الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كنائس بغداد تطفئ قناديلها في الميلاد

سرى العميدي

2010 / 12 / 31
المجتمع المدني


في الزاويه القريبه من النافذه التي بعثرت الريح خلفها اشلاء الاشياء كان ينظر احد الاطفال وفي قلبه غصة الفراق لوالده الذي قتل في كنيسة سيدة النجاة وقد اكتشف لاول مره في حياته خدعة ابيه عندما لم يجد هدية العيد تحت سريره في هذا اليوم الذي كان يعتقد انها تأتي باسم بابا نويل بعربته الخياليه مما جعله لايؤمن بالميلاد بقدر ايمانه بالموت
فراح يترقب الساعات الاخيره من هذا العام المؤلم على قلبه وينتظر بزوغ فجر جديد يعيد الامل الى نفسه

جاء هذا العيد مؤلما على مسيحي العراق ممتزجا بانين الاشياء التي غادرها اصحابها وصرخات دفينه لاتزال تتقد في قلوب الثكالى فقد اختلف العيد اليوم عما سبقه من الاعوام لانه كان مصحوبا بحزن في القلوب فقد الغت العديد من الكنائس مظاهر الاحتفال واقتصرت على الدعاء والصلاة اجلالا لضحايا كنيسة سيدة النجاة التي راح ضحيتها الاف الابرياء من مسيحي العراق على ايدي جبانه لادين لها سوى القتل والعنف ومصادرة الاحلام والقضاء على الحب ليتماشى العراق مع دينهم دين البطش والقتل وترويع الناس
لم يكن العيد كئيبا هذا العام داخل العراق فقط فجميع مسيحي العراق في كل بقاع الارض يشاركون اخوانهم المسيحيين داخل العراق مظاهر الحزن وسيستغل مثل هذا اليوم للدعاء والخشوع لله سبحانه وتعالى ان يعم السلام ارض العراق وان تحمل السنه الامل والنور الذي يبدد ظلام الحاقدين

في الشوارع التي طغى عليها الثلج وهي بكامل زينتها لاستقبال العيد وقف سرمد باردا ببروده الولايات المتحده في مثل هكذا يوم وقال بشجن وألم للشرق سحر ودفئ لايوصف في اعياد الميلاد وانا افتقدها اليوم هنا
سرمد هاجر من العراق قبل خمس سنوات بسبب الدمار الذي لحق بالبلاد والاوضاع الامنيه التي كانت تدق ناقوس الخطر نحو الهجره سرمد اعطاه الغرب الامان ولكن لم يعطه الدفئ ابدا
يستذكر سرمد ايامه في الوطن ويقول كان العيد جميلا في بغداد عندما كانت القلوب خاليه من الحقد الذي اصاب بعض النفوس اليوم
كنا نجتمع حول شجرة الميلاد مع الاهل والاقارب والاحباب ونبقى لساعات طويله من الليل ولم تكن الابتسامه تفارقنا كم احن لتلك الايام لانني الان احتفل بالعيد بعيدا عن الاهل والاصدقاء الذين كانوا يضيفون للعيد رونقا خاصه يضيف سرمد بشئ من الحزن عندما اعود الى بغداد اليوم فلن اجد احدا لاحتفل معه وهذا حال العراقي اصبح غريبا في بلده وفي بلاد المهجر
سرمد اصبح اخر اهتمامه ان ينظم للمجاميع التي تعد العد العكسي لنهاية العام لانه يقول بشئ من السخريه اصبحت انام حتى قبل ان تبدأ السنه الجديده
سرمد تمنى من اعماقه ان يسود السلام بغداد في السنه الجديده وتعود حضنا دافئا تحتضن ابنائها بعد ان سرقت الغربه منهم الفرح ودعى من الله ان يهدي الله النفوس المريضه ويعيد لها الحب فبغداد لاتحتاج سوى الى الحب لانه كفيل باعادتها الى كامل مجدها

