الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين لله والوطن للجميع

محمد منير مجاهد

2010 / 12 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


طالعتنا جريدة الأهرام بمقال غريب للأستاذ أحمد موسى في عموده الأسبوعي "على مسئوليتي" في 22 ديسمبر 2010 بعنوان " البهائية ليست دينا‏...!‏"، ذكر فيه أن الحرية فقط في الأديان السماوية الثلاثة الإسلام ــ المسيحية ــ اليهودية وخلافها لا يعد دينا، ولست أدري ما هو الأساس الذي اعتمد عليه – باستثناء وجهة نظر وزارة الداخلية – في هذا الحكم الغريب.

فكلمة الدين من منظور اللغة تعني "المعتقد" أو "الطريقة" كما في قوله تعالى: "لكم دينكم ولي دين" (الكافرون:6)، فالكفر دين، وعبادة الأصنام دين، وأي رؤية تتعلق بإله هي دين، بالطبع يختلف الناس في ما يمكن اعتباره الدين الحق، بل ويختلفون داخل الدين الواحد حول ما يعتبرونه صحيح الدين، ولكن هذه قضية شخصية، وعلى كل واحد منا أن يحسمها لنفسه ويقرر ما هو الدين الحق بالنسبة له، وما هو صحيح الدين بالنسبة له أيضا، ولا ينبغي لأي منا أن يفرض رؤيته على الآخرين، وبالنسبة لنا معشر المسلمين فقد أخبرنا الله عز وجل بأن "اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ" (الحج: 69).

الاختلاف في المعتقدات الدينية – سواء كأديان أو مذاهب – وجد بين البشر منذ قديم الأزل وسوف يستمر، ولكن لا يجب أن يتحول هذا الاختلاف إلى خلاف وشقاق وعداوة، فأنا كمسلم أعتقد وبقوة أن الدين عند الله الإسلام وأن من ابتغى غير الإسلام دينا فلن يقبل منه، ولكنني في نفس الوقت أدرك أن هناك آخرين في الوطن وفي العالم لديهم معتقدات دينية مخالفة ولكنهم يؤمنون بها بنفس القوة التي أؤمن بها في معتقداتي الدينية، ومن حق هؤلاء أن يتمسكوا بقناعاتهم وألا يشكل هذا عائق في وجه تمتعهم بالحقوق والحريات الشخصية والمساواة الكاملة مع غيرهم من المواطنين.

يعيب الأستاذ أحمد موسى على المستشار مقبل شاكر مقابلته لمجموعة من المصريين البهائيين لبحث شكاواهم وقضاياهم، ويقول أنها قضايا تحتاج لرجال الدين وليس القانونيين، وهو فهم يرسخ للدولة الدينية لأن رجال الدين هم الذين سيقررون صحة معتقدات أصحاب الأديان الأخرى وما يترتب عليها من حقوق، ولا أرى هنا فارق بين الأديان "السماوية" وغيرها، لأن جميع الأديان لا تعترف ببعضها البعض، ويرى أتباع كل دين أن الطريق الوحيد للجنة هو دينهم ومعتقدهم الديني، ومن ثم لا ينبغي أن يكون رجل الدين هو الخصم والحكم بالنسبة للأديان الأخرى، من ناحية أخرى فإن للدولة أدوار محددة ليس من بينها إدخال المواطنين الجنة، وواجبها هو حماية حق جميع المواطنين على قدم المساواة في الاعتقاد، وفي إظهار الدين أو المعتقد الديني بالتعبد وإقامة الشعائر الدينية الخاصة بهم سرا وعلانية، وفي الدعوة الدينية دون قيود أو مضايقات طبقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

ويعيب أيضا الأستاذ أحمد موسى على البهائيين مطالبتهم بحقوقهم، ومنها الإعلان عن دينهم في الوثائق الرسمية، والاعتراف بعقود الزواج والطلاق البهائية طالما أن الدولة لا يوجد بها نظام مدني للأحوال الشخصية كالمعمول به في معظم بلدان العالم، وينصحهم بـ"ألا يكونوا الشوكة التي تبحث عنها قوي خارجية لتصعيد مشاكلهم‏،‏ لكي يتدخلوا في شأن وطننا جميعا‏"، وهو لوم للضحية على أنينها من الظلم ولو أن هناك اهتمام حقيقي بأمن الوطن لاهتم الأستاذ أحمد موسى ومن يؤيدوه في التمييز الديني بين المواطنين بتفعيل مبدأ المواطنة المنصوص عليه في صدر الدستور المصري لسد أي ثغرات يمكن أن ينفذ منها المتربصين بهذا الوطن، باستغلال أخطاءنا في حق مواطنينا المختلفين في الدين أو العرق أو الموطن الجغرافي أو الانتماء السياسي، أي ببساطة أن تكون مصر لكل المصريين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المساوة والتوزيع العادل للثروات ركيزة الوحدة
علي سهيل ( 2010 / 12 / 31 - 21:21 )
ما الذي يمنع بان يكون الوطن للجميع؟؟ والكل بتمتع بحقوقه كاملة، لماذا ننتقص من حقوق الغير؟؟في السودان ينفصل الجنوب عن الشمال لماذا!! وفي العراق الاكراد يطالبون بالانفصال لماذا؟؟ والشيعة والسنة؟؟ وفي اليمن الشمال والجنوب ولماذا؟؟والصومال مقسمة إلى ثلاث اجزاء لماذا؟؟ ومصر الله يحميها؟؟والجزائر؟؟ وغيرها من الدول العربي؟
عند انتفاص حقوق المواطنين والفئات والاقليات العرقية والدينية، فالكل له الحق المساواة بالحقوق وايضا الواجبات، من يدفع حياته ويقدم الشهداء من اجل تحرير ارض الوطن، ويجب ان يكون المعيار هو الانتماء والاخلاص للوطن، وليس الدين او العرق او اللغة.
الدولة يجب ان تكون لجميع مواطينها يتساون بأصغر امور حقوقهم، ولا يتعامل اي مواطن مواطن درجة ثانية لن من خلال التفرقة يتم التجزءة والانقسام، توجد حقوق دينية و عرقية ولغوية وفكرية.
الحاكم هو المسؤول الاول والاخير عن تنفيذ المساوة، فالفكر الانفصالي ينتج عن اضطهاد مجموعة من الناس مجموعة اخرى على اساس عرقي او ديني او فكري ولا يستطيع ان ياخذ حقه بالقانون، فالمساوة والتوزيع العادل للثروات من حيث التطوير والبناء يشكل داعمة للانتماء والاخلاص للوطن


2 - المساواة فى الحقوق والواجبات
د. نبيل محمد مصطفى ( 2011 / 1 / 1 - 10:30 )
يسعدنى قراءة هذا المقال الذى إن يدل على شىء إنما يدل على إيمان صادق وفهم عميق للدين الإسلامى الحنيف. إن صيانة الحريات والحقوق المدنية لآى مجتمع هو صيانة لحرية المجتمع وترابطه وتأكيد وحدته.
إن الفكر الدينى الحقيقى برىء من كل تعصب أو تفرقة وما أحوج العالم اليوم إلا للوحدة والوءام والسكينة والسلام. وشكرا


3 - المبدأ واحد
Amir Baky ( 2011 / 1 / 1 - 11:17 )
فكرة تكفير المواطن فكرة ضد مشيئة الله الذى خلق البشر بعقول تقرر ما تريده حتى ولو الكفر به شخصيا. فالكاتب الذى يكفر البهائية لا يختلف عن الإرهابى الذى يكفر الكتابى. ففكرة تكفير البشر و إنتحال صفة الله فى الحكم على الناس هى المرفوضة من الأساس. فالتكفير هو البداية لتحليل التصفية الجسدية للمختلف


4 - كلنا اهل
د باسمة موسى ( 2011 / 1 / 1 - 12:00 )
شكرا استاذ د منير مجاهد
مقال اكثر من رائع ورد ومهذب رصين . لا اعلم الى متى لا يحاسب كل ذى قلم على ماخطت يداه ومايسببه قلمه من العنف والتعصب .
لماذا ينصب كل انسان نفسه مكان الله ويقول ده كافر وده مؤمن والسؤال الان هل طلب الله سبحانه وتعالى من اى بشر محاسبة باقى البشر ؟
ان الله يرسل الاديان لكى تكون دستور حياة ينظم بها الله تعالى علاقة البشر بعضهم ببعض والله لا يفرق بين اديانه فلماذا يختلفون؟
لماذا نتناسى اننا مصرييون فى وطن واحد


5 - لابد من صياغة حقيقية للدولة المدنية
وفاء هندى ( 2011 / 1 / 1 - 18:04 )
من عرف الدكتور العزيز منير مجاهد يجده إنساناً عميقاً هادئاً مفكراً مهموماً بقضايا بلاده ، وفى كلمات رائعة يحدثنا عن أهمية ان تكون مصرنا الغالية هى جامعة لكل أطياف المجتمع دون التفريق بين دين او آخر..ببساطة “صياغة حقيقية للدولة المدنية ” وهذا مايجب ان نسعى جميعنا لتحقيقه فى الفترة القادمة وإلا لن ننتهى من المذابح الدامية كما شاهدنا أمس بالأسكندرية لأخواتنا فى الوطن دون أدنى ذنب اللهم أنهم أصحاب معتقد آخر.. انه الفكر المتشنج الذى قادنا الى مانحن عليه الأن أنه الأرهاب والذى دائماً يبدأ بالأرهاب الفكرى للآخر..لابد من وقفة سريعة عاقلة لما يحدث فى مصرنا، وشكراً جزيلاً الدكتور محمد منير وتحياتى لمقالته الرائعة.


6 - لابد من صياغة حقيقية للدولة المدنية
وفاء هندى ( 2011 / 1 / 1 - 18:04 )
من عرف الدكتور العزيز منير مجاهد يجده إنساناً عميقاً هادئاً مفكراً مهموماً بقضايا بلاده ، وفى كلمات رائعة يحدثنا عن أهمية ان تكون مصرنا الغالية هى جامعة لكل أطياف المجتمع دون التفريق بين دين او آخر..ببساطة “صياغة حقيقية للدولة المدنية ” وهذا مايجب ان نسعى جميعنا لتحقيقه فى الفترة القادمة وإلا لن ننتهى من المذابح الدامية كما شاهدنا أمس بالأسكندرية لأخواتنا فى الوطن دون أدنى ذنب اللهم أنهم أصحاب معتقد آخر.. انه الفكر المتشنج الذى قادنا الى مانحن عليه الأن أنه الأرهاب والذى دائماً يبدأ بالأرهاب الفكرى للآخر..لابد من وقفة سريعة عاقلة لما يحدث فى مصرنا، وشكراً جزيلاً الدكتور محمد منير وتحياتى لمقالته الرائعة.


7 - لابد من صياغة حقيقية للدولة المدنية
وفاء هندى ( 2011 / 1 / 1 - 18:04 )
من عرف الدكتور العزيز منير مجاهد يجده إنساناً عميقاً هادئاً مفكراً مهموماً بقضايا بلاده ، وفى كلمات رائعة يحدثنا عن أهمية ان تكون مصرنا الغالية هى جامعة لكل أطياف المجتمع دون التفريق بين دين او آخر..ببساطة “صياغة حقيقية للدولة المدنية ” وهذا مايجب ان نسعى جميعنا لتحقيقه فى الفترة القادمة وإلا لن ننتهى من المذابح الدامية كما شاهدنا أمس بالأسكندرية لأخواتنا فى الوطن دون أدنى ذنب اللهم أنهم أصحاب معتقد آخر.. انه الفكر المتشنج الذى قادنا الى مانحن عليه الأن أنه الأرهاب والذى دائماً يبدأ بالأرهاب الفكرى للآخر..لابد من وقفة سريعة عاقلة لما يحدث فى مصرنا، وشكراً جزيلاً الدكتور محمد منير وتحياتى لمقالته الرائعة.


8 - الدولة المدنيـة هي الحل !
الدكتور رؤوف هندي ( 2011 / 1 / 1 - 18:27 )
أولا أهنـأ الدكتور مجاهد على مقاله الرائع الذي فيه كل حرف ينبض بحب وطن وعشق مواطنيه بغض النظر عن أديانهم أو عقائدهم فالمقال يحيي ويثمّن قيمة المواطتة الحقيقية التي نرجو أن تكون واقعا ملموسـا على أرض الواقـع وليست كلمة للديكور توضع في الدستور .. الدولة المدنيـة القائمـة على أسس ومواثيق العهود الدولية هي الحل الحقيقي لخروج الوطن من مـازق الطائفيـة والتعصـب وكل المصريين سـواء أكانوا مسيحيين أو مسلمين أو بهائيين يشكلون النسيج الواحد لهذا الوطن الذي يحتاج لجهد كل أبنائـه ... ويجب أن تكون هناك الإرادة السياسية الحقيقية للبدء فورا في تفعيل قيام دولة مدنية وهذا بلا شك يتطلب أتخاذ جملّة من الإجراءات الدستورية والقانونية للخطو نحو الدولة المدنية
التي باتت وجودها من متطلبات العصر الجديد ويجب فصل الدين نهائيا عن كل أستراتيجيات الدولة سواء السياسة أو التعليم أو الإعلام وعلى المسئولين الأهتمام بجعل ثقافة أحترام الآخر والقبول به دستور حياه وتعامل بين المواطنين المصريين ... شكرا للدكتور مجاهد على مقاله الراقي الذي يوحد بين كل أبناء مصر ...

اخر الافلام

.. المسيحيون في غزة يحضرون قداس أحد الشعانين في كنيسة القديس بو


.. شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد




.. بابا الفاتيكان فرانسيس يصل لمدينة البندقية على متن قارب


.. بناه النبي محمد عليه الصلاة والسلام بيديه الشريفتين




.. متظاهر بريطاني: شباب اليهود يدركون أن ما تفعله إسرائيل عمل إ