحة النسوية بدورها كغيرها الكثير من قطاعات العمل المؤسساتي الفلسطيني كانت حقل مفتوح لتجارب تنظيرات هؤلاء الممولين المآجورين للراس مال العالمي ، فان حراك بتاريخ العمل النسوي الفلسطيني والمرتبط والمتداخل بالثورة الفلسطينية والعمل المقاوم ، من المؤسف جدا ان تتوج نهايته ومآله بهذا الشكل ، وان تقتصر تحليلاته وتنظيراته على ادوات ترسل له بالبريد الالكتروني والبريد السريع التوصيل ، والحوالات البنكية ، اذ يستوجب اذا كان هناك من احد داخل هذه البوتقة النسوية معنياً بالنهوض واسترجاع الدور الطليعي التقدمي لنضال المراة الفلسطينية، ان تبنى علاقة نقد وقطيعة مع تمخضات الليبرالية الجديدة ، وان يتم البت الحازم في القضايا القومية والطبقية المطروقة والضرورية ، وان لا يؤخذ المزاج النسوي الغربي كقاعدة للتآصيل والعمل النسوي الفلسطيني بل لتشتق ادوات النضال من واقع المعركة ، وليوضع درس التاريخ من ماي لي الى كاراكاس في التناقض مع الامبيريالية ورآس المال على الطاولة ونصب الآعين ان توافرت النوايا الجدية والارادة الفاعلة التي تحرك التغيير التاريخاني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنامج اليوم | حقوق المرأة المطلقة عربيا


.. مصر | معاناة مستمرة للمرأة المعيلة بعد الطلاق




.. إحدى الحاضرات منى الحركة


.. مسرحية حياة تروي قصص لبنانيات من مدينة بعلبك




.. سلوى جرادات وهي فلسطينية من رام الله