نوار الذي يحتفل ايضا بعيدا عن بغداد في هذا العيد قال الاحتفال بعيد الميلاد في مشيغان في الكنيسه كان كبيرا ولكن لايزال الاحتفال في العراق اجمل وخاصه انه مع افراد العائله والاصدقاء
العيد اليوم يختلف كثيرا لان كل فرد اصبح في دوله مختلفه ومن الصعب ان نجتمع فالعيد في العراق سيبقى الافضل ونحن اليوم نفتقد بلدنا كثيرا

يضيف هاكوب من السويد كانت فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي تشهد احتفالات عديدة يشارك فيها مختلف شرائح العراقيين وأتذكر أن البصرة كانت تشهد عدة حفلات واهم ما يذكرني برأس السنة هو عند حلول الساعة الثانية عشر ليلا تطلق صفارات البواخر الراسية في شط العرب وصفارات دوائر الإطفاء وشركة نفط البصر ولعدة دقائق حيث كان بعض البصريين يخرجون إلى الشارع بهذه المناسبة وسمعت أن ساحة التحرير في بغداد كانت المقصد الأخير في الستينات للمحتفلين في الحفلات والبيوت حيث يتم اللقاء بين الأصدقاء.



يقول هاكوب شاركت في حفل رأس السنة الميلادية في أوربا والتي حافظت على الطابع العراقي وتميزت بروح المحبة والألفة بين المشاركين في الحفل وخلال هذه الأمسية يكاد المرء أن يتخيل نفسه وهو في العراق وليس في أوربا حيث يتبادل المشاركون في الرقص والغناء وعند منتصف الليل يتم تبادل التهاني من المصافحة إلى القبل والكل متمنيا للآخر الخير والسعادة والصحة في السنة الجديدة. ولكن ما يلاحظ في هذه الحفلات أن الهدوء يعم الحفل ويبدأ تشغيل الخلويات في نداءات للأهل والأصدقاء في العراق متمنيين أن يكونوا هناك في بلدهم وبين أهلهم وأصدقائهم الذي قد يكونوا غادروا العراق بدورهم. وتظهر النوستالجيا في هذا الهدوء العام ويتغير مظهر الحفل ولاحتفال بسبب الغربة عن الوطن وعن الأصل والأهل والجيران بمختلف انتماءاتهم وأديانهم إذ أن العراقي من قومية أو دين مختلف اقرب إلى العراقي (الكلدو- آشوري السرياني) والأرميني من أي أجنبي ينتمي إلى نفس الدين أو المذهب أن عراقيتهم أغلى لديهم من أي انتماء أو ولاء آخر.

ويختم هاكوب حديثه بمشاعر الاسى هذه السنة لن نرى احتفالات بين الشعب العراقي من (الكلدو- آشوريين السريان) والأرمن وأي مسيحي آخر في داخل العراق وخارجه، ولا نسمع هنا في أوروبا إلا عن عدد قليل من الحفلات لأن الكل حزين لما حدث في كنيسة سيدة النجاة ولما يحدث لأقربائهم ومعارفهم من عمليات التهجير والترهيب والقتل وسننشغل ليلة رأس السنة بمكالمات تلفونية مع أحباءنا وأقاربنا في العراق للاطمئنان على سلامتهم وإشعارهم بأن قلوبنا معهم. وسوف يقتصر معظمنا على الصلات والدعاء ليعم السلام والمحبة في بلدنا وان يرجع شعبنا العراقي الأصيل إلى ما كان عليه من تآخي ومحبة بين مختلف أطيافه دون تفريق أو عنصرية ونتمنى هذه اللحظة حتى يرجع معظمنا إلى وطننا لأننا مهما حققنا هنا من ثروات ووجاهة نبقى غرباء بعيدين عن وطننا الأصلي.

عندما ستنام جميع مدن العالم بفرح العام الجديد ستبقى مدينه واحده ساهره حزنا فلن ينام الطفل الذي يهز حزنه القلب قبل ان يحصل على هدية الميلاد التي ارادها حجه كي يرى والده الذي لم يعد من كنيسة سيدة النجاة
وعندما يدق جرس الكنيسه حينها ستطفئ كل الشموع الا شموع بغداد تبقى متوقده اجلالا لكل الشهداء لانها تحمل احلاما والاحلام لاتموت ابدا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين